صفحة الكاتب : مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية

الحكومة الجديدة ما بين الحزبية والاستقلالية
مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

علي مراد العبادي

إذا ما اجرينا مراجعة سريعة لبعض الانظمة ذات السلوك الديمقراطي فأول ما يجذب الانظار درجة بناء المؤسسات الرسمية وغير الرسمية وآلية تداول السلطة ودرجة التنافس والمشاركة السياسية، فضلاً عن رسوخ العمل الديمقراطي والذي غالباً ما تتولى الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع مهمة تثقيف الجمهور وزجه في العمل السياسي عبر ابداء الرأي والتفاعل مع الحدث وانتخاب الاصلح.

وهنا تبرز الاحزاب السياسية من خلال الادوار التي تتفاعل بموجبها سواء عبر اقناع الجمهور ببرامجها او الاستناد على الوقائع التاريخية من خلال خوضها للسلطة مسبقاً وبالتالي تستحضر بعض انجازاتها، وفي بعض الاحيان تتألف الاحزاب نتيجة لفكرة شخص او ان هذا الحزب يتبنى اسم او منهج هذا الشخص الذي قد يتصف بكاريزما معينة تمكن هذا الحزب من كسب ود جمهور شاسع وربما رحيل هذا المُلهم قد تطيح بالحزب او تشظيه، وتعمل الاحزاب السياسية على اساس التنافس فيما بينها والظفر بثقة الناخب واللجوء لتشكيل الحكومة سواء كانت من حزب واحد ام على شكل ائتلاف.

والهدف من المقدمة اعلاه ابراز دور الاحزاب السياسية في التحول الديمقراطي وتثقيف الجمهور وتصدير شخوص لدفة الحكم وايصال صوت الجمهور للجهات الحكومية، فظهور الاحزاب السياسية في العراق بعد 2003 كان ظاهرة ملازمة لاستكمال خطى التحول الديمقراطي، بالرغم من المعوقات كالتعددية المفرطة وغياب تنفيذ قانون الاحزاب قد حَرف الهدف عن مساره ومع ذلك فان تجربة الحكومات المتعاقبة قد افرزت نوعاً من التقدم البطيء في اعادة التحول الديمقراطي ليأخذ طابعه التدرجي.

ومع تشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة السيد عادل عبد المهدي والتي اختلفت عن سابقاتها من جوانب عدة في مقدمتها حيث أدت الى خروج رئاسة الحكومة من بوتقة حزب الدعوة، واختيار شخص يتمتع بنوع من الاستقلالية لرئاسة الوزراء فضلا عن وجود شبه اجماع من قبل الكتل السياسية وتوافق شيعي سني كردي وهو ما لم يحدث من قبل.

اما السؤال المحوري الذي يُطرح هو هل الحكومة مستقلة ام انها تكونت من الاحزاب؟ وما هي مديات وجود المحاصصة ما بين تشكيلاتها؟

الاجابة تحمل اوجه عدة فليس معيباً ان تتشكل السلطة من شخصيات حزبية فالأمر شائع في اغلب الدول الديمقراطية ان تنبثق الحكومة من جراء التنافس الحزبي والسياسي وما تفرزه الانتخابات يؤخذ به في تشكيل الحكومة سواء احادية او ائتلافية، ومن جانب آخر فإن موضوع الاستقلالية هو نسبي فالأغلبية وان كانت لا تنتمي لحزب معين الا انها تتأثر بشخص او حزب او جهة معينة، وهذا مما لا اشكال عليه ومعنى ذلك حتى وان تشكلت حكومة عبد المهدي ببعض التوزير الحزبي فهذا الامر طبيعي، في ظل نظام برلماني يقوم على اسس التعددية الحزبية والسياسية، والاصح هنا اختيار تكنوقراط سياسي نتيجة لأسباب عدة منها ان الوزير المستقل قد يكون اكثر تعرضاً من غيره للابتزاز السياسي او سحب الثقة او كثرة الاستدعاء والاستجواب من اجل تمرير ضغوط تلك الكتل السياسية، اضافة الى فقدانه للمساندة البرلمانية او للظهير التشريعي الساند لعمله.

اما موضوع المحاصصة فهي واقع حال لا يمكن الخروج منه الا في حالة تغيير النظام الانتخابي والاخذ بمبدأ الكتلة الاكبر التي تأخذ على عاتقها تشكيل الحكومة برمتها، والامر صعب نتيجة للواقع الديمغرافي الذي يحتم ان تُرسم الخارطة الانتخابية بنسب متفاوتة ومن قوى متفرقة، اضافة الى القانون الانتخابي وطريقة التصويت على رئيس الجمهورية بأغلبية الثلثين ومنح الثقة للحكومة بالنصف زائد واحد، ومعنى ذلك استحالة الخروج من المحاصصة مع توافر فرصة لتصحيح مسارها كما حصل مؤخراً من تحالف كتل عدة واختيار تكنوقراط سياسي وحصر التقاسم او المحاصصة فقط بأعلى الهرم على وفقك الكفاءة والنزاهة، وبهذا يمكن تجاوز بعض سلبياتها.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/12/29



كتابة تعليق لموضوع : الحكومة الجديدة ما بين الحزبية والاستقلالية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net