صفحة الكاتب : سوسن عبدالله

آداب السلام عند الدخول والخروج 
سوسن عبدالله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 (السلام عليكم) شعارنا وتحيتنا الاسلامية المباركة، لذلك علينا أن نغرس هذه الصفة في الطفل؛ لأنها أهم سلوك يبدأ به يومه ولا ينساه طوال عمره، وهو السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وأيضاً رد السلام، لذا على الأب اذا دخل البيت وقال: السلام عليكم، ترد عليه الأم بعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ولا تكسل بالرد، وهذا يعّود الطفل على السلام، كما قال الرسول (ص): ((أفشوا السلام بينكم، تحابّوا))، و((أفشوا السلام، تسلموا))، و((أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنّة بسلام))(1).
 ولعل هذا المقدمة قادرة على الولوج الى عوالم السلام مع صحبة الباحثة الاجتماعية الأستاذة أم باقر العارضي (أدام الله عليها بركاته):
 - ما مفهوم تحية الاسلام؟ وما اهمية القاء تحية الاسلام؟
 قال تعالى: ((وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحسَنَ مِنهَا أَو رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ حَسِيبًا)) (النساء/86)، حينما نتأمل آيات القرآن الكريم وكلمات أهل البيت (عليهم السلام)، نرى أن الدين الاسلامي أولى موضوع التحية والسلام اهمية كبيرة، وأفرد له مساحة واسعة من الاهتمام، كل هذا يدل على الاهتمام وأهمية هذا الأمر. 
مفهوم التحية: هي مصدر الحياة ومعناها في اللغة الدعاء بالحياة فيقال حياك الله: اي ابقاك، وهي أعم من السلام؛ لأن السلام نوع من انواع التحية .
أما السلام: فكلمة السلام تعني السلامة، وهي مطلقة تعني سلامة الدين والصحة فعندما نقول لأحد: السلام عليكم: فاننا ندعو له بكل انواع السلامة: كسلامة الدين والمعتقد والصحة والسمعة. 
قبل الاسلام كان السائد هو التحية، بأن يقول احدهم للآخر: أنعم صباحا، فيأتون بلفظ النعمة وهي طيب العيش ويصلونها بالصباح؛ لأنه أول ما يبدأ به الانسان نهاره، فإذا حصلت فيه النعمة والخير استصحب ذلك طول نهاره. 
كان اصحاب النبي (ص) اذا اتوه قالوا له: انعم صباحا أو أنعم مساء، وهي تحية أهل الجاهلية، فانزل الله تعالى: ((وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ)) (المجادلة: 8)، فقال لهم رسول الله (ص): ((قد أبدلنا الله بخير من ذلك)) تحية أهل الجنة، السلام عليكم.
وهكذا صار للمسلمين تحية تميزهم عن غيرهم، ومن رحمته سبحانه ان جعلها عبادة يؤجر عليها قائلها، وينال ازاءها ثواباً وأجراً. 
والإسلام يريد من خلال ذلك تقوية الروابط الاجتماعية، وزرع المحبة والتآلف في نفوس الناس، ونشر الأمان في اوساط المجتمع، ولا شك ان الالتزام بإلقاء التحية والسلام على الاخرين له ثمار وأهمية كبيرة؛ لأنه سبب في توطيد العلاقات وزيادة المحبة وتآلف القلوب؛ لأن فيه اشارة الى الخلق الرفيع وتواضع الشخص، فعن الامام الصادق (عليه السلام): ((من التواضع أن تسلّم على من لقيت)).
سبب الخير والبركة وزيادة الارزاق، فعن النبي (ص) قال: ((افش السلام يكثر خير بيتك))، وهو أيضاً سبب الفوز بالثواب والأجر العظيم؛ لأنه من أفضل الأعمال والقربات.
- ما الهدف من تعليم الابناء تحية السلام؟
  من أهم عوامل تنمية ثقافة السلام بشكل عام في المجتمع هي الاسرة التي تعتبر المؤثر الاول والأكبر في سلوك الفرد، والمدرسة الاجتماعية الاولى التي تقوم بتربية وتكوين شخصيته وتوجيه سلوكه بالاتجاه الصحيح. 
والاسلام العظيم رسم الطريق لبناء الانسان في الاسرة بحيث يكون سليم النفس والروح، قادرا على التفاعل مع المحيط الاجتماعي بشكل مميز، وقد أمر لذلك بتعويد الطفل منذ نعومة اظفاره على جملة من الاداب المهمة من بينها السلام؛ كي يتعود عليه، فإذا كبر يكون ذلك جزءاً من شخصيته وسلوكه لا يتركه ابداً؛ لأنه ينبعث من سجية ثابتة، وعادات اصلية يحكمها البر والاحسان واللطف في التعامل مع الاخرين. 
اللطيف ان من اخلاق رسول الله (ص) انه كان يسلم على الاطفال والصبيان، ورد في الحديث: ((خمس لست بتاركهن حتى الممات... وتسليمي على الصبيان لتكون سنة من بعدي)).
وبالتأكيد، فان لبدء الطفل بالسلام اثرين مهمين هما: تقوية التواضع في نفس الانسان، يحيي في الطفل الشخصية الرصينة والارادة المستقلة؛ لأنه اذا شعر بأن الكبار يحترمونه ويسلمون عليه وينظرون له باهتمام، حينها سيصدق بكفاءته وأهليته للاحترام، ويطمئن الى ان المجتمع يعتبره انساناً محترماً، ويعيره الاهتمام المطلوب، وهذا مهم جدا لتكوين شخصيته وبنائها بالشكل الصحيح. 
فنحن عندما نعلم اطفالنا السلام وآدابه، انما نربيهم على ان يحيا كل واحد منهم مستقيما مسالما محترما للآخرين، قادرا على التفاعل والتواصل باحترام، فالهدف من تعليمهم وتعويدهم على السلام، هو أن يتخلقوا بهذا الخلق السامي، وينشؤوا وهم يحبون الخير والسلام للآخرين. 
وهذا سيمنحهم في المستقبل شخصية كريمة محبوبة مهذبة تكون مفخرة للوالدين ومحط اعجاب للاخرين وقدوة ومثالاً يمكن انه يحتذى  به من قبل اخوتهم في المنزل.
 وعليه، فكلما عودناهم بشكل مبكر على الالتزام بهذه الاداب، ساهمنا في صنع شخصية صالحة متزنة تتمتع بحضور جميل وقبول اجتماعي مميز، تكون قادرة على التفاعل والتواصل والنجاح والتألق.
- برأيكم كيف باستطاعة الاهل تعليم الطفل التحية والسلام؟ وفي أي سن ينبغي ذلك؟
  ان الالتزام بإلقاء التحية والسلام يدل على حسن تربية الانسان ورقي شخصيته، وهذا التعليم من مسؤوليات الاسرة التي ينبغي لها ان تلتفت لها وتهتم بها منذ ان يعي اطفالها ويبدؤون بالتواصل مع الاخرين. 
فعندما يبدأ الطفل بمد يده وتقبيل الاخرين، ويكون قادرا على نطق الكلمات، هنا تبدأ بتعليمه السلام على ابيه واخوته، ومن ثم المحيط والمجتمع الذي يختلط به، فمثلا عندما نتصل بأبيه نقول له: بابا يتكلم تعال سلم عليه، أو عندما يجلس صباحا بعد ان نسلم نحن عليه ندفعه للسلام على جده أو جدته، ونعلمه كذلك الرد على السلام، اضافة الى حسن الاستماع والمشاركة والانصات للاخرين .
- كيف يمكن ان نعلمه؟ 
وذلك من خلال عدة امور:
 القدوة: فالطفل يتعلم من أبويه أولاً عند زيارة أحد للبيت، وعند زيارة العائلة لعائلة اخرى، وعند اتصالكم بأحد في الهاتف، كل هذا يمكن ان يعلم الطفل من خلاله كيفية السلام والرد والترحيب بالاخرين، والطفل بطبعه سيحاكي طريقتنا ويقتدي بنا، لذا لابد ان نحذر وان نوفر له بسلوكنا تجارب جميلة وصالحة للاقتداء، ونبتعد عن الاخطاء؛ لأنها مدمرة.
 التشجيع: كلما تعرف الطفل بشكل لائق وألقى السلام بشكل صحيح، نكافئه ونشجعه حتى يتعزز لديه السلوك الطيب، ويسعى لتكراره؛ لأنه رأى ملامح الرضا والسعادة بادية على وجوهنا.
 اللعب: ممكن ان نلقّن ونعلم الطفل من خلال اللعب، فالمشاهد التمثيلية جو مناسب لتمرير كل ما نريد لأطفالنا (بيت بيوت) لعبة الاطفال المفضلة ندخل فيها لنعلمهم آداب اللقاء وتحية السلام.
 القصة والكتاب المصور: لابأس باستثمار هذه الوسائل كلما كانت الصور والكتب جميلة وملونة افضل، كذلك الاناشيد والأفلام الكارتونية التي تؤكد على اهمية هذه الاداب.
وأخيراً: شرح آثار الالتزام بهذه الاداب وثمارها ونتائجها في الدنيا والآخرة بأسلوب سلس يفهمه الطفل.
 - ما هي الآداب المتعلقة بالسلام والتحية التي ينبغي ان نحرص على تعليمها لأولادنا؟
  نعلمهم السلام قبل الكلام، فعن الامام الصادق (عليه السلام): ((السلام قبل الكلام))، وعند دخول البيت: عن النبي (ص): ((اذا دخل احدكم بيته فليسلم، فانه ينزله البركة وتؤنسه الملائكة)).
الالتزام ببدء السلام، الصغير على الكبير اجلالاً واحتراماً وتوقير لكبره، سلام الواحد على الاثنين، والاقل على الاكثر، سلام الراكب على الماشي، والماشي على القاعد وغيرها، وقد جمعت هذه في الحديث عن النبي (ص): ((يسلم الصغير على الكبير، ويسلم الواحد على الاثنين، ويسلم القليل على الكثير، ويسلم الراكب على الماشي، ويسلم المار على القائم، ويسلم القائم على القاعد)).
نعلمه المصافحة وحسن البشر وملاقاة الآخرين بوجه مبتسم، وأن يرفع صوته عند السلام ليسمع من يريد السلام عليه.
وأخيراً.. لابد للاباء من الالتزام بكل هذه الاداب والأخلاقيات؛ كي يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم يحاكونهم ويقلدونهم ويقتدون بهم، ويتعلمون منهم وتتكون شخصيتهم بشكل جميل يجعلها قادرة على التفاعل الايجابي والمميز مع الاخرين وسط المجتمع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كلمات الرسول(ص): ج1/ ص257.


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سوسن عبدالله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/01/15



كتابة تعليق لموضوع : آداب السلام عند الدخول والخروج 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net