صفحة الكاتب : محمد حسين عمار

من الاختلافات المعاصرة بين علماء مدرسة اهل البيت (عليهم السلام) وعلماء المدرسة السلفية
محمد حسين عمار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من خلال تتبع الواقع المعاصر لعلماء مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) وعلماء المدرسة السلفية تتضح ثلاث مسائل مفصلية وهي:

•اختلاف نسبة إلتزام الأتباع بقول العالم

أن اختلاف نسبة إلتزام الأتباع، ملحوظة بين المدرستين، فمدرسة اهل البيت (عليهم السلام) معروفة بإلتزام أتباعها بفتاوى علمائهم، حتى انها تتعدى مرحلة الاذواق، والاهواء،مثل ثورة التنباك، وفتوى المرجع السيد السيستاني(دام ظله) بضبط النفس بعد ان هدمت القبتين الشريفيتن لضريحي الامام الهادي، والعسكري (عليهما السلام)، وفتواه بعدم جواز العمل مع المحتل فيما يزيد من فترة بقائهم، رغم ان هذه الفتوى الاخيرة كانت تفوّت كسب الواردات المالية الكبيرة على الملتزمين بها.

وفي المدرسة الاخرى ترى التهاون والتراخي من قبل شريحة من الأتباع لا يستهان بها من حيث العدد، ومثالاً على ذلك بعض فتاوى الالباني-احد علماء المدرسة السلفية ورموزها، ومرجعهم الاعلى في علم الحديث- حيث افتى ببدعة عطلة يوم الجمعة، وعدم جواز الاجتماع في مكانٍ ما للتعزية بفقد عزيز، او اهداء ثواب سورة الفاتحة له! (١)

فيوم الجمعة في السعودية -معقل السلفية- عطلة، واقامة العزاء موجودة، كما هو الحال في موت اخر ملوك السعودية!!!، بالرغم من ان مثل هذه الفتاوى لا تقاس من حيث الاهمية مع تلك الفتاوى المذكورة اعلاه.

•تفاوت نسبة الاختلاف بالفتوى بين علماء المدرسة الواحدة

الاختلاف بالفتوى بين العلماء في مدرسة اهل البيت (عليهم السلام) واضح، جلي، حيث يصل الحال الى ان يقول احد العلماء بجواز فعل ما، والاخر يقول بحرمته!

ليس لمجرد ايجاد روح الاختلاف، او لوجود التعارض المزاجي بينهم، وانما ذلك الاختلاف قائم على اساس علمي، وبحث، وتتبع.

اما علماء المدرسة الاخرى فلا يوجد بينهم -بلحاظ الواقع المعاصر- اختلاف الا النزر القليل، بدعوى "زعم المصلحة" و "سد الذرائع" .

فقد نشر الداعية السلفي عادل الكلباني مقالاً في جريدة الرياض تحت عنوان ((تجدد المفهوم الفقهي)) يعلق فيه على هذه الحالة ممتعضاً حيث يقول: ((غير أنه من الطبيعي أن تسمع لمثل قول الله (اليوم أكملت لكم دينكم) وهو ما يفسر بكمال الدين واستغنائه عن أي أفكار مكملة، فهو مكتمل عقديًا وفقهياً وأخلاقيًا، ومن كماله شموله للإنسان والمكان والزمان، فهو دين لكل البشر على اختلاف ألسنتهم وألوانهم، ولكل مكان على اختلاف البيئات والحضارات، ويصلح لكل زمان، وهذه النقطة تمامًا هي موضع حديثي المختصر، فهي نقطة اتفاق بين المسلمين، علمائهم وعوامهم ومثقفيهم، والمسؤول الأول عن تأويل هذا المفهوم هم علماء الشريعة، ففي كل زمان تستجد أمور وأحوال تحتاج إلى فقهيات دقيقة واجتهادات عميقة، تتأمل في الموروث العلمي والعملي لتقيس فقهها ولتبني حاضرها على ماضيها، غير أننا نجد هنا إشكالية الانتقال والتغيير دائمًا ما تكون موضع جدل وانتقاد وحدة، فالمجتمع مثلاً في أكثر الأحيان يسبق العلماء والفقهاء إلى معرفة ما استحدث وما استجد من أمور ويبدأ بممارستها خفية عن مجتمعه، لكونها ظاهرًا تناقض ما عليه العمل وما عليه الرأي عند الفقهاء، فيبدأ الشيء وكأنه معصية، كما حصل عند بدء استخدام الراديو والتلفاز مثلاً، وكان أكثر المجتمع بطبيعة تدينه يقف بجانب فتوى التحريم والإنكار، ولا تقف المستجدات عند الشخص أو الاثنين فسرعان ما تنتشر وتعلن ويبدأ الجدل، فالمستخدم حفاظًا على مسمى تمسكه بدينه لا يريد نسبته إلى ارتكاب الغلط لعدم قناعته به، بينما الفقهاء والعلماء يكتفون بالاستمرار بالمنع وتكثيف الجهود والتنفير والأشد من ذلك، إخفاء القناعات من بعضهم خوفًا من البعض الآخر، ومن تجرأ ونطق صُبّت عليه كل ألفاظ التنفير، ويستمر الناس في دوامة الانتقاد، فمنهم المطالب للعلماء بتغيير الفتوى ومنهم بعكس، وقد يكون منشأ الخطأ والخلط من العلماء أنفسهم إذ عوّدوا المجتمعات على إظهار الرأي الواحد وإخفاء ما يناقضه «بزعم المصلحة» و»سد الذرائع» وفي الحقيقة ليس هذا من ذاك أبدًا، بل هذا باب من أبواب العلم يجب أن يشهر وينشر ويعرف الحق من كل زواياه، وهو ما قرره علماء وفقهاء السلف رحمهم الله، وحين يرى العالم والفقيه شيئاً بدأ يتسرب إلى المجتمع فلا بد من أخذ طريق البحث والتفحص والتأني وتوقع المآل، وليس مبدأ التحريم والمنع الآني، وليس معيبًا ولا ذمًا أن يقول الفقيه كنا نفتي بكذا وذاك لمصلحة الزمان واليوم نفتي بكذا تمشيًا مع مرونة الفقه الإسلامي، فقد عرفت أئمة وجهابذة بأقوال متعددة ومتخالفة في المسألة الواحدة ولم يعبهم بل زاد من منزلتهم في القلوب نظراً لدورانهم حيث يدور الحق.))

•اختلاف الأمانة العلمية

صفة الامانة العلمية، والثبات على الموقف، صفة معروفة عن علماء مدرسة اهل البيت (عليهم السلام) على الصعيد الفقهي، والسياسي، فالفقيه الامامي لا يتنازل عن فتواه، ورأيه، الا عن تتبع، وبحث، ومناقشات علمية، والعالم الشيعي لا يتنازل عن موقفه السياسي، برفض الظلم، والخنوع، الا ان يتنازل الطرف الاخر، او يصل الحال الى ارذله، فيقع التزاحم حينئذ، فيقدم المهم على الاهم.

اما المدرسة السلفية فحسبك ما قاله الكلبناني في مقاله اعلاه، فان ضغط المجتمع، وتفشي ممارسة الفعل بكثرة، يجعل العالم يعيد النظر في المسألة تحت عنوان "مرونة الفقه الاسلامي" المزيفة.

هذا على الصعيد الفقهي عندهم، واما على صعيد ثبات موقف السياسي لديهم، فقد تحول الدعاء على امريكا الى الدعاء بحفظ ترامب!!!

 

———————————————————————————

(١)من المضحك المبكي من فتاوى الالباني ص ٤٦و٤٧


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد حسين عمار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/10/02



كتابة تعليق لموضوع : من الاختلافات المعاصرة بين علماء مدرسة اهل البيت (عليهم السلام) وعلماء المدرسة السلفية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net