صفحة الكاتب : علي علي

العين البصيرة واليد القصيرة
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 عكفت شعوب العالم -لاسيما تلك التي لها حضارت غائرة في التاريخ- على التحديث والتجدد في البناء والتطور أولا بأول في مجالات الحياة العلمية والأدبية والمعرفية، وما الى ذلك من نشاطات أساسية وضرورية في ديمومة الحياة، إذ هي بذلك تحقق وجودا في صفحة من صفحات سجل التأريخ، والأخير هذا مشهود له بمحو أمم ورميها في رفوف الذاكرة، وتثبيت أخريات باستحقاقها على الرغم من متغيرات العصور والظروف، وكم سمعنا عن دول دالت واندرست وصارت نسيا منسيا!.

 عراقنا الذي يضمنا بين أحضان دجلته وفراته، والذي أورثنا مجد أجدادنا بناة حضارة وادي الرافدين التي لها بين الحضارات قصب السبق في القِدم والتقدم معا، ولها من العلوم والمعارف ما عم سائر حضارات تلتها بحقب زمنية طويلة، ونهل من بحر علمائه ومكتشفيه الأوائل، علماء دول المشرق والمغرب الأولون واللاحقون، يستحق منا وقفة وإعادة نظر في ماقدمناه ومانقدمه له مقابل ماقدمه ومايقدمه لنا. وهنا على كل فرد منا النظر بعين الجميع لابعين الأنانية والنرجسية وحب الذات. فبدءًا، العراق هو السقف الذي يظلنا جميعا الأخيار منا والأشرار على حد سواء -إذ الكمال لله وحده- وفيه شربنا مع مائه خصائل وطبائع وتقاليد هي مدعاة فخر واعتزاز لكل واحد منا، وبهذا يجدر بنا ان نفيه حقه قبل ان نطالب بحقوقنا، فهو البلد الأم والخيمة التي ننضوي تحتها, وان كان هناك قصور واهمال من بعض من اعتلوا صهوة الحكم فيه، فبالعقل والبصيرة والتروي واحترام حدود الغير وحقوقهم، يوجد من الحلول الكثير من غيرما تجاوز على عرف من أعراف المجتمع او تعدٍ على أحد، وان بدت منهم حالة سلبية كما قال الشاعر:

بلادي وان جارت علي عزيزة

وقومي وان شحوا علي كرام

 إن مطالبة المواطن الحكومة بحق من حقوقه المشروعة يأخذ مسالك عديدة، والسلمية منها تُعدّ صورة حضارية مشرقة تنم عن وعي المواطن من جهة وعن نية الحكومة الخالصة في أداء الواجبات المنوطة بها تجاهه من جهة أخرى، وإذا تكافأ الأخذ والعطاء لدى الطرفين، تكون المحصلة النهائية إيجابية للإثنين معا، فشعرة بين مجنون وعاقل لاتنقطع. لكن الذي يُفسد صورة المطالبة بالحقوق ويشوهها هو الانزواء والتفرد لنيل مطالب لها أبعاد فئوية ومآرب نفعية لنفر او جماعة، دون الرجوع الى الحقوق التي ترتضيها النفس البشرية المتحضرة. كما هو حاصل اليوم في شارعنا العراقي، وكما قيل: إذا أردت ان تطاع فأمر بما يستطاع. إذ مع تصاعد وتيرة المناكفات بين رؤوس الحكم والقادة والساسة، تستحيل المطالبة بالحقوق الى أضغاث احلام، والى صيحات ليست بذات جدوى، حيث لاينوب المواطن مردود منها سوى صداها ورجعها المشروخ، لاسيما وأن حكومته مثقلة بمشاكل متوارثة من جهة، ومستحدثة ومستجدة من جهة أخرى، الأمر الذي يغل يدها عن العطاء، فضلا عن أداء الواجب، إذ ينطبق عليها مثلنا؛ (العين بصيرة والإيد گصيرة)، والحديث عن حلول لقصر اليد يطول ويعرض في مقامنا هذا، فالحلول في ظرفنا العسير ليست على طبق من ذهب ولا من فضة، بل ولا من (تنك) وهي بعيدة وبعيدة جدا، وإن أردنا الوصول اليها علينا الامتثال لبيت المتنبي:

تريدين إدراك المعالي رخيصة

ولابد دون الشهد من إبر النحل

 

aliali6212g@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/02/05



كتابة تعليق لموضوع : العين البصيرة واليد القصيرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net