صفحة الكاتب : صالح المحنه

إنتفاضة الشعب العراقي عام 1991 في ميزان قادة العراق الجديد
صالح المحنه

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في آذار/شعبان 1991 أنطلقت أنتفاضة الشعب العراقي ضد نظام البعث ،إنطلقت لتكسر حاجز الأرهاب، والخوف ، والرعب الصدامي، الذي فرضه على شعب العراق عشرات السنين، أزاحت رماد الصمت ،فأطلقت العنان لنيران الثورةِ والغضبِ الشعبي المتراكم في صدور الشباب،لتُحْرِقَ بسنا لهيبها رؤوس النفاق والحقد والتغطرس البعثي،إنطلقت ثورة الشعب من الشعب في داخل العراق لابوحيٍّ خارجي كما يلوّح بذلك بعض المروجين لهذا الرأي،إنطلقت بقرار من شباب العراق، بكامل ارادتهم وبهمتهم، بعفويتهم البعيدة عن التخندق الحزبي،في تظاهرةٍ مسلحةٍ يعلو فيها لأول مرّة صوت الشعب على صوت الجلاد، ولأول مرّة يلتفت العالم الى ذلك الصوت ، ويؤمن بأن هناك شعبٌ وهناك رأيٌ معارضٌ لنظام صدام، بعد أن كان لا يُعير إهتماما لصرخات الشعب العراقي ،ولا استغاثة الضحايا ،كان يتجاهل خطابات المعارضة العراقية، ولا يصدّق دعواتها وإدعائها ،بل كان يتفاعل مع إعلام النظام البعثي،وإعلام المنظومة العربية للنفاق والتطبيل، التي كانت تزيّن جنون الطاغية وتحول جرائمه الى دفاع مقدس عن شرف العروبة،وتجعل من الضحية جلاداً وتحول الجلاد الى ضحية،هذا هو منطق الأعلام العربي ومنهجه المنحاز الى نظام صدام، قبل إنطلاق الأنتفاضة لم يكن لدى المعارضة العراقية بكافة فصائلها، أي عنصرٍ وأي مقوّمٍ من مقومات وعناصر القوة، لتفرض حضورها في المجتمع الدولي،إن يقولوا لاأحد يسمع لقولهم ، وإن يستصرخوا لايجيبهم أحدٌ،لأنهم لايملكون السبل والحج الواضحة التي تدلّ على أن الشعب بأغلبه ضد النظام، وليس لديهم الوسائل الأعلامية التي تنقل للعالم حقيقة وضع الشعب في الداخل، سوى بعض الصحف المحلية التي لايتعامل معها الرأي العام الدولي،ولكن الله قد أكرمهم بوضعٍ جديدٍ بعد إنتفاضة الشعب ولجوء مئات الآلاف من الثوار الى دول الجوار،حينها تكشّفت أسرار النظام وبانت حقيقته المخجلة، بعد أن هدّم الثوار جدار الأعلام المزيف، وشرعوا في فضح سياساته وجرائمه،أطلع العالم بشكل لايقبل التأويل ولا التضليل،على وجه النظام الحقيقي الذي كان يتستر عليه الأعلام العربي المأجور والذي كان يتقاضى المليارات من أموال الشعب العراقي، مئات الآلاف من اللاجئين العراقيين إنتشروا في مخيمات اللجوء في الدول المجاورة للعراق،ومع كل لاجيء قصةٌ تسجل وصمة عار في جبين البعثيين، الذين فشلوا فشلا ذريعا في حكم العراق،أما المعارضون القدامى الذين كان يتجاهلهم العالم ولا يعترف بهم ،قد أرتفعت أصواتهم،وبدأت وسائل الأعلام العالمية تلاحقهم ليدلوا بأي تصريح أو رأي يخص علاقته بالثوار والثورة،وكان هذا الأمر يفرحنا نحن المنتفضين ،لأننا لا ننتمي لفئة حزبية أو نؤيدها دون أخرى كنا نحترم الجميع نحترم المعارضة بكل فصائلها هذا اولا،وثانيا كان كل همنا إسقاط النظام وعودتنا الى بلدنا واهلنا ،لم نكن قد تعرفنا بعد على الخبث السياسي ولاالمصلحة الفئوية والحزبية، صفقنا للكل وشجعنا الكل وهتفنا للكل بكل سذاجة وعفوية وإخلاص،كاخلاصنا في الإنتفاضة،  كان يجمعنا فيها هدف واحد هو إسقاط النظام ، دون التفكير بمن يقود ومن يحكم؟كان هذا هو حلمنا وتفكيرنا وبساطة أهدافنا وبراءة نوايانا وأملنا في المعارضة بأن تكون مخلصة في نواياها وصادقة في وحدة هدفها، ولكن بعيدا عنا خارج الأسوار والأشباك التي كانت تلتف حولنا، كانت هناك معارك ومساومات ومزايدات على معاناتنا ، كان حلم المعارضين لايشبه حلمنا ،صراعات واختلافات والكل يدعي الوصل بالإنتفاضة، بل قيادتها وتأجيجها ووالخ،إنتفخت أوداجهم وتمددت أحلامهم ، بعد أن كان حلم احدهم لايتعدى الحصول على مكان آمن في دولة ما لتحميه من بطش النظام ،أصبحوا بعد الأنتفاضة ،مرحبٌ بهم في دولٍ شتى لأقامة مأتمراتهم ولقاءاتهم،وأصبح لهم حضورٌ عالمي وأخذت أسمائهم تتردد في وسائل الأعلام العالمية،أي بمعنى أن الأنتفاضة نفضت عنهم غبار السنين العجاف ، وألقت بهم الى عالم السياسة الواسع، وجعلت منهم فرساناً للفضائيات والصحف العالمية ،وحرّكت ملف القضية العراقية وملاحقة النظام دولياً، وقد أشار الراحل السيد محمد باقر الحكيم رحمه الله الى هذا الأمر بقوله (أن ملف القضية العراقية قبل الأنتفاضة كان مركونا على الرف وبعد الأنتفاضة أصبح على الطاولة الدولية وأصبح لنا حضورٌ في المحافل الدولية ) اما الشيخ محمد باقر الناصري فلقد قال لنا اثناء زيارته الى مخيم رفحاء بعد الإنتفاضة أستطعنا ان نرفع رؤوسنا أمام الشعوب الأخرى ،وقطعاً لولا التضحيات الجسيمة ومواقف ابناء الشعب وحملهم السلاح ودك قلاع وحصون النظام التي أُسست على دماء العراقيين،ماتحقق ذلك الأنجاز،ولم تُفتح تلك الآفاق لأركان المعارضة العراقية،ولقد كانت الإنتفاضة وبطولات الثوار محل شاهد ودليل إثبات على مواقف الشعب العراقي في معارضته لنظام صدام،بل هي خير مؤونة للمتحدثين  المعارضين الأسلاميين منهم بالخصوص في كل محفل دولي، وهي موضع فخر وإعتزاز لديهم..وبعد إعادة إستيطان قسم كبير من ابناء الإنتفاضة في الدول الغربية، وكان العدد الأكبر في الولايات المتحدة الأمريكية ، بدأ دورٌ جديد ومهم لهم في هذه الدول ، وأصبحوا موضع اهتمام لوسائل الأعلام ، وبشكل اكثر إنتشارا واهتماما من ذي قبل ،وأيضاً أُستثمروا من جديد من قبل المعارضين الأوفياء ، وبدأت مرحلة جديدة من التعامل معهم وفق ما تفرضه الظروف السياسية ، فكانت التظاهرات هذه المرّة سلاحا مهماً في محاربة النظام،وأستمر هذا التقليد وهذا التمسك الوثيق بمواقف الثوار البطولية وذكر مناقبهم حتى عام2002،ولكن بعد أن تأكد المعارضون من حتمية سقوط النظام بواسطة القوى الأمريكية، بدأ التعامل مع ابناء الأنتفاضة يتغير ،وبدأت الأجندة الحزبية وضحايا وتضحيات الحزبيين تطفو على سطح المعادلات الجديدة،تراجع الثوار الأشداء من أول القائمة الى ذيلها،في مؤتمر لندن 13/كانون اول/2002 غيبت تماما الأنتفاضة وأبناءها بعد ان بدأت القسمة،وأستبدلت بأسماء مغمورة من معارضين ليس لهم أثرٌ يُذكر في قاموس السياسة والمعارضة،ثم أستمرًّ التهميش والجحودالى مابعد السقوط،وتقريبا جميع السياسيين الذين تناوبوا على السلطة  ولازال البعض منهم فيها وعلى رأسها ، جميعهم إستجاروا بأبناء الأنتفاضة ، في المخيمات وفي دول اللجوء،ومابخلوا عليهم بشيء ممايملكون،معنويا وماديا،اليوم وبعد مرور تسع سنوات على سقوط النظام، لايُشار الى ابناء الأنتفاضة كما كانوا قبل السقوط،اليوم يتصدقون عليهم بأضافتهم الى المهجرين،أو متضررين كالأرامل والأيتام،وفي أحسن أحوالهم ضحايا النظام السابق وللأسف بعض المنتفضين رفعوا هذا الشعار ايضا،والبعض الآخر يقاتل على أن يشمل بقانون السجناء السياسيين،مادياً لاضير في ذلك ، ولكن لماذا أُسقطت بل أنتزعت صفة الثائر من الذي إنتفض على أقذر نظام عرفه التأريخ؟ ليلقى به في حقل الأرامل وألأيتام؟أكثيرٌ عليهم أن تأسس لهم هيأة خاصة بهم أومؤسسة تعنى بشؤونهم كالمحاربين القدامى وغيرهم ممن خدم هذا البلد؟ربما يردُّ بعضهم ويقول أنكم لم تتوحدوا ولم تسعوا طيلة السنوات الطويلة التي مرّت؟أقول مع قلة الخبرة السياسية وجهلنا بحيلها،لكنّا وهذا رأي الكثير آثرنا الصبر والأنتظارعلى أن نربك الساحة بمكون هنا ومكون هناك ولربما هذا التصور خاطيء في مذهب السياسيين؟هذا أولا ...وثانيا قد بالغنا في حسن الظن في أخوة العقيدة...ولعله الخطأ الثاني، كان أملنا أن يبادرَ السياسيون الذين قطفوا ثمار الإنتفاضة الى تأسيس هيأةً تتابع ملفاتهم وتتدبر شؤونهم، ولكن ليس في الأفق شيءٌ من هذا ولاذاك...والأمر متروك بعد هذا الأهمال الحكومي إلى أبناء الإنتفاضة أن لايتراجعوا ويتنازلوا عن حقوقهم التأريخية....
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صالح المحنه
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/12/31



كتابة تعليق لموضوع : إنتفاضة الشعب العراقي عام 1991 في ميزان قادة العراق الجديد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : ابوعلي الساعدي ، في 2012/01/05 .

شكرالك يا ابو مصطفى لقد وضعت النقاط على الحروف ولكن اذا ناديت حيا ولكن لاحياء لمن تنادي ان ابناء انتفاضة الشعب في اذار 1991 المقدسه والمستقله يستحقون الاكثر منذالك وهم فخرا وشرفا الى كل عراقي وطني غيور وحر وشريف وان صح التعبير ابناء الانتفاضه شرف ووسام على جبين كل عراقي ولس بمثل ما قاله المالكي وبدون خجل ولا حياء ولا شعور با المسؤليه خليهم ويا الارامل والايتام والمهجرين ونحنوا نقول له لاء والف لاء نحنوا احرار العراق ولولا نحنوا ابناء انتفا ضة اذار المقدسه في 1991 لم تكن انته وحزبك متربعين على مقدرات العراقيين التي ابحتها للسلب والنهب والرقص على جروح شرفاء العراق العيارى وعلى رئسهم ابناء معتقلات رفحاء والارطاويه الكرام الذين صبور عليك كثيرا ولكن اليوم لقد طفح الكيل ولاتتصور ان حق ابناء المقابر الجماعيه المشردين في المنافي في كافة بقاع الارض هؤلا ابناء ثورة الربيع العري الاولى ولتي سحقت الرؤس العفنه من مجرمي البعث الكافر وعلى رئسهم هدام العراق قادرون ايعملو الاكثر ولكن صبرا وان الله مع الصابرين شكرا لك يا سيدنا الجليل صالح المحنه على هذه الحقيقه المنسيه




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net