صفحة الكاتب : كاظم فنجان الحمامي

زئبقيون في الوسط الجامعي
كاظم فنجان الحمامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
جريدة المستقبل العراقية في 13/12/2011
لا تكاد تخلو أية شريحة في مجتمعنا العراقي من أصحاب الوجوه الزئبقية, وذوي المواقف الهلامية, وربما كان الوسط الجامعي بمنأى عن تحركاتهم ونشاطاتهم الأميبية السامة, لما يتمتع به هذا الوسط الراقي من حصانة ذاتية, ومناعة قوية وفرتها له الملاكات التدريسية الملقحة بالمضادات الفولاذية القادرة على التصدي لفيروسات النفاق والثرثرة والتلون, بيد أن المؤشرات الأخيرة توحي بتغلغل دفعات ضئيلة من الانتهازيين والوصوليين والنفعيين, من الذين دأبوا على التفريط بكل ما يمتلكونه من أجل تحقيق مآربهم الأنانية الضيقة. .
 
فالانتهازي, بغض النظر عن جنسه وعمره ودرجته, متذبذب في سلوكه, يتحين الفرص للحصول على الامتيازات بأسهل الطرق وأيسرها, فتراه يلجأ إلى الوعيد والتهديد لابتزاز من أهم أفضل منه, وقد تدفعه غرائزه الشيطانية إلى التلفيق والكذب لتحقيق مآربه الوصولية, وهو على استعداد دائم لخلع جلدة مؤخرته ليضعها على وجهه, فلا يتورع عن التقلب بين أحضان المسؤول الذي كان, والمسؤول الجديد, ولا يستحي من شتم المسؤول السابق من أجل إرضاء المسؤول اللاحق, فالأرجحية في عرفه تميل دائما مع صاحب المنصب الواقف في موقع المسؤولية, وتعزا مثل هذه الخصال الشاذة إلى عدم تأصل المبادئ في عقيدتهم الانتهازية غير المستقرة, أو بسبب ضعف ولائهم لوطنهم, ما يجعلهم يسهمون في إنعاش ظاهرة التسقيط والإقصاء المهني في ظل غياب العدالة الاجتماعية, وتفشي فوضى الديمقراطية, وضياع معايير الكفاءة والإخلاص. .
تتزامن النشاطات الكيدية وتنتشر بخطوط متوازية ومتوافقة مع تعاظم ظاهرة المخبر السري, وربما تجد ضالتها في انتحال الأسماء الوهمية المتاحة في واجهات الفيس بوك, أو المتوفرة في حقول المنتديات الالكترونية, وما تشتمل عليه من خيارات مفتوحة لاستعارة الأسماء المختصرة, وإضفاء الخصال الشبحية المزيفة, بالقدر الذي يتيح المجالات السهلة والسريعة لإرسال التقارير الدورية الملفقة ضد الكوادر التدريسية الكفوءة, وتشويه صورتهم بكل الأساليب المبتذلة. .
 
مما يؤسف له أن أصحاب الوجوه الزئبقية (من الجنسين) تحولوا في جامعاتنا إلى معاول هدامة, وفيروسات عدائية ماانفكت تسعى وتواصل سعيها لوأد الكفاءات, وإزعاج الأساتذة, وتخريب البنية العلمية, والقفز فوق واجهاتها وعناوينها, فبدلا من أن ينصرف أمثال هؤلاء إلى البحث العلمي, ويكرسوا جهودهم المهنية والمهارية للارتقاء بالمستوى التدريسي والتربوي نحو الأفضل, تراهم يمضون أوقاتهم كلها في الثرثرة الفارغة, أو في إعداد التقارير التشويهية, من أجل الإطاحة بهذا الأستاذ والنيل منه, أو من أجل إقصاء رئيس القسم أو عميد كليتهم أو جامعتهم انتقاما منه, فيرسلون تقاريرهم في كل الاتجاهات بغية توسيع حملات الشتائم والاتهامات المفبركة, ويوزعونها على أوسع نطاق, وربما تصل تقاريرهم إلى الجهات العليا في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي, أو تصل إلى الإدارات المحلية للمدن التي تقع فيها الجامعات والكليات التخصصية, فتتسبب في خلق حالة غير مرغوب فيها من الإرباك والإزعاج والقلق, وقد تسهم في ضياع وقت الجهات التي وصلتها التقارير الكاذبة, فتضطر إلى فتح أبواب التحقيق والتحري والاستفسار, وتشكل اللجان للتقصي عن الحقائق, والجدير بالذكر أن لجان التحقيق تابعت ميدانيا الكثير من تلك الدعاوى الكيدية, فوجدتها تدور في حلقات مفرغة, وتتحدث عن مواضيع مُختلقة, لا صحة لها على أرض الواقع. . .
الملفت للنظر أن هذه التقارير الكيدية, المذيلة بتواقيع وهمية, والمشفوعة بأسماء منتحلة, وعناوين ضبابية, تشترك كلها في صفات موحدة, وهي أنها مخالفة للتعليمات الإدارية النافدة, ولا تندرج ضمن التقارير المقبولة المعترف بها, ولا تعد من الوثائق المعتمدة في التحقيقات الإدارية والجنائية, لذا يفترض أن تجد طريقها إلى المحرقة, أو إلى سلال المهملات. .
نحمد الله أن جامعاتنا العراقية لا تخلو من العلماء الأعلام, ولا تخلو من التدريسيين الأكفاء, المشهود لهم بالعفة والنزاهة, من الذين افنوا أعمارهم في التعليم العالي والبحث العلمي, ولن تؤثر فيهم مثل هذه الحملات, التي تقودها جوقة القرود والمشاغبين, من الفاشلين والمتملقين والوصوليين والانتهازيين, ممن تفننوا بمهنة التشويه والتلفيق, والتصيد في البرك الآسنة, وتخصصوا بصناعة الأكاذيب, وتعليبها, وتجهيزها للتصدير والاستهلاك. وعلى الرغم من حصانة علمائنا وحصافتهم, فأنهم اليوم في أمس الحاجة إلى من يقف معهم في مواجهة هجمات هؤلاء, ويوفر لهم الدعم والإسناد, ويحميهم من بغض المبغضين, وحسد الحاسدين, وحماقات الفاشلين, ممن لا شغل لهم ولا عمل سوى محاربة أصحاب الكفاءات, والإساءة إليهم, وتدمير سيرتهم العلمية والمهنية. .
وبات من المؤكد ان مجالس الجامعات رصدت هذه التصرفات الغريبة, وأبلغت الوزارة بتفشي هذه الظاهرة المقيتة, التي تعكس مدى تدني أخلاقيات بعض المحسوبين على الوسط التدريسي, وشخصت مساعيهم الكيدية لتشويه صورة مرؤوسيهم, وسيأتي اليوم الذي تصدر فيه الوزارة قراراتها الحاسمة لردع هؤلاء وأمثالهم. . 
أن هذه الفيروسات الزئبقية المختبئة خلف الأقنعة الهلامية الملونة, صارت من الآفات الخطيرة, التي أخذت تنخر في قواعد جامعاتنا وهياكلها, ولابد من القيام بحملة لتطهير جامعاتنا من تلك الفيروسات الشيطانية المريبة, والعمل على عدم السماح لها بالنمو في الأوساط التعليمية العليا. .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كاظم فنجان الحمامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/12/13



كتابة تعليق لموضوع : زئبقيون في الوسط الجامعي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net