صفحة الكاتب : محمد السمناوي

الموت ومابعده في الديانات الثلاث(اليهودية، والمسيحية، والاسلامية) دراسة لاهوتية مقارنة
محمد السمناوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عند مراجعة الفكر الديني للأديان السماوية ــــ عند كل شعوب العالم ــــ التي لم تتعرض إلى تحريف وتزوير واخفاء للحقائق التي نشرها الأنبياء(عليه السلام) عبر سلسلة أدوراهم نجد أن مفهوم الموت والانتقال والجنة والنار والحساب والصراط لها أدبيات في موروثاتهم وكتبهم، فعند البحث والتحقيق عن مفهومي (الجنة والنار) في المعتقدات القديمة عند المصريين القدامى، حيث أمنوا بوجود الحياة ما بعد عالم الموت وبفكرة الخلود الأبدي وما تلك الرسومات والمقابر الفرعونية الكثيرة والمصادر المصرية القديمة إلاَّ وهي شاهدة على تلك الحقائق التي معظمها يتحدث عن الأخرة وحياة الفراعنة ما بعد هذه الحياة، بل كانوا يعبرون عن الموت بالحياة بقولهم المتوفى حيٌ يرزق، وان هذا السفر هو سفر الاحياء، ويمكن أن يقال أن المصري القديم طالما كان متفائلاً بالحياة السعيدة في الجنة، والذي يطلق عليه حوتب ( Sekket Hotep)، فعند التأمل في تراث المصريين القدامى تجد أن فكرة الجنة ونار الجحيم ترتبط بنمط حياة الإنسان مطلقاً على وجه الأرض، فمن كانت أفكاره أعماله وتصرفاته وسلوكه طيبة وزكية وصالحة فان مثواه الأخير يكون الجنة، بينما إذا كانت شريرة وسيئة كانت عاقبته النار والجحيم، هذا بعد أن يمر بمرحلة المحاكمة والمحاسبة التي من خلالها تقرير المصير الذي ينتظره هناك (1).
فالحياة إذا كانت مستقيمة فان الجزاء والاستحقاق المترتب على ذلك هو سعادة السماء والسلام لما فعله الصالحون فيها، بينما تدنيس الأشياء المقدسة هي من أكبر الخطايا في الفكر المصري القديم ويستحق على ذلك في الجحيم التدمير النهائي.
إن وصف الجنة في الكتب المقدسة يصفها من خلال العناصر البيئية كالأنهار والأشجار والثمار، وهذا ما نراه واضحاً في كل حضارات العالم كما هو موصوف عند شعوب الالتاييك في روسيا والاسكيمو والهنود الحمر، والآباتان في اسام والتيبت وغيرهم، بل القرآن الكريم استخدم نفس الاسلوب في توصيف الجنة من خلال الرموز البيئية، كما ان للجنة اسماء متعددة كسخت حوتب أو إيالو(ialou)، وجزيرة السعداء في متون الأهرام(2).
وفي وصف الجحيم ( النار) كما جاء في (كتاب الأبواب) في قسميه الثاني والسادس فيما يرتبط بعذاب المذنبين والأشرار من تقييدهم بحبال متينة وعقاب عظيم سيكون خالداً، كما يظهر المذنبين مربوطين في أعمدة مشدودين بها بقوة وعليهم حراسة شديدة لا يمكن لهم الفرار من أيدي الحراس ....(3).
أما في الفكر الديني الزرداشتي يظهر من خلال نصوصهم انهم كانوا يعتقدون بوجود الجنة والنعيم والنار والجحيم، كما أن بعض هذه المعتقدات تكون قريبة الشبه لما هو موجود في الفكر الإسلامي، بل إن هذه الاعتقادات هي ثابتة من آدم إلى ظهور القائم، وقيام الساعة، وقد سعى الأنبياء جميعاً في غرسها في نفوس اتباعهم من خلال اثارتهم لدفائن عقولهم (4).
في الفكر الديني اليهودي الذي لم ينحرف عن شريعة موسى (عليه السلام) ذكر الموت والجنة والنار والعقاب والجحيم سواء في توراة موسى أو التلمود(5)، كان موجوداً في أدبيات الفكر اليهودي الذي لم ينحرف عن تعاليم السماء الحقة (6)، وقد ورد في التوراة النص التالي: ( كثيرون من الراقدين في التراب يستيقظون بعضهم للحياة الأبدية وبعضهم للعار والرَّذل الأبدي)(7)، فعند أدنى تأمل في الايات التي ذكرت الواح موسى، وتعاليم شريعته يجد كلمة (كُلِّ شَيْءٍ) والتي منهاالجنة والنار والعقاب والجحيم، ففي قوله تعالى: (قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ) [سورة الأعراف/ الآية :144، 145].
وما نجده من تحاور بين نساء اليهود ونساء المسلمين في الجزيرة العربية يتبين لنا أن الجنة والنار هي ثابتة عند عامة اليهود فضلاً عن أحبارهم وكهنتهم ففي كتب العامة في أبواب الجنائز ذكروا هناك رواية في دخول أمراة يهودية على عائشة وتم ذكر الموت وعذاب القبر، ونقل ذلك إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واجاب ان ذلك حق(8).
ذكرت جنة عدن ونار جهنم في أدبيات التلمود، وقد خصص الفصل الحادي عشر لمطالب مرتبطة بعالم الآخرة وفي خاتمته ذكرت جهنم وجنة عدن، وذكرت بعض قصص الحاخامات فيما يخص معتقداتهم بالجنة والنار .
منها: عندما مرض الحاخام بن زكَّاي، جاء تلامذته لزيارته. وما أن رآهم حتى شرع بالبكاء ... فقالوا له: لماذا تبكي؟ . فقال لهم: كيف لا أبكي وأنا ممَّددٌ بحضور ملك ملك الملوك القدوس الواحد الممجد! .... ماذا أقول؟ ينفتح أمامي طريقان، طريق جنة عدن، وطريق جهنم، وأجهل أيَّاً منهما سيكون نصيبي كيف لا أبكي؟(9).
كما ذكروا أن لجهنم ثلاثة أبواب وسبع طبقات يتوزع عليهما الخبثاء بحسب درجة خبثهم، وتقع جهنم وسط مكان مظلم، فالأشرار أُناس ضالون وشياطين وجهنم هي الظلمات وأقوام الأشرار إلى جهنم(10)، [ وان روح بني البشر التي تصعد إلى العلاء وروح البهيمة الذي ينزل لى اأسفل الأرض](11)، ويراد منها قصد أرواح الأشرار التي تنزل إلى قعر جهنم(12)، كما أن في الجنة نهراً يخرج من عدن فيسقي الجنة ومن ثمَّ يتشعب فيصير أربعة رؤوس(13)، ومن يقبلهم الله في جنة عدن، موزعون كل واحد في القسم الذي يستحق الانتماء اليه،.... وسوف يعطى كل انسان صالح مسكناً متناسباً مع تكريم الواجب له(14).
ومن يراجع آراء وعقائد البابا غريغويوس الكبير( 593) يجد جملة من الاعتقادات في الموت والنار والجحيم الصغير في الأرض الذي تحترق فيه الأنفس كما جاء ذلك عند الفرق الكاثوليكية(15).
في العهد الجديد أعطيت الهاوية معنى جهنم، أي أرض اللعنات والرجاسات، وسكان العذاب الأبدي وسكان العقاب للخطاة، والهاوية كرمز لكل أنواع العقاب (16).
ومن ينظر في تراث الزرادشت وعقائدهم وأفكارهم يجد أن الاعتقاد بالجنة والنار والصراط والأرواح والموت والبعث والنشور وغيرها قريبة الشبه بالمعتقدات الإسلامية التي ذكرت في القرآن الكريم والسنة المطهرة، فهم يعتقدون بأن هناك قنطرة وهو الصراط ولا بد لأرواح الموتى بأجمعها أن تجتاز الصراط فالأرواح الطيبة تجتازها وتصل لى الجانب الآخر حيث تلقاها رحب بها فتاة عذراء ذات قوة وبهاء .... وأما الروح الخبيثة فلا تستطيع أن تجتاز الصراط فتتردى في درك من الجحيم يتناسب عمقه مع ما اقترفت من ذنوب.... فاذا كانت حسنات الإنسان ترجح على سيئاته قاسى عذاباً مؤقتاً يطهروه من الذنوب، وإذا كان قد ارتكب كثيراً من الخطايا ولكنه فعل بعض الخير، لم يلبث في العذاب إلاَّ اثنى عشر ألف عام يرفع بعدها إلى السماء.... ويومئذ تبدأ الأرواح الطيبة جميعها حياة جديدة في عالم خال من الشرور والظلام والآلام فيبعث الموتى، وتعود الحياة إلى الأجسام ، وتتردد فيها الأنفاس .... ويخلو العالم كله إلى أبد الدهر من الشيخوخة والموت والفساد والانحلال(17).
ناهيك عن الديانات والفرق الآخرى كالديانة الفيدية الهندية القديمة الذين يرون أن الروح بعد الموت تلاقي أما عذاباً أو نعيماً؛ فاما أن تكون في جهنم ذات السعير، وأما أن ترفع إلى الجنة حيث كل صنوف اللذائذ الأرضية قد كملت ودامت إلى أبد الآبدين(18) والبراهمة والهندوس وغيرهم خلافاً لاتباع غلام نبي التي انتشرت في لاهور الهندية الذين ذهبوا إلى انكار الجنة والنار وعالم البرزخ.
وللجنة والنار في المعتقدات الهندوسية اعتقاد بوجودهما في تراثهم وكتبهم المقدسة مثل الريغفيدا (Riq veda) والآثار فافيدا veda)ـــــــL Atharva( فعند انفصال الروح عن الجسد تتجه نحو محل اقامتها واستحقاقها في الجنة او الجحيم، وهذا يرتبط بالأعمال التي قدمها الإنسان أثناء تواجده في عالم الدنيا، فان كانت خيراً كان مصيره الجنة، وإن كانت شراً يقذف به في الجحيم، وقد ذكرت الكتب المقدسة عندهم حول صفات الجنة والنار والتي تكون شبيهة بما ذكر من الأوصاف عند الأديان الآخرى خصوصاً الإسلام(19).
أما في الامبراطورية السومرية في حضارة وادي الرافدين التي شكلت القبور المكتشفة عند التنقيب وفي مقدمتها ( مقبرة اور الملكية) دلائل واضحة على وجود فكرة الحياة الآخرى لديهم، إلاَّ أن تفصيل عن الحياة الآخرى وذكر الجنة والنار والبعث والصراط فقد جاءت مشوشة ومتناقضة، لكن الطقوس العبادية السومرية دلت على علاقة قوية بين المجتمع السومري والسماء من خلال تحصيل الطهارة وغسل اليدين ورفع اليدين إلى الالهة والابتهال لها من أجل طلب المغفرة.
إن النصوص الواردة في ملحمة كلكامش(20) تفيد بوجود عالم مابعد الموت: والذي يطلق عليه في أدبياتهم بالحجيم أو العالم السفلي، والذي يسيطر عليه الاله، والحياة الخالدة التي ذكرت بسياق معجم الالهة كما في اللوح الحادي عشر، وأن الموتى الذين يقيمون في الجحيم لا يقوون على التخلص منه... والموتى التعسون الذين امسوا شياطين ينوون الايقاع بالاحياء، وأن صاحبه الذي أحبه صار تراباً في قبره وأصبح جسمه يلتهمه الدود الآن كما لو كان لباساً خلقاً، وأن بعض الأرواح لاقرار لها في عالم الأموات، وأن من العالم الأسفل هو موضع الظلمة، كما إن تلك الملحمة فيها الكثير من الأسطر المفقودة والبعض الآخر لم يقدروا على ترجمته كونه تعرض إلى الخرم ولم تبقى له أجزاء واضحة تستحق الترجمة(21)، وهذا لا يعني أن السومريين لم يتصوروا محاكمة سماوية تجزي وتعاقب، فقد تحدثت الأدبيات السومرية كما يقول كرايمر: ( عن محاكمة يجريها إله الشمس وربة القمر للموتى)(22).
قال كلكامش:
( في مدينتي، يموت الرجل كسير القلب
يفنى الرجل حزين الفؤاد.
انظر من فوق السّور
فأرى الأجساد الميتة طافية في النهر
وأرى أنّي سأغدو مثلها)(23).
في هذه الأسطر يتضح أن كلكامش كان قلقاً في عالم أفكاره عن الخلود والمصير الذي ينتظره، وهذا شان الكثير ممن يفكر أين يكون منتهاه وعاقبته.
قال المتنبي:
على قلق كأن الريح تحتي تحركني يميناً أو شمالاً
أما في الإسلام فان المسلمين بكل فرقهم ومذاهبهم يعتقدون أن الجنة دار الثواب والجزاء لمن امتثل لأوامر الله تعالى في هذه الدينا، وادى حق الطاعة الذي حدد مركزه له الله تعالى، والنار هي دار العقاب للعاصين المذنبين الذين لم يحققوا الطاعة لله (سبحانه وتعالى)، فمنهم من يدخل النار فلا يكون خالداً فيها وهذا حال المسلمين الذين ارتكبوا المعاصي واصروا عليها، ومنهم من يكون خالداً فيها لمن ارتكب الكبائر وذهب إلى انها حلال وجائزة، خلافاً لمن ارتكبها وكان يعتقد بحرمتها فيكون فيها خالداً ينتظر باب الشفاعة .
عند الاستقراء في الآيات القرآنية للمفردات الواردة في الفقرة ( الجنة، النار، الساعة، والقبر، البعث والنشور) يجد انها وردت بكثرة وبتعابير والصيغ مختلفة، وكذا الحال في المجاميع الحديثية الواردة عن النبي الأكرم وعترته الهادية ( عليهم السلام) .
فقد وردت جهنم في القرآن الكريم في 72 مرة ، والجنة 54 مرة ، والنار 99، والساعة 34 ، والنشور في موردين، ومفردة البعث وردت في وردين، والقبور 5 مرات، وسوف يأتي الحديث عن كل مفردة من هذه الاعتقادات التي ذكرها الإمام علي (عليه السلام) في متن دعاء العشرات، والذي يزيد الدعاء قوة واعتباراً كونه مقتبساً من القرآن الكريم، ونحن نشير اليها على نحو الإجمال لا التفصيل .
أما الآيات التي ذكرت الجنة ونعيمها فاليك جملة منها :
قال تعالى: ( أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[ سورة الاحقاف/ الآية : 14].
وقال تعالى: ( أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ)[سورة الاحقاف/ الآية : 16].
وقال تعالى : ( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ) [سورة محمد / الآية 15].
وقال تعالى:) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ) [سورة ق/ الآية 31].
وقال تعالى : (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) [سورة النازعات/ الآية: 41].
قال تعالى : ( وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [سورة البقرة/ الآية : 25].
وقال تعالى : (لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ الله وَمَا عِنْدَ الله خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ) [سورة آل عمران/ الآية : 198].
وقال تعالى : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي الله الْمُتَّقِينَ) [سورة النحل / الآية : 31]. وغيرها من الآيات .
من أهم الأعمال التي تدخل الجنة، وتركها يوجب دخول النار هي محبة محمد وآله ، وهذه من أعظم النعم الالهية، كما أن بغضهم كفر في كما في بعض الروايات ونفاق ويوجب دخول النار، وهذه من الاعتقادات التي هي شعار الإسلام والمسلمين الذي تمسكت به الشيعة(24)، وإن تلبية هذه الدعوة من الله تعالى منتهاها إلى دخول الجنة، والاستجابة لدعوات أُخرى منتهاها إلى دخول النار ، وقد ورد في الدعاء : (وأَنَا حِينَئِذٍ مُوقِنٌ بِأَنَّ مُنْتَهَى دَعْوَتِكَ إِلَى الْجَنَّةِ ، ومُنْتَهَى دَعْوَتِه إِلَي النَّارِ )، ومن أوضح مصادق دعوة الحق المتعال هو وجوب محبة محمد وآله ــ ونعمة الله محمّد وأهل بيته ، حبّهم إيمان يدخل الجنّة ، وبغضهم كفر ونفاق يدخل النّارــ (25) .
فعن أبي جعفر (عليه السلام) ، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) : (حبي وحب أهل بيت ينافع في سبعة مواطن، أهوالهن عظيمة : عند الوفاة، وفي القبر، وعند النشور، وعند الكتاب، وعند الحساب وعند الميزان، وعند الصراط)(26).
وإن المرء في هذه الدنيا لن يخرج إلاَّ ويرى منزله واستحقاقه الآخروي في النشأة الاخرى إلى أين ؟ كما روي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من طرق العامة أنّه قال : ( لن يخرج أحدكم من الدنيا حتّى يعلم أين مصيره ، وحتّى يرى مقعده من الجنّة أو النار )(27).
وللجنة ذكر جميل في كلمات أهل البيت (عليهم السلام) فقد ورد في الكافي عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام) إنّي سمعتك وأنت تقول كلّ شيعتنا في الجنّة على ما كان منهم، قال : (صدقتك كلَّهم والله في الجنة) قال : قلت جعلت فداك إنّ الذّنوب كثيرة كبار، فقال : ( أمّا في القيامة فكلكم في الجنّة بشفاعة النّبي المطاع أو وصّي النبيّ ، ولكني والله أتخوّف عليكم في البرزخ، قلت : وما البرزخ ؟ قال : القبر منذ حين موته إلى يوم القيامة )(28) .
ومن دعاء الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام) لاهل الثغور : (واجْعَلِ الْجَنَّةَ نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ ، ولَوِّحْ مِنْهَا لأَبْصَارِهِمْ مَا أَعْدَدْتَ فِيهَا مِنْ مَسَاكِنِ الْخُلْدِ ومَنَازِلِ الْكَرَامَةِ والْحُورِ الْحِسَانِ والأَنْهَارِ الْمُطَّرِدَةِ بِأَنْوَاعِ الأَشْرِبَةِ والأَشْجَارِ الْمُتَدَلِّيَةِ بِصُنُوفِ الثَّمَرِ حَتَّى لَا يَهُمَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِالإِدْبَارِ ، ولَا يُحَدِّثَ نَفْسَه عَنْ قِرْنِه بِفِرَارٍ)(29).
إن الجنة لا يمكن تصور بما فيها في عقولنا وأفكارنا من خواطر وتصورات في عالم الذهن، وأن كل ما هو مذكور في هذا الباب عن تلك النشأة هو تقريب الصورة لتلك المشاهد فقد قال تعالى : (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة السجدة / الآية : 17]. أي: جميع ما لم يخطر على بال أحد، كما ورد النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: ( أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر )(30).
عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) ،أنه قال في خطبة الوداع : ( ومن ذرفت عيناه من خشية الله، كان له بكل قطرة من دموعه مثل جبل أحد، يكون في ميزانه من الأجر، وكان له بكل قطرة عين من الجنة، على حافيتها من المدائن ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ) (31).
قال الشاعر :
يَاحُسْنهم بِمَجالِس مِنْ لُؤلؤٍ يَتَطلعُونَ مِنَ العَلي للكَوثَرِ
قال السيد حيدر الصدر :
رضاك رضاك لا جنات عدن وهل عدن تطيب بلا رضاكا
وقال آخر :
وان شقيت يوماً فأنت نعيمها * إذا هب من قدس الجلال نسيمها
إذا ظمأت نفسي فإنك ريها * بأسمائك الحسنى أروح خاطري
أما نار جهنم وعذابها فقد ذكرت في كتاب الله العزيز في مجموعة كبيرة في الآيات الشريفة، وقد وردت في حق من يدخلها ومن يكون خالداً فيها وفي وصفها وما فيها من أهوال وغيرها من المشاهد والصور فمنها :
قال تعالى : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) [سورة البقرة/ الآية : 24].
وقال تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [سورة البقرة/ الآية : 39].
وقال تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ الله شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ( [سورة آل عمران/ الآية : 10].
وقال تعالى : (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ([سورة آل عمران / الآية : 16].
وقال تعالى : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا(سورة النساء/ الآية : 145]. وقال تعالى : ( فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ([سورة هود/ الآية : 106].
وقال تعالى : ) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ([سورة المؤمنون/ الآية : 104].
قال تعالى : ) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ([سورة السجدة/ الآية : 20].
وقال تعالى : ( وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ)[سورة غافر/ الآية : 49]. وغيرها من الآيات .

أما النشور الوارد في الفقرة فقد ذكر في القرآن في موردين : ـــ
قال تعالى: ( وَالله الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ)[ سورة فاطر/ الآية : 9].
وقال تعالى : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) [سورة الملك/ الآية : 15].
وفي الأخبار ما دل على كيفية النشور ولعل المراد بمطر النشور نفخة الصور الثانية التي تقوم بها الخلائق أحياء بعد فناء الجميع بالنفخة الأولى فان الله سبحانه وتعالى يرسل سحاباً فتمطر على أرض المحشر فينشر البشر ويخرج كما يخرج النبات من الأرض، وأكثر آيات المعاد والحشر والنشر في القرآن العزيز تشير إلى ذلك مثل قوله تعالى : (وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِك َالْخُرُوجُ)، وقوله: ( وَكَذَلِك َتُخْرَجُونَ)، وقوله:( كَذَلِك َالنُّشُورُ) إلى كثير من أمثالها . وفي الأدعية يوجد ما هو دال على أهمية الالتفات إلى تلك المشاهد سواء كانت مرتبطة بالموت أو النشور . واليك جملة من هذه الأدعية : ـــ
منها: دعاء النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم ) حين استيقاظه من نومه وقبل قيامه لصلاة الليل فيقول : (الحمد لله الذي أحيانا بعد مماتنا وإليه النشور وأعبده وأحمده وأشكره)(32).
عن أبي عبد الله ( عليه السلام) قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أوى إلى فراشه قال : (اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت ) فإذا قام من نومه قال: (الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني وإليه النشور)(33).
ورد في الدعاء : ( اللهم بك أحيا وبك أموت ، وإليك النشور ، وأنت على كل شيء قدير)(34) .
وفي التلمود : ( انظروا الآن انني انا هو ولا اله معي انا أُميت وأُحيي)(35).
ومن خطبة له (عليه السلام) الموسومة بالغراء ذكر فيها العديد من المطالب في الصفات والتقوى والموت والبعث ونشور الخلائق من قبورهم فقال( عليه السلام): ( حَتَّى إِذَا تَصَرَّمَتِ الأُمُورُ، وتَقَضَّتِ الدُّهُورُ وأَزِفَ النُّشُورُ(36)، أَخْرَجَهُمْ مِنْ ضَرَائِحِ الْقُبُورِ وأَوْكَارِ الطُّيُورِ ، وأَوْجِرَةِ السِّبَاعِ ومَطَارِحِ الْمَهَالِكِ سِرَاعاً إِلَى أَمْرِه، مُهْطِعِينَ إِلَى مَعَادِه رَعِيلًا صُمُوتاً قِيَاماً صُفُوفاً ، يَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ ويُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي عَلَيْهِمْ لَبُوسُ الِاسْتِكَانَةِ وضَرَعُ الِاسْتِسْلَامِ والذِّلَّةِ قَدْ ضَلَّتِ الْحِيَلُ وانْقَطَعَ الأَمَلُ وهَوَتِ الأَفْئِدَةُ كَاظِمَةً وخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ مُهَيْنِمَةً وأَلْجَمَ الْعَرَقُ وعَظُمَ الشَّفَقُ وأُرْعِدَتِ الأَسْمَاعُ لِزَبْرَةِ الدَّاعِي إِلَى فَصْلِ الْخِطَابِ ومُقَايَضَةِ الْجَزَاءِ - ونَكَالِ الْعِقَابِ ونَوَالِ الثَّوَابِ تنبيه الخلق عِبَادٌ مَخْلُوقُونَ اقْتِدَاراً ومَرْبُوبُونَ اقْتِسَاراً - ومَقْبُوضُونَ احْتِضَاراً ومُضَمَّنُونَ أَجْدَاثاً وكَائِنُونَ رُفَاتاً - ومَبْعُوثُونَ أَفْرَاداً ومَدِينُونَ جَزَاءً ومُمَيَّزُونَ حِسَاباً - قَدْ أُمْهِلُوا فِي طَلَبِ الْمَخْرَجِ وهُدُوا سَبِيلَ الْمَنْهَجِ - وعُمِّرُوا مَهَلَ الْمُسْتَعْتِبِ وكُشِفَتْ عَنْهُمْ سُدَفُ الرِّيَبِ - وخُلُّوا لِمِضْمَارِ الْجِيَادِ ورَوِيَّةِ الِارْتِيَادِ - وأَنَاةِ الْمُقْتَبِسِ الْمُرْتَادِ فِي مُدَّةِ الأَجَلِ ومُضْطَرَبِ الْمَهَلِ فضل التذكير فَيَا لَهَا أَمْثَالًا صَائِبَةً ومَوَاعِظَ شَافِيَةً - لَوْ صَادَفَتْ قُلُوباً زَاكِيَةً وأَسْمَاعاً وَاعِيَةً - وآرَاءً عَازِمَةً وأَلْبَاباً حَازِمَةً - فَاتَّقُوا الله تَقِيَّةَ مَنْ سَمِعَ فَخَشَعَ واقْتَرَفَ فَاعْتَرَفَ - ووَجِلَ فَعَمِلَ وحَاذَرَ فَبَادَرَ وأَيْقَنَ فَأَحْسَنَ وعُبِّرَ فَاعْتَبَرَ - وحُذِّرَ فَحَذِرَ وزُجِرَ فَازْدَجَرَ وأَجَابَ فَأَنَابَ ورَاجَعَ فَتَابَ واقْتَدَى فَاحْتَذَى وأُرِيَ فَرَأَى فَأَسْرَعَ طَالِباً ونَجَا هَارِباً فَأَفَادَ ذَخِيرَةً وأَطَابَ سَرِيرَةً وعَمَّرَ مَعَاداً واسْتَظْهَرَ زَاداً لِيَوْمِ رَحِيلِه ووَجْه سَبِيلِه وحَالِ حَاجَتِه ومَوْطِنِ فَاقَتِه وقَدَّمَ أَمَامَه لِدَارِ مُقَامِه - فَاتَّقُوا الله عِبَادَ الله جِهَةَ مَا خَلَقَكُمْ لَه واحْذَرُوا مِنْه كُنْه مَا حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِه واسْتَحِقُّوا مِنْه مَا أَعَدَّ لَكُمْ بِالتَّنَجُّزِ لِصِدْقِ مِيعَادِه - والْحَذَرِ مِنْ هَوْلِ مَعَادِه)(37).
إن مرحلة النشور تأتي بعد مرحلة الاحياء، وهو على قسمين أصغر وأكبر، والأول: يمكن الاستدلال به على النشور الأكبر، فالإحياء بعد موت النوم نشورأصغر، والثاني: النشور الأكبر الذي هو صورة أُخرى منه في نشاة مختلفة .
وفيما احتج به الإمام الصادق ( عليه السلام) على رجلٍ منكر للكثير من الاعتقادات التي تتضح من خلال عن جملة من المسائل التي سألها ومنها كيفية النشور فقال (عليه السلام) : فإذا كان حين البعث مطرت الأرض مطر النشور، فتربو الأرض ثم تمخضوا مخض السقاء، فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء، والزبد من اللبن إذا مخض، فيجتمع تراب كل قالب إلى قالبه، فينتقل بإذن الله القادر إلى حيث الروح، فتعود الصور بإذن المصور كهيئتها، وتلج الروح فيها، فإذا قد استوى لاينكر من نفسه شيئاً .
قال : فأخبرني عن الناس يحشرون يوم القيامة عراة؟
قال : بل يحشرون في أكفانهم .
قال : أنى لهم بالأكفان وقد بليت؟ !
قال : إن الذي أحيا أبدانهم جدد أكفانهم .
قال : فمنما تبل اكفن؟
قال : يستر الله عورته بما يشاء من عنده .
قال : أفيعرضون صفوفاً؟
قال(عليه السلام) : نعم . هم يومئذ عشرون ومائة ألف صف في عرض الأرض(38).
كما أن هناك أصنافاً سوف تحشر يوم القيامة على أشكال وصور مختلفة بحسب أعمالهم التي كانوا يعلمون بها في دار الدنيا، فقد روى صاحب المجمع عن النّبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه سئل عن هذه الآية فقال : يحشر عشرة أصناف من أمتي أشتاتا ، قد ميزهم الله من المسلمين ، وبدل صورهم بعضهم على صورة القردة ، وبعضهم على صورة الخنازير ، وبعضهم منكسون أرجلهم من فوق ، ووجوههم من تحت ، ثم يسحبون عليها ، وبعضهم عمي يترددون ، وبعضهم صم بكم لا يعقلون ، وبعضهم يمضغون ألسنتهم ، فيسيل القيح من أفواههم لعابا يتقذرهم أهل الجمع ، وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم ، وبعضهم مصلبون على جذوع من نار ، وبعضهم أشد نتنا من الجيف ، وبعضهم يلبسون جبابا سابغة من قطران ، لازقة بجلودهم . فأما الذين على صورة القردة فالقتات من الناس . وأما الذين على صورة الخنازير فأهل السحت . وأما المنكسون على رؤوسهم فأكلة الربا . والعمي : الجائرون في الحكم . والصم والبكم : المعجبون بأعمالهم . والذين يمضغون بألسنتهم فالعلماء والقضاة الذين خالف أعمالهم أقوالهم . والمقطعة أيديهم وأرجلهم : الذين يؤذون الجيران . والمصلبون على جذوع من نار فالسعاة بالناس إلى السلطان . والذين هم أشد نتنا من الجيف فالذين يتمتعون بالشهوات واللذات ، ويمنعون حق الله في أموالهم ، والذين يلبسون الجباب فأهل الفخر والخيلاء (39).
وعن أبي سعيد الخدري قال :سمعت رسول الله(صلى الله عليه وىله وسلم) يقول لعلي : ياعلي ابشر وبشر فليس على شيعتك حسرة عند الموت، ولا وحشة في القبور، ولا حزن يوم النشور، ولك أنيبهم يخرجون من جدث القبور ينفضون التراب عن رؤوسهم ولحاهم، يقولون : (الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب)(40).
في حديث طويل ذكره المحدّث الحراني عن النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم) حيث أشار إلى أن للموقن علامات، وما هذه الشهادات التي ذكرت في دعاء العشرات إلاَّ تاكيداً على هذا اليقين الذي يحمل الإنسان المؤمن في قلبه، فقد قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : ( وأما علامة الموقن فستة : أيقن بالله حقاً فآمن به وأيقن بأن الموت حق فحذره . وأيقن بأن البعث حق فخاف الفضيحة . وأيقن بأن الجنة حق فاشتاق إليها . وأيقن بأن النار حق فظهر سعيه للنجاة منها . وأيقن بأن الحساب حق فحاسب نفسه)(41) .

أما الآيات التي تحدثت عن القبور وبعثرتها فهي:ـ
النشور وبعثرة القبور قال تعالى: (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) [سورة الانفطار/ الآية : 4].
وقال تعالى: ( وَأَنَّ الله يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ)[ سورة الحج/ الآية : 7].
وقال تعالى : (أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ)[سورة العاديات / الآية : 9].
أما الآيتان الواردتان في البعث فهي : ــ
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) [سورة الحج/ الآية : 5] .
قال تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ الله إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[ سورة الروم/ الآية : 56].
أما الآيات التي وردت في الساعة واقترابها، وانها كلمح البصر أو أقرب من ذلك ، وانها حق ولا شك في موعد حصولها وتحققها في وقتها المعلوم القريب . نذكر بعضاً منها لكثرتها منها: ـــ
قال تعالى : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا)[ سورة النازعات / الآية :42].
وقال تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)[ سورة القمر/ الآية : 1].
وقال تعالى : (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ)[سورة القمر/ الآية : 46].
وقال تعالى : ( وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) [سورة الجاثية / الآية : 32].
وقال تعالى : (الله الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ)[ سورة الشورى/ الآية : 17،18].
وقال تعالى : ( فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ)[ سورة محمد/ الآية : 18].
وفي حديث طويل أيضّاً في عرض عقيدة السيد عبد العظيم الحسني على الإمام الجواد (عليه السلام) وتم ذكر مايعتقد من معتقدات وشهد بانها حق في محضر صاحب الشريعة في عصره وإليك نص هذه المعتقدات .
فعن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، قال : دخلت على سيدي علي بن محمد (عليه السلام) ، فلما بصر بي قال لي : مرحباً بك يا أبا القاسم أنت وليناً حقاً . قال : فقلت له : يا ابن رسول الله إني أريد أن أعرض عليك ديني ، فإن كان مرضياً أثبت عليه حتى ألقى الله (عزَّ وجلَّ) . فقال : هات يا أبا القاسم . قلت : إني أقول : إن الله تبارك وتعالى واحد ليس كمثله شيء ، خارج من الحدين حد الإبطال وحد التشبيه ، وأنه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر ، بل هو مجسم الأجسام ومصور الصور وخالق الأعراض والجواهر ، ورب كل شيء ومالكه وجاعله ومحدثه ، وأن محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين ، لا نبي بعده إلى يوم القيامة.
وأقول : إن الإمام والخليفة وولي الأمر بعده أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب ، ثم الحسن ، ثم الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم جعفر بن محمد ، ثم موسى بن جعفر ، ثم علي ابن موسى ، ثم محمد بن علي ، ثم أنت يا مولاي . فقال (عليه السلام): ومن بعدي الحسن ابني فكيف للناس للخلف من بعده ؟ قال : فقلت : وكيف ذلك يا مولاي ؟ قال : لا يرى شخصه ولا يحل ذكره باسمه حتى يخرج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً. قال : فقلت : أقررت وأقوله أن وليهم ولي الله وعدوهم عدو الله وطاعتهم طاعة الله [ ومبغضهم مبغض الله ] ومعصيتهم معصية الله ، وأقول : إن المعراج حق والمسائلة في القبر حق وأن الجنة حق والنار حق والصراط حق والميزان حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور، وأقول : إن الفرائض الواجبة بعد الولاية الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . فقال علي بن محمد (عليهما السلام) : يا أبا القاسم هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده ، فاثبت عليه ثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة(42).
ومن يواظب على هذه الشهادات الواردة التي وردت في دعاء العشرات، المروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) والتي هي أفكار سليمة من روح الإسلام، ويجعلها سلوكاً في حياته كان عمله وصنعه هذا شبيهاً بما عمله وصنعه السيد الحسني في اظهار معتقداته، وقد أقرها له الإمام الجواد (عليه السلام) بقوله : ( يا أبا القاسم ــ السيد عبد العظيم ـــ هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده ، فاثبت عليه ثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة)، فيحسن للمؤمن الموالي لأهل البيت (عليهم السلام) ان يختار الأدعية من هذا القبيل كما في دعاء العديلة ويقرأه في الأضرحة المقدسة ويجعلها على نحو الوديعة والأمانة وتكون عندهم (عليهم السلام) لسعاة الحاجة والشدة في وقت الاحتضار والقبر حيث يكل اللسان عن النطق من هول المطلع ، كيف لا يكونوا كذلك وهم الأمناء على أحكام الله تعالى، والمظهرين لامر الله ونهيه(43).
كما ان هذه متن الفقرة الواردة فيه فقد وردت في الأخبار الدالة على وجوب كتابة الوصية فقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : (من لم يحسن وصيته عند الموت كان نقصا في مروته وعقله قيل يا رسول الله : وكيف يوصى الميت ؟ قال : إذا حضرته الوفاة، واجتمع الناس إليه قال : اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة الرَّحمن الرَّحيم اللهم إني أعهد إليك في دار الدنيا اني اشهد أن لا إله إلاَّ أنت وحدك لا شريك لك ، وأن محمداً عبدك ورسولك وأن الجنة حق والنار حق وأن البعث حق والحساب حق والقدر والميزان حق وأن القرآن كما أنزلت وانك أنت الله الحق المبين جزى الله محمداً ( صلى الله عليه وآله وسلم) خير الجزاء، وحيا الله محمد بالسلام اللهم يا عدتي عند كربتي ، ويا صاحبي عند شدتي ويا وليي في نعمتي إلهي وإله آبائي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين فإنك ان تكلني إلى نفسي كنت أقرب من الشر وأبعد من الخير ، وآنس في القبر وحشتي ، واجعل لي عهداً يوم ألقاك منشوراً ثم يوصى بحاجته وتصديق هذه الوصية في القرآن في سورة التي ذكر فيها مريم في قوله : ( لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ) فهذا عهد الميت ، والوصية حق على كل مسلم أن يحفظ هذه الوصية ويعلمها .قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : علمنيها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقال : علمنيها جبرئيل (عليه السلام)(44).





المصادر والمراجع
ـــــــــــــــــــــــــ
1ـ جيمس، هنري بريستيد؛ فجر الضمير، ص 63- ص 87- ترجمة: د. سليم حسن، الهيئة المصرية للكتاب، سنة النشر: 1999م . وكذلك انظر: سيرج سونيرون، الكهان في مصر القديمة، ص4، ترجمة: عيسى طنوس، الطبعة: الأولى1994م - الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق . بوساحة أحمد، حقيقة الموت في نظر الديانات، ( الآخرة لدى الهندوس)، ص 164- ص 173، الطبعة: الأولى- الناشر : الانتشار العربي.
2ـ د. كارم؛ محمود عزيز، أساطير التوراة الكبرى، الطبعة : الأولى – دار الحصاد، سوريا، 1999م ص 137. وكذلك انظر : حقيقة الموت في نظر الديانات م. س ، ص 170.
3ـ ENEL, opcit, p303، وكذلك أنظر: حقيقة الموت في نظر الديانات، ص 172، ص 173.
4ـ في معتقدات المسلمين ( الشيعة) يرون أن الأنبياء جميعاً في العهد القديم والجديد كانوا لهم مهام كثيرة والتي منها اثارة دفائن العقول في عالم الافكار نحو حياة أفضل . انظر: خطبة الإمام علي بن ابي طالب () .
5ـ التلمود هو كتاب يشمل تعاليم الحاخاميين في (الأخلاق والآداب والدين والتقاليد والقضاء)، وقد جمعت من قبل الحاخام يوضاس في كتاب أسماه ( الميشنا)، وأُضيفت له شروحات وهوامش عبر التاريخ تم تدوينها في مدارسهم سواء في فلسطين أو بابل، وسميت بـ ( الجيمارا) لتشكل مع (الميشنا) التلمود .
6ـ انظر اليوم الاخر بين اليهودية والمسحية والاسلام ص 391 وكذلك انظر موسوعة الاديان يوسف عيد وفي الديانة المسيحية تيودول ري ومرمية نؤمن ص 457.
7ـ سفر دانيال [13/2]. التلمود عرض شامل للتلمود وتعاليم الحاخاميين حول: ( الأخلاق، الآداب، الدين، التقاليد، القضاء) آ. كوهن، دكتور في الفلسفة في جامعة لندن، وحاخام كنيس برمنغهام، ترجمة: جاك مارتي، مجاز من معهد الدراسات العليا، ومجاز في اللاهوت، ص 446- دار الخيال- نقله الى العربية د. سليم طنوس- الطبعة: الأولى – سنة : 2005م .
8ـ البخاري، باب الجنائز؛ ص 270، مسند أحمد ، مسند الدارمي، سنن الدارمي، فتح الباري، مشكل الآثار للطحاوي، فتح الباري لابن حجر وغيرها .
9ـ التلمود، م. س . ص 462.
10ـ مصدر سابق؛ ص: 467.
11ـ الجامعة[3، 31]، التلمود، ص: 465.
12ـ التلمود، ص:465.
13ـ التكوين [2، 10]، وكذلك : التلمود ص:470.
14ـ التلمود: ص 471.
15ـ الاعظمي؛ د. محمد ضياء الرحمن، دراسات في اليهودية والمسيحية واديان الهند، ص 469- 470 .
16ـ مجمع كنائس الشرقية .
17ـ . وِل وَايرْيل ديورَانت؛ قصة الحضارة: ج2 ص 434، 435، تقديم د. محي الدين صابر ــــ ترجمة : د. زكي نجيب محمود ــــ الناشر: دار الجيل للطبع والنشر والتوزيع ــــ بيروت . لبنان .
18ـ مصدر سابق: ج3 ص 34. الديانة اليهودية ج14، ص 21 . يراجع هذا المرجع .
19ـ بوساحة أحمد؛ حقيقة الموت في نظر الديانات، ( الآخرة لدى الهندوس)، ص 157- الطبعة: الاولى- الناشر : الانتشار العربي.
20ـ ملحمة كلكامش: عبارة عن قصيدة تتالف في اخر نسخة لها من اثني عشر لوحاً ( 3600سطراً) مكتوبة باللغة الأكادية وهي اللغة السَّامية الرَّئيسيَّة لبابل وآشور وقد تم اكتشافها في منتصف القرن التاسع عشر. أقول: من أراد المزيد من الاطلاع على هذه الملحمة فليقرأ ما كتب عنها من جملة من الباحثين والمحققين، واليكم بعض هذه الكتب 1- ملاحم كلكامش والإلياذة والاوديسة في الابداع والتشابه والدراما (دراسة مقارنة) د. عبد المطلب السّنيد.2- تقشير النص (قراءة في اسطورة انانا جلجامش وشجرة الخالوب) ناجح المعموري.3- المسكوت عنه في ملحمة جلجامش ، ناجح المعموري.4- ملحمة جلجامش . ن ك ساندرز- ترجمة: محمد نبيل نوفل، فاروق حافظ القاضي.5- ملحمة جلجامش والنص القرآني قراءة جديدة (تكشف عن مرموزات الملحمة وفضائية رحلاتها من خلال وحدة الشخصيتين جلجامش وذي القرنين على ضوء اللغة والعلم). تاليف: عالم سبيط النيلي، اعداد الرابطة القصدية.6- الجذور الشرقية للثقافة اليونانية.د عفيف فرّاج .
21ـ طه باقر؛ ملحمة كلكامش( قصص اخرى عن كلكامش والطوفان)، ص127، ص149، ص 152، ص 202 الطبعة: الخامسة 1986- دار المدى للثقافة والنشر.
22ـ عفيف فرّاح، (الجذور الشرقية للثقافة اليونانية)، ص 103، الطبعة: الاولى 2007م – دارالآداب – بيروت – لبنان .
23ـ راس السوّح، كلكامش ( دمشق: منشورات دار علاء الدين،1996م)، ص 249.
24ـ الصدوق، الاعتقادات في دين الإمامية، ص94، المتوفى(381هـ)- تحقيق : عصام عبد السيد- الطبعة : الثانية- سنة الطبع : 1414 - 1993 م- الناشر : دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت – لبنان.
25ـ في المجاميع الحديثية وردت روايات متواترة روتها (الخاصة والعامة) بألفاظ مختلفة وأسانيد شتى في أكثر كتب الحديث والتاريخ والتفسير ، منها : ما رواه الكليني في الكافي : ج4 / 159 ح 10 ، و ج 8 / 228 ح 280 بإسناده إلى أبي عبد الله ( عليه السلام)، مدينة المعاجز، السيد هاشم البحراني، ج6، ص142. وروتها مصنفات الحديث والتفاسير عند العامة كما في تفسير الطبري :ج 15 / 112 ، وتفسير الفخر الرازي : ج20 / 237 ، وتفسير القرطبي : ج10 / 283 ، وتاريخ بغداد : ج 3 / 343 ، وكنز العمال : ج 3 / 358.
26ـ الصدوق؛ الخصال: ص 360.
27ـ الغزالي؛ احياء علوم الدين : ج15، ص 131، دار الكتاب العربي.
28ـ الكليني؛ الكافي: ج3، ص 242.
29ـ الصحيفة السجادية: رقم الدعاء 27، ص126.
30ـ لمجلسي؛ بحار الأنوار: ج8، ص92.
31ـ النوري؛ مستدرك الوسائل: ج11، ص242- المتوفى( 1320هـ ) تحقيق : مؤسسة آل البيت () لإحياء التراث- الطبعة : الثانية- سنة الطبع : 1408 - 1988 م- الناشر : مؤسسة آل البيت (عليهم السلام ) لإحياء التراث - بيروت – لبنان.
32ـ البخاري مع الفتح 11/ 113 ومسلم 4/ 2083.
33ـ مصدر سابق .
34ـ الامام علي بن الحسين(عليه السلام) ، الصحيفة السجادية (ابطحي) : ص 281.
35ـ [تثنية الاشتراع 32/39] التلمود م . س ص 450. وفيه : سألت الملكة كليوباترة الحاخام مائير: فقالت : اعرف ان الاموات سيعودون للحياة، لأنه مكتوب: [ سيزهر البشر في المدينة مثل عشب الارض] [ مزمور 72/16] لكن عندما ينهضون خارج القبر هل سيكونون عراة ام يرتدون ثيابا؟ أجاب: يمكن تشبيههم بالقمح: تغرس حبة القمح عارية في الأرض، وتخرج منها سنبلة لابسة حلَّة جديدة بهية، فكم بالأحرى سيكون الشيء نفسه للصالحين الذين دفنوا وتغطيهم ثيابهم ! انظر التلمود نفس الصفحة . يوجد وجه تشاب وتقارب بين كلام الملكة وبين احتجاج الامام الصادق (عليه السلام) في مسالة الاكفان بعد عملية النشور وهذا يدل على ان اليهود الذين لم ينحرفوا عن شريعة موسى (عليه السلام) لهم تعاليم وآداب وافكار لاهوتية مقاربة لما هو موجود في الشريعة الاسلامية، خلافا لفكر الصهاينة المنحرفين عن تعاليم الانبياء .
36ـ أشارة الى الدنو والقرب لساعة الاحياء بعد عملية الاماتة الحاصلة من الله تعالى.
37ـ خطب الإمام علي؛ نهج البلاغة: ص110، تحقيق: صبحي الصالح، الطبعة: الأولى ـ سنة الطبعة 1387ـ 1967م .
38ـ الطبرسي، الاحتجاج، ج2، ص 98، المتوفى ( 548هـ ) - تحقيق : تعليق وملاحظات: السيد محمد باقر الخرسان- سنة الطبع : 1386 - 1966 م- الناشر : دار النعمان للطباعة والنشر - النجف الأشرف.
39ـ الطبرسي؛ تفسير مجمع البيان: ج10، ص 242. الطبعة: الأولى ، سنة الطبع: 1415هـ ـ 1995م . دار الأعلمي بيروت ـ لبنان.
41ـ المجلسي؛ بحار الأنوار: ج7، ص198.
41ـ الحراني؛ ابن شعبة، تحف العقول عن آل الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم) ص، 21. المتوفى ( ق 4) تحقيق : تصحيح وتعليق : علي أكبر الغفاري- الطبعة : الثانية- سنة الطبع : 1404 - 1363 ش- الناشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
42ـ القمي، الخزاز، كفاية الاثر، ص 288- الكتاب : كفاية الأثر- المتوفى(400هـ)- تحقيق : السيد عبد اللطيف الحسيني الكوهكمري الخوئي سنة الطبع : 1401- المطبعة : الخيام – قم - الناشر : انتشارات بيدار.
43ـ العديلة هو العدول من الحق إلى الباطل لحظات الاحتضار بأن يحضر الشيطان عند المحتضر ويوسوس في فكره أو صدره ويجعله يشك في دينه فيستل الإيمان من قلبه ولهذا وردت الاستعاذة منها في الدعوات. كما يعتبر دعاء العديلة من الأدعية المهمة التي فيها العديد من المطالب الاعتقادية ومباحث التوحيد ومن المعلوم ان الأدعية والزيارات فيها العديد من العقائد الحقة التي تنطوي على خلاصة عقائد أهل بيت العصمة والطهارة، وان الفائدة تكمن في المعاني وليس في ألفاظها أي أن روح الدعاء والزيارة في عالم المعاني وليس بالألفاظ كما أن الألفاظ فيها تحصيل الثواب والبركة. دعاء العديلة من الأدعية المأثورة عن أقلام فطاحل العلماء وليست من إنشاء أهل البيت (عليهم السلام) . قال فخر المحققين (رحمه الله) من أراد أن يسلم من العديلة فليستحضر الإيمان بأدلتها والأصول الخمسة ببراهينها القطعية بخلوص وصفاء وليودعها الله تعالى ليردها إليه في ساعة الاحتضار بأن يقول بعد استحضار عقائده الحقة ( اللهم يا أرحم الراحمين إني قد أودعتك يقني هذا وثبات ديني وأنت خير مستودع وقد أمرتنا بحفظ الودائع فرده علي وقت حضور موتي). وقد استفدت شخصياً من أحد الافاضل في مدينة قم المقدسة حيث قال ينبغي لنا كأتباع أهل البيت نفعل كما فعل الشاه عبد العظيم الحسني عندما عرض عقائده على الإمام الرضا (عليه السلام) وأقرها له وهو أن نقوم بقراءة دعاء العديلة عند مراقد أهل البيت (عليهم السلام) ونجعله شاهداً وأميناً على هذه العقائد ونطلب منه أن يرجعها ألينا في وقت الاحتضار فهم أمناء الله على حلاله وحرامه وأمناء الله في أرضه وسمائه. انظر مقالة بعنوان ( خاطرة في دعاء العديلة) للمؤلف في موقع كتابات في الميزان http://kitabat.info/subject.php?id=36168.
44ـ النيسابوري؛ الفتال، روضة الواعظين، ص 483- المتوفى( 508هـ ) - تحقيق : تقديم : السيد محمد مهدي السيد حسن الخرسان- الناشر : منشورات الشريف الرضي – قم.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد السمناوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/11/19



كتابة تعليق لموضوع : الموت ومابعده في الديانات الثلاث(اليهودية، والمسيحية، والاسلامية) دراسة لاهوتية مقارنة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net