ملفات شائكة تصدرت لقاء بوتين وماكرون في روسيا

 حلّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ضيفا في مدينة سانت بطرسبرغ في زيارة استمرت يومين، هي الأولى له إلى روسيا منذ توليه السلطة، استهلها بلقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين، طغت عليه ملفات إيران وسوريا وأوكرانيا، من دون أن يخرج بجديد بشأنها. وحضر ماكرون في اليوم الثاني لزيارته، ضيف شرف على منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي، وتطرق إلى أهمية الشراكة الاقتصادية بين فرنسا وروسيا. 
ورغم توتر العلاقة بين موسكو والغرب، أكد الرئيس الفرنسي أنه سيعمل على إطلاق مبادرات مشتركة مع نظيره الروسي حول الملفات الخلافية، والعمل لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني الذي يمر بمرحلة حرجة بعد انسحاب الولايات المتحدة منه وتهديدها بإعادة فرض عقوبات على طهران إذا لم تمتثل لسلسلة من المطالب التي تبدو تعجيزية في إطار اتفاق جديد. وبدا أن موقفي الرئيسين الفرنسي والروسي يتناغمان بشأن الاتفاق، الذي حذر بوتين من مغبة انهياره، مشددا على أن بلاده تعارض فرض عقوبات دون موافقة مجلس الأمن الدولي. فيما اعتبر ماكرون الاتفاق مفيدا ويجب حماية مصالح الشركات الأوروبية العاملة في إيران، رغم العقوبات الأمريكية.
وهناك خلاف طفيف بشأن مقترحات ماكرون إدخال إضافات على الاتفاق النووي ليأخذ في الاعتبار مراقبة أنشطة إيران النووية بعد عام 2025 وبرنامجها الباليستي وأن يمتد ليشمل الوضع في سوريا واليمن. إذ أعتبر بوتين أنه لا يمكن ربط الاتفاق النووي الذي تلتزم به إيران، بمقترحات إضافية لا علاقة لها به. وبين رأي الرئيس الفرنسي ونظيره الروسي، صعدت إيران لهجتها وشروطها على الأوروبيين لبقائها ضمن الاتفاق، تمثلت في: تقديم الدول الأوروبية ضمانات لمواصلة الاتفاق النووي، وحماية مبيعات النفط الإيرانية أمام الضغوطات الأمريكية، وحماية البنوك الأوروبية للتعاملات التجارية مع طهران. شروط إيران هذه، تقابلها تحذيرات أمريكية شديدة اللهجة للحلفاء الأوروبيين، بفرض عقوبات أمريكية عليها هي الأخرى. وهو ما «يشكل تحديا كبيرا للجانب الأوروبي ويضع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يريد أن تكون بلاده الضامن للاتفاق النووي الإيراني في ورطة» كما يقول الصحافي في باريس علا بو نجار لـ«القدس العربي». 
ويرى مراقبون في فرنسا أن الملف الإيراني أضحى يشكل، أصعب اختبار للدبلوماسية الأوروبية، ممثلة بشقها الأكثر حيوية، فرنسا، التي تجد نفسها بين مطرقة مصالحها الاقتصادية وسندان مصداقيتها وجيوسياستها. ومن هنا تعتقد سيلين جريزي، الباحثة الجيوسياسية في باريس لـ«القدس العربي» أن «ماكرون يعلم جيدا أن لا ترامب ولا روحاني سيغيران مواقفهما بشأن الاتفاق النووي الإيراني، لذلك سيحتاج إلى نظيره الروسي لمقايضة روحاني وإقناعه بإدخال بعض التعديلات على الاتفاق. في المقابل سيعول بوتين على ماكرون في اقناع ترامب ببعض التغييرات الأكثر سلاسة من تلك التعجيزية التي اشترطها هذا الأخير».
وفيما يتعلق بالملف السوري، فرغم أن ماكرون رفع شعار الحوار مع جميع أطراف النزاع، بمن فيهم النظام السوري، مؤكدا أن عدو فرنسا هو تنظيم «الدولة الإسلامية» وليس بشار الأسد، فإن الضربات الثلاثية الأخيرة في سوريا، التي استنكرتها روسيا، باعدت أكثر بين وجهات نظر موسكو وباريس بشأن الملف السوري. لكنّ ماكرون وبعد أن أخفق في اقناع نظيره الأمريكي ترامب في عدم الانسحاب من الاتفاق النووي، بدا مستسلماً لصالح روسيا فيما يتعلق باللعبة السياسية في سوريا، ما قد يعطي حسب سيلين جريزي، بوتين، الذي لم يتمكن حتى الآن من تثمين انتصاره العسكري في سوريا وتحويله إلى انتصار سياسي أو على الأقل دبلوماسي «فرصة مضافرة الجهود» لإيجاد حل سياسي يضع حدا للنزاع السوري، في وقت «يقرر فيه ترامب ويتقدم وحيدا، بل يغرد أحيانا خارج السّرب».
فقد أكد الرئيس الفرنسي، خلال المؤتمر الصحافي مع نظيره الروسي، مساء الخميس، أن باريس وموسكو تريدان إنشاء آلية تنسيق بين القوى العالمية للبحث عن حل سياسي في سوريا، تقوم على تنسيق الجهود التي تبذلها عملية آستانة. وأضاف ماكرون أنه اتفق مع بوتين على ضرورة التركيز على وضع دستور جديد وإجراء انتخابات تشمل كل السوريين بمن فيهم اللاجئون. وحول الهجمات الكيميائية التي كانت موضع توتر بين الغرب وموسكو مؤخرا، قال الرئيس الفرنسي إنه بحث مع نظيره الروسي مسعى فرنسا لإنشاء آلية دولية لتحديد المسؤولية عن الهجمات الكيميائية، غير أن بوتين لم يتطرق لها. 
ويشكل الملف الأوكراني أكثر الملفات خلافية بين الغرب روسيا. وتزامنت زيارة ماكرون إلى سان بطرسبورغ، مع كشف المحققين الدوليين أن الصاروخ الذي أسقط الطائرة الماليزية في 2014 بينما كانت في الأجواء الأوكرانية، انطلق من وحدة عسكرية روسية. وهو ما نفته روسيا، مشددة على أن «أي نظام صاروخي مضاد للطائرات لم يعبر مطلقا حدود روسيا الاتحادية». واتفق الرئيسان على ضرورة مواصلة الحوار لحل الأزمة، إذ ترعى فرنسا مع ألمانيا اتفاقات مينسك الموقعة في 2015 لوقف إطلاق النار في شرق اوكرانيا حيث تنفي روسيا التدخل عسكريا لصالح الانفصاليين. وأشارت ياناكوروبكو، الباحثة في العلاقات الدولية، في كييف، إلى أن «هناك انطباعا عاما في أوكرانيا بأنه لن يكون هناك أي تقدم بشأن الملف الأوكراني». ورأت أن حديث الرئيس الفرنسي عن «بناء ثقة مشتركة» يدل بوضوح على أنه «لا توجد في الوقت الحالي ثقة بين القطبين الروسي والأوروبي».
وتفادى ماكرون تماما مسألة حقوق الإنسان التي ناشدته منظمة «هيومن رايتس ووتش» إثارتها مع نظيره الروسي، بعد التشدد حيال المعارضين الروس. ودعته المنظمة إلى مقاطعة افتتاح فعاليات بطولة كأس العالم التي ستقام 14 حزيران/يونيو ولكنه قال إنه سيحضرها في حال وصل المنتخب الفرنسي إلى نصف النهائي. 
ورغم هيمنة الملفات السياسية على زيارة ماكرون، إلا أنه حاول من خلال مشاركته في منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي، التأكيد على موقع فرنسا كأهم مصدر للاستثمارات الأجنبية في روسيا رغم العقوبات الغربية المفروضة على موسكو، بسبب الأزمة الأوكرانية. وفي هذا الإطار تم التوقيع على خمسين عقدا على هامش الزيارة التي استمرت يومين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/05/27



كتابة تعليق لموضوع : ملفات شائكة تصدرت لقاء بوتين وماكرون في روسيا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net