صفحة الكاتب : د . اسعد كاظم شبيب

قوى التغيير المفترضة في العراق :النقابات 
د . اسعد كاظم شبيب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بمناسبة قيام نقابة المعلمين إحدى ابرز النقابات في العراق من حيث الاعضاء والانتشار، بتنفيذ اضراباً عاماً لمدة يومين، شمل اغلب المدارس الحكومية على المستوى التعليم الاساسي في اغلب المحافظات العراقية لأسباب تتعلق ما تعده هذه الشريحة من عدم اهتمام الجانب الحكومي بالمتطلبات الحياتية لشريحة المعلمين والمدرسين بالمقارنة مع اقرانهم في الوزرات الحكومية الاخرى، وهناك مطالب عامة تتعلق بإناطة وزارة التربية بشخصية علمية من داخل الاطر التربوية، وهناك قائمة مطالب رفعتها الكوادر الصحية تشبه في بعض الجوانب المطالب التي نادت بها نقابة المعلمين، وهددت بالأضراب ايضا اذا لم تنفذ المطالب، وهو حق مشروع بالتأكيد لأي مواطن يعيش في بلد غني مثل العراق سواء كان منتمي لنقابة او لا في المطالبة بالعيش الكريم. وبهذه المناسبة نذكر بدور النقابات في العالم المتقدم لإيجاد مقاربات من حيث الادوار، وتحمل المهام الوطنية المحتملة التي تقوم بها الكوادر المرتبطة بالنقابات في العراق، اذ ادت النقابات ادواراً اساسية في صناعة التغيير السياسي، والفكري، والثقافي، وساهمت في ايجاد واقع مختلف للبلدان التي كانت تعاني من التخلف والاستبداد في سياق الحضارة الغربية، وكانت النقابات هناك بما تتضمن من كوادر تربوية، وثقافية، ومهنية، تقود مجالات كبيرة في المجتمع من: التربية، والتعليم، والصحة، والقانون، والحرف والمهن، والفن، وغيرهم، هذه الكوادر النقابية كانت بمثابة اللبنة الاولى في أي تغيير سياسي واجتماعي او الاعتراض على قرار او عمل سياسي او عسكري، بل ان النقابات ساهمت في خلق فكراً جديداً في عدد من البلدان لا سيما عندما تنجح الحركة وتصبح فيما بعد الثورة شعبية لتكون في نهاية المطاف نهضة حضارية عقلانية بالاعتماد على المنظومة القيمية التي يضعها المفكرون والفلاسفة او حتى رجال الدولة، فما الفارق والتمايز بين ادوار النقابات في العالم المتقدم وادوار النقابات في العالم الثالث ومنه العراق؟، الذي شهد تنامي بعدد النقابات بعد سقوط نظام صدام حسين، فهناك: نقابة المعلمين، ونقابة الاكاديميين، ونقابة المهندسين، ونقابة الأطباء، ونقابة الصيادلة، ونقابة المحامين، ونقابة الفنانين، ونقابة الفلاحين، ونقابة الحرفيين، ونقابة العمال، اضافةً الى الاتحادات والتجمعات الطلابية الجامعية، وهذا التنامي بعدد النقابات في اطاره العام يعد عامل ايجابي لكن هناك عقبات كثيرة تواجه عمل هذه النقابات كمؤسسات اهلية وغير حكومية تمتلك رصيداً بشرياً يرتكز على التعليم الجيد، والانتماء الى الطبقات الوسطى والفقيرة، ولأعضائها تأثير على البنيه الشعبية القاعدية بحكم انتشار كوادرها على المدن والقضية والنواحي والاحياء والقرى والقصبات كافة، ومن ضمن التحديات التي تواجه عمل النقابات هو هيمنة بعض الاحزاب السياسية النافذة على القيادات الادارية في النقابات المذكورة، مما جعل النقابات بعيدة طوال السنوات الماضية التي شهدت احتجاجات شعبية تطالب بالتغيير والاصلاح المنظمة منها او العفوية كحالة قد تودي الى ما يعرف باللحظة التاريخية، فقد بدأ للمراقب ان التظاهرات التي قامت بها النقابات في العراق سواء شريحة المعلمين او الكوادر الصحية وقبلهما الاكاديميين والعاملين في مجال التعليم العالي هي مطالب خاصة، في حين لم تجد مشاكل البلد المتراكمة والتي اثرت على كل محطات التقدم ومنها التربية والتعليم والصحة والاقتصاد صدى احتجاجي شعبي، وبقت هذه الشرائح تراقب وتكتب ناقدة للوضع دون ان يكون لها دور ميداني موثر في المطالبة بالتغيير السلمي، وايجاد الحلول للملفات المتفاقمة من اجل استكمال خطوات بناء مؤسسات الدولة العراقية، وتهذيب نظامها السياسي والاجتماعي، واذا كان هناك من دور فيصنف على انه مساهمة فردية تدخل في اطار المشاركة كمدنيين ومثقفين، وربما ان ضعف المشاركة الاحتجاجية الميدانية من قبل النقابات المشار اليها في المطالبة بالتغيير التصحيحي قد يعود لهيمنة الجانب التنفيذي على هذه النقابات ولارتباط قسم كبير من هذه النقابات بوزارات الدولة كموظفين، وهنا قد تحد الاعراف والقوانين النافذة في بلدان العالم الثالث التي تمنع الموظف المنتمي الى النقابات من قيادة او مشاركة في حركات الاحتجاجات المطالبة بالتغيير السلمي التصحيحي، بينما شهدت ولا تزال تشهد بلدان العالم المتقدم تطوراً في عمل النقابات بالرغم من التقدم في مجالات التنمية والتربية والتعليم والصحة والصناعة والاستثمار والخدمات العامة التي تعود بالرفاهية والخدمة للمواطن هناك، وقد يعود السبب في ذلك الى الموظف هناك ينتمي وظيفياً الى القطاع الخاص وبالتالي غير مقيد بأيديولوجيات الحزب الحاكم الذي يقود النظام السياسي، وان المواطنة والانتماء للدولة هي ثقافة تقيد المرتبط بالسلطة او القطاع العام وظيفيا او العامل في القطاع الخاص، بينما غياب القطاع الخاص في العراق، جعل نقابات عديدة في الاعم الاغلب مرتبطة وظيفياً بالقطاع العام المتمثل بالوزارات، وحتى النقابات الغير المرتبطة وظيفيا بالوزارات الحكومية كنقابة العمال والحرفيين التي يشارك اعضاء منها في مناسبات عديدة خاصة في عيد العمال او في حركات الاحتجاج ولكن تبدو هامشية للسبب ذاته هو ضعف القطاع الخاص، وهيمنة والقطاع الحكومي وظيفياً وسلوكياً على الكوادر المنضوية في النقابات.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . اسعد كاظم شبيب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/04/14



كتابة تعليق لموضوع : قوى التغيير المفترضة في العراق :النقابات 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net