صفحة الكاتب : نزار حيدر

بَيْنَ سُلطَتَينِ؛ الدَّولة والعِصابَةِ! [القِسْمُ الثَّالِث وَالأَخير]
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   ٥/ وهي سُلطة التَّمكين، أَمَّا الثَّانية فهي سُلطة التربُّص.
   أُنظرُوا كيف كانت تفكِّر سُلطة [عِصابة قُريش] في طريقة تعاملها مع رَسُولِ الله (ص) {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} وقولهُ تعالى {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْن} وقولهُ {فَتَرَبَّصُوا}.
   أَمَّا سُلطة الدَّولة فتفكِّر بعقليَّة التَّمكين لتحقيق الإِصلاح والتَّغيير والتَّنمية.
   يَقُولُ تعالى {وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ ۚ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}.
   والوعدُ الإِلهي المُطلق يعتمدُ مفهوم التَّمكين لأَنَّ الهدف هو بناءُ سُلطة دَولة الحقِّ والعدل الإِلهي وبالتَّربُّص لا تتحقَّق أَبداً!.
   يَقُولُ تعالى {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.
   سُلطة الدَّولة تُمكِّن النَّاس ليحقِّقوا رغباتهُم المشروعةِ في الحياة الحُرَّة الكريمة! مِن خلالِ خلقِ فُرص الخَيرِ لهم أَمَّا سُلطة العِصابةِ فتتربَّص بهم الدَّوائر! فتحطِّمهُم إِذا رأَت فيهم مَن يسعى للتميُّز!.
   ٦/ وهي سُلطة الحريَّة والكرامة والعزَّة، أَمَّا الثَّانية فهي سُلطة العبوديَّة والذُّل.
   يَقُولُ تعالى {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
   ويقولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) {وَلاَ تَكُنْ عَبْدَ غَيْرِكَ وَقَدْ جَعَلَكَ اللهُ حُرّاً}.
   ويصفُ الإِمامُ الحُسين السِّبط الشَّهيد سُلطة العِصابةِ بقولهِ {إِتَّخذُوا عِبادَ الله خَوَلاً ومال الله دُوَلاً}.
   السُّلطة الأُولى قاعدتها {أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} أَمَّا الثَّانية فقاعدتها {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ}.
   سُلطة الدَّولة تقول {إِن لَمْ يكُن لكُم دين وَكُنتُم لا تخافُونَ المَعاد فكونُوا أَحراراً في دُنياكُم} أَمَّا سُلطة العِصابة فتُشهِر السَّيف قائلةً [الخليفةُ هذا ووليُّ العهدِ هذا ومَن أَبى فهذا].
   ولقد رأَينا كيفَ تصرَّف [إِبن سلمان] عندما تفجَّرت الأَزمة مع كندا، فلقد طلبَ من الطلبة مُغادرة مقاعدهم الدِّراسية في الجامعات، والمرضى بمغادرة أَسِرَّتهم في المستشفيات وكأَنَّهم عبيدٌ وهو سيِّدهم!.
   هذه هي سُلطة العِصابة، فهي تمتلك كلَّ شَيْءٍ ولذلك تزجُّ كلَّ شَيْءٍ في الأَزمات حتى إِذا كانت شخصيَّة، كما حصلَ عندما زجَّت الرِّياض [الهِجن] في أَزمتها مع قطر!.
   ٧/ وهي سُلطة الحِوار والمنطق وتداول السُّلطة، أَمَّا الثَّانية فهي سُلطة الزَّعيم وهي سُلطة مُطلقة تستند إِلى القوَّة والجبروت! يصفها القرآن الكريم بقولهِ {قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ* لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ}.
   ويصفُ سُلطة الدَّولة بقولهِ {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ}.
   ٨/ كما أَنَّ مِعيار الولاء يختلف، فبينما يَكُونُ الولاءُ للدَّولةِ من خلالِ معايير العِلم والمَعرفة والخِبرة والنَّزاهة والقُدرة على الإِنجاز والنَّجاح كمعيارٍ في سُلطة الدَّولة يَكُونُ الولاءُ المُطلق لـ [الزعيمِ] هو المعيار الوحيد في سُلطة العِصابة!.
   يَقُولُ تعالى في معيارِ العلمِ في سُلطةِ الدَّولةِ {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.
   ويقولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) مُحدِّداً المعيار في سُلطةِ الدَّولةِ {وَلاَ يَكُونَنَّ الْـمُحْسِنُ وَالْمُسِيءُ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَة سَوَاء، فَإِنَّ فِي ذلِكَ تَزْهِيداً لاَِهْلِ الاِْحْسَانِ فِي الاِْحْسَانِ،تَدْرِيباً لاَِهْلِ الاِْسَاءَةِ عَلَى الاِْسَاءَةِ، وَأَلْزِمْ كُلاًّ مِنْهُمْ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ}.
   والآن؛ هل عَرِفتَ بأَنَّك تحتَ أَيَّة سُلطة؟!.
   ٢٠ آب ٢٠١٨
                            لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/08/26



كتابة تعليق لموضوع : بَيْنَ سُلطَتَينِ؛ الدَّولة والعِصابَةِ! [القِسْمُ الثَّالِث وَالأَخير]
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net