صفحة الكاتب : د . صاحب جواد الحكيم

التكريتي شَنَق َ يوم عيد الأضــحى و التكريتي شُنِقَ يوم عيد الأضحى
د . صاحب جواد الحكيم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

المقدمة . من ذكرياتي عن السجين السياسي و الشاهد السيد رياض السيد محمد سعيد الحكيم (المولود في 16/7/1958) فقد أعتقل هو إخوانه و أبوه و جده و أولاد عمومته في النجف الاشرف ، و نقلوا جميعا ً الى مديرية الأمن العامة في بغداد يوم 9/5/1983 ، و قضوا جميعا في سجن أبو غريب فيما بعد ، حوالي 3000 الثلاثة آلاف يوم ، في تعذيب جسمي و نفسي لايُطاق. و أعدِم َ أكثر من 66 ستا ً و ستين شهيدا ً منهم....

و قد دونت معلومات عديدة عن معاناته ، بعد أن إصطحبتُه ( بعد سقوط النظام الصدامي المجرم) إلى نفس الزنزانة التي وُضِعوا بها و هي ردهة المصابين بمرض السل في السجن المذكور، و صورتُه وهو بوضعية تعليقه على شباك الزنزانه لتعذيبه ، و دلّني بالتفصيل على أماكن جلوس جميع أفراد العائلة واحدا ًواحدا ً، و أين كان ينام السيد الفلاني ، و أين كان يدرس السيد الضحية الآخر و هكذا....

و في معرض تدوين و توثيق تلك الفترة القاسية من حياة هؤلاء الضحايا ، أخبرني بالحادثة التالية ، و بحضور عدد من الشهود من أفراد عائلة الحكيم المعتقلين الآخرين من أقربائه و زملائه في زنزانة المسلولين ، :

أن المجرم الكيمياوي المدعو علي بن حسن بن مجيد التكريتي قد زار سجن أبو غريب في يوم عيد الأضحى في الثمانينات ، و في عام 1984 بالتأكيد ، و لكنه لم ينس أنه في يوم عيد ، و كان المجرم يتجول بين الزنازين و القافات ، ليطلع على أحوال السجناء ، يوم العيد : نعم إنه يوم العيـــــــــــد ...

و ربما يتعجب القاريء انه يوم عيد الأضحى المبارك لنا، و الأسود على صدام وعلى جلاوزته و أتباعه و مؤيديه من الأعراب الذين ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا و لكن قولوا أسلمنا و لما يدخل الإيمان في قلوبكم 49 سورة الحجرات) .....

و كان المجرم الكيمياوي ، عندما يدخل أي قاف فإنه يأخذ بسب السجناء ، و ينال من أعراضهم و نسائهم ، و يكيل كلمات الفشار الهابطة و بأقذع و أفحش الكلمات ، و كان يقول للسجناء كلمات ٍ يعف فم الشريف من ذكرها مثل ( أنا …. أمك ، و اختك هي …. كذا ..الخ)

و هذا ليس غريبا ً منه فهي من سمات و أخلاق أعضاء حزب البعث الفاشي ، و لم يسلم منها كل من تقع عيناه عليه ، ( إلا افراد عائلة الحكيم حيث انه قبيل وصوله الى زنزانتهم ، همس مدير السجن بإذنه : بأن هؤلاء هم من إختصاص القصر الجمهوري ( و لا دخل لنا بهم و لا نقرر لهم أمرا ً ، و لا يحق لنا أن نتدخل في شؤونهم ، و لا حتى في نوعية أكلهم ، و لا مقابلة لهم مع عوائلهم … الخ) الا بأمر من الجهات العليا ...

و يذكرني هذا المشهد بالمجرم طارق عزيز الذي حدثني عنه أحد أعضاء الوفود العربية في الأمم المتحدة ، أن طارقا ًعند توجهه الى الأمم المتحدة ، أو في سفراته الخارجية ، فكان يجمع حوله الشلة من البعثيين و يلعب معه الورق، و يملأ مجالسه بكلمات الفشار الهابطة و ينال من زوجاتهم و إخواتهم ، و من هم على شاكلته ، و لا يجيبوه ، ببنت شفة ، حيث أنهم يخشون سطوته باعتبار قربه من الطاغية المعدوم.. صدام المجرم..

و كان مدير السجن و الجلاوزة المجرمون يحملون إضبارات السجناء الضحايا ( و يظهر أن الزيارة قد أعِدّ لها) ، و يعلم السجانون بذلك ، بدليل توفير الملفات عن كل سجين… خشية العقاب ، و خاصة وأن القادم من العائلة الحاكمة ، و من أقرباء الرئيس صدام المعدوم، و كان مديرا ً للأمن العام و قتها ، و عضوا ً في الحزب الفاشي ... كذا) ..

كان بمعيته المجرم حازم التكريتي مدير التوجيه السياسي في الشعبة الخامسة ، و المقدم دعيج ( و له عدة أسماء أخرى) و ربما أن إسم دعيج هو ليس إسمه الحقيقي...!! و يسير خلفة مجموعة من الضباط الآخرين الذين لا تُعرف أسماؤهم من قبل السجناء الأبرياء...

و كان المجرم الذليل ، يسأل عن كل سجين يلفت نظره ، وعن قضيته…

و صادف أن رآى شاباً يافعا ً في مقتبل العمر

فلفت نظره..

- من جاء به الى هذا السجن الرهيب و لماذا…؟

فاستدعاه… للمثول بين يديه..

و بسرعة فقد أعد السجان ملفه.. استعدادا ً للإجابة عن أي إستفسار ...

و لكن الزائر المجرم إلتفت الى الشاب و هو من أهالي محافظة بغداد ( و ربما يكون من مدينة الكاظمية) و قال له :

- من جاء بك الى هنا ؟

قال : سيدي انا محكوم بمقتضى المادة القانونية الفلانية ، وذكرها.

- سأله المجرم : و ما هي هذه المادة ؟

- أجاب الشاب : سيدي : الثرثرة

- سأله المجرم و ماذا يعني ذلك ؟

- قال الشاب : مكررا ً : سيدي الثرثرة

قال المجرم : وِلَك ْ ( بكسر الواو) و هي تعبير عراقي معروف كناية عن ويلك ...

- كول انت شمسوي ( أي قل ماذا عملت ) ؟

- قال سيدي انا قلت : هي هاي حرب القادسية يو ( أو) حرب عبود العربنجي !!

و يقصد الحرب التي شنها المجرم المعدوم على إيران ، و أدت الى مئات الألوف من الضحايا من الجانبين المسلمين خدمة للأمريكان و إسرائيل....

و هنا إنتفض المجرم الكيمياوي ... و عرف أن الضحية كان بتلك العبارة التهكمية المعبرة ، يستهزيء بالمجرم صدام المعدوم بالحق…

وقال : ولك ( اي ويلك)

تستهزيء بالرئيس ؟ كذا ….

سوف أُعَلِّمك بتشديد اللام ، و التفت الى مدير السجن ، و قال صعدوا الحكم عليه الى الأعلى…

و لما كان المسكين محكوما بالسجن المؤبد بسبب تلك الكلمة ( عبود العربنجي) ؟

فمن الطبيعي أن يكون الحكم الأعلى هو : الإعدام ...

و أعتقل الشاب في سجن أبو غريب… و شُدت يداه بالقيود... على الفور... و أقتيد الى غرفة الإعدام .... يوم العيد و شُــــنِق رحمة الله عليه... وسط حيرة و إضطراب و حزن السجناء و كان ذلك العيد … هو عيد الأضحى نعم يوم العيد ...

و يتذكر السيد رياض أن عراقياً آخر ، كرديا ً ، لا يعرف إسمه ، كان المجرم الكيمياوي قد شدد عليه الحكم كذلك و أعدمه ،

و قصته ببساطة : انه كان خريج انكلترا ، و يحمل شهادة محترمة ، و ربما كانت الدكتوراه في إختصاص نادر في العراق ، و عاد بنية خدمة بلده ، و لما لم يكن بعثياً و لا من الجحوش ، فقد عُين في شعبة الدواجن في إحدى الدوائر الرسمية التي لا تمت بإختصاصه بأية صلة..

وله صديق في انكلترة من حملة الشهادات العليا المثيلة ، كان قد طلب منه ان يخبره عن الوضع العلمي في العراق و التقدير الذي يلاقيه من الدولة ، و إمكانية العمل ضمن الإختصاص الذي يريده ، والذي يتلائم مع خبرته العالية ... فنصحه ، هاتفياُ ، هذا الضحية الكردي بعدم العودة ، فهو يعيش مع الدجاج و البط ... ...

فالتقط الجلاوزة المجرمون العاملون في إحدى الأجهزة الأمنية المكالمة َ الهاتفية ... فاعتُقـــِل الأستاذُ الكردي و حُكم عليه بالسجن المؤبد... و كان قريبا ً من زنزانة آل الحكيم...و قابله المجرم الكيمياوي كذلك، في يوم العيد و استفسر عن حكمه ، و بالطريقة المشابهة ، عرف المجرم أن هذا الأستاذ الذي هو من المفروض ان يُكرم و يستقطب ... لم يرتكب أية جريمة تُذكر ...سوى أنه نصح زميله في بريطانيا بعدم جدوى العودة للعراق ..

فاستشاط الكيمياوي غضبا.ً.. و نصب نفسه حاكما ً في السجن....و أمر برفع الحكم الصادر بحق الأستاذ الكردي ... إلى الإعدام و أقتيد الى المشنقة.... في يوم عيد الأضحى...و أستشهد ,,,

و يقول السيد رياض الحكيم ، و يؤيده المعتقلون الآخرون ، الشهود ...من آل الحكيم ، كالسيد محمود بن الشهيد السيد عبد المجيد الحكيم ، و السيد جعفر بن السيد محمد صادق الحكيم الذين كانوا حاضرين معه في هذه الحادثة المؤلمة :

إن الكيمياوي قد أعدم َ آخرين كذلك في السجن ممن لم تكن أحكامهم الشنق ، في يوم العيــــــــــد ، و لا يتذكر أسماء الضحايا... نظرا للظروف القمعية القاسية المفروضة عليهم ، و هم في قسم الأحكام الخاصة المعزولة سوى نتف من الأخبار تسري اليهم من المحكومين الآخرين ، و يتم ذلك في بعض الأحيان بالإشارات التي تدربوا عليها ، و ذلك بإخراج أيديهم من خلال القضبان الحديدية ، عند غياب السجانين القساة ، حتى أنهم تعلموا الكتابة بأصابعهم في الهواء ، فيلتقطها السجين في الطرف الآخر من الزنزانة الأخرى ، و يستغرق ذلك وقتا ًطويلاً لجمع الحروف بعضها بعض... !!

إن المسؤول عن إعدام ذلك الشاب العربي و الكردي و غيره في يوم العيد المذكور.. هو صدام المجرم ، و الكيمياوي التكريتي المقبور المُدان ، و من وشى بالضحية سواء ً من جلاوزة العاملين و المخبرين في أجهزة الأمن ، أو المخابرات ، أو الإستخبارات العسكرية ، أو الأمن القومي ، أو الأمن الخاص ، أو افراد الحزب الفاشي ، أو المنتمين الى المنظمات ( التي تسمى شعبية) ... و من حكم عليه بالإعدام و من شنقه ظلما ً و عدونا ً و كل من سمع بذلك فرضي به...

فكل هؤلاء ، و مؤيدوهم من الأجانب الغربيين ، و العرب الأجلاف يتحملون أوزار الضحايا من العراقيين و العراقيات عام 1963 ، و منذ عام 1968 حتى سقوط النظام عام 2003 ...

و أشكر الله الذي أبقاني حيا ً فرأيت بأم عيني مصير الطاغية المجرم و أخيه الجلاد و المجرم الفاسد

عواد حمد البندر ، كما شاهد جثة المجرم النتنة حوالي ألف مليـــــــــــــون إنسان في كافة أنحاء الأرض....

و هذا إحدى ثمرات الإعتصــام المســـتمر الذي وقفنا فيه ، و دام 333 أسبوعا و هو أطول إعتصام في تاريخ العراق

و العرب و المسلمين ، الذي كنا نطالب فيه : كحاكمة المجرم صدام ....

و كما سعدت مآقينا في رؤية أبنائه الفسقة عُراة ً ... مذبوحين ، عرايا ....

...

المصدر: تقرير عن قتل و اضطهاد مراجع الدين و طلاب الحوزة الدينية في بلد المقابر الجماعية " العراق"

في 3485 ، ثلاثة آلاف و اربعمائة و خمس و ثمانين صفحة . مطبوع في 4 أجزاء ...

و الى موضوع آخر هو ( ذكرياتي الشخصية عن المجرم برزان).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صاحب جواد الحكيم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/12/31



كتابة تعليق لموضوع : التكريتي شَنَق َ يوم عيد الأضــحى و التكريتي شُنِقَ يوم عيد الأضحى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net