صفحة الكاتب : مركز المستقبل للدراسات والبحوث

مستقبل مجلس التعاون الخليجي في ظل الأزمة الخليجية-الخليجية
مركز المستقبل للدراسات والبحوث

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ميثاق مناحي العيساوي/مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية

كثير ما نسمع اليوم بمفهوم الأمن الجماعي، الذي يعد من المفاهيم التقليدية الجديدة في رسم خارطة التعاون السياسي والاقتصادي والأمني بين مجموعة دول، وإرساء دعائم الأمن الجماعي لأعضائه.

إن منظمة مجلس التعاون الخليجي التي أسست في العام 1981 تعود فكرتها الأولى إلى هذا المفهوم؛ وذلك من أجل درء ومواجهة مخاطر الحرب العراقية - الإيرانية التي اندلعت في العام 1980، وكان الغرض منه إرساء التعاون السياسي والإقتصادي بين دول الخليج، ومواجهة التحديات الأمنية والعسكرية التي من شأنها أن تّعرض أمن الخليج ووحدته إلى خطر.

وعلى الرغم من أن المجلس لم يرتقي إلى مستوى الطموح كمنظمة اقتصادية وسياسية وأمنية مشتركة بين دول الخليج، ولم يكن له دور فاعل وكبير في تسوية الخلافات الخليجية – الخليجية والخليجية - العربية المستمرة منذ عقود، إلا أن تجّدد الصراع الخليجي – الخليجي على الساحة العربية، ربما يطيح بهذا المجلس إلى الأبد. فكيف سيكون مستقبل مجلس التعاون الخليجي في ظل تجدد الصراع والتنافس بين أقطابه الرئيسة على الساحتين الخليجية والعربية؟

إن المتتبع للأزمة الخليجية الحالية بين أقطاب مجلس التعاون الخليجي مؤخراً، يستشف بأنها ليست أزمة جديدة بل هي أزمة متجذرة تعود بوادرها الأولى إلى نشأة الدويلات أو الأمارات الخليجية في المنطقة، وأن أغلب أسبابها تعود إلى الطبيعة القبلية للأّسر الخليجية الحاكمة لتلك الدويلات، فتارةً كانت الخلافات بسبب الإختلاف الأسري بين الأسر الحاكمة حول الزعامة والقيادة، وتارة أخرى تعود لأسباب تتعلق بالحدود بين الدول الخليجية المتاخمة بعضها للبعض الآخر.

وعلى الرغم من أن طبيعة الخلافات السابقة بين دول الخليج لم ترتقي إلى مفهوم الأزمة بالمعنى الدقيق للكلمة، إلا أن الإختلاف السياسي والإيديولوجي وصراع النفوذ بين السعودية وقطر مؤخراً، فاقم الوضع السياسي الخليجي وأدى إلى تأزيم الوضع بشكله الحالي، وهذا بدوره أنعكس سلباً على العلاقات الخليجية – الخليجية بشكل عام، وأدى إلى تجدد الخلافات بين دول مجلس التعاون الخليجي، وجدد الصراع القديم الجديد بين السعودية وحلفائها (الأمارات والبحرين) من جهة وقطر من جهة أخرى. إن الأزمة الخليجية الحالية كانت بوادرها الأولى في العام 2014، عندما قررت السعودية وبعض حلفائها الخليجيين سحب سفرائهما من قطر، ومن ثم تصاعدت الأزمة بشكل غير مسبوق عندما قررت السعودية والبحرين والإمارات يوم الاثنين 5 يونيو/حزيران 2017، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، في خطوة أكثر حدة من تلك التي اتخذتها في العام 2014 عندما سحبت الدول الثلاثة سفراءها من الدوحة، وقاطعتها دبلوماسياً وسياسياً وإقتصادياً.

إن الخلافات والصراعات السياسية بين أعمدة مجلس التعاون الخليجي، لاسيما الإختلاف المستمر لدول المجلس مع قطر، قد يكون أمراً طبيعياً بالنسبة للمجلس كمنظمة دولية تشاركية، إلا أن الخلاف الحالي ربما يقوض أركان هذا المجلس ويهدد مستقبله السياسي؛ وذلك بسبب الطبيعة الإيديولوجية التي غذت الصراع القطري الحالي بالضد من السعودية ومحورها الخليجي متمثلاً بـ(الامارات والبحرين)، لاسيما مع بقاء دولتي الكويت وسلطنة عُمان على الحياد. وبالتالي من الممكن أن يؤدي هذا الخلاف إلى إحدى السيناريوهات الآتية:

أولاً: بقاء المجلس بشكله الحالي مع احتفاظ كل دولة من دول الخليج بعضويتها بشكل رمزي، بغض النظر عن حجم الخلاف بين دول الخليج؛ ذلك لأن المجلس يعد منظمة دولية تقوم على مجموع دول وليس على دولة دون أخرى، بمعنى ليس هناك سلطة لدولة معينة داخل المجلس أكبر من الأخرى، وبالتالي من الممكن أن يحتفظ مجلس التعاون الخليجي برمزيته السياسية والإقتصادية كمنظمة إقليمية وكواجهة سياسية لدول الخليج.

ثانياً: ربما تنجح الوساطة والمساعي الحميدة التي تقوم بها بعض الدول الخليجية والعربية مثل الكويت وعُمان والأردن أو تلك التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية من أجل تقريب وجهات النظر بين السعودية والبحرين والإمارات من جهة وبين قطر من جهة أخرى؛ لحل الأزمة الحالية. وهذا يعني بقاء مجلس التعاون الخليجي كمظلة بروتوكولية ترمز لوحدة خليجية، لاسيما وأن الرغبة الأمريكية ترجح بقاء المجلس كمنظمة شكلية وليست فعلية، وتريد الحفاظ على الوحدة الخليجية بالضد من التطلعات الإيرانية في المنطقة.

ثالثاً: تفكيك المجلس وانقسامه إلى عدة محاور. إن بقاء الأزمة الخليجية على حالها دون حل لتقريب وجهات النظر بين المتخاصمين، سيفاقم من حجم الأزمة، وهذا من شأنه أن ينعكس سلباً على مواقف بعض الدول الخليجية المحايدة كالكويت وعُمان وعلى مستقبل مجلس التعاون الخليجي أيضاً، وهذا ربما يساهم في تفكيك المجلس؛ نتيجة لتجذر الخلاف الخليجي وتغييب الحلول، أو ربما ينقسم المجلس بين محور سعودي يضم (السعودية والإمارات والبحرين) ومحور قطري يضم (قطر وعُمان) القريبتان نوعاً ما من طهران، وربما يضم المحور الأول أيضاً دول عربية كمصر والأردن، لاسيما وأن السعودية والإمارات أعلنتا منذ صبيحة إنعقاد القمة الخليجية الأخيرة تشكيل لجنة للتعاون (العسكري والسياسي والإقتصادي والإعلامي، والثّقافي) بين البلدين.

وهذا ربما يشكل نواة مجلس بديل عن مجلس التعاون الخليجي. هذا السيناريو ربما يرجحه البعض؛ بسبب تمسك طرفي الأزمة بموقفهما الحاد متمثلاً بالسعودية وقطر، لاسيما وأن قطر لا تفاوض حول سياستها الإعلامية متمثلة بقناة الجزيرة، ولا يمكنها أن توقف دعمها للجماعات المتطرفة مثل (الإخوان المسلمين وحماس)، فضلاً عن ذلك، فإن الدوحة لا يمكنها الرضوخ للمطالب السعودية حول سياستها الخارجية إتجاه إيران. وبالتالي لا يمكن أن تقبل الشروط السعودية بشكل كامل؛ وهذا من شأنه أن يمدد عمر الأزمة ويساهم في تقويض أو تفكيك مجلس التعاون الخليجي.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مركز المستقبل للدراسات والبحوث
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/10/28



كتابة تعليق لموضوع : مستقبل مجلس التعاون الخليجي في ظل الأزمة الخليجية-الخليجية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net