صفحة الكاتب : عباس البخاتي

إرحموا برلمانيا زل
عباس البخاتي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من أهم وسائل تحصين العمل الرقابي والتشريعي، هو مبدأ الحصانة البرلمانية ،وهي حماية قانونية منحها الدستور لنواب الشعب لتمكينهم من تأدية الوظيفة الدستورية بعيدا عن التأثيرات خارج نطاق تلك الصفة الاعتبارية.

من جهة أخرى فالبرلماني هو إنسان قبل كل شيء، فهو مؤثر ومتأثر بالبيئة التي ينتمي إليها سلبا أو إيجابا, وبناء على ذلك فمن الضروري أن يكون هنالك تمييز بين الصفات الطبيعية لشخص البرلماني والتي عادة ما تكون حصيلة تأثره بالقيم الإجتماعية وإنعكاساتها على سلوكه العام، وبين ما يتقمصه من سجايا محاولا تطبيع نفسه عليها، خلاف ما عرف عنه من طباع في وسطه الاجتماعي.

بناء على ذلك يفترض بالنائب إستشعار مكانته في الوسط الإجتماعي، فجميع مخرجات سلوكه قبل وبعد اكتسابه ثقة الشعب، عادة ما تكون عرضة للتمحيص والنقد والمراقبة، بحكم قبوله لمهمة التصدي وما تتطلبه من ضريبة لابد من دفعها في أجواء مختلفة الأمزجة وميول متباينة وحاجات متنوعة.

يتسم الوضع العراقي بالتأثر بالظواهر والتقليد الساذج لها, وهذا الأمر غير مقتصر على العامة فحسب، فحتى النخب السياسية التي حصلت في يوم ما على شرف تمثيلها لإرادة شريحة معينة من أبناء الشعب داخل قبة البرلمان معنية بالأمر كذلك .

قبل عدة أيام أطل أحد النواب وبكل صفاقة أمام الملايين محاولا أبعاد شبهة عن نفسه في قضية دفع اموال وتهم رشى, فبررها بقوله "أن لو كان لدي كذا مبلغ من المال لأنفقته على بائعات الهوى"!

مثل هكذا تصريح أقل ما يوصف به, أنه إستخفاف بقيم المجتمع , وإستهانة بالحشمة وخدش للحياء العام.. وبنفس الوقت فقد يفسر على أنه إنعكاس لنمط معين من التربية والسلوك إعتاد عليه المتكلم.. وهي بالنتيجة تقليد لحالة معينة لا مجال لإنكار تفشيها في بعض الأوساط.

مشهد آخر حظي باهتمام كبير من الجمهور، وهو ما يتعلق بتصرف النائبة السابقة في البرلمان العراقي السيدة وحدة الجميلي حين أطلقت عدة عيارات نارية في الهواء.. فما جرى محاكاة لواقع دأبت عليه السلوكيات العشائرية والحضرية معا فأصبح عرفا سائدا في الأفراح والأحزان والنزاعات.. وهو ما قدمته السيدة المذكورة كعذر هو أقبح من فعل!

هذا التصرف يختلف نوعا ما عن سابقه المتعلق بالسيد النائب.. فلا حجية لإستنكاره في الفقه القانوني السائد إذ لا يوجد تشريع يفرض قيودا مانعة من تداول هكذا أفكار في الفضاء الإعلامي المفتوح وفي مختلف الوسائل الإعلامية.

الأمر بحاجة إلى وقفة مع ( معالي النائب وحدة الجميلي ) لأنه فسر من البعض على أنه تحد من قبل من كانت بالأمس القريب ممثلة لإرادة الشعب ويفترض عملها على صيانة التشريعات وإحترام القوانين كالذي أقرته السلطة القضائية مؤخرا والذي ينص على التعامل بحزم مع مطلقي العيارات النارية سواء في المناسبات المختلفة أو النزاعات العشائرية .

مهما كانت شدة القوانين وصرامتها إلا أنها ستبقى حبرا على ورق مالم يرافق ذلك إجراء فاعل, من السلطة التنفيذية ضد جميع الظواهر السلبية في المجتمع ومنها (الرمي العشوائي ) والذي كان تساهل الجهات المعنية سببا في إتساعه، الأمر الذي سيؤدي بجميع قرارات السلطة التنفيذية لفقدان رونقها وقوتها الإجرائية، وفي حال كهذا لا يلام القاضي الذي سيستدعي السيدة النائبة لمحاسبتها على زلتها, لأنها ستجيبه بلسان الحال.. ضلت عليه سيادة القاضي!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عباس البخاتي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/01/03



كتابة تعليق لموضوع : إرحموا برلمانيا زل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net