صفحة الكاتب : نجاح بيعي

هل حذّرت المرجعية الدينية العليا الأمّة من داعـش ؟ حلقة رقم ـ 29-
نجاح بيعي

 ـ (إنّ التهاون مع الفاسدين والفاشلين على حساب دماء وأرواح المواطنين أمرٌ لا يُطاق ولابُدّ من وضع حدٍّ له)!.

مُلخص مقدمة المقال :
ـ " .. شعبنا كثير النزف .. توَّج عطاءه بالفتنة الداعشية إلى أن أقبرها وأنهاها .. هذه الفتنة لا تنتهي ولا تُقبر إلا بهذا الدّم ..".
https://alkafeel.net/inspiredfriday/index.php?id=366
بتلك الفقرات وصفت المرجعية العليا في 19/1/ 2018م , وعبر منبر جمعة كربلاء داعـش بـ الفتنة . 
سؤال : هل حذّرت المرجعية العليا الأمّة (الشعب العراقي) من داعـش ومِن خطره العظيم ؟. وإذا كانت قد حذّرت فمتى كان ذلك ؟. وأين ؟. وكيف ؟. مع يقيننا بأنها تُواكب الأحداث وتُراقبها وتعلم بشكل جيد بأدق تفاصيلها . وسؤال آخر :
هل حذّرت المرجعية العليا من خطورة النيل من الدولة ؟. وهل عمِلت على صون وحفظ الدولة ومرتكزاتها ؟. متى كان ذلك ؟. وأين ؟. وكيف ؟.مع يقيننا بأن في حفظ وصون الدولة وتعزيز مقوماتها المُتمثلة بـ (الشعب ـ الأرض ـ السلطة) هي حفظ وصون أمن واستقرار الشعب ومقدساته وأراضيه . 
ـ لا مناص من أن الجواب على الأسئلة أعلاه وما ينبثق من أسئلة أخرى هو : نعم !. ونعم حذّرت المرجعية العليا مرارا ً وتكرارا ً من الإرهاب والإرهابيين الذي ـ داعش ـ هو أحد صوره ومصاديقه . فتحذيراتها جاءت مبثوثة عبر أساليب خطابها المتنوع والموجه للجميع .. ولعل منبر صلاة جمعة كربلاء هي أكبر الوسائل وأوضحها . لذا أعرض هنا مساهمة متواضعة لرصد بعض مواقف المرجعية العليا بتقصّي أقوالها المُحذرة عن تلكم الأخطار, لتكون شاهدة وحجّة على من (جَحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما ً وعلوّا) . وبالتركيز على فترة قتال داعش والمحصورة ما بين خطبتي الجهاد والنصر وما بعدها , لما لحق بالفتوى من ظلم وتعدّي وتشويه وتقوّل .. بمقال يحمل عنوان" هل حذّرت المرجعية الدينية العليا الأمّة من داعـش " . متسلسل على شكل حلقات مرقمة , تأخذ من جملة ( هل تعلم بأنّ المرجعيّة الدينيّة العليا ) التي تبدأ بها جميع الحلقات , لازمة متكررة موجبة للعلم والفهم ( لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) لمجمل مواقف المرجعية العليا حول ذات الموضوع . ربما نلمس مِن خلال هذا السِفر جهاد وصبر وحكمة المرجعية العليا في حفظ العراق بلدا ً وشعبا ً ومُقدسات .
ــــــــــــــــــــ
( 134 ) ــ هل تعلم بأنّ المرجعية الدينية العليا ..
قد قرّرت أن لا تكون الخطبة الثانية (السياسية) من صلاة جمعة كربلاء بشكلٍ أسبوعيّ . وإنما ستكون حسب ما يستجد من الأمور . إحتجاجا ً على سوء إدارة البلد من قبل السياسيين والمتصدين للشأن الحكومي التي تسير من سيّئ الى أسوء , ولعدم أخذهم وتناولهم لنصائح وإرشادات ووصايا المرجعية العليا التي هي صوت الشعب وكافة المحرومين المعبر عنهم في عموم العراق . حيث قالت المرجعية العليا :
(كان دأبنا في كلّ جمعةٍ أن نقرأ في الخطبة الثانية نصّاً مكتوباً يمثّل رؤى وأنظار المرجعيّة العُليا في الشأن العراقيّ، ولكن قد تقرّر أن لا يكون ذلك أسبوعيّاً في الوقت الحاضر بل حسبما يستجدّ من الأمور وتقتضيه المناسبات، ومن هنا نكتفي بتلاوة مقاطع من دعاء الإمام علي بن الحسين زين العابدين(عليه السلام) لأهل الثغور...)!.
ـ خطبة جمعة كربلاء في 25 ربيع الثاني 1437هـ الموافق 5/ 2/ 2016م. بإمامة سماحة السيد أحمد الصافي.
https://alkafeel.net/inspiredfriday/index.php?id=250
ـ
ـ وقفة مع قرار المرجعية العليا الجريء!.
تعددت القراءات واختلفت الرؤى حول قرار المرجعية العليا في عدم تناول أيّ شأن من شؤون البلد بشكل إسبوعي , وحصر الأمر حسب ما تقتضيه الحاجة أو ما يستجد من أمور مستقبلا ً. وهو إجراء لم يعهده الشعب العراقي البتّة بجميع فعالياته , فضلا عن القوى السياسية التي لم تَفِق للآن على ما يبدو , من شدّة الصدمة التي أفقدتها وعيها وهي تسير في أروقة العملية السياسية كالسائر في نومه بلا هدى , ومنذ أن أقيمت صلاة جمعة كربلاء بعد تغيير النظام عام 2003م بالصحن الحسيني الشريف .
بينما الأمر ليس هكذا عند غالبية العراقيين . وعند مَن تنسّم عطر سيرة الأنبياء والأوصياء تجاه أممهم , وعند مّن واستجلى مواقف النبيّ ( ص وآله ) وأهل بيته المعصومين ( ع ) في الأمّة , وعند مَن تربّى على هدى المرجعية الدينية التي هي بمقام النيابة المقدسة عن الإمام المعصوم (عج) وعند مَن تشرّب الوطنية ومضى على دربها مقدما ً التضحيات تلو التضحيات .
بل يُحْسَب قرار المرجعية العليا هذا من أشجع وأبلغ الإجراءات التي خَطتْها المرجعية العليا , ليبس فقط تجاه الطبقة السياسية الحاكمة , وإنما تجاه الشعب العراقي بأسره . وما اكتفائِها بقراءة مقطعيّ من دعاء (أهل الثغور) إلا ّ إسلوبٌ خطابيّ رادع ٍ جديد توجههُ المرجعية العليا إلى جميع العراقيين بشكل عام , وذلك بإبراز (صنفيّن) إثنين في الشعب العراقي , ضَمِنَهُم الدعاء بشكل خاص . وليس فقط لحفنة من السياسيين الفاسدين والفاشلين بكل شيء .
وللوقوف على بعض مضامين قرار المرجعية العليا , علينا معرفة فلسفة صلاة الجمعة ولو على نحو الإجمال , لندرك أهمية وخطورة ما أقدمت عليه المرجعية الدينية العليا بالنسبة لنا وللطبقة السياسية ولـ(لأمّة) . 
ـ صلاة الجمعة ركعتان تقام بدلا ً عن صلاة الظهر . و تحسب الخطبتان اللتان يتمّ إلقاؤهما قبل الصلاة بدل الركعتين الأخيرتين . وهي واجبة بوجود المعصوم (ع) ومستحبة بشروط معينة في غيابه (عج) .
فللخطبتين ما للركعتين من الصلاة بل هي صلاة . وورد نهي عن إتيان ما ينافي الصلاة . فعن الإمام علي ( ع ) : " لا كلام والإمام يخطب ولا إلتفات إلا كما يحل في الصلاة ".
وتعتبر صلاة الجمعة عبادة (جماعية) مقدسة . ومن الناحية السياسيّة والإجتماعية تعتبر بمثابة مؤتمر أسبوعي يماثل الحج السنويّ . وأهميتها تكمن بأبعادها الدينية والاجتماعية والسياسية والأخلاقية , التي تهدف الى تكامل الأمّة نحو الأفضل . ولهذا فقد ورد لمن أعرض عنها أو استخفّ بها يكون في معصية عظيمة حتى يتوب . 
فورد عن الرّسول الأكرم (ص وآله) : " إنّ اللّه تعالى فرض عليكم الجمعة . فمن تركها في حياتي أو بعد موتي ــ استخفافا ً بها أو جحودا ً لها ــ فلا جمع اللّه شمله و لا بارك له في أمره ، ألا ولا صلاة له ، ألا ولا زكاة له ، ألا ولا حجّ له ، ألا ولا صوم له ، ألا ولا برّ له حتّى يتوب". / وسائل الشيعة. 
بعد تلك المقدمة صار بالإمكان إصابة ما يوحي لنا قرار المرجعية العليا الأخير وذلك مِن خلال أمور عدّة منها :
1ـ إنّ خطاب المرجعية العليا عبر منبر صلاة الجمعة مُقدّس وخطابها يعلو فوق كل خطاب .
2ـ أنه عام يشمل الأمور الدينية والدنيوية .
3ـ أنه مُلزم للجميع من الناحية الإعتبارية الإرشادية بلحاظ عدم ترك الأولى , وذلك لانطوائها على النصح والإرشاد والمشورة , الموجبتين لصلاح (الأمّة) , والموجبتين لخرابِها أيضا ً وذلك بعدم الأخذ بهما . وما كان هبوط نبيّ الله آدم (ع) من الجنّة الى الأرض إلا بتركه الأولى الذي هو الأمر الإرشادي النّصحي من الله تعالى . 
4ـ الإعراض عن خطاب صلاة الجمعة  ولأيّ سبب كان موجب للذنب والمعصية وهو كذلك حتى يتوب.
5ـ أن الخطاب يتعدّى من حَضر الصلاة ليعبُر ويشمل جميع الشعب العراقي و(الأمّة) . ولم يكن بمقدور أحد أن يطأطئ رأسه ليتخطّاه . فكل شخص ٍ عراقيّ هو معني ٍ بالذات به  وأينما وجد  وعلى أيّ حال ٍ كان .
ـ إذن ..
فقرار امتناع المرجعية العليا عن تناول (الشأن العراقي) بالرؤية والنظر , يشمل الأمّة (الشعب العراقي) بكل مستوياته وفعالياته الإجتماعية والسياسية والأمنية والثقافية وغيرها . واستثنت من عنتهم في دعاء ( أهل الثغور ) , المنسوب للإمام زين العابدين (ع) حينما تناولته عبر منبر الجمعة .
فالمرجعية العليا :
ـ إمتعضت واحتجبت عن تناول شأن الرئاسات الثلاث التنفيذيّة بشقيّها والتشريعية والقضائيّة . لأنها وأصبحت عقيمة عن إدراك وفهم مطالب المرجعية العليا والأخذ بها , وحاضنة للفساد والمفسدين الفاشلين .
ـ إمتعضت واحتجبت عن القوى السياسية بأحزابها وكتلها وتياراتها لأنها آثرت الصمت وعدم الإستجابة لأيّ توجّه من المرجعية العليا , بل عملت بالسنوات الأخيرة بالضّد منها بالقول والفعل. بل تورطت حتى النخاع بمجمل المؤامرات التي أوْدَت بالعراق الى هاوية الحرب الأهلية ـ الطائفية وكذلك مجمل الخلل الأمني , وتهديد السلم الأهلي وتمزيق النسيج المجتمعي , والركود الإقتصادي والشلل السياسي على مدى سنيّ التغيير وللآن .
ـ إمتعضت واحتجبت عن العشائر التي تقاتل بعضها البعض . ولم ترعويّ لنداءات المرجعية بالكف عن هدر الدماء (المحترمة) من غير وجه حق ولأسباب تافهة . حتى خرج الأمر عن السيطرة  وبات يهدد الأمن الوطني للبلد . 
ـ إمتعضت واحتجبت عن المؤسسة العسكرية والأمنية المُخترقة من قبل عناصر النظام السابق . ومن قبل شلّة الوصوليين والمنفعيين والمنتفعين اللذين أتت بهم المحاصصة الحزبية المقيتة . وكذلك من قبل الخلايا النائمة للإرهابيين . وكانت سببا ً في تردّى الوضع الأمني للبلد من سيّء الى أسوء , حتى استبيح ثلث أراضي البلاد من قبل أعتى عدوّ وأخسّه ( داعش ) .
ـ إمتعضت واحتجبت عن جميع الشرائح والفعاليات الثقافية والإعلامية والتربوية وغيرها في المجتمع وفي طول البلاد وعرضه , من طلاب وموظفين وإعلاميين وصحفيين ومثقفين وأدباء ومنظمات مجتمع مدني .. ألخ . إمتعضت بمرارة واحتجبت من جميع اللذين لم يستمعوا ولم يَعوا ولم يلتفتوا ولم يأخذوا بوصايا وإرشادات ونصائح ومطالب المرجعية العليا .  
ـ واستثنت من ذلك :
مَنْ استمع ووعى والتفت ولبّى . وأخذ بجميع ما صدر ويصدُر من المرجعية الدينية العليا , ووضع أمرها وإرشاداتها نصب عينيه وأنزلها على السمع والطاعة . مؤمنون مذعنون مسلـّموُن أدركوا أن للمرجعية العليا مقام مقدّس يأخذ قدسيته من مقام المعصوم (عج) . والأخذ بما يصدر منها هو عين التكليف الشرعي .
ـ واستثنت من اعتقد وآمن بأن المرجعية العليا هي العراق بحق . وهي الوجه الآخر للوطن الحرّ والوطنية البيضاء .
ـ واستثنت مَن لمِسوا بالمرجعية العليا بأنها الملاذ الأبويّ الآمن .
ـ واستثنت مَنْ رأوا بالمرجعية الزهد والعفّة والنزاهة . ورأوا بأمّ أعينهم كيف تتداركت الدنيا وتصاغرت وتهاوت على أعتابها , في ذلك الزقاق العتيد من أزقة النجف الأشرف القديمة وهي غير آبِهَة لها . وأيقنوا كيف أن الكلّ هو محتاج إليها ولم تكن لتحتاج إلى أحد . 
مَنْ استثنتهم وعنتهم وشخّصتهم المرجعية العليا هم شيعة وسنّة ومسيح . عربٌ وكردٌ وتركمان وآخرون . عرفناهم حينما لبّوا النداء وهبّوا كرجل واحد للدفاع عن الأرض والعرض والمقدسات. عرفناهم كأبناء لفتوى (الجهاد) ضد عصابات داعش . وعرّفتنا بهم المرجعية العليا حينما اطلقت عليهم تسمية (المقاتلين المتطوعين الغيارى) .
هذا النمط المبارك كان قد وصفه الإمام السجاد (ع) بـ( الحُمَاة والرجال والمجاهدين) ووضعتهم المرجعية العليا نصب عينيها بالرعاية الشاملة . من هذا النمط مَنْ هُم بدرجتهم ومقامهم هم مَن (تعهد وأعان وأمدّ وشحذ ورعى) الحماة والرجال والمجاهدين في المعارك . وقد وحدّهم الأمام (ع) بالأجر والثواب العظيمين وجعلهم بمقام واحد .
ــ ونتيجة لذلك :
فقرار المرجعية العليا لا يمكن أن يُفسّر إلا ّ أنه (صرخة) بوجه الجميع وللجميع . صرخة تُوقظ الجميع من الغفلة وتُنبهها وتقول أنها حاضرة وفاعلة أكثر من ذي قبل . 
فالمصلحة العليا للبلد والحفاظ عليه مهما بلغ المدّ المُضاد هو مطلب المرجعية العليا وهي مكلفة بالحفاظ عليه على النحو التكليف الشرعي .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
 ( 135 ) ــ هل تعلم بأنّ المرجعية الدينية العليا ..
كانت قد شكت الحال الى الله تعالى أسفا ً من لا جدوائيّة نصائحها ومناشداتها للمسؤولين الحكوميين لأنهم صمّوا آذانهم بالمرّة عنها وهم يروْن بأمّ أعينهم انحدار الوضع العام في البلد . كان ذلك حينما ضربت التفجيرات الإرهابية المواطنين العُزل في محافظات عدّة منها بغداد والسماوة وديالى وغيرها .
وقالت المرجعية العليا بقلب يعتصره الألم : (الحقيقة أنّ الكلمات تقصر عن وصف بشاعة هذه المآسي وسوء ما يمرّ به البلد ويعاني منه المواطنون على مختلف الأصعدة، وإذا كان لا يُستغرب من الإرهابيّين التمادي في ارتكاب المجازر المروّعة والتفاخر بإراقة الدماء البريئة بمنتهى الوحشية , فإنّ الجميع يتساءل متى يريد المسؤولون أن يعودوا الى رشدهم ويتركوا المناكفات السياسية والإهتمام بالمصالح الخاصة ويجمعوا كلمتهم على وقف هذا الإنحدار والتخبّط في إدارة البلد . وللأسف فإنّه لا جدوى من الحديث في هذا المجال فإنّهم قد صمّوا آذانهم عن الاستماع لأصوات الناصحين والى الله المشتكى )!.
ـ خطبة جمعة كربلاء في (5شعبان 1437هـ) الموافق 13/ 5/ 2016م. بإمامة سماحة السيد أحمد الصافي .
https://alkafeel.net/inspiredfriday/index.php?id=266
ـــــــــــــــــــــــــ
( 136 ) ــ هل تعلم بأنّ المرجعية الدينية العليا ..
قد أعادت على مسامع الجميع العبارة التالية (ثلاث) مرّات :
(إنّ التهاون مع الفاسدين والفاشلين ..
إنّ التهاون مع الفاسدين والفاشلين ..
إنّ التهاون مع الفاسدين والفاشلين
على حساب دماء وأرواح المواطنين أمرٌ لا يُطاق ولابُدّ من وضع حدٍّ له)!.
جاء هذا بعد الإعتداء الآثم على مرقد السيد (محمد) عليه السلام في قضاء بلد . ويأتي هذا الإعتداء بعد أسبوع واحد على فاجعة (الكرادة) ببغداد . وخلصت المرجعية العليا الى :
(مطالبة الحكومة بالعمل على كشف مخطّطات الإرهابيّين وإلقاء القبض عليهم وعلى من يدعمونهم وتقديمهم الى العدالة واتّخاذ الإجراءات الضرورية لمنع قوع هذه المآسي الفظيعة ، فقد تكرّرت خلال السنوات الماضية هذه المطالبة عقب حوادث مماثلة).
كما وعزت المرجعية العليا عدم تحقيق تلك المطالبات الى:(غياب الرؤية الصحيحة لأصحاب القرار وتفشّي الفساد والمحسوبيات وعدم المهنية في مختلف المفاصل ، بالرغم من كلّ النصح المرجعيّ والضغط الشعبيّ بإحداث تغييرٍ جوهريّ في أداء المسؤولين وقيامهم بمكافحة الفساد بصورة جدّية وتطبيق ضوابط مهنية صارمة في التعيينات الحكومية ولاسيّما في المواقع والمناصب المهمّة كالمهامّ الأمنية والاستخبارية).
ـ خطبة جمعة كربلاء في (3شوال 1437هـ) الموافق 8/ 7/ 2016م. بإمامة سماحة السيد أحمد الصافي .
https://alkafeel.net/inspiredfriday/index.php?id=275
ــــــــــــــــــــــ
( 137 ) ــ هل تعلم بأنّ المرجعية الدينية العليا ..
قد وصفت الأيام الأخيرة من فصل تحرير محافظة الموصل عقر تنظيم داعش الإرهابي بـ(الأيام الخالدة) . حيث يخوض رجالُ العراق الأبطال معارك العزّ والكرامة دفاعاً عن الأرض والعِرض والمقدّسات . وتوجهت بالخطاب الى المقاتلين الأبطال قائلة :
(أيّها الأبطال الميامين .. يا من ليس لنا من نفتخرُ بهم غيرُكم.. لقد تحمّلتم مسؤوليّة الدفاع عن العراق وشعبه ومقدّساته في أحلك الظروف وأصعبها .. فكنتم - وأيم الله - على مستوى هذه المسؤوليّة العظيمة . لم تملّوا ولم تكلّوا في القيام بمتطلّباتها ، بل كلّما مضى الوقتُ ازددتُم صلابةً في عزائمكم لمواصلة القتال حتى تحقيق هذا الهدف العظيم .. ولا زلتم تسطّرون أروع ملاحم البطولة والفداء في سوح الوغى ممّا سيُخلّدها لكم التاريخ ).
وتطلّعت المرجعية العليا الى : (اليوم الذي تُطوى فيه هذه الصفحة المؤلمة من تاريخ العراق المليئة بإراقة الدماء وخراب الديار وآهات الثكالى ودموع اليتامى وأنين الجرحى والمصابين، وتُفتح صفحةٌ أخرى يحلّ فيها الأمنُ والاستقرار على ربوع هذا البلد الطيّب ويتكاتف فيها الجميع من مختلف المكوّنات على بناء وطنهم بعيداً عن الإحن والأحقاد، يأخذون العبر والدروس من تجاربهم المريرة الماضية وينتبهون الى أخطائهم وخطاياهم ويتفادون تكرارها، ولا يسمحون للأجنبيّ باستغلال خلافاتهم للتدخّل في شؤونهم الداخليّة وخرق سيادة بلدهم بذرائع مختَلَقة كما يحصل اليوم)!.
ـ خطبة جمعة كربلاء في (19محرّم الحرام 1438هـ) الموافق 21/ 10/ 2016م. بإمامة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي.
https://alkafeel.net/inspiredfriday/index.php?id=291
ـ
ـ مِن الخطاب أعلاه نستقرأ  النقاط التالية :
1ـ لأول مرّة تصف المرجعيّة العليا الأيام التي يعيشها الشعب العراقي بـ( الخالدة). وأطلقت وصف (رجالُ العراق) على الأبطال من صنوف قواتنا الأمنيّة , وجحافل المتطوّعين وأبناء العشائر الغيارى . فهنا الخلود لا يليق إلا ّ برجال العراق , وإلا فأن الأمر برمته يعتبر مجازا ً ولا يليق بمقامهم البتة لولا إلتفاتة المرجعيّة العليا لهذه النكتة لأنها على يقين من ذلك . كون المقاتلين يقتربون من النصر النهائي لتحرير الموصل المعقل الأخير لداعش . وعبارة : (يا من ليس لنا من نفتخرُ بهم غيرُكم.. ) إشارة واضحة الى أنهم هُم وليس غيرهم ممن جلبوا النصر للعراق واستحقّوا الفخر والافتخار . وذلك للتفريق عمن يُسمّوْن بالرجال وهم ليسوا كذلك وهم الذين يتصنعون النصر الكاذب المزيّف .
 بدليل  ـ لو كان هناك غيرهم لكان على المرجعيّة العليا الإشارة اليهم . بل واستحقوا قسَم المرجعيّة العليا على ذلك ( فكنتم - وأيم الله - على مستوى هذه المسؤوليّة العظيمة ) في إشارة أيضا مِن أن هناك مَن هو ليس على قدر المسؤوليّة , لأنّ المقاتلين والحشد الشعبي ليس فقط لم يمّلوا ولم يكلّوا حتى استرخصوا الأرواح وبذلوا الدماء , بل قد اختبرتهم المرجعيّة العليا ونجحوا في الإختبار , ولا يزالون يسطّرون الملاحم في سوح الوغى ممّا سيخلدها التاريخ بلا أدنى شك . على عكس غيرهم من السياسيين المتقاعسين والفاشلين .
2ـ التلميح بوجود قيادة حقيقيّة شاملة (المرجعيّة) , على المستوى الواقعي تنطوي على البعد الإلهي . وهي لا تشبه غيرها من القيادات على وجه البسيطة مطلقاً . وتحظى باحترام وتقدير جميع المقاتلين وخصوصا ً (متطوعي الحشد الشعبي) من خلال حضورها الدائم والمتواصل ورفدها لهم في كل مرّة بدعم واسناد ووصايا وإرشادات , منذ أن صدرت (فتوى الدفاع المقدسة) في 13/6/ 2014 م . كما وتلمح الى وجود قائد فذ (السيستاني) لا نظير له ولا كفؤ له أبدا ً . فيما لو قورن مع أيّ  قائد ممكن أن يخطر على ذي بال . والمقاتلون يطبّقون باعتزاز أوامره ووصاياه جميعا ً عن طيب خاطر , عكس مَن أرشدتهم المرجعيّة العليا ورفدتهم بوصاياها ولكنهم لم يرعوي حتى بُحّ صوتها جراء ذلك .
3ـ الإشارة الى أن المقاتلون ومن لبى نداء المرجعيّة وليس غيرهم , هم من يقومون بطيّ صفحة سوداء وفتح صفحة جديدة بيضاء من تاريخ العراق . فحينما تتطلّع المرجعيّة العليا لأن( تُطوى فيه هذه الصفحة المؤلمة من تاريخ العراق ..) هو استشراف المستقبل المفعم بالنصر والأمن والأمان , ولا يكون إلا ّعلى يد قواتنا الأمنية والحشد المقدس , فهي القوّة المعوّل عليها في التغيير  لا على غيرها .
4ـ دعوة الشعب بجميع مكوناته بأن يأخذوا ( العبر والدروس من تجاربهم المريرة الماضية , وينتبهون الى أخطائهم وخطاياهم ويتفادون تكرارها !) وهي دعوة لأن يتحمل الشعب مسؤولياته تجاه عراق ما بعد داعش , لأن النصر لم يقم إلا ّبدماء مئات الآلاف من خيرة هذا الشعب . فالاعتراف بخطأ الانجرار وراء الصراعات السياسية الحزبية والكتلوية التي عطلت الدولة وشلت مؤسساتها وعدم العود اليها . واستشعار خطيئة رمي النفس بأحضان الغير ومحق الإرادة الوطنية بتطبيق الأجندات الخارجيّة , كفيل بتقويم الوضع ودفعه الى أمام . كما أن للنصر استحقاق لأن يتكاتف الجميع على بناء الوطن , بعيداً عن (الإحن والأحقاد ) التي كرستها الأحزاب السياسية خلال الثلاث عشر سنة مدة تصديها للشأن السياسي . 
5 ـ الدعوة الى تكاتف أبناء الوطن (العراق) بعيداً عن الإحن والأحقاد , هي دعوة لإعادة الأمور الى وضعها الطبيعي . حيث أن المعادلة كانت قد قلبتها الأحزاب السياسية لصالحها , بعمل منحرف دؤوب منذ التغيير عام 2003م وللآن . فبتحايلها على النظام الديمقراطي ومغادرتها للاستحقاق الإنتخابي بانتهاجها المحاصصة السياسية المقيتة , وبروز الطابع الطائفي والفئوي والقومي في العمل السياسي , على غرارها تم تقاسم الدولة بمؤسساتها مع تكريس الفساد المستشري بها , استطاعت الطبقة السياسية أن تسحب وتجيّر وتذوّب مكونات الشعب لصالحها وتجعلها داخل الأحزاب السياسية , وتجعل من نفسها ليس فقط لسان حال المكوّن الإجتماعي والفئوي والقومي والمذهبي , وإنما صارت هي المكوّن والمذهب والقوميّة . 
فالمرجعيّة العليا تدعو المكونات لأن تخرج من ربقة الأحزاب والكتل السياسية وسيطرتها , وتتحرر من الطائفية والفئوية والقومية , وتتطلع الى الدولة المدنية الدستورية التي تضم وتحضن الجميع وتحقق العدالة الإجتماعية تحت مظلة سيادة القانون . 
6ـ عمدت المرجعيّة وكنتيجة للإحن والأحقاد والخلافات , أن تشير الى أن هناك نوعين من التدخل الأجنبي للعراق :
الأول : تدخل سياسي  وينفذ من خلال استغلاله للخلافات بين الفرقاء السياسيين . 
الثاني :  تدخل عسكري من خلال خرق سيادة البلد (تدخل عسكري) ويكون تحت ذرائع شتى .
( ولا يسمحون للأجنبيّ باستغلال خلافاتهم للتدخّل في شؤونهم الداخليّة , وخرق سيادة بلدهم بذرائع مختَلَقة كما يحصل اليوم)!
7ـ للمرة الأولى يعمد (مُمثل) المرجعية العليا للإشارة إليها إثناء شرحه لبعض الفقرات كما في عبارة : (إخواني..لاحظوا هذا التعبير ..هنا المرجعيّة الدينيّة العُليا تقول : ليس ..) في إشارة الى جميع المشككين وللمتصيدين في الماء العكر , والذين يطعنون بخطاب منبر جمعة كربلاء وينسبونه ككلام الى خطيب الجمعة وليس للمرجعية العليا . بينما هو كلام المرجعيّة  ذاته أو بتقرير منها.
وأخيراً نكون مخطئين إذا جزمنا من أن المرجعية العليا  لم تأتي على ذكر السياسيين . فهي وإن لم تذكرهم مباشرة ألا أن خطابها موجه لهم من خلال التلميح والإشارة بلا ريب .
ـ
ـ يتبع ..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نجاح بيعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/07/02



كتابة تعليق لموضوع : هل حذّرت المرجعية الدينية العليا الأمّة من داعـش ؟ حلقة رقم ـ 29-
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net