صفحة الكاتب : د . عمار عبد الرزاق الصغير

السيدة زينب بنت علي ابن ابي طالب (ع) (الاستعداد - القابلية - التناسب - الوظيفة)
د . عمار عبد الرزاق الصغير

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 كربلاء والمشهد المأساوي (العاطفة والألم و وحشية الخصوم) ثلاثة أركان تختزل في قلبها وتتصارع في تضخيم هول المأساة وما إن تهدأ حتى تستثار (بقيمة المعصوم الشهيد) ومقام الإمامة . فقد القى الدهر دفعة واحدة بكل حمائل النبوة وضغائنه على قلبها ؛ لتشع بكثافة من الانضباط والسكينة والشموخ , يترجم قابلية الاستعداد لتحمل هول الحادثة (فالله أعلم حيث يجعل رسالته) لهذا يمكن تفسير طبيعة الاستعداد والصبر عند السيدة زينب الكبرى انه فيض إلهي لمهمة قادمة , يتناسب وحجم مأساة كربلاء . ولا أدل على ذلك من اشارات المنهج القرآني في تأهيل أصحاب المهام الالهية المقبلة . فإن هذه الأهلية لا يمكن ان يتصورها العقل البشري إن لم يضفها الى رعاية السماء , وليس ذلك ببعيد فقد قال تعالى بحق موسى عليه السلام (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ) وفي قول اخر ( وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) والجعل لأن يكون مرسلا يقتضي رقابة وعناية دقيقة , تجعله كما الهيئة التي ارادها الله . وبحق يوسف (علمناه تأويل الأحاديث) فالله حينما يكلف لمهمة عظيمة يصمم إلى هوامشها مساند النجاح . كما ووصف عيسى (ع) وقوله تعالى : ( قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا () وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ) وقوله تعالى : ) وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ( ( ) وهذا الاستعداد في ذات السيد زينب لم يكن وليد لحظة كربلاء ؛ حتى تختصر القيمة في عشية الطف وخلال المسير , وإلا فأي مزية يصطفيها الحسين من دون سائر النساء بموجبها , (لأن الجزاء في نمطه الإعدادي متقدم على العمل في الاصطفاء والعصمة بخلافه في الصفات الكسبية فإنها تتأخر عن الكسب والعمل) انما كان تأهيلاً مسبقا يتناسب وعظمة المهمة المنتظرة (إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا) هذا الاستعداد يتناسب وعظمة كربلاء ؛ ليكشف ان مهمتها لم تكن عاطفية او أسرية , انما هي ركن متمم لوظيفة الحسين (عليه السلام) فوظيفتها إلهية لذلك لم تؤثر المأساة على هدفها وقصدها الذي بينته بقولها (اللهم تقبل منا هذا القربان _ اللهم ان كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى ) ولسانها حال صاحب المشروع , فهي من تهدي هذا القربان , مما يدلل على التصميم والقصد , وسط سيلا من الآلام تتبع الآلام اندكت على قلبها وروحها الطاهرين . عمار عبد الرزاق الصغير الرابع عشر من رجب 1440 النجف الأشرف .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عمار عبد الرزاق الصغير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/03/23



كتابة تعليق لموضوع : السيدة زينب بنت علي ابن ابي طالب (ع) (الاستعداد - القابلية - التناسب - الوظيفة)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net