صفحة الكاتب : د . اسعد كاظم شبيب

العقوبات الامريكية على تركيا: أردوغان بمواجهة ترامب
د . اسعد كاظم شبيب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بعد صداقة وشراكة طويلة امتدت لعقود بين الولايات المتحدة والجمهورية التركية، فرضت الولايات المتحدة الامريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب الشخصية الرأسمالية المادية الذي سبق وان وصف الرئيس الجمهورية التركية رجب طيب اردوغان ذو الخلفية الاسلامية بالقوي، فرض ترامب على صديق الامس اردوغان عقوبات اقتصادية وتجارية مختلفة هي الاولى من نوعها بحسب مراقبين منذ ازمة قبرص التي كانت رداً على تدخل القوات التركية في الجزيرة القبرصية عام 1974 من خلال "عملية السلام في قبرص" فرضت الولايات المتحدة حظراً على بيع وتصدير السلاح لها استمر حتى عام 1978. بعد كل هذه الفترة فرضت الإدارة الجمهورية في البيت الابيض بصقورها الجدد بقيادة رجل المال دونالد ترامب عقوبات وصفت بالنوعية على تركيا، الدولة العضو في حلف الشمال الأطلسي، بدأها الكونغرس بقرار "منع بيع مقاتلات من طراز "F - 35" لتركيا، وقبلها فرض عقوبات على وزيري العدل والداخلية التركيين". وهددت أيضا "بإلغاء الإعفاء الجمركي الذي تتمتع به تركيا، وبدأ فعلا بسلسلة العقوبات التي وصلت إلى وضع تعرفة جمركية مرتفعة على الألومنيوم والفولاذ مستهدفاً قطاع البناء. وكان النمو الاقتصادي السابق في تركيا اعتمد كثيراً على قطاع البناء، فإذا تضرر هذا القطاع تضرر الاقتصاد في استيراد هذه المواد الى انخفاض قيمة الليرة، حيث تراجعت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، حيث فقدت أكثر من 27% من قيمتها، بل إن تركيا، وفق ذلك تجاوزت الأرجنتين وأصبح سوق سنداتها المقومة بالعملة المحلية في تراجع ملحوظ، وينبع ضعف الليرة وفقا لخبراء الى مجموعة متنوعة من العوامل، هناك عجز الحساب الجاري المتراكم في البلاد البالغ 57.4 مليار دولار، بارتفاع حاد من 33.1 مليار دولار عام 2013، يرجع جزء كبير من ذلك إلى ارتفاع سعر النفط وتعتبر تركيا مستورداً صافياً للنفط وواحدة من أهم وجهات التصدير الإيرانية، الأمر الذي يزيد من تأزم اقتصادها في ضوء الاستئناف الوشيك للعقوبات الإيرانية.
هناك سببين محتملين وراء ايعاز ترامب بتغريداته المعهودة بالعقوبات الاقتصادية على نظام اردوغان:
السبب الاول: صفقة اطلاق سراح السيدة التركية ابروا وزكان من السجن في اسرائيل في قبال انهاء تركيا احتجاز القس الامريكي اندرو برانسون
تعود هذه الصفقة الى قمة الدول السبع حيث اعتقد الرئيس الامريكي أنه توصل إلى اتفاق مع إردوغان على هامش قمة الدول السبع. اذ طلب إردوغان أن يستغل ترامب نفوذه لدى بنيامين نتنياهو كي يطلق سراح سيدة تركية، ابرو أوزكان، سجنتها إسرائيل لعملها مع حركة «حماس». حصل ما أراده أروغان مثلما اشارت صحيفة الشرق الاوسط، وانتظر ترامب أن يفي أروغان بوعده ويطلق سراح القس الأميركي المسجون منذ عام 2016، فما كان من إردوغان إلا أن أودعه في الإقامة الجبرية. هذا ما دفع ترامب إلى التصويب على إردوغان، ووضع ملف القس اندرو برانسون والعلاقة الأميركية - التركية بين يديه، ورغم رفع إدارة ترامب وتيرة الضغوطات الاقتصادية والدبلوماسية على أنقرة، إلا أن محكمة مدينة أزمير رفضت حسب وكالة الأنباء الفرنسية الأربعاء طلبا جديدا للإفراج عن القس الأمريكي أندرو برونسون الذي تتهمه أنقرة بالقيام بعمليات "تجسس" و"إرهاب" وتقديم المساندة لجماعة فتح الله غولن التي تصفها أنقرة بـ"الإرهابية".
السبب الثاني: عدم التزام انقرة بالعقوبات الامريكية اتجاه طهران
تشير التقارير الى ان اردوغان لم يلتزم بالعقوبات الامريكية المفروضة على ايران بعد انسحاب ادارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الموقع مع ايران، ومحاولة واشنطن وضع شروط جديدة ترضخ لها طهران في قبال اتفاق نووي جديد تقلل من نفوذ ايران لصالح السعودية كدولة منضوية تحت عباءة المعسكر الامريكي، لم يلتزم اردوغان بالعقوبات بحكم العلاقة الاستراتيجية في مجال التعاون الاقتصادي والتجاري الى جانب التفاهم الامني الموقع بين تركيا وايران. قد يبدو السببين معا دافعا مباشرة لتوتر العلاقات الاقتصادية بين تركيا وامريكا، لكونهما حدثا بوقت مقارب تشديد العقوبات الامريكية اتجاه ايران وفرض الاقامة الجبرية على القس الامريكي أندرو برونسون، لكن هل تنجح الولايات المتحدة من خلال العقوبات الاقتصادية والتجارية الى استجابة انقرة لضغوط واشنطن، الى الان يبدو ان تركيا ماضية بصد العقوبات الاقتصادية من خلال مجموعة من الاجراءات منها: التعامل بالمثل فمثلما فرضت واشنطن عقوبات على شخصيات حكومية تركية سارعت انقرة بالمثل على شخصيات حكومية امريكية كما زادت انقرة نسبة الجمرك على البضائع الامريكية لتصل الى اكثر من100% كما ان تركيا التي لديها صادرات كبيرة مع دول عربية ومنها دول الجوار، وتحضى بدعم كبيرة من دول غنية بالنقط والغاز كقطر وفي ذلك أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني اللذان زارا تركيا الثلاثاء والأربعاء عن دعميهما لهذا البلد الذي يواجه أزمة سياسية واقتصادية عويصة مع واشنطن. من جهتها، قررت أنقرة المعاملة بالمثل ورفع قيمة الرسوم وتشمل هذه الرسوم قطاع السيارات السياحية التي بلغت رسوم استيرادها 120%، وبعض المشروبات الكحولية تصل الى140 % والتبغ40 بالمئة% إضافة إلى بعض مواد التجميل، ومثلما صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بانه سيعتمد على الانتاج المحلي، وسيصدر ذلك الى الدول الاخرى، كما انه سيلغي شراء كل البضائع الاستهلاكية والإلكترونية وغيرها بضائع محلية الصنع ومنتوج من دول صديقة لتركيا ككوريا الجنوبية والصين، وقد تلجا تركيا الى خيار النموذج الشرق اسيوي كماليزيا التي طبقت معايير جديدة لمعالجة ازمة العملة في عامي 1997 وعام1998من خلال ايجاد سياسة نقدية مغايرة للتجاوز بذلك تأثير العملة بالخارج.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . اسعد كاظم شبيب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/08/24



كتابة تعليق لموضوع : العقوبات الامريكية على تركيا: أردوغان بمواجهة ترامب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net