صفحة الكاتب : حميد آل جويبر

سلطة الشرطي في الولايات المتحدة
حميد آل جويبر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

صحيح ان قيادة السيارة في الولايات المتحدة ، خاصة في طرقها الخارجية ،تمثل شيئا من المتعة ، الا ان هذه المتعة معرضة في اي لحظة للاطاحة بها من عليائها اذا ما التمعت المصابيح الزرقاء في مرآتك الأمامية كمنبه لك على التوقف عن القيادة وجوبا . منذ عقد ونصف وانا العبُ لعبة القط والفار مع شرطة المرور الاميركية ، فاستخدام حزام الامان عندي يُعد ضربا من التعذيب النفسي والجسدي . ولاني فأر غير محترف فقد تكرر وقوعي في براثن قط محترف لا يرحم وقد تدجج باقوى سلاح الا وهو القانون . وعندما يستوقفك الشرطي في هذا البلد فانك تشعر بان كيانا حكوميا كاملا استوقفك وكأنك في مواجهة البنتاغون ، ولان هذا القط ليس لديه فائض من الوقت يمضيه في ترهات الكلام ، ولكونك لا تستطيع ان تمرر عليه ادنى معلومة عنك تجانب الحقيقة فكل صغير وكبير في جهازه مستطر، فان موقف السواق من امثالي سيكون في غاية الحرج وان رسموا براءة الاطفال في عيونهم عبثا. واعلمنْ ان اي ابطاء غير مبرر في ايقاف عجلتك عن السير بعد تلقي امر الشرطي بالوقوف سيفاقم من ازمتك وسيطيل وقوفك امامه وربما امام القاضي لاحقا . واعلمنْ ايضا انك عندما تؤمر بالتوقف عن القيادة فما عليك الا ان تستسلم بالتمام والكمال لهيبة الشرطي ذي العضلات المفتولة وتضع يديك على المقود منتظرا الاوامر القادمة من الشباك . وحاذر حينها ان تبادر الى فتح الباب وهذا ينطبق على الركاب الذين معك فذلك سيعقد من الموقف . وبسبب كثرة الاعتداءات التي طالت عناصر الشرطة الاميركية فانهم يمنحون الصلاحية للتعامل مع حالات فتح الباب باعتبارها بادرة اعتداء عليهم . اقولها مُقرا مُذعنا مُعترفا انني طوال هذا السنوات الخمس عشرة لم يستوقفني شرطي سواء داخل المدن او على الطرق الخارجية الا وكان محقا وكنت مذنبا . فاذا تساهل في العقوبة فبفضل منه وان اعطاني حقي منها فانه طبق القانون . وقد حصل لي او لاصدقائي الكثير من المواقف الانسانية التي تركت انطباعا حسنا في نفسيتي . منها انني كنت ذات يوم في الطريق السريع المؤدية الى ديربورن مشيغان منطلقا من ولاية فرجينيا . والطريق مع استراحاتها تستغرق عشر ساعات، نقطع اكثر من نصفها في اراضي ولاية بنسلفانيا العريضة المنكبين . في غمرة الليل الاليل وحيث كان الشارع قد خلا لي تقريبا فرحت ابيض فيه واصفر فتجاوزت السرعة المحددة باكثر من عشرة اميال في الساعة . فحلت الطامة الكبرى عندما استوقفني شرطي المرور بسيارته الفورد البيضاء . انزلت زجاج الباب الى ادنى حد فما كان منه الا ان يطلب مني ان افتحها باقل ما يمكن كي لا يصاب الاطفال النائمين في المقعد الخلفي باي اذى بسبب تيار الهواء البارد . وانتهى الموقف بان خفض شرطينا الانيق المرعب العقوبة الى حدودها الدنيا "كرمال عيون الاطفال النائمين " واكتفى بان دس في يدي تحذيرا من القيادة بسرعة . لعل سائلا يسال وما قيمة هذا التحذير . اقول لمن يجهل آلية عمل الشرطة في الولايات المتحدة والكثير من البلدان المتقدمة ان الشرطي ما ان يضع رقم بطاقتك الشخصية في حاسوب سيارته المرتبط الكترونيا بدائرة المرور حتى تظهر صحيفة اعمالك كاملة امامه، فان كنت قد استلمت تحذيرا مشابها خلال الفترة السابقة فان الغرامة آتية لا ريب وربما مضاعفة ، والمحظوظ من عفي عنه بالصفح الجميل . لا اظن احدا ممن ينطوي على قليل من الحس الوطني من لا يتمنى ان يسود في بلده نظام صارم مع هامش من التسامح كهذا حفاظا على هيبة القانون وكرامة الانسان من دون اللجوء الى قذارات الرُشا. اعتذر من الكثيرين الذين لا يقوون على سماع اي لمحة خير عن اميركا باعتبارها الشيطان الاكبر وان الشيطان لا يمكن ان يبدر منه خير . لكن علينا ان لا ننسى ان الله بعزته وجلاله حاور هذا الشيطان ولم يقطع سبل الاتصال معه ولعله استخدمه ومازال كأداة لاختبار نفوس البشر . اما انا فالحكمة ضالتي حتى وان خبأتها بين انيابها الاُسْدُ ، متأسيا بسيد الخلق النبي محمد "ص" الذي قال ذات يوم : الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها فهو احق بها ، وقبله قال القرآن الكريم : ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حميد آل جويبر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/01/11



كتابة تعليق لموضوع : سلطة الشرطي في الولايات المتحدة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net