صفحة الكاتب : محمد رضا عباس

لماذا ستفشل العقوبات الاقتصادية ضد ايران ؟
محمد رضا عباس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

هناك شروط محددة لنجاح العقوبات الاقتصادية من طرف دولي ضد طرف دولي اخر , لا تتوفر ضد ايران . ايران دولة كبيرة صاحبة اقتصاد متنوع , استقرار سياسي وامني , يحدها من طرفها الجنوبي البحر, ولها جيران أصدقاء , وشعب معروف بولائه و حبه للوطن وتاريخية . يضاف الى ذلك , فان المقاطعة الاقتصادية ضد ايران هي ليست مثل المقاطعة الاقتصادية ضد  العراق والتي استمرت اثنا عشر عاما . لقد كانت المقاطعة الاقتصادية ضد العراق عالمية , بينما المقاطعة ضد ايران هي مقاطعة تقودها الولايات المتحدة الامريكية وحدها , وغير مقتنعة بها حتى اقرب حلفاء واشنطن وهي أوربا .
وعليه فان احتمالات نجاح العقوبات الاقتصادية الامريكية ضد ايران ستكون ضعيفة جدا وللأسباب التالية:
1. ان موقف شركاء ايران التجاريين من المقاطعة هو موقف سالب . تشكل صادرات ايران الى الصين 30.1% , الهند 16.7% , كوريا الجنوبية 9.7%, تركيا 9.5% , واليابان 6.8% عام 2016. بينما تشتري ايران ما يعادل 27.4 من استيراداتها من الامارات العربية , 13.2% من الصين, 7.8% من تركيا , 4.3% من كوريا الجنوبية , و4% من المانيا عام 2016.  جميع الدول التي تتاجر مع ايران أعلنت عن رفضها او تحفظها من القرار الأمريكي عدى الامارات العربية وكوريا الجنوبية , وبذلك فان توقف الامارات العربية و كوريا الجنوبية من التعامل التجاري مع ايران سوف لن يشكل مشكلة كبيرة , حيث من الممكن ان تحل دولة قطر محل الامارات , ويحل محل كوريا الجنوبية  دول عديدة تحب التعامل مع ايران وعلى راسها سنغافورا , فيتنام , ودول أوربية .
2. رفض او تحفظ حلفاء أمريكا التجاريين العقوبات الامريكية ضد ايران . بينما كانت أوربا من الرافضين للمشروع النووي الإيراني , الا ان هذا الرفض قد انتهى بعد توصل أمريكا و أوربا الى الاتفاق النووي عام 2015, وكانت أوربا من المشاركين في كتابة الاتفاق , وبذلك فان أوربا لا تريد الغاء اتفاق كتبته اقلامها طالما ان ايران مازالت ملتزمة بالاتفاق النووي. هذا الرفض جاء عن طريق رئيسة مفوضية الاتحاد الأوربي , وزير المالية الفرنسي, الرئيس الفرنسي , رئيس غرفة تجارة المانيا , ووزير خارجية اسبانيا . أوربا ترى ان رفض الاتفاق النووي من قبل أمريكا قضية سياسية تهم واشنطن , وان واشنطن تريد ان تكون الشرطي الاقتصادي في العالم , وهذا بالضد من مصالح أوربا الاقتصادية . الوزير الفرنسي دعا الى استخدام القرار الأوربي لعام 1996 والذي بموجبه يسمح للشركات الاوربية العمل والاستثمار في ايران وتجاهل القانون الأمريكي. كما وان المانيا تعهدت بدفع اجوار المحاماة المترتبة على الشركات الألمانية في حال قررت واشنطن تنظيم دعوى قضائية ضدهم . وهكذا فان أروبا سوف لن تخضع للقرار الأمريكي وانها ملتزمة بالشراكة مع ايران طالما ان ايران ملتزمة بروح الاتفاقية . لقد لخص رئيس غرفة تجارة المانيا موقف أوربا من العقوبات الامريكية ضد ايران بالقول , ان " سياسة واشنطن , أمريكا أولا , سيبقي أمريكا وحدها ".
3. وجود دول و شركات لا تبالي بالقرارات الامريكية او عقوباتها . هناك دول على علاقة غير ودية مع واشنطن وهناك شركات موزعة على العالم تنتظر بفارغ الصبر مقاطعة الشركات الامريكية من اجل اخذ مكانها والاستفادة من فرص جني الأرباح الكبيرة من السوق الإيرانية . هناك شركات مستقلة لا تتعامل مع الشركات الامريكية تستطيع الدخول الى السوق الإيرانية غير مكترثة بالعقوبات الامريكية لأنها ليس لها علاقات اقتصادية معها . هذا الاتجاه استفادت منه ايران كثيرا خلال فترة العقوبات الاقتصادية التي فرضتها أوربا و واشنطن قبل الاتفاق النووي عام 2015. خلال فترة العقوبات , حتى ان بعض الشركات الاوربية الكبيرة والتي اضطرت بترك ايران بسبب القرار الأمريكي استخدمت مقاولين ثانويين من اسيا و أوربا الشرقية من اجل ضمان التواجد الأوربي  في ايران . 
4. رفض صيني روسي للعقوبات الامريكية . كلا الدولتين اعلنتا ان قرار واشنطن بإعادة العقوبات الاقتصادية ضد ايران غير قانوني طالما وان ايران ما زالت ملتزمة بالاتفاق النووي . فقد جاء في تصريح لوزارة الخارجية الصينية ان فرض واشنطن العقوبات الاقتصادية على ايران سوف لن يؤثر على علاقة الصين وايران التجارية والاقتصادية . كما وأكدت وزارة الخارجية الروسية عزم موسكو وطهران مواصلة العمل لحماية التعاون التجاري والاقتصادي الثنائي من عقوبات الولايات المتحدة الامريكية . يضاف الى ذلك ان وزارة الخارجية التركية ذكرت في بيان لها ان ايران جارة لتركيا وتربطهم علاقات تجارية مهمة , في إشارة الى رفض تركيا الى القرار الأمريكي. 
ترامب سوف لن يجني من إعادة فرض العقوبات الاقتصادية على ايران الا الى خسارة عقود تجارية كبيرة مثل عقد شراء 80 طائرة نقل للركاب من شركة بوونك , عقود مع شركة جنرال الكتريك , وارتفاع أسعار البنزين داخل أمريكا . أوربا , سوف تستمر بالتعامل مع ايران حيث ان حجم التجارة مع القارة ارتفعت الى ثلاث اضعاف خلال سنتين , من 7.7 بليون يورو عام 2015 الى 21 بليون يورو عام 2017 , وهو مبلغ كبير لا تجد أوربا سببا معقول لخسارته .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد رضا عباس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/06/25



كتابة تعليق لموضوع : لماذا ستفشل العقوبات الاقتصادية ضد ايران ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net