صفحة الكاتب : احمد لعيبي

دراجة ب٥٠ الف... من يشتري؟؟
احمد لعيبي

في سوق النجف كانت دراجة ذلك الصبي تخترق الطرق الضيقة من أجل أن يوفر لقمة العيش لأمه التي سهرت وربت ليكون هذا الفتى اليتيم كل سلوتها في هذه الدنيا...
كانت دراجته متعبة جدآ مثل قلب امه وكانوا يسمون تلك الدراجه ب (الذبانه)لصغرها وطنينها الذي يشبه صوت الذبابه..
كان يضع الحلوى وبعض الأشياء التي يحصل عليها من نقل الحاجات بجيب خاص لأمه التي كان يأخذ قلبها عندما يذهب صباحآ ويجعلها مثل خشبة يابسة حتى يعود عند المساء وهو يحمل لها اكياسا صغيرة من عمل يومه بدراجته الشهيرة التي فاقت دهين احمد الياسري في النجف..
كانت كثيرآ ما تتعطل تلك الدراجه ويصلحها فلا يجد شيئآ يأخذه لأمه فيستدين من البعض ويعطي لأمه دون أن يخبرها بعطل دراجته الذبانه...
كانت الأم تضع رأسه في حجرها وتحكي له قصة صبرها ومعاناتها وكيف ربته وكان ذلك النجفي يبكي بفخر وصمت وشعور بالمسؤولية تجاه تلك المرأة ذات القلب المتعب بالروماتيزم من رطوبة الغرفة التي تسكنها...
في أحيان كثيرة كان يفتش في اكياسها عن علاج الروماتيزم الذي تأخذه فهي تتركه في أحيان كثيرة بحجة النسيان كي لا ينفذ ويضطر ولدها لشرائه وهو لا يملك ثمنه..
وانتبه لهذا الأمر بفطنته فكان يقدم لها الدواء بيده ويجلبه لها كلما شارف على النفاذ فلقد اكتشف ان دواء الشهر الواحد تأخذه في شهرين من أجل توفيره...!!
كثيرا ما كان يجلس بدراجته امام علي بن أبي طالب عليه السلام ويبكي بعد ان يناجي علي بصمت...
وبينما هو صامت امام علي سمع وشاهد الناس مضطربة تتجمع للذهاب للجبهة فهناك معركة وعدو اسمه داعش وكانت هناك فتوى صدرت هذا اليوم بالجهاد الكفائي...
إستجمع قواه ويتمه واقترب من التجمع وسمع ان هناك سيارة تتوجه لمحيط سامراء للدفاع عن القباب والمقدسات وان الوضع هناك خطر جدآ..
المحزن أن أجرة السيارة كانت خمس وعشرين الفآ...
لم يتردد لحظة واحدة في ان يذهب للسوق ليعرض دراجته الذبانه للبيع وسط ذهول اقرانه...
فكان يصيح من يشتري دراجتي...ويكسب ثواب..من يشتري واجره على الزهراء...
كانت دراجته كثيرة العطل لذلك لم يشتريها احد وهو لم يفصح عن سبب بيعها للناس..
حتى جاءه شخص وقال له(عمي تبيع ب٢٥الف )فقال له بتوسل (عمي والله مكلفتني هواي سويهن ٥٠ لخاطر الزهرة واخذها )..اشترى الرجل الدراجه واخذها من ذلك الصبي..
الذي ركض إلى امه ووضع بيدها ٢٥الفآ وقال لها(يمه يكولون سامراء بخطر وداعش طاب واصلها وهسه المهدي كلبه مشعوب وزحمه منه ومن الله مانروح نحمي اهله )صمتت امه للوهلة الأولى وقالت له(يمه اني محد عندي غير ووجهك يمه مال واحد رايح مايرد بعد..الله وياك يا بعد اهلي )..عانقته ولم تبكي ولكنها كانت مليئة بالدمع والحسرة والوجع..
ذهب ليلة الفتوى إلى سامراء ودفع اجرة النقل وهو يسترجع شريط ذكرياته وعلى شريط سامراء كان هناك تعرض بالهاونات والقناصات فوقف على الساتر ليدافع عن وطن باع فيه كل يملك من أجل أن يدافع عنه...
أصابته رصاصة قناص في المكان الذي طبعت فيه امه قبلة الوداع الاخيرة ورحل إلى الله شهيدآ مضرجآ بدمه وفقره وحسرة امه التي اخبرته انه رحيله الاخير..!!
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد لعيبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/01/02



كتابة تعليق لموضوع : دراجة ب٥٠ الف... من يشتري؟؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net