من بيوتات النجف القديمة.. إبتدأ النصر
احمد كامل

عانى العراق خلال سنواتٍ عديدة لويلاتِ الحروب والدمار والقتل ونزيف الدم الذي لم يتوقف، فالتفجيرات لم تستثني أحداً من الموت ، والعراق صار مطمعاً لكل من هب ودب ، والقنوات الإعلامية أصبحت اخبارها تتحدث عن مآسي العراقيين ، وعرض صرخاتهم وعويلهم ، وهم يومياً يزفون شهدائهم لمثواهم الأخير ، أصبح العراق مغيبا ً لدى جميع الدول ، فهو عبارة عن مكان تراق فيه الدماء ، وتستباحُ فيه الحرمات ، صار العراق بلداً ليس كباقي البلدان ، فتحول لونه إلى الأسودِ والأحمر ، فصارَ مضربا ً للامثال ِ في البؤس والفقر والجورِ والقتلِ ، وتمرُ فيه الأيام والأحوال تسوءُ يوماً بعد آخر ، كشخص يصارعُ الموت على فراشهِ ، وكانت الأنظار متجهةً صوب َ العراق ، لإعلانِ موتهِ وسقوطهِ بشكلٍ رسمي ، هذا ما تمنتهُ العديد من الدول ، ومايؤسف ُ حقاً ، هو تهديم العراق بسواعدِ أبنائه.

كانت بدايات حزيران من عام ٢٠١٤ ، تختلفُ عن باقي البدايات ، تحملُ في جلابيبها رائحة الخيانة ، وفيها ملامح انكسار لأعرق ِ جيش في الأمة العربية ، وأكثرها تجاربا ً للشدائد ِ ، وفعلاً بدأ الحدسُ يظهرُ للواقع ِ ، وتبان ُ ملامح الانهزام ، أمام عصابات مسلحة جلها من الإشاعات والأوهام ، بعد أن زجت بين صفوف القوات الأمنية العراقية الإشاعات والتهيؤات بقدومِ جيوش جرارة من الشام ، ولدت تلك الإشاعات صورة ذهنية سلبية لدى القوات الأمنية ، ولم ينتظروا أن يشابهوا تلك الحادثة بجيشِ يزيد الجرار القادم من الشام إلى الكوفة وكانت كذبة أرادوا فيها استسلام أهل الكوفة والانظمام إلى جيش عبيدالله بن زياد ضد معسكر الحسين عليه السلام .

تسارعتْ الأحداث بصورةٍ ملفتة وتساقطتْ المدن واحدة تلو الأخرى كتساقط أوراق الشجر برياحِ الخريف ، وسط ذهول وقلق واسع لدى أبناء العراق وهم يشاهدون النار تلتهم جسد بلدهم شيئاً فشيئاً دون إيقافها او اخمادها ، حتى وصلتْ أطرافَ بغداد ، يكاد كل شيء ينتهي ، حزمتْ أمتعة الهروب والنجاة بالانفسِ لدى البعض ، وطأطأ بعضهم رأسه ينتظرُ المصير المحتوم ، وسط فرحة الحاقدين والشامتين .

لكن وسط الضجيج المتعال لصراخِ الأطفال وأنين الثكالى ، يعلو صوتاً هادرا ً علا كل الأصوات ، صوتُ فرج إلهي يطلق عنانه إلى أعالي السماء ، صوت الحق الصادح ينطلق مسرعاً كومض ِ البرق ، من أحد بيوتات النجفِ المتهالكة إلى أرض الثأر والثورات كربلاء المقدسة ، فها هو إمام وخطيب الجمعة في كربلاء الشيخ عبدالمهدي الكربلائي ، يعلن بيان الإمام علي السيستاني أمام الملأ ، وكاميرات الإعلام تسجلُ مشاهد تاريخية لا يمكن أن تعوض ، بصدور فتوى الجهاد الكفائي والذي أوجب فيه على البعض بحمل السلاح للدفاع عن أرض العراق واستعادة كافة أراضيه من قوى الكفر والظلام ، وعلى جميع العراقيين أن يقدموا المساعدة والمؤونة قدر استطاعتهم في سبيل ديمومة المعركة حتى تحقيق النصر المؤزر .

وماهي إلا دقائق معدودة حتى خرج ملايين العراقيين ، وهم يحملون أسلحتهم ، يرغبون في الإنضمام إلى المعركة وتسجيل أسمائهم في سجل الشرف المقدس ، والذي سيطرزه التأريخ بأحرف من ذهب .

تشكلت الألوية والفصائل بلمحِ البصر ، وبدأتْ معركة النصر تدور رحاها ، وجاءت البشارى من كل مكان ، تُنْبِأُ بتحقق النصر العظيم ، وبدأت الأراضي العراقية تستعاد شيئاً فشيئاً إلى أحضان الوطن ، وصارت بغداد في مأمنٍ من السقوط ، بعد أن ولى أعدائها بعيداً عنها ، في معركةٍ تسابق فيها العراقيين لنيل الشهادة ، وحققوا أروع القصص في التضحية والإباء ، واخرستْ ألسن الحاقدين وهم يتباكون على دواعشهم الذين ملئت الأراضي العراقية بجثثهم ، وعاد العراق ليتنفس الصعداء ، ورفرف علمه فوق مبانيه ، وعادت النوارس لدجلة الخير بعد أن اخفتها خفافيش الظلام ، واُنقِذَ العراق من السقوط في هاوية لا يعلمها إلا الله بفضل فتوى مرجعيتنا الرشيدة وبتسديد وتوفيق إلهي ، وبهمة وتكاتف الشرفاء من أبناء العراق .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد كامل

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/06/12



كتابة تعليق لموضوع : من بيوتات النجف القديمة.. إبتدأ النصر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net