صفحة الكاتب : محمد رضا عباس

اصلاح حال العراق يبدأ بالمواطن
محمد رضا عباس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

نسمع ونقرأ دائما عن الفساد الإداري والمالي المستشري في العراق , ولكن لم يعطى موضوع فساد المواطن وخرقه قوانين الدولة نفس المساحة , الا ما ندر . لا يمكن لأي دولة في العالم التقدم والازدهار بدون احترام المواطن للقانون والنظام العام . المواطن الأوربي او الأمريكي او الياباني يتنعم بالأمن والازدهار الاقتصادي لأنه يعرف جيدا ان خرق القواعد القانونية يكلف الدولة ماليا , يضر بمصالح الناس , ويعرضه الى المسائلة القانونية . اما في العراق و في الوضع الذي يمر به من تحديات امنية و اقتصادية تكون وظيفة المواطن مضاعفة , وهي دعم النظام بكل الطرق المتاحة من اجل دحر الإرهاب والقضاء على الفساد و تعزيز الازدهار الاقتصادي الذي تأخر كثيرا . 
احترام وتطبيق القوانين والأنظمة من قبل المواطن يضيف جهد اكبر على عاتق الدولة : زيادة اعداد القوات الأمنية , زيادة انشغال المحاكم , بناء سجون إضافية , صرف أموال إضافية على تجهيزات السجون , وخسارة المخالف لوظيفته او عمله . كما وان انتشار ظاهرة الخروقات القانونية من قبل المواطن يقلل من هيبة الدولة ويجعلها عرضة  لأهداف اعدائها .
بكل اسف , اصبحنا نسمع هذه الأيام , والسياسيون منشغلين جدا بتامين مراكزهم , عن خروقات قانونية من قبل المواطن العراقي من النادر ان نسمعها حتى في دول الجوار. على سبيل المثال , أعلنت دائرة كهرباء ذي قار عن اكتشاف اكثر من 700 حالة تجاوز على الطاقة الكهربائية في ظرف أسبوع واحد ! كيف ستستطيع وزارة الكهرباء من توفير الطاقة الكهربائية وهناك مئات الالاف من المواطنين يتجاوزون على الطاقة الكهربائية وبدون دفع فاتورة الكهرباء ؟ وكيف ستستطيع الحكومة المحافظة على الامن والحدود و هناك موظفين يسربون أسئلة الامتحانات النهائية للطلاب ؟ هذه الجريمة يجب ان تكون عقوبتها الإعدام لكثرة اعداد الطلاب الذين تأثروا من هذا العمل الاجرامي , و ان  قرار وزير التربية المحترم بتجميد وظائفهم لا تكفي. انها استهانة بكل القوانين واستهانة بطلابنا وعوائلهم .
خرق قوانين الدولة و التصرفات الغير مسؤولة أصبحت عادة  يمارسها بعض المواطنين بغض النظر عن موقعه الاجتماعي والسياسي , ولهذا فنجد بعض المواطنين يخالفون قوانين البلد وهم في مراكز حزبية او وظيفية رفعيه . على سبيل المثال , من سمح لتكديس سلاح في احد حسينيات مدينة الصدر والذي ذهب ضحيتها اكثر من 30 مواطن بريء اثر انفجار السلاح ؟ اليس من واجب الدولة التحقيق والتعويض و محاسبة المقصرين او من واجب من كان السبب بهذه الكارثة ؟ وما هي مصادر الأموال التي ستوزعها هذه الجهة الى ضحايا الانفجار ؟ لقد قام السلاح الأمريكي او الإسرائيلي ( لا يوجد توضيح رسمي لحد الان) بقصف موقع احد فصائل الحشد الشعبي ذهب ضحيته اكثر من 40 شهيد و جريح قبل أيام . بدلا من ضغط هذا الفصيل على الحكومة لكشف هوية الجهة التي قامت بهذا العمل الجبان , يخرج علينا احد المسؤولين لهذا الفصيل ليقول ان باستطاعة الفصيل قصف السفارة الامريكية في بغداد ! هل أصبحت قوات الحشد الشعبي قوة مستقلة عن وزارة الدفاع العراقية او قوة تابعة له ؟ هل الخلافات الدولية تحل عن طريق الحكومات او عن طريق المجاميع المسلحة ؟ ماذا سيفهم العالم من هذه التصريحات ؟ الا توافقني الراي ان من يسمع الى هذا التصريح يخرج بنتيجة انه لا توجد دولة في العراق , وانما توجد مجموعات من المليشيات تتحكم به ؟ لماذا خرج المواطنين بالملايين لانتخاب برلمان جديد وهناك مجاميع مسلحة تتحكم بالشارع العراقي و تقرر مصيره ؟ مسؤول في منظمة سياسية محترمة في محافظة ديالى قطعت عنه القوة الكهربائية بسبب تجاوزه عليها , فما كان منه الا الهجوم على المحطة الكهربائية وقطع التيار الكهربائي من جميع محافظة ديالى وجزء من محافظة كركوك . هل يحق لنا العتب على داعش عندما دمر مصفى بيجي ؟ وهل يجوز لأي حزب او ائتلاف حرق صناديق الاقتراع ؟ اين احترام راي الناخب ؟ احترام العملية السياسية والتي مكنت الكثير من قادة البلاد لان يكونوا اسياد وأصحاب امتيازات ؟ و ما قصة تساقط أجهزة التصويت ؟ ما هذه الاستهزاء بالمواطن العراقي والعملية السياسية و بالقانون؟ هل يحق علينا العتاب  على من يستهزئ بالعملية السياسية من بعض كتاب الداخل والخارج ؟
هناك انفلات امني وعدم احترام القانون على جميع الصعد من قبل شخصيات فاعلة في العملية السياسية ويجب إيقافه ومحاسبة منفذيه , لأنه لن يكون هناك مستقبل للعراق والعملية السياسية . بكلام اخر , هذه الخروقات القانونية هي التي ستمهد رجوع الدكتاتورية الى البلاد , وهي التي ستعظم المشاكل الاقتصادية التي يمر به العراق . لا يمكن لمستثمر الدخول الى العراق وهناك اكثر من حكومة واحدة , ولا يمكن لمثقف العيش في العراق وهو يخاف من الكومة العشائرية , ولا يمكن لطبيب او أستاذ جامعي أداء واجبه وهو يخاف من مراجعه او طلابه , ولا يمكن ان يستقر العراق سياسيا وامنينا والسلاح الخفيف والمتوسط والثقيل  اصبح بيد الأطفال والصبيان . 
كانت هناك نزاعات عشائرية ولكن لم تكن في بغداد وانما في المحافظات ذات الكثافة العشائرية , ولم تكن النزاعات بالأسلحة المتوسطة والثقيلة وانما كانت ببنادق البرنو والمكوار والمنجل . ولكن هذه الأيام اصبحنا نسمع بالنزاعات العشائرية في بغداد ومحيطها , واصبح البغدادي المعروف بالاعتدال و احترام القانون وهدوءه يخاف من ان يصدم كتفه بكتف مواطن اخر خوفا من المطالبات العشائرية ! بالحقيقة , أصبحت بغداد في السنوات العشرة الأخيرة مكان غير مريح وغير ودي واصبح البغدادي يمشي في شوارعها وكانه غريب عنها .
جرائم كثيرة و كبيرة يقوم بها المجرمون غير مكترثين بالعقوبات , كأنهم محصنين من المسائلة القانونية . المخدرات بكل أنواعها أصبحت تغزو الأسواق العراقية , وهناك تقارير تقول ان هناك مسؤولين في اعلى هرم السلطة يروجون لها , الاثار العراقية وهي ثروة البلاد وتاريخه أصبحت تباع في السواق العراقية بدون خوف واخرها احباط عملية بيع 790 درهما معدنيا اثريا في عرصات الهندية وسط بغداد , وعصابة أخرى القي القبض عليها وهي تحاول تهريب مادة الزئبق الخطير , وهل سمعت عن مجموعة من المزارعين في النجف قاموا بهدم احد سدود الماء . 
ليس دفاعا عن حيدر العبادي , ولكن أقول ان الخروقات القانونية في العراق لا يمكن التعامل معها حتى من  قبل قوة كبرى وأصبحت تعرض الامن الوطني الى الخطر و تنقص من هيبة الدولة بشكل غير مسبوق. انها وظيفة البيت , الأحزاب , المراجع الدينية , المدرسة والجامعة , ومنظمات المجتمع المدني ان تقوم بحملة أولا بالكشف عن الفاسدين و ثانيا تأسيس برامج تثقيفية هدفها احترام المواطن القوانين والنظام العام , وثالثا , الضغط على الحكومة والبرلمان العراقي بتشريع قوانين صارمة ضد المخالفين للقانون . أخيرا , اترككم مع ما أجاب به سيد البلاغة و الاتقياء واسد الله الغالب على بن ابي طالب عندما سأله " رجل لماذا في عصرك كثرت الفتن كنا لا نجدها في عصر ابي بكر و عمر ؟ فقال علي : في عصرهم حكموا امثالي وفي عصري حكمت امثالك " .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد رضا عباس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/06/27



كتابة تعليق لموضوع : اصلاح حال العراق يبدأ بالمواطن
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net