صفحة الكاتب : مام أراس

إذا كان السكوت من فضة ..الكتابة من ذهب..!
مام أراس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 حرية الصحافة تعني حرية الرأي و التعبير ،وهي الديمقراطية بإطارها  الثقافي العام وهي الهدف الأسمى التي ناضلت  وتناضل من اجل تحقيقها المجتمعات المتمدنة ليس على نطاق مجتمع معين ،وإنما على نطاق المجتمع  الإنساني بأكمله ، .لقد اختلفت الآراء حولها وانقسمت  على وجه التحديد من طرفها المتخلف الذي يرى النظم الفاشية في تحقيقها الزلزلة  الكبرى لكياناتهم السياسية والسلطوية ، الأمر الذي يرغمنا على الحديث دون حرج عن الأسباب التي تدفع بهذه النظم التقليدية ان ينظر إلى حرية الصحافة بهذه  النظرة ضيقة ليس بقصد الإساءة والاستهانة برسالتها فقط وإنما بقصد إخماد ثورتها الغاضبة ،وقطع السبل والطرق التي تؤدي الى تحقيق رسالتها بهدف الابقاء على الأوضاع المتردية والتستر على الفساد المالي والإداري المخيف  الذي هو إحدى دعائم بقاء و شروط ديمومة تلك النظم السلطوية  التي تمكنها من الاستمرار في غبائها السياسي والاجتماعي والاقتصادي ، .ومن هنا وبحكم الأمانة التأريخية التي يتحملها الكتاب والصحفيون في عملية التثقيف المستمر  بالقيم الجديدة نجد بالضرورة  ان نقر ونعترف  بصراحة  بوجود  الاستهانة بحرية التعبير التي أثرت بشكل واضح على حرية العمل الصحفي ومجمل الحريات الأخرى في العراق بشكل عام بعد عملية الإطاحة بالنظام السابق .هذا النظام الذي كان أيضا من أولى هواجسه ومخاوفه هو العمل الصحفي ،حيث كان يخشاه من ان ينقلب ذات يوم إلى سيل من البراكين تجرف مؤسساته القمعية والتعسفية  المجردة من القيم و الأعراف الإنسانية ،. لذلك فحين نتحدث ببساطة عن الهموم الصحفية التي  يعانيها الصحفي في مجال عمله عموما وفي مجال حرية التعبير خصوصا ينبغي أن ندرك مقدما هو إننا جزء من هذا العالم ، انه ليس من السهل أن نقترب منها و نحن لا زلنا في بداية الخطوة ،  نتعامل مع النقد السياسي والاجتماعي  أو ثقافي على إنها فرصة للانقضاض على المقابل حين أتاحت لنا الديمقراطية هذه الفرصة لنكتب ونرسم ما يحلو لنا دون الرجوع إلى الثوابت الأخلاقية  للعمل الصحفي،فيما يفسره المقابل على انها  طعن وا استهانة بالمكانة الشخصية ..!نحن كغيرنا ننتمي إلى اتجاهات  وأفكار مختلفة الموجودة على الأرض ،والكل يصارع  بطريقته الخاصة من اجل أن ينتصر  أفكاره وتعم الوطن بأكمله  هذه الأفكار إن كانت إسلامية او علمانية أو وسطية ..لذلك لا يجوز بالضرورة ان ننظر إلى حالة نقد معينة على أنها خيانة  او عمالة إلى جهة سلطوية أخرى وتغلف بتهم واتهامات  تحت طائلة التخريب  أو الردة التي تكتم الأنفاس ..وأمام وطأة هذا العبء الثقيل الذي يقاومه الصحفي  والذي يفسره البعض مخالفة لسمات وطنية  تفسد معايير حرية الرأي والتعبير ،إلا إذا سلمنا بان الأفكار كلها تتصارع  لصالح المصلحة الوطنية العليا،مع التأكيد ان الذي ينجز أو يصنع في مجتمعنا ليس ضروريا أن يصنف بأنه جيد او سيء،لان الذين يضطلعون بهذا الدور ليسوا بأنبياء..وهذا إشارة بان عملية البناء والتطور التي نطمح إليها  بحاجة إلى تصحيح أي بمعنى إلى تقويم  للنشاط الإنساني في حدودنا الاجتماعية و الثقافية  و أن نقدم وجهات النظر للرأي العام باسلوب شفاف خالي من الألفاظ السوقية المجردة من القيم الانسانية التي ننفرد بحملها عن العديد من المجتمعات القريبة والبعيدة منا ، لأننا جزء منه  ومعنيون بتطوير مجتمعنا الوطني كله..ومن هنا لابد من إتاحة الفرصة  للكتاب والصحفيين ان يعبروا بآرائهم في المسائل التي تخص الوطن تماما مثلما تتاح الفرصة للخطيب في الجامع أو للصحيفة الجريئة التي لا تخشى رضي الدولة وحاكمها..ونخطئ من حيث اعتقادنا ان هذا كله متوفر في هذا الوطن الذي تشابكت فيها الخيوط  والأوراق الدولية والإقليمية ،وظل لوحده متحدثا لمعاناته قرابة ثمان سنوات  و لا يسمعه احد ،سوى بعض الاضاءات البسيطة التي  لا  تمثل سوى نقطة في البحر ....لذا فإذا أمعنا النظر في أجهزة الإعلام ومؤسساتها نجد إنها دون شك لا تحفل بما يجري في هذا الوطن  بالحجم الحقيقي لمجرياتها ، وإنما هي منابر تحمل خطابات لا تتفق من حيث المضمون  إلا مع  رؤى ومفاهيم اصحابها ،وهي بلا شك جزء من عملية التحريم التي هي قتل لحرية الرأي والتعبير متفق عليها وبأساليبها..لذلك فالذين ماتوا والإحياء والذين يأتون من بعدنا يدركون هذه الحقائق  لان الذي وقع في هذا الوطن هو ملك لنا جميعا ونحن طرف فيه ان كان سلبا او إيجابا وهو بحاجة إلى وقفة غير مشروطة ..لقد زرعت النظم السياسية البغيضة  الرعب والخوف والهلع في قلوب الكتاب  وأصحاب الكلمة الصادقة، ولا تزال تلك المخاوف تطاردهم أينما ذهبوا ونزلوا حتى غدا الكاتب والصحفي هدفا للقنا صين  ومحترفي الجريمة ..لقد سكتنا  طويلا عن ممارسة النقد  وعن تجاوزات بحق المال العام ،وارتكاب الأخطاء التي تجاوزت حدود الشعور بالمسؤولية الوطنية ..حتى غدت الوظيفة والمنصب  عند البعض منجما من مناجم الكنوز التي تأتيهم بوصفات عجيبة من سلاطين القوة والنفوذ السياسي ،وبها تفاقمت بؤرة الفساد  في زمن انعدمت فيه قواعد الثواب والعقاب وصار الوطن لا يملكه الا الغارقون في حب الذات والمنافع الشخصية ..لذا فمن الصعوبة اتهام ضمير الكاتب ،ولكن يمكن ان يتهم الكاتب أصحاب الشأن  بالتهام حرية الرأي والتعبير .. لذا ومن خلال تجربتنا يتضح بان هذه المسالة تكمن في التضييق الواضح لحرية العمل الصحفي  بدليل هذا البيت الذي يقول صاحبه((كم من بريء في السجون رقيد وكم من مجرم في الدنيا طليق)) اضافة للتنوع الحاصل في عالم((الكلبجات)) التي تقيد المجرم والبريء معا ..وعليه يصح لنا القول دون خوف او خجل ،ادا كان السكوت من فضة ..فالكتابة من ذهب ..!!

                                                                                  مام اراس
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مام أراس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/01/10



كتابة تعليق لموضوع : إذا كان السكوت من فضة ..الكتابة من ذهب..!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net