صفحة الكاتب : هشام حيدر

عاشوراء.... على الطريقة البعثية !
هشام حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 حتى الان , لاتعتبر الحقبة البعثية من التاريخ , قديمه اوحديثه . فلازالت بعض شعارات تلك الحقبة لم تمسح من الجدران في بعض الاماكن وان كانت خافتة , فضلا عن ان الكثير من الاسماء المعروفة انذاك تنشط الذاكرة بين الحين والاخر اما من داخل العراق او من خارجه !

اما ملف البعثيين فانه يوضع على الطاولة كلما اراد السيد الرئيس تلميع صورته , او استخدامه كورقة (جوكر) في وجه بعض الاوراق (المحرجة)التي يرفعها الخصوم المرتبطين بالملف البعثي من جهة اخرى!
وماعدا هذا وذاك , فان بعض الاخبار التي نسمعها بين الحين والاخر تثيرالرعب والهلع في النفوس حين تعلم ان مفاصل الملف الامني بيد بعثيين يقال انهم التحقوا بـ(العملية السياسية) وان طفت على السطح بين الحين والاخر جيفة واحد منهم فازكمت الانوف فصار كل يلقي باللائمة على غيره في تحقيقات يعلن عن البدء بها ثم لا تعلن نتائجها !!
لازلنا نذكر , كيف نعاقب بشحة مياه الشرب في محرم , وبقطعها في اليوم السابع واليوم العاشر , كما لازلنا نذكر كيف ان الحصة التموينية المنتظمة انذاك تتاخر قبيل شهر محرم , ثم تغيب عنها بعض المفردات التي تستخدم في الطبخ (العاشورائي)!
ولازلنا نذكر كيف تقل ساعات تجهيز التيار الكهربائي في الايام العشرة الاولى من المحرم , وكيف ان المدارس والكليات تخصص امتحانات مهمة في يوم العاشر من المحرم وفي يوم الاربعين الذي يكون غالبا مخالفا لليوم الذي تقرره المرجعيات الشيعية !
ولازلنا نذكر كيف ان البعثيين يتهمون من تذهب نساء بيته للزيارة بانه لاعرض له ويروجون لهذا علنا في الاجتماعات الحزبية , وكيف كانت عصاباتهم تكفىء قدور الطبخ في محافظاتنا الجنوبية , وكيف كانوا يمنعوننا من ممارسة معظم الشعائر الحسينية , واحيانا كل الشعائر !
كانت توصف هذه الشعائر بالرجعية والتخلف والجهل , كما توصف بالطائفية , وبانها ممارسات خاطئة دخيلة وردت من الصفويين . بل لقد كان البعض يحاكم بتهمة قيامه بـ(ممارسات خاطئة) . والبعض الاخر حوكم لبيعه (صور خرافية)...ويعنون بها صور الائمة ع . في حين ان من يبيع صور السيد المسيح وامه عليهما السلام لايتعرض له احد !
بل ان من يبيع صورا خرافية فعلا ....لايحاكم بتهمة بيع الصور الخرافية !
هل يمكن ان ننسى ذلك ؟ قطعا لا !
وقطعا ايضا , لم تكن الاسباب اعلاه وحدها سبب عدم نسيان ذلك الماضي الاليم , بل لاننا نواجه اليوم تلك الممارسات ذاتها بتصاعد تدريجي من سنة لاخرى . ولعل من ابرز مصاديق هذا القول هو واقع الكهرباء الذي تدهور بشكل لايقارن بما هو عليه في فصل الصيف حتى !
مع ان الكهرباء وقبل اقل من اسبوعين لم تكن تنقطع ولا للحظة واحدة ....على الاقل هنا...في الناصرية !
الناصرية التي وصلت ساعات الانقطاع فيها الى سبع ساعات متواصلة , كما ان مركز المدينة يعاني من شحة كبيرة في تجهيز مياه الشرب , بل قد لايمكن الحصول على المياه الا بعد منتصف الليل . رغم ان مركز المدينة يعني تجمع المواكب الحسينية !
اما الحملات على الشعائر الحسينية فهي متعددة ومتنوعة , فهذا يهاجم رفع الاعلام , وذاك يهاجم اقامة المواكب وتوزيع الطعام بدعوى ان من الافضل توزيعه على الفقراء , واخر يدعو لان (يلطم كل واحد ببيته ليش بالشارع ) , وغيره يقول ان الاستماع للمحاضرة هو الافضل لان المحاضرة تنشر الوعي الديني وتنشر فكر الامام الحسين , وتسمع من يقول ان هؤلاء القائمين على ادارة هذه المواكب مرائين , او انهم غير ملتزمين , (شكو واحد ابو موكب كلاوجي ) ...اما مواكب التطبير فانها الاشد ايلاما على هؤلاء , كما انها تنال الحصة الاكبر من هذه الهجمة ,فيقال اليس من الافضل ان نتبرع بالدم ؟ مع ان باب مصرف الدم مفتوح دوما , وان احدا من العلماء لم يقل باستحباب التبرع بالدم في عاشوراء او جعله شعيرة حسينية بل قالوا:
ولو اقبلت زيارة الاربعين ....تتوسع دائرة الحرب , وتعاد ذات الاتهامات للنساء , وتسمع من يتذمر من كثرة العطل وكانه الاحرص على الدوام , واخر يتسائل عن جدوى تضييع عدة ايام بالمشي رغم توفر وسائل نقل حديثة !!
بل ان احدهم كتب تحت عنوان (جدل في النجف من كثرة المناسبات الدينية ........خطوة باتجاه الوعي الصحيح)
(بدأ اهالي النجف يعلون باصواتهم وينتقدون الشعائر الدينية التي صارت شبه مستمرة طيلة العام ، فما ان تنتهي زيارة او مولود امام ( عليهم السلام ) حتى تحل موعد الثانية بايام قليلة فضلا عن مناسبة عاشوراء التي تستمر لحوالي شهرين متتالين . ويؤكد الاهالي من كبار السن ان أغلب هذه الشعائر حديثة , حيث ظهرت بعد عام 2003 (الاجتياح الامريكي للعراق))!!
ومن يعرف عائدية هذا المنتدى لاي حزب (اسلامي - شيعي ) ....يعرف حقيقة الامر !
ومن خلال البحث في محركات البحث نجد ان الموضوع منشور ايضا في موقع يحمل اسم (القانون) وهو منه براء, لاسيما ان المقال حمل هذه الشعائر مسؤولية كل مايجري في البلد بما فيه تلكوء مجلس النواب من تادية اعماله !!
اما الحجة الاقوى بالنسبة لهؤلاء فيما يخص كل مفردة مما ذكر انفا , فهي (شفتو المراجع يطبرون , مخلين صور , معلكين اعلام , مسوين مواكب , يطلعون مواكب زنجيل ,,,,,,,,الخ )!!!
مع ان مطلقي هذه الاشكالات والاتهامات الرخيصة بوجه الشعائر الحسينية المضطهدة منذ قرون , والتي افلح بعض المخلصين في اثبات شرعيتها وحصانتها في الدستور الذي يزعج البعض , اقول , مع ان هؤلاء من اكثر الحانقين على المرجعية والمخالفين لها والمتجاهلين لتوصياتها ونصحها!
فضلا عن ذلك , فانه لا تلازم بين مشاهدة المرجع وهو يؤدي امرا ما وبين شرعية العمل به , وبالنتيجة فنحن لم نشاهد المرجع يقوم بكل ما ادرجه في رسالته العملية ونحن على الرغم من ذلك ناخذ به ونتقرب الى الله بتاديته !
فضلا عن ذذلك فان كل هذه الشعائر تتم بمراى ومسمع العلماء على مر التاريخ الشيعي الذي وجد بعض الفسحات لاداءها هنا او هناك فلم تقابل الا بالمباركة والتاييد والدعم . ولعل من ابرز المصاديق جملة الفتاوى هذه بخصوص التطبير مثلا !
بقي ان عقلك (النير) يرى فيه التخلف والرجعية , او انه يحذر من اعتراضات الغرب وسخريته , فان الامر ذاته ينطبق على الحدود الشرعية كالجلد والرجم , مع ان التطبير امر كيفي استحبابي , فيما يكون الجلد والرجم بامر الحاكم الشرعي وينفذ من قبل السلطة وجوبا !
وبالعودة الى ممارسات النظام السابق , فان طريقة تعامله مع الشعائر الحسينية تدل بوضوح على مدى اهمية وخطورة كل واحدة منها , اذ نلاحظ ان المحاضرة الدينية تكون اخر ما يستهدفه النظام , اما اللطم فانه اول مايستهدف . سالتم انفسكم لماذا ؟
سالتم انفسكم لماذا يستنفر النظام البعثي كل قواته ويعلن اشد حالات الانذار في عاشوراء والاربعين ؟ ولماذا تخف هذه الاجراءات في الزيارة الشعبانية التي تذهب فيها فرحا مسرورا ؟
لماذا يستهدف النظام اللطم والتطبير والطبخ والتشبيه اكثر من غيره ؟ ولااقصد الاستهداف المادي فحسب , بل الاستهداف المعنوي من خلال التشويه !
الحقيقة انه يعرف كغيره ان مفعول هذه الشعائر اقوى ,واسرع ,وابلغ , انها العاطفة , لاسيما العاطفة الممتزجة بالحزن والالم والاضطهاد , والتي تزرع في الضمير والقلب والوجدان روح الثورة والبغض والنفرة في نفوس مختلف الطبقات التي قد لاتفهم تماما مايريد ان يوصله الخطيب من خلال المنبر ,او مالايقدر على التصريح به اصلا, كما ان تاثير مايطرح من خلال المنبر لايدوم اثره كما يدوم اثر تلك الشعائر العاطفية التي اسس لها الائمة عليهم السلام حيث كانوا يبكون ويوصون بالبكاء او حتى التباكي ,كما كانوا يحثون الخطباء على القاء القصائد وبالطرق المتعارف عليها كما في قصة دعبل رض !
اذن , ليس من الحقيقة في شيء القول بان هؤلاء المستشكلين هنا او هناك ينطلقون من مقتضيات الحرص والغيرة على الدين لانهم بكل بساطة ليسوا احرص من العلماء , حماة الثغور , واولياء الامور!
لكن الحقيقة تقول ان هذه الاشكالات هي اشكالات البعثيين ذاتها تروج بلسان وصبغة شيعيين , ونحن ان سلمنا جدلا بان هذه مجرد - اشكالات فقهية او عقلية - فكيف عسانا نفسر انحسار الماء والكهرباء والحصة التموينية في هذا الشهر ؟؟!!
----
مواضيع ذات صلة:
هشام حيدر
الناصرية

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هشام حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/12/07



كتابة تعليق لموضوع : عاشوراء.... على الطريقة البعثية !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : ناصر عباس ، في 2011/12/07 .

حيدر ... حيدر ... حيدر
الجموع التي خرجت امس مرددة شعار حيدر حيدر حيدر
اقوى ضربة على رؤوس من يحارب الشعائر الحسينية




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net