صفحة الكاتب : خالد الناهي

متى يموت العراقي ميتة طبيعية؟
خالد الناهي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

اه اه صوت فتاة فقدت اباها في الحرب مع إيران، فأصبحت يتيمة منذ صباها، وفقدت زوجها في حرب الخليج، وأصبحت ارملة وهي ما زالت في ريعان شبابها، وفقدت ابنها الوحيد على يد الإرهاب، وأصبحت وحيدة بعد ان بلغت الأربعين من العمر.

هذا باختصار حياة الكثير من النساء العراقيات، اه بعد أخرى والم بعد اخر، صدى الموت لا يكاد يفارق اذنيها، التي اعتادت ان تسمع الاخبار السيئة، وترفض ان تسمع كل لحن جميل

حتى الضحكة ان تجرأت وتقربت من شفاههن، سرعان ما يتذكرن الحزن والموت، فيرددن عبارة (ضحك خير يا رب) لأنهن يدركن ان هناك خبر مشؤوم ربما يطرق الباب في أي لحظة، ليخبرهن بأنهن قد فقدن عزيزا اخر، لنكن أكثر جراءة ونقول، ان الوطن احتاج قربانا اخر، وقد اختار عزيزا عليك.

المشكلة جميع الحكام يتحدثون عن قدسية الأرض، وضرورة الدفاع عنها بالمال والدم ان تطلب الامر ذلك، لكن لم نشاهد يوما أحدا من هؤلاء قدم ولده او ماله من اجل الوطن، بل على العكس يسخر كل شيء في الوطن من اجله هو وذويه.

جميع من يصل للسلطة، يتحدث عن جنة موعودة، لمن يستشهد وهو يدافع عن وطنه، لكن السؤال هنا، الا يستطيع الانسان الدخول الى الجنة، دون ان يسفك دمه؟ اليس تربية الأبناء ورعايتهم جهاد، اليس ترك امرأة شابة مع اطفالها، يحدث اخلال بالمنظومة الاجتماعية؟ ويعرضها لأخطار جمة، منها الوقوع فريسة بأيدي أبناء الشيطان.

جميعنا يرغب في الدخول الى الجنة، لكن أيضا من حق الجميع ان يحيا ويعيش مع من يحب، فيفوز بالدارين

ليس هناك اعتراض على الشهادة، ولا شك بدخول من يدافع عن الوطن بالفوز فيها، لكن ان كان هذا الدفاع جاء عن شر قد قرر ان ينال من هذا الوطن، لكن الذي يحدث عادة، تزهق الأرواح ويسفك الدم من اجل اخطاء او رعونة الحكام وامزجتهم.

لقد مرت الأعوام، وانقضت السنين، ولا زال هاجس الخوف يطارد جميع النساء العراقيات، فكل ام او زوجة تعيش القلق كل يوم، منذ خروج رب الاسرة الى العمل لغاية عودته، وكلما طرق باب المنزل، يكون احتمال الخبر السيء أحد الاحتمالات القوية، التي يداهم فكر المراءة.

أصبح الشعب العراقي يصنف الموت الى صنفين، موت من خلال القتل والإرهاب، وقد أصبح اغلب موتنا بهذا الشكل، وان سمعنا به كأنه امر طبيعي جدا، بل وتتداول جثة المقتول في البيجات ووسائل التواصل، فيراه الرجل والمرأة وحتى الأطفال في أحيان كثيرة، ولا يغادر المقطع الا حين إتمامه، وربما الكثير منا يشاهد المقطع وهو يتناول الطعام او يحتسي الشاي.

اما الموت الثاني ونسميه (موت الله) وهو ما يحدث من جراء مرض، او بصورة فجائية، وهذا الموت أصبح غريب علينا، ونعجب كثيرا عندما نسمع ان فلان مات دون ان يسيل دمه.

أصبح الشعب العراقي، عنيف جدا، ويمتلك قساوة القلب بسبب كثرة مشاهد القتل والموت، التي تحتل جزء مهم من ذاكرته، منذ صباه وحتى مشيبه.

لذلك امنيتنا كشعب ان نفارق سفك الدماء، ونموت موتا طبيعيا، ولا نعلم متى تتحقق هذه الأمنية، لكن يبقى املنا في الله ان يحقق هذا الشيء.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


خالد الناهي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/07/28



كتابة تعليق لموضوع : متى يموت العراقي ميتة طبيعية؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net