صفحة الكاتب : د . ميثاق بيات الضيفي

 إرهابية الفشل الاجتماعي
د . ميثاق بيات الضيفي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 هناك أسباب عديدة للأنشطة الإرهابية تتراوح بين السياسية والإيديولوجية والقومية والانفصالية والعرقية والدينية والنفسية والإقليمية والجغرافية وحتى الاجتماعية والاقتصادية، ويمكنها أن تؤدي إلى تناقضات وصراعات مختلفة لا يمكن التوفيق بينها بكثير من الأحيان في المجتمع إذ لا يرى بعض الأفراد أو الطبقات أو الأحزاب أو حتى الأمم بأكملها سوى بوجوب إعادة تنظيم عنيف للحياة وحتى للعالم بأسره.

يا سادتي غير إن المحددات الرئيسية للإرهاب كانت ولا تزال أسبابها اجتماعية واقتصادية معبرًا عنها في ظل الظلم الاجتماعي الذي تتعرض له العديد من الظروف الأخرى وان الأسباب الاجتماعية-الاقتصادية تضيف للمجتمع بطريقة أو بأخرى لونًا سياسيًا أو أيديولوجيًا أو قوميًا أو دينيًا أو نفسيًا وتزيد من تعزيز التوجه الإرهابي لمجموعات وشرائح مختلفة من السكان. ولتحليل تلك الأسباب فمن الضروري أن نميز عبرها بوضوح تأثيرها على منظمي العمليات الإرهابية والتي من المحتمل أن تدعم الأنشطة العنيفة وتروجها وتشكل القاعدة الاجتماعية للإرهاب لأنها غير قادرة على تطوير أنشطة إرهابية خطيرة بدون قاعدة اجتماعية واسعة لأنه لا يمكن للقاعدة الاجتماعية غير المسترضاة والتي ليس لديها تنظيما وقيادات للإرهاب أن تشارك في الإرهاب المنهجي.

 يختلف دافع الإرهاب للمنظمين عن القاعدة الاجتماعية بشكل كبير, إذ يسعى الأول إلى تحقيق أهدافهم السياسية والجيوسياسية والاقتصادية وغيرها من الأسباب الأنانية والشخصية، بينما يظهر الثاني تحسنا حقيقيا في موقفهم والتي لا يهتم بها المنظمين ولكنهم يستخدمونها بمهارة لأغراضهم الخاصة. وهنا عندما نتحدث عن مشكلة العدالة الاجتماعية كأحد الأسباب الخطيرة للإرهاب فإننا نعني أساسًا قاعدتها الاجتماعية وليس منظمي الإرهاب الذين عادة ما يكونون أثرياء, لذلك فإن الإرهاب الحديث ليس فقط صدامًا بين الأديان والأمم والحضارات إنما هو نزاع بين الفقر الرهيب بين المناطق الفقيرة والغنية والتي استلت الثروة اللانهائية من الدول المتقدمة التي تم إغناءها تاريخياً بالاستغلال الوحشي لشعوب ودول العالم الصامتة.

 نؤكد إن القوة الدافعة للإرهاب ليست هي الفقر بحد ذاته بقدر ما هي أعظم واشد فتتمثل بالظلم الاجتماعي في العالم، الذي يسيطر عليه ضغط وعنف مباشر وغير مباشر في بعض قطاعات المجتمع على الآخرين, وبعضها على البعض الآخر وبعضها على الدول الأخرى, وهذا يحمل في حد ذاته ليس فقط جريمة جنائية إنما ظروف طويلة المدى تؤدي إلى تحول الإجرام التقليدي لطبيعة متعاظمة التراخي وحينها تتجاهل التناقضات والمنازعات الموضوعية الهامة ولا يتم حلها. لذلك يطلق على الإرهاب أحيانا صراع الضعيف مع القوي, ولذا سيكون هؤلاء الضعفاء جاهزين لأي شيء يحقق أهدافهم حتى لو كانت حربا وأن الإرهاب بوصفه أكثر الطرق قسوة وأكثرها انفتاحا هو من أكثر الاساليب فاعلية في الحروب.

 الإرهابيين يعيشون بيننا ونحن من بين الأهداف المحتملة لهجماتهم وهم مستعدون للتصرف في كل مكان ومن المستحيل وضع حواجز في كل مكان ومن المستحيل توفير الحماية الفعالة لكل منزل وكل مدخل وكل شخص حتى لو تحول المجتمع بأكمله إلى بنية أمنية واحدة, ونادراً ما يتم تحليل الأسباب الاجتماعية الاقتصادية ومشاكل العدالة الاجتماعية ولذا فمن الضروري الأخذ في الاعتبار حقيقة أن للإرهاب تاريخًا قديمًا منذ قرون طويلة واستخدمته على نطاق واسع العديد من الدول وإن المجتمع الدولي قد برر بعض أشكاله حتى وقت قريب بفعل وجود الفقر واليأس والبؤس وبمجموعها هي اسباب تحث بعض الناس على الترويع لتغييرات جذرية للمجموعات المضطهدة أو لشعوب بأكملها, غير انه يجب عدم قبول الأساليب الإرهابية لتحقيق أية أهداف سياسية أو قومية أو دينية كما يجب الحلم أو الافتراض على وجوب توفر دولة أكثر عدلاً من مثيلاتها في العالم فلذلك الاعتماد على توهين الحروب الإرهابية ليست ضروريا ولا يوجد حتى أي تقدم في التغلب على المعايير المزدوجة في العلاقات بين الدول ولا تزال المعايير الدولية المتضاربة.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . ميثاق بيات الضيفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/01/23



كتابة تعليق لموضوع :  إرهابية الفشل الاجتماعي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net