صفحة الكاتب : حسين فرحان

جمهورية أحزابستان..
حسين فرحان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 قد يكون إعلان تفوقنا على الصين تلك الامبراطورية العظمى - مع قوتها البشرية التي قاربت المليار والنصف - إعلانا مفرحا ومدعاة للسرور والفخر ، لكن ماينبغي معرفته قبل إتمام مراسيم الفرح هو الجانب الذي قهرنا به تنين الشرق .. هل هو تفوق عسكري .. رياضي .. تكنلوجي .. اقتصادي ؟ 
الجواب وبكل ثقة : ( كلا ) لأن هذا التفوق لايعنى بواحدة من هذه المفردات ، إنه وببساطة تفوق بعدد الأحزاب التي تملأ أروقة السياسة في بلدنا وتزدحم بسبب مقراتها ومواكب سياراتها شوارع مدننا وتضج بأصوات دعاتها قنواتنا وتختلط بأجنداتها الأوراق علينا ويلتبس الحق بالباطل بسبب كثرتها وتزاحمها وشعاراتها ..
نافسنا الصين بأحزابها الثمانية وانتصرنا فحصيلة فوضى الحكم عندنا بلغت مئتين وخمسين حزبا فرحت جميعها بما لديها ، فقضية تشكيل الحزب صارت مثل موضة الثياب والكماليات لها طلابها وروادها ولانغفل عن دواع أخرى يدفعنا لاستعراضها ( سوء الظن ) ويدفعنا لذكرها ما شاهدناه كمحصلة لمرض التحزب من دمار شامل حل بهذا البلد منذ ١٥ سنة مضت . 
قانون الاحزاب الذي تم إقراره يعتبر سببا في زيادة عدد الاحزاب  حيث يتيح لأي مجموعة تتكون من ٥٠٠ الى ٢٠٠٠ شخص تشكيل حزب أو حركة أو أي كيان سياسي شريطة أن يدفع مبلغ ٢٠ ألف دولار ويرفق نظامه الداخلي وبرنامجه ويكشف عن مصادر تمويله .  
القضية سهلة لكن أرجو أن لاتنتقل عدواها الى الشعب الصيني المسكين لأن بموجبها سيتم تشكيل آلاف الأحزاب وعندها سيباع سور الصين العظيم وتختفي حضارة الشعب في جيوب كتاب الأنظمة الداخلية .
للتعرف على مهزلة الإفراط الحزبي علينا أن نعقد مقارنة عددية فقط بين أحزابنا وأحزاب الدول المتقدمة إذ لامجال للمقارنة بين البرامج بل من الظلم عقد مثل هذه المقارنات .
 ففي بريطانيا العظمى ثلاثة احزاب سياسية رئيسية هي حزب  المحافظين و حزب العمال وحزب الديمقراطيين الليبراليين .
أما الولايات المتحدة الامريكية في الماضي والحاضر بلغت ثمانية أحزاب أهمها اليوم الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي .
وفي روسيا أربعة أحزاب ممثلة في مجلس الدوما وثلاثة مرخصة .
هذه أمثلة لدول عظمى لم تستمد قوتها وعظمتها من كثرة الأحزاب وقد بلغت مبلغها من النضج السياسي الذي لم تبلغ أحزابنا عشر معشاره لغاية اليوم ، فأحزابنا لاتهدف الى بناء مجد وطني بقدر ماتطمح لبناء أمجاد حزبية فئوية شخصية ضيقة ، فهي لاتنظر الى العراق بما هو .. إنها تنظر لمواطن الربح والخسارة وتنظر بعين هي أقرب للتجارة منها للسياسة والقيادة التي تضع نصب عينها ازدهار هذا البلد وتقدمه .
ولا لوم على أحد حين يعيش نوبات القلق وفوبيا الغرق ودوار البحر وهو ينظر الى سفينته تقاد بمائتين وخمسين دفة .

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسين فرحان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/12/05



كتابة تعليق لموضوع : جمهورية أحزابستان..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net