صفحة الكاتب : امجد إسماعيل الآغا

قمة هلسنكي و الأزمات الدولية .. ملفات شائكة بحاجة لحلول .
امجد إسماعيل الآغا

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مزدحمة طاولة هلسنكي بالملفات الثقيلة و الشائكة ، الرئيسين الروسي فلاديمير بوتن و الأمريكي دونالد ترامب سيجتمعان و في جعبة كل منهما أوراق ضغط سياسية و ميدانية ، فالقطبين الروسي و الأمريكي لديهم الكثير من الاختلاف في وجهات النظر تجاه القضايا الدولية و الإقليمية ، حيث لا يُتوقع لهذه القمة أن تخرج بحلول سحرية تُنهي الكثير من القضايا في المنطقة ، فالمقاربات و القراءات الاستراتيجية لكل طرف أبعد من أن تُثمر نجاحات تؤدي في النهاية إلى تهدئة التوتر ، هذا التوتر الذي عَصف بالعالم خلال السنوات الماضية و تحديدا إبان ما سمي بالربيع العربي و انعكاساته الإقليمية و الدولية ، و بالتالي لا يوجد تصور يمكن من خلاله قراءة النتائج المشتركة التي سيخرج بها الطرفان للتخفيف من حدّة ما يجري في العالم ، بل على العكس من ذلك سيحتاج الطرفين الروسي و الأمريكي لأكثر من قمة تكون سبيلا في انتصاف كفة الميزان بينهما ، و عليه و كقراءة أولية ستكون قمة هلسنكي فقط لرصد التوازنات و البحث عن فُرصٍ للحلول و التسويات بعد المعارك السياسية و الميدانية التي شهدتها الخارطة الدولية .
ملفات شائكة و معقدة .
ملفات عديدة ستُفتح في هلسنكي ، و لعل الملف السوري سيكون أبرزها بعد ان أصبحت الحرب على سوريا تمثل " بيضة القبان " في كل الملفات الدولية و الإقليمية ، فتموضع الأزمة في سورية على خارطة الهندسة الأمريكية للنفوذ ، جعل من سورية بؤرة للتداعيات الدولية التي شاركت بها قوى إقليمية خليجية تركية اسرائيلية لإسقاط الدور المحوري الذي تمثله الدولة السورية في الشرق الأوسط ، و بلا شك فإن المخطط الأمريكي عبر استخدامه الأدوات الإرهابية كان يريد توطين الإرهاب ليس في سوريا فحسب ، بل في الشرق الأوسط كاملا ، غير أنه و في ظل هزيمة المخطط الأمريكي في إسقاط الدولة السورية أولا و إقصاء الدور المحوري لسوريا ثانيا ، برزت المعضلة الأمريكية في طريقة التعاطي مع الخلافات المتكررة مع الروسي تجاه الأزمة السورية ، و هذا الأمر يطرح إشكالية واضحة بين القطبين حول التعاطي مع أسس الحل في سوريا ، خاصة بعد الإنجازات التي حققها الجيش السوري و حلفاؤه و التي بدورها ستفرض إيقاعاً و نمطاً محدداً في طريقة التعاطي مع الملف السوري على طاولة هلسنكي .
الورقة الأقوى بيد روسيا .
روسيا التي نجحت في فرض توازن استراتيجي مع واشنطن في سوريا ، الأمر الذي انعكس على النظام العالمي لجهة بناء التوازنات الدولية ، كما تمكنت روسيا و عبر الدولة السورية و نجاحاتها العسكرية و السياسية من قطع طريق الغرب عبر التدخل في الشأن السوري و فرض الحلول ، إضافة إلى أن روسيا تمكنت من قصم ظهر الإرهاب العالمي في إطار استراتيجية محكمة قامت بتنفيذها ليس في سوريا فحسب ، بل على امتداد الخارطة الإقليمية و الدولية ، و من اللافت أنه قبل بدء القمة بين بوتن و ترامب ، فرضت روسيا شروطها ، فقد قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن " المطالبة بانسحاب إيران الكامل من سورية غير واقعي " ، كما أكد لافروف خلال اجتماعه مع نظيره الأردني أيمن الصفدي أن " إيران واحدة من القوى الرئيسية في المنطقة وأنّه من غير المنطقي على الإطلاق توقّع تخليها عن مصالحها " ، إذاً بات من الواضح أن أوراق القوة بيد روسيا ستكون مفتاحا للبحث عن حلول و ليس فرضها ، خاصة أن الروسي و الأمريكي غير حاضرين لمواجهة عسكرية من جهة ، كم أن الأمريكي ليس في وارد الانسحاب من سوريا في الوقت الراهن من جهة أخرى ، لذلك لا بد من التأسيس لخارطة طريق تفاوضية بين الطرفين ، تكون تمهيدا لحلحلة الكثير من القضايا الدولية و الإقليمية .
الرمزية التاريخية .
بقي أن نَذكر بأن انعقاد هذه القمة في عاصمة فنلندا "هلسنكي"، لها رمزية تاريخية بين البلدين ، ففي عام 1975 استضافت هذه العاصمة الرئيس الأمريكي "جيرالد فورد" و " ليونيد بريجنيف" رئيس الاتحاد السوفييتي ،حيث أفضى لقاؤهما إلى توقيع اتفاقية تحسين العلاقات بين البلدين، ممهورةً بتوقيع 35 رئيس دولة آنذاك ، وتكرر اللقاء بين رؤساء الدولتين خلال عامي " 1990- 1997 " في هلسنكي أيضاً، للتباحث بشؤون أزمة الخليج ، وتقريب وجهات النظر إبان الحرب الباردة حسب مخرجات الاجتماعات وقتها ، لكن اليوم الظروف و الوقائع الدولية مختلفة تماما عما كانت عليه في السابق لجهة تعاظم الدور الروسي في المنطقة ، و فرضه توازن دولي جديد ، فهل ستكون قمة هلسنكي 2018 بداية النهاية لعلاقات روسية أمريكية متوتّرة ؟ أم ستفتح بوابات واسعةً لتحالفات جديدة ، على هرمها "بوتين و ترامب" ، لإدارة الصراعات المتأجّجة وتمرير المصالح الاقتصادية والسياسية لكلا البلدين؟ .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


امجد إسماعيل الآغا
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/07/18



كتابة تعليق لموضوع : قمة هلسنكي و الأزمات الدولية .. ملفات شائكة بحاجة لحلول .
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net