ماذا تعلمنا...بعد كل ما جرى؟؟؟
د . يوسف السعيدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . يوسف السعيدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بعد عقود من الزمان هكذا صار حالنا، لقد تقدم علينا الذي كان خلفنا، وصار يطمع بنا كل من هب ودب... حدث كل ذلك ونحن (الشعب العريق) ونحن (اغنى البلدان)... هذه هي حصيلة القومية والوطنية والديمقراطية والاشتراكية وحب المناصب
أما لهذا الليل من آخر؟
عقود من الزمان مرت علينا ومن حق المنصف للتاريخ او اي مواطن عاش المرحلة بتفاصيلها بآلامها ومرارتها ان يتساءل ما الذي جناه شعب العراق من تلك المنشورات، والشعارات، والتظاهرات والاضرابات والانقلابات؟...
هل تطور مستوى معيشة الفرد؟
هل وصلت الكهرباء الى كل قرية؟
هل تعبدت الطرق بين الريف والمدينة او بين كثير من المدن؟.
هل تم القضاء على الامراض المستوطنة والسارية والمعدية؟
هل حصل المواطن على علاج افضل؟
هل تطور مستوى التعليم نحو الارقى؟
هل ارتفع الانتاج الزراعي؟
هل دخلنا عصر التصنيع؟
والاهم:
هل حظي المواطن بحريته؟
وهل تخلص من هراوة الشرطي؟
وهل تمت المساواة بين الناس؟
هل حددت سلطة الحاكم على الاقل سلطته في ازهاق روح من لا يعجبه من البشر؟
نعم لقد تعلمنا.... ولكن ما الذي تعلمناه؟
تعلمنا الطاعة العمياء لمن يحكم خوفا على انفسنا...
تعلمنا الفرقة على اسس دينية، وطائفية، وعرقية...
تعلمنا كيف نرشي وكيف نرتشي...
تعلمنا كيف نسحب الجثث في الشوارع بالحبال، ونحتفل بالمشهد كأننا في عيد...
تعلمنا ان نستهين بكرامة بعضنا...
تعلمنا الانتهازية والنفاق...
تعلمنا كيف نكيد لبعضنا تارة في التقارير، واخرى بوضع المسجلات، وثالثة بالكامرات الخفية...
تعلمنا لغة السلاح ونسينا لغة المنطق...
تعلمنا ان نتعايش مع الذباب والبعوض، والكلاب السائبة والقطط والفئران، والصراصر...
ونسينا كيف كانت امهاتنا وهن ريفيات يغسلن الصحون في النهر حيث لا توجد صنابير، وكيف كن يرشن الماء وينظفن باحة الدار بمكنسة السعف...
تعلمنا ان الدشداشة الوسخة المليئة بالبقع والنعل المخروم هي وسيلة مقابلة الناس والسير في الشوارع.
تعلمنا ان يحقد الجار على جاره وقد كان اخاه...
تعلمنا البغضاء واصبح طعم الحب غريبا على الالسن والنفوس...
تعلمنا ان نصفق وان نهتف بكل ما في حناجرنا من قوة وتعلمنا كيف تصرخ الخناجر بما لا تخفيه الصدور...
تعلمنا المزايدة على بعضنا...
تعلمنا ان نرى الموت العبثي شجاعة واستشهاداً، وصرنا نعتبر الحياة جبنا وتخاذلاً...
صرنا دعاة حروب وقتال فان لم نجد عدوا نحارب بعضنا...
صرنا بدلاً ان نرسل اطفالنا للملاعب والمنتزهات نبعث بهم للمعسكرات حتى صار الان الموت، عندهم لعبة، وصار اليتم هو المصير.
واخيراً تعلمنا الانتحار بالسيارات المفخخة والاحزمة الناسفة وتذهب الى الجنة على جثث الابرياء (يكفن بعضنا بعضا وتمشي اواخرنا على هام الاوالي)...
تعلمنا ان نكيل التهم لبعضنا فكل من يخالفنا الرأي هو خائن وعميل، وكل من يتبعنا هو وطني غيور حتى يتم الاستغناء عن خدماته...
تعلمنا ان نزايد في الوطنية وما قصدنا بالوطنية الا مصلحة الطائفة، والحزب، والجيب...
حتى مثقفونا نسوا (تقدميتهم) و (معاصرتهم) واتهاماتهم للمتنبي وابي تمام بالتخلف وفقدان الشاعرية فانقسموا، اليوم، تبعا لانقسام الطوائف...
صرنا نرتكب الجريمة ونلقي باللوم على الضحية، نمعن بتمزيق بعضنا وننحي باللائمة على الاجنبي...
بعد نصف قرن هكذا صار حالنا، لقد تقدم علينا الذي كان خلفنا، وصار يطمع بنا كل من هب ودب... حدث كل ذلك ونحن (الشعب العريق) ونحن (اغنى البلدان) ونحن نحن... وصدق من قال:
ما كان اي ضلال جالباً ابداً هذا الشقاء الذي باسم الهدى جلبا
هذه هي حصيلة القومية والوطنية والديمقراطية والاشتراكية وحب المناصب
انها لعبة الكلمات التي نرددها دون ان نعرف معناها والتزاماتها...
ولننظر الان كيف تزهو الشعوب بحاضرها وكيف نحن نبكي على ماض تولى؟
ماذا اعدت الشعوب لاجيالها وماذا اعددنا لابنائنا غير الخراب؟...
دعونا نسأل انفسنا ولو مرة الى اين نحن ذاهبون؟
اما لهذا الليل الذي صنعته ايدينا من آخر ؟؟ .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat