صفحة الكاتب : عباس البخاتي

الأخلاق والوطنية.. التلازم والضرورة
عباس البخاتي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يعكس السلوك الفردي حالاتنا النفسية والروحية التي نمر بها, والتي تكون مؤثرة في البعد الإجتماعي العام وما يخص الشأن الذاتي للفرد .

عملية البناء الإجتماعي للأمة تتأثر بسلوك الأفراد أوما يعبر عنه بالأخلاق.. سواء كان سلبياً أو إيجابياً, ولها أهمية بالغة في تحصين المجتمع أو إنهياره.

كثيراً ما تُطلق دعوات تنادي بضرورة التغيير نحو الأفضل.. فتُرصد لها الأموال وتُحَشد الجماهير وتُسْنَدْ لوجستياً، لكنها سرعان ما تتلاشى أو تحدث تغيراً طفيفاً على المشهد مع بقاء أُصل المشكلة، والسبب يعود ربما لعدم إيلاء القاعدة الإخلاقية مزيداً من الإهتمام .

من المؤكد إن التغيير الإجتماعي (الإيجابي) من شأنه أن يؤدي إلى تغيير, في البيئة المحيطة بالإنسان الأمر الذي سيعكس حالة التقدم والتميز الواضح على مستوى البنية التحتية للمجتمع، وهذا لن يتأتى دون المبادرة إلى إعادة الشعور بالإنتماء الوطني لنفوس الناس, والذين تقع عليهم مسؤولية التغيير الذاتي, الذي يمهد لتغيير حتمي في مجال الإقتصاد والسياسة والمستوى العلمي ومختلف جوانب الحياة المعيشية الأخرى .

عند الإشارة إلى الأخلاق لا يُقْصَد بها إرغام الناس على إنتهاج السلوك المنسجم مع التشريعات السماوية, برغم القناعة انها البلسم الشافي لجراحات البشرية على مر العصور، بقدر ما يُقْصَدْ هنا فرض حاكمية الدولة والقانون, ومراقبتها لسلوك الأفراد وإشاعة ثقافة حب الوطن وتقديس العقد المبرم بين المواطن ووطنه والذي يجسد ثقافة الحقوق والواجبات تجسيداً عملياً بعيداً عن الإستهلاك الإعلامي الذي سَئِمَت الأجيال المتعاقبة سماعه جيلاً بعد جيل.

ربما يتساءل البعض عن البديل في حال أصبح التغيير الذاتي للأفراد مستحيلاً لدرجة اليأس من تحقق التغيير في الواقع الإجتماعي.. وللإجابة عن هذا التساؤل لابد من إستحضار دور قمة الهرم, وهي السلطة الحاكمة إجتماعياً او سياسياً كونها تمتلك القدرة على إيجاد قاعدة إنسانية تناط بها مسؤولية التغيير الإجتماعي عن طريق عمل منظم وفق آيدلوجيا منسجمة مع التوجه الوطني العام وغير متقاطعة مع تشريعات الدولة وبالشكل الذي لايعرقل عمل مؤسساتها الدستورية .

إن المجتمعات المعاصرة عبرت عن منهجها التغييري بحركة واسعة تلامس الإنسان وحاجاته فتعاملت معه كمحور للحركة التغييرية، فكانت صناعة المواطن الصالح غايتها النبيلة، عن طريق الإهتمام بالجانب الإخلاقي الذي ينتج مواطناً صالحاً يجد أسباب زيادة الثقة بالنفس مهيأة أمامه ليصبح لبنة أساسية في التأسيس لثقافة الشعور بالإنتماء الوطني المعبرة عن إحساس مجتمعي وليس فرديا.

يمكن تشبيه المسؤولية الوطنية بالحالة الإيمانية الناتجة عن سلوك عبادي معين فكلاهما يستلزم مراقبة النفس للوصول إلى الهدف، فالأخلاق والوطنية شأن نفسي داخلي لا يرى الأخرون منه سوى اليسير، فالإنسان الفاضل هو من يتحمل المسؤولية بشرف تجاه وطنه سياسية كانت او إجتماعية أو غيرها مع الاخذ بنظر الإعتبار, ان للتصدي ضريبة ربما تسبب الإنزلاق والإنحراف لما تعانيه الاوضاع من تعقيد، فلا مشروعية لمتصدٍ هجر الوطنية والأخلاق في عمله السياسي مهما كان حجم الهالة الاعلامية حوله


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عباس البخاتي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/02/11



كتابة تعليق لموضوع : الأخلاق والوطنية.. التلازم والضرورة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net