سحب : قانون ضريبة الدخل نزع فتيل الأزمة لكن هامش المناورة أمام رئيس الوزراء المُكلف محدود

نزع تعهد رئيس الوزراء الاردني المكلف عمر الرزاز بسحب مشروع قانون ضريبة الدخل «غير العادل» فتيل الأزمة، بعد أسبوع من الاحتجاجات في الاردن، لكن هامش المناورة امامه محدود في بلد تجاوز دينه العام 35 مليار دولار.
وأثار مشروع قانون ضريبة الدخل، الذي اعلن الرزاز أمس الأول نيته سحبه، والذي يتضمن زيادة الاقتطاعات من دخل الافراد بنسب تتراوح بين 5% وحتى 25%، احتجاجات لم تشهدها المملكة منذ سنوات، كان ابرزها عام 2011 اثر رفع الدعم عن المحروقات.
وأمس الأول وأمس لم تشهد العاصمة عمان، ولأول مرة منذ أسبوع، أي احتجاجات تذكر.
يقول احمد عوض، مدير مركز «الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية» ان «مشروع القانون كان الشعرة التي قصمت ظهر البعير، لانه يوجه ضربة قاصمة للطبقة الوسطى بشكل رئيسي. ولهذا رأينا النقابات والجمعيات العمالية انتفضت ضده». وأضاف «الاردن ومنذ ثلاثة عقود يطبق سياسات اقتصادية غير شعبية وهو يعمل منذ 1989 بناء على توجيهات صندوق النقد الدولي». والتزمت المملكة، محدودة الموارد والتي تعتمد بشكل كبير على مساعدات خارجية خاصة من واشنطن والاتحاد الاوروبي ودول خليجية، بتوجيهات الصندوق التي تضمنت القيام بإصلاحات اقتصادية تخفض العجز السنوي مقابل الحصول على قروض.
وأشار عوض إلى ان «الامور تفاقمت في آخر عامين، والسياسات الاقتصادية باتت أكثر قسوة، وأبرزها تقديم الحكومة مشروع قانون ضريبة دخل غير عادل».
وأكد ان «القانون يفتقر لبسط قواعد العدالة الضريبة، وكان سيزيد التباطؤ الاقتصادي من خلال إضعاف القدرات الشرائية للمواطنين ما ينعكس على تعميق حالة التباطؤ الاقتصادي والتراجع الاقتصادي الذي يشهده الاردن».
وسجل معدل النمو الاقتصادي في الاردن عام 2017 نحو 2% ويتوقع ان ينخفض عن 2% لعام 2018.
وتراجع معدل الاستهلاك بداية شهر رمضان الحالي بنسبة 20% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فيما غابت الخيم الرمضانية عن المشهد هذا العام.
وتراجع التداول العقاري، وهو من القطاعات الأهم والانشط في الاردن، منذ مطلع العام بنسبة 10% فيما تراجع العام الماضي بنسبة 18%. ويتفق المحلل لبيب قمحاوي مع عوض، ويرى ان «مشروع القانون غير عادل وفجر الأمور واستفز الناس»، معتبرا انه «كان من غير الممكن ان يقر بشكله هذا لانه قانون عرفي وجبائي جنائي الأصل فيه الجباية والعقوبة». وأضاف ان «ما حصل الاسبوع الماضي يحصل لأول مرة في تاريخ الاردن، فقد التقت كل طبقات الشعب من أغنياء وفقراء وطبقة وسطى من مختلف القطاعات ضد هذه السياسات». واشار إلى ان «الحكومة كانت ستضرب الشعب بكل قطاعاته وهذا ما قاد إلى اجماع ضدها كونه الشعب لم يعد يحتمل».
ورأى ان «الشعب أدرك قوته، وهو يستعيد قوته التي سلبت منه على مدى سنوات طويلة، لا أحد يقبل تخريب البلد، ولا أحد يريد الإخلال بأمنها، لكن لا أحد يقبل ان يبقى الحال على ما هو عليه».
ووفقا للأرقام الرسمية، ارتفع معدل الفقر مطلع العام إلى 20%، فيما ارتفعت نسبة البطالة إلى 18.5% في بلد يبلغ معدل الأجور الشهرية فيه نحو 600 دولار والحد الأدنى للأجور 300 دولار.
واحتلت عمان المركز الأول عربيا في غلاء المعيشة والثامن والعشرين عالميا، وفقا لدراسة نشرتها مؤخرا مجلة (ذي ايكونومست) البريطانية. ولاقى اعلان الرزاز بخصوص التوافق على سحب المشروع، ارتياحا لدى الجميع لكن الأمر لا يقف عند ذلك فالمهم هو «تغيير النهج»، كما يقول المحلل السياسي عادل محمود الذي أضاف ان «سحب القانون الضريبي لا يعني بالضرورة نهاية الأزمة هناك مطالب واسعة بتغيير النهج، واتباع سياسيات اقتصادية جديدة».
وقال أيضا «ليس أمام الرزاز إلا مسارين لا ثالث لهما، اولا اختيار فريق اقتصادي رشيق يصحح الأخطاء لسياسات الحكومات السابقة التي لم تجد سوى جيب المواطن كحلول». اما المسار الثاني «فهو اختيار شخصيات سياسة واجتماعية تكون مؤثرة ومقبولة من الشارع، تشكل بمجموعها فريقا اقتصاديا يرسم خارطة طريق تقود البلاد نحو الاستقرار الاقتصادي».
والرزاز، وزير التربية والتعليم في عهد حكومة سلفه الملقي، ولد عام 1960 في السلط (شمال غرب عمان) ويحمل درجة دكتوراه من جامعة هارفارد في التخطيط بتخصص فرعي في الاقتصاد، ودرجة ما بعد الدكتوراه من كلية الحقوق في جامعة هارفارد.
وعمل منذ عام 2006 إلى 2010 مديرا لـ»مؤسسة الضمان الاجتماعي»، احدى اهم المؤسسات الاقتصادية في الأردن، وكان قبلها مديرا لمكتب البنك الدولي في لبنان بين عامي 2002 و2006.
ويقول قمحاوي ان «الرزاز رجل مهذب ونظيف اليد ومتعلم لكن هامش حركته صعب جدا ومحدود. منصبه بحاجة إلى وحش (رجل قوي) يواجه الوحوش من جماعة الفساد والبنك الدولي ومراكز القوى». وأضاف «اذا اراد الرزاز الإصلاح فهو بحاجة للتصدي لهؤلاء ومواجهتهم بصلابة».
ويتفق معه احمد عوض ويرى ان «مهمة الرزاز صعبة جدا لكنها ليست مستحيلة، والمطلوب من مراكز القوى في الدولة التنبه لخطورة استمرار الاوضاع على ما هي عليه واعطاءه الولاية العامة التي يجب ان يتمتع بها».
وأضاف ان ذلك سيمكنه من «فتح حوارات وطنية مع مختلف الشركاء بكامل الحرية دون تدخل الاجهزة الأمنية بحيث ان يكون هناك تطوير لسياسات ذات طابع تسووي توافقي بين مختلف الأطراف».
ويعاني الأردن أزمة اقتصادية فاقمها في السنوات الأخيرة تدفق اللاجئين من جارته سوريا اثر اندلاع النزاع عام 2011، وانقطاع امدادات الغاز المصري، واغلاق حدوده مع سوريا والعراق بعد سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» على مناطق واسعة فيهما.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/06/09



كتابة تعليق لموضوع : سحب : قانون ضريبة الدخل نزع فتيل الأزمة لكن هامش المناورة أمام رئيس الوزراء المُكلف محدود
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net