صفحة الكاتب : محمد رضا عباس

هل ستنجح عقوبات ترامب الاقتصادية على ايران ؟
محمد رضا عباس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أصبحت واشنطن تستخدم العقوبات المالية والاقتصادية بوتائر متصاعدة منذ هجمات  11 أيلول 2001, باسم محاربة الإرهاب مرة او حماية الامن القومي الأمريكي مرة أخرى , الا ان في اغلب الأحيان لا تتحقق  النتائج المرجوة , وبالتالي يكون مصيرها الإهمال او الإلغاء من الجانب الأمريكي و بحجج مختلفة. وأسباب فشل عدد كبير من العقوبات الامريكية كثيرة , منها : درجة التعاون الدولي في تطبيق العقوبة , مساحة البلد المفروض عليه العقوبة, حجم اقتصاده الوطني, درجة اعتماده على الأسواق الخارجية , وجود منافذ مائية للبلد, درجة الاستقرار الأمني والسياسي في البلد , حجم التبادل التجاري بين الدولة المقاطعة والمفروض عليها المقاطعة, ثقافة المجتمع وتحمله , الشعور الوطني والقومي لأبناء البلد , درجة إرادة دول المقاطعة بفرض المقاطعة, سرعة تنفيذ بنود المقاطعة , كلفة المقاطعة الاقتصادية على الدولة التي تفرض المقاطعة, وطرق تحقيق المقاطعة. وفي حالة ايران , فان اغلب شروط نجاح عقوبات اقتصادية من طرف دولة معينة عليها سيكون مصيره الفشل . وذلك للأسباب التالية:
1. ان عقوبات أمريكا ضد ايران لم تستقبل بالترحاب حتى من قبل حلفاء أمريكا , بل استقبلتها فرنسا , المانيا, و بريطانيا بالرفض.
2. ايران بلد كبير ومتنوع التضاريس والموارد الطبيعية  ولها حجم سكاني كبير , وبذلك ايران تستطيع تقليل صعوبة المقاطعة من خلال استخدام مواردها في الزراعة والصناعة.
3. ايران تعتبر من الدول المستقرة امنينا وسياسيا , كما وان الشعب الإيراني من الشعوب التي تعتز بتاريخها وحضارتها , وبذلك سوف لن يسمحوا لدولة خارجية فرض شروطها عليه.
4. ايران تحدها المياه من الجنوب والغرب , وجيران أصدقاء لها مثل أذربيجان, تركيا و باكستان . حدودها الواسعة تسمح بدخول وخروج البضائع والمعدات العسكرية من منافذ متعددة.
5. وان كانت ايران تعتمد على تصدير نفط الخام من اجل توفير العملات الصعبة , الا ان تنوع اقتصاد البلد سوف يقلص تأثير المقاطعة في حالة مقاطعة بعض الدول شراء النفط الإيراني.
6. ان الدول الحليفة لأمريكا لا تنظر الى الاتفاق النووي الإيراني خطرا عليها او على العالم , وانما تنظر الى قضية انسحاب أمريكا من المعاهدة قضية سياسية بين ايران وامريكا . وان شعار " أمريكا أولا" الذي حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعني ان فرض العقوبات الاقتصادية الامريكية على ايران هي قضية أمريكية ومن اجل المصلحة الامريكية وليس لأروبا مصلحة بها . اروبا بدأت تخسر الكثير من تجارتها مع العالم بسبب فرض العقوبات الامريكية على بلدان مختلفة . على سبيل المثال , فان فرض عقوبات أمريكية على شركات صناعة الالمنيوم في روسيا أدت الى زيادة أسعار معظم المعادن في الأسواق العالمية . وان قرار ترامب بفرض عقوبات اقتصادية على ايران أدت الى ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية. في كلا الحالتين , كانت أوربا هي الضحية, حيث زادت من كلف انتاج بضائعها وعدم استطاعتها الوقوف امام المنافسين لها . 
وعليه فان رد الفعل على عقوبات الولايات المتحدة على ايران ربما لا تأتي من طرف ايران , وانما من طرف اروبا والصين و دول أخرى . الصين , وهي الاقتصاد الثاني في العالم , بدأت تبني نظام مصرفي و مالي ينافس الأمريكي , وأصبحت العملة الصينية عملة عالمية تنافس الدولار الأمريكي . وبذلك تستطيع ايران التعامل بالعملة الصينية بدلا من الدولار الأمريكي . في هذه الحالة تستطيع ايران بيع نفطها الى الصين او أي دولة أخرى بالعملة الصينية بعيدا عن التعامل مع البنوك الامريكية .  كما وان احدى الدراسات الاوربية وجدت ان كلفة فرض عقوبات اقتصادية على روسيا بسبب مشكلة شبه جزيرة القرم كلفتها 44 مليار دولار , المانيا وحدها تحملت 40% من كلفة المقاطعة , بينما كانت تكاليف المقاطعة على الولايات المتحدة الامريكية 0.6 % فقط. ولهذا السبب كان رد فعل وزير الاقتصاد الفرنسي الى قرار ترامب على فرض المقاطعة على ايران قويا " هل تريد واشنطن تجويعنا وتبقى هي الاسمن ؟". وبعد أسبوع من هذا التصريح اتفق قادة اروبا في بلغاريا  على مجموعة من القرارات تتحدى القرارات الامريكية. أروبا استطاعت إعادة العمل بقانون يسمح لها بتجاوز العقوبات الامريكية التي فرضتها على كوبا سابقا , وبذلك فان إعادة العمل بالقانون من جديد سوف يسمح للشركات العملاقة الاوربية بالتعامل مع ايران من غير الاكتراث برد فعل امريكي ضدها . تعامل الشركات الاوربية مع ايران اصبح مضمون بدعم حكوماتها .
وعليه , فان أمريكا وحدها ستتحمل أعباء المقاطعة مع ايران , وهذا ما سيزعج المستثمر الأمريكي و سيشكل خسارة كبيرة لهم , لاسيما وان السوق الإيراني سوق بحجم اكثر من 80 مليون مستهلك . كما وان ايران سوف تستمر بتصدير نفطها طالما وان السوق في حاجة له , وان استطاعت  أمريكا بالضغط على كوريا الجنوبية بالتحول الى نفط اخر غير الإيراني فمن المستبعد ان تستطيع أمريكا الضغط على الهند و الصين والبرازيل واليابان بشراء نفط من غير ايران . 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد رضا عباس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/05/29



كتابة تعليق لموضوع : هل ستنجح عقوبات ترامب الاقتصادية على ايران ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net