صفحة الكاتب : نزار حيدر

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الخامِسَةُ (٣)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   تارةً يرى النََاسُ أَملاً في الإصلاح والتَّغيير على الرَّغمِ من وجودِ الظُّلم في المجتمع، فذلك أَمرٌ يسيرٌ نوعاً ما.
   وتارةً يفقدُ النَّاسُ الأَمل في الإِصلاح والتَّغيير فيعمُّ اليأس في النُّفوس وعندها فليس أَمامهم إِلَّا خيارٌ واحدٌ هو الثَّورة والخروج على الحاكمِ الظَّالم.
   يَقُولُ الامامُ الشَّهيد الحُسين السِّبط (ع)؛
   {ولا أمَلٍ أصبحَ لكُم فِيهِم}.
   المُفارقة الغريبة في هَذِهِ الحالة هي؛
   ١/ أَن يخلط النَّاس بين اليأس من الحال واليأس من رحمةِ الله، بينَ اليأس بما في أَيْدِي النَّاس واليأس من قدرة الله تعالى! فبينما تدفع الحالة الأُولى النَّاس إِلى العزم والمُثابرة للتَّغيير، تدفعهُم الحالة الثَّانية رُبما إِلى الكُفر أَو على الأَقلِّ للإِرتداد.
   ٢/ وأَمام الحالة الأُولى، وهي أَمرٌ طبيعيٌّ، ينقسم النَّاس إِلى عدَّة أَقسام؛
   أ/ فمنهُم مَن يجلس في بيتهِ وهو يردِّد [مَيفيد] متحجِّجاً بأَعذارٍ شتَّى للهربِ من المسؤُوليَّة.
   ب/ ومنهُم من يندفع نحو التَّغيير والإِصلاح بِلا رويَّةٍ أَو رُؤية أَو خطَّةٍ فيتهَّور حتَّى يلقي نَفْسَهُ في التَّهلُكة.
   ج/ ومنهم من يفكِّر ويخطِّط ويهيِّئ الأَسباب والأَدوات اللَّازمة لإِنجاز مهمَّة التَّغيير والإِصلاح.
   لقد مثَّلت عاشوراء حالة الوعي الرِّسالي للتَّغيير والإِصلاح فلم يترك الحُسين السِّبط (ع) شيئاً إِلَّا وفكَّر فِيهِ وهيَّأ أَسبابهُ وأَعدَّ لَهُ العُدَّة فكانت عاشوراء المصداق الواضح لقولِ الله عزَّ وجلَّ {قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.
   فلقد تصدَّى الحُسين السِّبط (ع) قائلاً {وأَنا أَحقُّ مَن غيَّر} فلم يتردَّد أَو يتحجَّج أَو يرميها برأس غَيرهِ أَو يجلس في ببتهِ أَو في المسجدِ كما فعلَ غيرهُ تاركاً الأُمَّة في حيرةٍ من أَمرها!.
   وإذا نُعيدُ قراءة وصيَّة الإِمام الشَّهيد التي تركها في المدينةِ المُنوَّرة عند أَخيهِ محمَّد بن الحنفيَّة وكذلك قولهُ على لسانِ جدِّهِ رسول الله (ص) الذي أَعاد ذكرهُ على أَسماع الهمج الرُّعاع الذين تجمهرُوا على قتلهِ! فسنجد هذا الوعي وهذه البَصيرة حاضرةً جدّاً في عاشوراء.
   يقول (ع) في وصيَّتهِ {أَلا وإِنِّي لم أَخرج أَشِراً ولا بَطِراً ولا مُفسِداً ولا ظالِماً، وإِنَّما خرجتُ لطلبِ الإِصلاح}.
   وهو الوعي المُستوحى من قولِ الله عزَّ وجلَّ {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
   وفِي خُطبةٍ قال (ع) {أَيُّها النَّاس إِنَّ رسولَ الله (ص) قال؛ مَن رأى سُلطاناً جائِراً مُستحِلّاً لحرمِ الله ناكثاً لعهدِ الله مُخالِفاً لسُنَّة رَسُولِ الله (ص) يعمل في عبادِ الله بالإِثمِ والعُدوان، فلم يغيِّر عليهِ بفعلٍ ولا قَولٍ كانَ حقّاً على الله أَن يُدخلهُ مَدخَلهُ}.
   وهي البصيرة المُستوحاة من قولِ الله عزَّ وجلَّ {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} وقولهُ تعالى {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.
   وهكذا! فعاشُوراء بصائِر القُرآن الكريم.
   ١٢ أَيلول ٢٠١٨
                            لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/09/12



كتابة تعليق لموضوع : عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الخامِسَةُ (٣)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net