صفحة الكاتب : علي علي

التهديد بالمربع الأول
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  يعيش الإنسان حاضره بين ماض معلوم ومستقبل مجهول، وبين الإثنين تمضي ساعات حاضره تارة مفرحة وأخرى مبكية، وشاء أم أبى هو عمر محسوب عليه بشكل أو بآخر. وعادة مايكون مطمئنًا لأحداث الماضي وإن كانت سيئة، ذلك أن سوءها قد عُرف مداه، اما المستقبل فالتوجس منه يبقى قائما مادامت أحداثه في الغيب وإن كانت إيجابية. لذا نحن نرنو الى الماضي بسكينة رغم ما فيه من سلبيات، في الوقت الذي نتوجس من المستقبل وننظر اليه بريبة وخوف، كون أحداثه غامضة للحظة التفكير فيه، لذا نرى أحدهم ينشد:

وددت لو يسـتعيد الدهر دورتـه    

 ولو لحظة من زمان الأمس تـُسترق

ماذا سأشكو على الأوراق من ألم   

 أقـل شـكـواي لايقـوى لــه الورق 

  وقد تعودنا نحن العراقيين بلهجتنا حين نسرد حديثا يستهوينا، فيه من ذكريات الماضي الشيء الجميل أن نقول: (من چنـّه وچنينه). او كما أنشد مطربنا من شدة حنينه الى الماضي ورفضه واقعه الحاضر حتى قال:

علوّاه أرجع صبي    علوّاه واحبي حبي

فالقاسم المشترك بين الجميع إذن هو السكون الى اي شيء يوحي الى الماضي.

   في عراقنا الجديد، اي بعد عام 2003  حيث شهد ذاك العام الخلاص من الدكتاتور، وسياسته القمعية ونهجه المتقوقع داخل صومعات الحروب والاقتتال الخارجي فضلا عن الداخلي، ومارافق ذاك العام لدى الكثيرين من أمانٍ وأحلام في الانفتاح الى المستقبل، حاول العراقي بكل ماأوتي من مقدرة، ان يجدد حياته فيما ينسيه الماضي، لأنه لم يكن فيه غير سياسي واحد فقط، كان يضعه في مربع واحد فقط لايعرف رقمه، ولايدرك هل سينتقل الى مربع أفضل؟ أم سيتقهقر الى مربعات أسوأ وأردأ مما كان عليه!

  لكن الذي حدث في ذلك العام لم يكن بحسبان أغلب العراقيين المعروفين بطبعهم الساذج ونفوسهم الطيبة، فقد فوجئ العراقي بعبارة يذكرها الساسة والقادة (وهم كثر) عندما يختلفون -وهم دوما وأبدًا كذلك- فيتخذون من هذه العبارة (بعبع) يهددون به أبناء جلدتهم، هي عبارة (العودة الى المربع الاول). هنا خرج العراقي عن المألوف عند باقي الناس في الحنين الى الماضي. فقد اصبح الماضي يمثل له المربع الاول، بمعنى ان ساسة الحاضر، يحاصرون المواطن بين الرضوخ الى مربع محكوم به اليوم، او يزجون به الى مربعات عهد الظلم والجور.

  فهل نسي سياسيو العراق الجديد ان منصبهم الذي تسنموه هو تكليف وليس تشريفا؟ وهل نسوا أنهم عراقيون؟ أم هناك جنسيات ثانية وثالثة وعاشرة ينتمون اليها زمانا ومكانا وروحا وقلبا وقالبا؟ وإذا كانوا كذلك؛ هل هم يظنون العراق متجرا يتبضعون منه ما شاءوا ليتمموا حياتهم التي بدأوها في الدول التي منحتهم الجنسية وباتوا من أبنائها الخلص؟

  نعم، دستورنا العراقي أجاز تعدد الجنسيات، لكنه حدد المناصب التي يتسنمها من له جنسية غير العراقية، بعد أن خيره بين الوظيفة والجنسية الأخرى؟. المطلوب منكم ياساسة ان تكونوا عراقيين، وإن لم تكونوا كذلك فالعراق ليس (مول)  او (SUPERMARKET).

aliali6212g@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/07/16



كتابة تعليق لموضوع : التهديد بالمربع الأول
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net