صفحة الكاتب : السيد وليد البعاج

 اكاديمية البلاغي ونجاحها في ادارة التنوع بالعراق
السيد وليد البعاج

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لعل من اكثر الامور التي اخفقت فيها الحكومة العراقية وسيساسيها هي فشلهم وعدم قدرتهم على ادارة التنوع الموجود في العراق واستثماره كعامل قوة ايجابي فريد من نوعه يحقق اعلى وارقى الانجازات الوطنية والانسانية والاقتصادية في البلد . والعراق حكومة وشعبا تعلم كثيرا من هذا الدرس في اهمية احترام ثقافة التنوع وقبول الاخر  وان كان قد دفع ثمنا باهضا لكي يتعافى من السموم التي بثها كل من لا يريد الخير للعراق وشعبه.
وهذا التدرج في التعافي للوصول الى الشفاء التام لا يمكن ان يتحقق لولا الجهود الخيرة والمعتبرة التي بذلتها عدة جهات على رأسها المرجعية الدينية المباركة التي اغلقت باب الفتنة بوجه كل من اراد ان يتاجر بها ويركب موجة التطرف والعمل بثقافة الارض المحروقة ، ومن الجهات الاخرى الخيرة التي بذلت جهودا جبارة من اجل اعادة اللحمة الوطنية ونشر ثقافة التآخي والمحبة والتي تتصدر  هذا المشهد هي اكاديمية البلاغي التي ترعاها دار العلم للامام الخوئي قدس سره لما نلاحظه في برامجها وانشطتها وندواتها. نجد ان هذه المؤسسة تضطلع بمسؤولية كبيرة تفوق اية مؤسسة حكومية او اكاديمية اخرى لاتخاذها صدق التوجه في قبول الاخر سمة لها، وجدارتها على اتقان التعامل مع التنوع والطيف المختلف في العراق والمنطقة باسرها فنحن بامس الحاجة الى"تنوع يضمن الوحدة، ووحدة تحافظ على التنوع" فلا الغاء للاخر ، ولا تهميش لمكون، ولا استصغار لفئة. 
ومن جوار امير المؤمنين ع رفعت اكاديمية البلاغي شعار قبول الاخر المختلف على اختلافه وحملت امانة العيش المشترك والسلم الاهلي وفتح القلوب والابواب للجميع بلا استثناء. 
فاليوم 3 ايار لسنة 2019 اقامت الاكاديمية في النجف الاشرف ندوة مكثفة بالتعاون مع مؤسسة سي أم أي، تؤسس للحوار من اجل التماسك الاجتماعي والتصالح، ومن جوار مرقد الامام علي يلقي رئيس جامعة الانبار كلمته، ورئيس جامعة الموصل يتلو رؤيته، ومنظمة عالمية مثل cmi يتكلم رئيسها عن التقارب بكل اريحيته، وشاعر نجفي بعمامته يحيي الانبار ونينوى وصلاح الدين امام تصفيق شباب هذه المحافظات وارتياحهم لما يسمعوه في رحاب النجف، وسبقتهم الكلمات المعبرة عما تكتنزه قلوبهم من ود ومحبة لاهلهم هنا فبادلهم الشباب النجفي بشعور الود الصادق والمحبة الاخوية.
دعوة لتدوين الذاكرة الشعبية؛
فرصة كبيرة تدعوني لتكرار دعوتي وامنيتي لتدوين الذاكرة الشعبية او المدنية الشفهية من اجل ترك وثيقة مهمة للاجيال، فنحن لا ننكر وجود ذاكرة حاقدة لدى العراقيين وخاصة في مرحلة داعش وما قبلها وهذه الذاكرة الحاقدة تغذي الكراهية جيلا بعد جيل فهي ذاكرة مليئة بالألغام والمفخخات التي تساهم في تفجير الوضع الامني في كل حين فنحن بامس الحاجة الى الغاء هذه الذاكرة الحاقدة واستبدالها بذاكرة جديدة تسودها المحبة والاخوة الصادقة.
فلا بد من كتابة هذه الذاكرة وتوثيقها وترويجها عن طريق المنشور او الافلام الوثائقية وهي عبارة عن قصص ومواقف يرويها الناس من كل المكونات والاطياف عن المواقف الايجابية والانسانية التي صدرت اتجاه الاخرين ابان فتنة داعش وغيرها، فعثمان السني هو الذي ضحى بنفسه من اجل ان ينقذ غرقى جسر الأئمة الشيعة في بغداد فهو لا يختلف عن الشيعي الذي فقد حياته لينقذ غرقى العبارة السنيين في الموصل، والعسكري السني الذي ضحى بنفسه وهو يحتضن الارهابي الذي يريد ان يفجر نفسه بالشيعة بالبصرة لا يختلف عن العسكري الشيعي الذي انفجرت عليه السيارة المفخخة التي ارادوا تفجيرها في اهل السنة في الرمادي، وام قصي المرأة السنية التي حمت مجموعة من شباب الشيعة من عصابات داعش، لا تختلف عن مواقف النساء التي احتضنت بقية المكونات وسجلت مواقف مشرفة نفتقر لتدوينها والتغني بها. 
واليوم وانا استمع للحوار في اكاديمية البلاغي كنت اتمنى ان اجلس مع الحضور فردا فردا ليحدثني عن موقف سمعه او راه كيف كانت الاخوة العراقية, ولم ادع الفرصة التي وفرتها لنا هذه الاكاديمية تمر مر السحاب فدونت ما قدرت ان ادركه من مداخلات الحضور لتوثيقه:
اولا: نحن بحاجة الى ثقافة السلام وان تتضمنها حتى مناهجنا الدراسية لتربية اجيالنا على قيمة واهمية السلام. دعوة لوزارة التربية للاطلاع.
ثانيا: موقف من الذاكرة الشعبية: بعد تهجير اهل الانبار بسبب عصابات داعش كانت الطريق الوحيدة الامنة هي باتجاه عين التمر وكربلاء المقدسة، ليتخذوا طريقا يأمنوا به من انياب داعش، وفتح اهالي عين التمر واطراف كربلاء بيوتهم لاهل الانبار، امرأة أنبارية في السبعين من العمر دخلت منطقة عين التمر لتاخذها العائلة الشيعية باتجاه كربلاء وتتولى اطعامها وإيوائها وكسوتها وتوجهوا بها لزيارة الامام الحسين واعادوها معززة مكرمة بكل محبة وامتنان لاهلها في الانبار، وقفت هذه المرأة قبل فترة امام اهل الانبار وفي مجتمعها تتكلم بحرقة والم بعد ان ازاح الله غيمة الظلم والاضطهاد عنهم وحصلت هذه المرأة على مساحة من الحرية لتقول الله يعلم حين كنت عند الشيعة كم كنت خائفة في اول ايامي لاني كنت متيقنة انهم سيقتلوني لا محالة بعد ان عرفوا انا سنية من اهل الرمادي، كنت هكذا اعتقد وهكذا افهم الامور ولكن حين رايتهم احن علي من اهلي علمت كم هو حجم التغييب وفقدان المصداقية والواقعية الذي كنا نعيشه وكم عملوا علينا لكيلا نفهم الاخر على حقيقته واخذت هذه المراه تدعو وتطالب ان يتواجد بيننا اهلنا الشيعة وكل الاطياف فاني لم اجد اطيب منهم.
ثالثا: الموصل تعلي صوت المحبة بكل قوة، قبل ايام قليلة انتقل الى رحمة الله الامير الايزيدي تحسين بيك وحزنت الطائفة الايزيدية لفقدانها رمزها وشيخها وهي لا تزال تعاني الم التهجير والقتل والسبي، واذا بمساجد الموصل وبالاخص المسجدين الكبيرين في الموصل والكنيستين المسيحيتين الكاثوليكية والارثذوكسية تعلن الحداد وتكبر من ماذنها وتقرع الكنائس نواقيسها حدادا لفقدان ابن مدينتهم الايزيدي مواساة للايزيديين في سنجار واعلان للحمة وطنية لم نسمع بها من قبل ليتسجل حدث اكثر من مهم في تاريخ الموصل.
رابعا: موقف غاية في النبل: في ابان التفجيرات والقتل وتسلط عصابات داعش على الموصل وهجوم الاوباش على جبل سنجار لابادة الشعب العراقي الايزيدي هربت عائلة ايزيدية نحو الموصل والرمادي خائفة على نفسها وعلى بناتها ليستقبلهم شيخا دينيا مسلما سنيا من وهو الشيخ مازن الحديثي امام جامع الهميم ليحتضنهم ويستقبلهم في بيته مع عائلته ليكونوا جزء منها، وكم تعلقت الاسرة المسلمة بهذه الاسرة الايزيدية حتى وصل بهم الامر ان يطلبوا يد احدى بناتهم لابن الشيخ الحديثي كزوجة وهكذا اقترنت الفتاة الايزيدية بالشاب المسلم بزواج عكس روح المحبة والاخوة ورزقهم الله طفلين كاسرة تعيش على التفاهم وحين استقرت الامور عاد الشيخ يحمل عائلة اصهاره حيث منطقتهم ومساكنهم.
خامسا: ان اهالي الموصل لا ينسوا موقفا مشرفا للايزديين معهم حيث ان الجامع الذي في شيخان تكفل ببناءه الايزيديون لاخوانهم المسلمين في شيخان حين لم يكن بمقدورهم بناء جامع فتبرع لهم شركائهم في الوطن ببناء هذا الجامع في موقف يبرهن معنى المواطنة والاخوة العراقية .
سادسا: الوقف السني في المناطق السنية يعزز  الخطاب الاخوي في جميع مساجد الانبار والموصل: خطوة تكاد تكون في غاية الاهمية بادر اليها الوقف السني بجعل خطبة صلاة الجمعة موحدة حيث تتم كتابتها وصياغتها لتقرأ في كل المساجد وتشيع ثقافة المحبة والاخوة وهذه الخطبة الموحدة هي احدى الثمرات الطيبة التي فعلها الوقف السني لانتاج وتصدير خطاب وسطي معتدل بناء وايجابي. 
وواقعا علينا ان ناخذ بنظر الاعتبار هذا الموقف فان المنبر كان مختطف ليس فقط في زمن داعش فحسب بل حتى قبل داعش كانت هناك جهات تعمل للاحتقان الطائفي ومصادرة المنبر لها فكم رجل دين وخطيب تم اغتياله وتصفيته في الموصل لكون خطابه كان وطني واسلامي وانساني او كان يعارض الخطاب التكفيري او ينبذ الفكر المتطرف والارهابي فمنهم من تم تهجيره ومنهم من تم قتله، فحين نجد هذه العودة للمنبر من بعد اختطافه وتوجيهه التوجيه الصحيح نكون قد قطعنا خطوة مهمة في انجاح دور المنبر الريادي وتوعية الجماهير.
سابعا: لعل المطران فارس تمس الاب المسيحي القادم من بغديدا التراث قره قوش الاصالة والعمق قد حاول ان يحمل الحكومة العراقية مسؤولية اصلاح المجتمع، فقال مبينا ان احد القوانين المهمة التي تدرسها الكنيسة المسيحية لاتباعها هو ممنوع التعاطي بالشأن السياسي لاي رجل دين مسيحي، فالسياسة للسياسيين ، والتماسك الاجتماعي واجب الحكومة ان تحققه وهو مسؤوليتها كدولة وليست مسؤولية رجال الدين، فاي دولة لها سيادة ودستور تؤسس لقانون وسلطة تحافظ على مواطنيها وامنهم وعيشهم وتمنهج لشرعة حقوق الانسان في البلد وكل القوانين التي تصدر من الدولة العراقية تحتاج منا ان نوضحها للناس لتفعيل ثقافة القانون لابد ان نخلق الفكر التحرري للانسان حتى لا نكون مراءين لابد للمنبر ولرجال الدين ان يرتقوا بالانسان نحو السماء نحو الله لماذا يسمى رجل الدين برجل الدين لانه يحمل قيم الله قيم السماء فالمنبر ورجل الدين الذي لا يرفعك الى السماء اكيدا انه ينزلك الى الجحيم نحن نحتاج علاج حقيقي الموصل ممكن ينفجر الوضع فيها تحتاج التفاتة حكومية لكي تجعلها تنهض روحيا وثقافيا يجب على الدولة ان تحافظ على ناسها ورجالها الحروب هججت الملايين الاف الطاقات ذهبت. في لندن وحدها 8000 الاف طبيب عراقي ممتاز تخرجوا من الجامعة الملكية البريطانية وزارة الصحة البريطانية لا تتنازل عن واحد منهم ونحن كشعب نعاني من الامراض السرطانية ولا يوجد طبيب متمكن من انقاذ المرضى الم يحن الاوان لنعطي كرامة للانسان في العراق.
ثامنا: العراق كله اشترك في المظلومية اذا فقد الشيعة في السيارات المفخخة والارهاب ما يقرب من 200 الى 250 الف فالايزيديين فقدوا 6384 فتاة وامرأة يزيدية هتك عرضها وقتلت ورغم قلة عدد الايزيديين فان فداحة العرض وانتهاكه تفوق المال والبنيان، واذا فقدت الشيعة في مجزرة سبايكر 1700 شاب مظلوم في يوم واحد ففي الرمادي من عشيرة واحدة بيت النمر قتل داعش منهم 600 شاب ورجل بيوم واحد في مجزرة كبيرة، وفي الارهاب وتحرير الموصل سقط من الموصل قتلى من 40 الى 50 الف قتيل ، الكل تضرر من الارهاب ومن الطائفية ومن داعش، فداعش اوغل في الانتقام من اهل السنة وتفنن بقتلهم بحيث كان يتعمد ان يقتل اربعة او ثلاثة من عائلة واحدة ليوغل في الانتقام من تلك العائلة فلم يكن يكتف بواحد مثلا وهذا حصل بكثرة للعوائل في الرمادي والموصل.
مواقف تحتاج ان تدرس وتوثق، شكرا لاكاديمية البلاغي على هذا الانجاز والحضور المميز وجعلت العراق اليوم باطيافه يحتضنه امير المؤمنين ويسدل عليه شآبيب الرحمة والمحبة وكانت رسالة عظيمة في اشاعة ثقافة احتواء التنوع من اجل خلق جو للحكومة العراقية لتتولى فن ادارة التنوع في العراق، وتدوين هذه الذاكرة الايجابية لتتعلم منها الاجيال.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد وليد البعاج
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/05/03



كتابة تعليق لموضوع :  اكاديمية البلاغي ونجاحها في ادارة التنوع بالعراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net