صفحة الكاتب : حازم الشهابي

عندما تكتب المبادئ بقلم الرصاص!!
حازم الشهابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إن ما تشهده الساحة السياسية العراقية اليوم من مناكفات وصراعات حول المناصب والمكاسب, ما هو إلا دليل واضح على تردي الواقع السياسي وهشاشته, بعد عقود الانتظار والصبر والتصبر, على أمل إن يكون التغيير المنشود هو الشمعة التي تضيء ظلام الاضطهاد والحرمان والجوع الذي سحق بفكيه اللعينتين كل ما يقف أمامه دون أدنى تردد أو مراجعة.
فعلى الرغم من مرور ما يقارب خمسة عشر عاما من انهيار اعتى نظام دكتاتوري في الشرق الأوسط إن لم يكن في العالم اجمع, وانبثاق التجربة الديمقراطية الجديدة في عراق ما بعد البعث البائد, إلا إننا مازلنا في طور مراحلنا الأولى من بناء نظام ديمقراطي يرتقي بالعراق إلى مصاف الدول المتقدمة, فالصراعات السياسية والحزبية والمكوناتية ما تزال هي الصفة السائدة في المشهد السياسي الذي يعد -النظام البرلماني - وحسب المعايير الدولية من أرقى أنظمة الحكم في العالم, والذي يمتاز بمرونة العلاقات بين السلطات, فالسلطة التنفيذية -الحكومة - منبثقة من البرلمان وبالتالي فانها تحتاج إلى ثقته لتكتسب شرعيتها, وفي ذات الوقت تعمل باستقلالية تامة عنه. إن غياب التنسيق والانسجام ما بين السلطتين –التشريعية والتنفيذية- أدى إلى تراجع وتدهور العملية السياسية برمتها, مما انعكس سلبا على مستوى الخدمات والمشاريع التي من شأنها إن تخدم المواطن, فطالما نادت الكتل السياسية المتصارعة ألان على المناصب والمكاسب قُبل الانتخابات الماضية, بضرورة السعي والاجتهاد في انتشال المواطن العراقي من واقعه المزري الذي طالما كان يعيشه منذ عقود من الزمن والعب دور الإصلاح و الإيثار والعزف على وتر الشارع من خلال التظاهرات والاحتجاجات الجماهيرية تارة, وتحريك الرأي العام وبراز الهوية القومية تارة أخرى, هي ذاتها اليوم وبعد ما حصدت ما كانت تحلم بيه من مقاعد البرلمان العراقي تخوض حربا ضروس للحصول على لمكاسب الحزبية, ضاربة بعرض الحائط كل ما يقف أمامها من مبادئ وعهود ومعاهدات.
إن ما نراه اليوم من احتدام الصراع حول المناصب الوزارية ومحاولات البعض من كسر إرادة الآخرين وفرض مرشحين بعينهم للحقائب الوزارية, يتنافى تماما و مبدأ الشراكة (لو يلعب الفياض لو أخرب الملعب).
في حين إن تحالف الإصلاح والذي يعد إحد اكبر الكتل البرلمانية عددا في البرلمان ابدأ رفضه وامتعاضه الشديد من تمسك الطرف الأخر بفرضه مرشحين بعينهم, مما أدى إلى تعطيل إتمام الكابينة الوزارية لعدة أشهر نتيجة الإصرار الغير مبرر لترشيح الفياض لحقيبة الداخلية, عازين سبب رفضهم للفياض لوجود اتفاق مسبق بين الفتح وسائرون ينص على عدم استيزار البرلماني والمتحزب فضلا عن زعماء الكتل السياسية للحقائب الوزارية.. يدرك المتابع وللوهلة الاولى إن القضية؛ قضية مبدأ وليست هناك أسباب شخصية أو سياسية كما صرح بذلك معظم نواب ائتلاف سائرون.
فلم يكن هناك مخرجا إمام الأطراف المتنازعة سوى اللجوء للحوار والتفاوض من اجل الخروج بحلول ناجعة ومرضية, لكن وعلى ما يبدو إن المبادئ لا زالت تكتب بقلم الرصاص!
تناقلت وسائل الإعلام المحلية في الفترة الأخيرة تصريحات لبعض النواب تفيد بالتوصل إلى اتفاق يقضي باستحداث وزارة جديدة تحت مسمى "وزارة الأمن الوطني" ومنحها للفياض مقابل سحب الأخير ترشيحه لحقيبة الداخلية, وكما وتحدثت الأنباء أيضا عن منح المعترضين أمانة رئاسة الوزراء ومحافظ البنك المركزي ومناصب أخرى, من اجل الحيلولةدون الاعتراض مجددا على تولي الفياض إحدى الحقائب الأمنية!
نعم وعلى ما يبدو إن المبادئ مازالت تكتب بقلم الرصاص!!
وبغداد وسكانها في المرتبة الأخيرة بعد بانغي الأفريقية وصنعاء اليمنية كأسوأ مدينة للعيش في العالم وفق مؤشر مؤسسة ميرسر العالمية...


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حازم الشهابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/03/19



كتابة تعليق لموضوع : عندما تكتب المبادئ بقلم الرصاص!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net