صفحة الكاتب : الشيخ ليث الكربلائي

أسانيد حديث الغدير التي وصلتنا تنتهي الى نحو المائة وعشرين (120) صحابيا ولاشك ان في سائر الصحابة من سمع الحديث ورواه لكن لم يصلنا ،وبعضهم الآخر سمعه لكن كتمه كما يظهر من (أخبار المناشدة) ،كتموه حسدا أو بغضا او خوفا ،ففي الغدير وقف أمام النبي ص نحو المائة وعشرين ألفا (120000) من الناس وقد سمع الحديث جلّهم ،ففي سنن النسائي (ت303هـ) قال أبو الطفيل لزيد بن أرقم بعد إن روى الثاني حديث الغدير: هل "سمعته من رسول الله ص " قال زيد: "ما كان في الدوحات أحدٌ إلا رآه بعينه وسمعه بأذنيه" وفي التاريخ الكبير للبخاري (ت256هـ) عندما طلب احدهم من ابي سعيد الخدري (ت74هـ) ان يروي له منقبة للامام علي ع حدثه بحديث الغدير وقال: "إذا حدثتك فسل المهاجرين والأنصار وقريشا" اي ان هؤلاء كلهم او جلُّهم قد سمعوا هذا الحديث .
لذا من غير المستغرب ان يصلنا الحديث بأسانيد تنتهي الى (120) صحابيا وهو رقم لم يتكرر مثله او ما يدانيه في اي حديث آخر إطلاقا .
أما تدوين وتوثيق حديث الغدير فيرجع الى القرن الأول من الهجرة ،فعندما كان الخلفاء الثلاثة وبعض الامويين يمنعون تدوين أحاديث النبي ص ويحرقون كل ما وقع بأيديهم من الصحف الموثقة لسنّة النبي ص حتى أحرقوا صحف عدد من الصحابة ،وعندما كان تدوين الحديث لا سيما مناقب اهل البيت ع جريمة يُعاقب عليها القانون ، كان أهل البيت ع يحثون أصحابهم على الاهتمام بالتدوين والكتابة بل جسدوا ذلك عمليا فكتب الامام علي ع بنفسه كتاب (الجامعة) وكتبت فاطمة ع (المصحف) ،وكتب اخرى توارثها اهل البيت عليهم السلام جيلا بعد جيل . فلم يكن بدُ أمام أصحاب الأئمة من الكتابة رغم ما قد يعرضهم ذلك له من مخاطر ومساءلة أمام السلطة سواء ايام خلافة الثلاثة او ايام الأمويين وقد وصَلَنَا عدد من تلك الكتب ككتاب سُليم بن قيس (من أصحاب الامام علي ع) وكتب اخرى بينما أتلف بعضها في خضم الفتن الكثيرة التي تعرض لها علماء الامامية وكم من مرة قامت السلطة او غوغائيون من سائر المذاهب باحراق مكتباتهم ،وكيف كان فإن هذا الإتصال بالقرن الأول هو ما يميز روايات الإمامية عن سواهم من المذاهب حيث بدأت حركة التدوين عند الآخرين بعد قرن كامل من منع كتابة الحديث وحرق واتلاف المكتوب منه ،ولهذا السبب ذاته يرى السيد السيستاني حفظه الله ان روايات سائر المذاهب لا تقاس بروايات الامامية في القوة والمتانة فأنى لك قياس أخبار إتصل توثيقها بمنبعها الأصل بأخرى بدأ تدوينها بعد قرن من الزمن !!.
ونظرا لأهمية حديث الغدير وكثرة من سمعه ورواه عن النبي ص أفرد العلماء من القرون الأولى كتبا تخصصت في ذكر طرق واسانيد وشروح هذا الحديث ،واذا اردنا استقصاء المصادر والمراجع التي وثقت الغدير لكان الرقم مهولا بدءا من كتاب سليم بن قيس الهلالي في القرن الاول والى يومك هذا .
أما الكتب المتخصصة بطرق حديث الغدير وشرحه فقد أحصى منها المحقق البارع السيد عبد العزيز الطباطبائي رحمه الله في كتابه "الغدير في التراث الٍلاسلامي" ما يقرب من 180 كتابا يتألف بعضها من عشرات المجلدات ،وقد توزعت على مختلف الأجيال بدءا من القرن الهجري الثاني وحتى القرن الخامس عشر وكانت حصة القرن الثاني كتابا واحدا من تأليف الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت170هـ) صاحب المقولة الشهيرة في الاستدلال على إمامة أمير المؤمنين ع ( احتياج الكل إليه واستغناؤه عن الكل دليل على انه إمام الكل".
وفي القرن الثالث صنّفَ الطاطري كتابا في حديث الغدير بعنوان (كتاب الولاية) وفي هذا القرن أيضا صنَّف ابو جعفر البغدادي كتابا في حديث الغدير
أما في القرنين الرابع والخامس فحيث راج العلم ونشطت الحركة العلمية في مجمل البلاد الاسلامية كان نصيب حديث الغدير (25)خمسة وعشرين كتابا يتألف بعضها من عدة مجلدات منها:
كتاب (الولاية) لمحمد بن جرير الطبري (ت310هـ) المفسر والمؤرخ السني المعروف ،وهو كتاب ضخم يقع في مجلدين تتبع فيه طرق واسانيد حديث الغدير ،والطبري هذا وان كان روى حديث الغدير في تفسيره المعروف وروى فيه ايضا بيعة ابن الخطاب للامام علي ع في الغدير لكنه اغفل هذا الحديث في تاريخه ومن ثم صنف هذا الكتاب في الرد على بعض منافسيه (ابن ابي داوود) الذي قال بضعف حديث الغدير فصنف الطبري هذا الكتاب نكاية بخصمه واظهارا لعلمه ! .
ومنها ايضا كتاب خصائص الغدير للشيخ الكليني (ت329هـ) ومنها كتاب الولاية ومن روى غدير خم لابن عقدة الكوفي (ت333هـ) وهو زيدي المذهب لكنه ثقة عند السنة والشيعة .
وهكذا يتابع السيد الطباطبائي في كتابه المذكور ما صنفه العلماء في الغدير حتى اواخر القرن الخامس عشر فيحصي ما يقرب من 180 كتابا ،وأجدد التذكير مرة اخرى بانه في صدد تتبع الكتب المتخصصة في الغدير فقط وليس مصادر ومراجع الحديث التي ذكرت الغدير ضمنا والا لكان الرقم مهولا جدا فقد نال هذا الحديث من الاهتمام والتوثيق ما لم ينله اي حديث آخر إطلاقا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ ليث الكربلائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/09/01



كتابة تعليق لموضوع : ببليوغرافيا حديث الغدير 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net