صفحة الكاتب : د . محمد الغريفي

المرجعية الدينية وشعار المجرب لا يجرب
د . محمد الغريفي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

نسب شعار (المجرب لا يجرب) الى المرجع الأعلى سماحة السيد السيستاني (دامت بركاته)، من قبل عدة وكلاء في الأنتخابات السابقة والأنتخابات المعاصرة، كشعار لتوجيه الناخب على عدم تكرار أنتخاب الأحزاب الفاسدة والفاشلة.

وكان ردة فعل الأحزاب الفاسدة بأنها شنت هجمة في مواقع التواصل الأجتماعي ووسائلها الأعلامية تشكك في هذا الشعار من جهتين:

التشكيك الأول: حول نسبة هذا الشعار للمرجعية العليا، فيدعون بأنه لا يوجد تصريح من المرجعية بهذا الشعار، وأن جميع وكلاء الذين تكلموا حول هذا الشعار لا يمثلون رأي المرجع الأعلى.

التشكيك الثاني: حول مفهوم هذا الشعار حيث قالوا بأن هذه القاعدة خطأ لأن المجرب بعضه صالح وبعضه فاسد، ولا يمكن رفع شعار يتضمن عدم تجربة الصالح، بل على العكس يجب تجربته مرة ثانية والثالثة وأكثر.

ونحن هنا في هذه المقالة نذكر بعض النقاط لتوضيح هذا الشعار لرد هذه التشكيكات، عسى أن تكون نافعة للناخب العراقي ولله فيها رضا:

١- هذا الشعار صدر مفهومه في خطبة صلاة الجمعة حيث جاء على لسان السيد أحمد الصافي بتاريخ 28 -8- ٢٠١٤ والنص هو :«على الحكومة أن لا تجازف بإعطاء المواقع الوزارية أو غيرها لمن لم يقدّم خلال الفترات السابقة خدمة للشعب ، بل تفسح المجال لمن تتوفر فيه المعايير السابقة فإنه من جرّب المجرّب حلّت فيه الندامة».

٢- نص كلام المرجعية (من جرّب المجرّب حلّت فيه الندامة) هو مثل وحكمة عربية قديمة، راجع كتاب فوائد الخرائد في الإمثال ص٥٣٣، من مصنفات القرن السادس الهجري .

٣- دخلت هذه الحكمة (من جرّب المجرّب حلّت فيه الندامة) بلفظها العربي في الأدب التركي والفارسي، فقد ذكرها الحكيم الإيراني حافظ الشيرازي في ديوانه الشعري (غزل رقم ۴۲٧) الذي يجمع فيه بين اللغتين الفارسية والعربية بقوله: ( هر چند کآزمودم از وی نبود سودم *** من جرب المجرب حلت به الندامة).

٤- المراد من هذه الحكمة (من جرب المجرب حلت به الندامة) تحذير من أعادة التجربة الفاشلة، وليس التجربة الصحيحة كما هو واضح، لأن أعاد التجربة الفاشلة مصيره الندامة، كذلك الحال في شعارنا الأنتخابي (المجرب لا يجرب) هو المجرب الفاشل، وليس المجرب الصالح، لأن النهي عن التجربة يكون على ما فيه الضرر والخسارة، وليس الذي فيه النجاح والصلاح.

٥- شعار (المجرب لا يجرب) ورد مفهومه في حديث الرسول (ص) : (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين)، بمعنى على المؤمن أن يتمتع بالحكمة والفطنة ولا ينخدع مرتين من نفس المصدر.

٦- شعار (المجرب لا يجرب) هو قاعدة قرآنية عند الله تعالى، فالذي تفشل تجربت أعماله في هذه الدنيا فالله تعالى لا يعطيه حق التجربة للمرة ثانية، كما في قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُون)َ (100- المؤمنون).

٧- شعار (المجرب لا يجرب) حتى لو لم يقله المرجع الأعلى، وحتى لو لم يقله رسول الله(ص)، وحتى لو لم ترد في القرآن الكريم، تبقى قاعدة عقلية فطرية، فكل عاقل وسليم من أي دين أو ملة يرفض أن يضيع وقته وجهده مع أمر مجرب ومتيقن بفشله، حتى قال المثل العراقي (أسئل مجرب ولا تسأل حكيم).

الخلاصة: التشكيك بشعار (المجرب لا يجرب) هي محاولة لخدع الشعب العراقي، وأستخفاف بالعقول، وأسلوب يائس من الأحزاب الفاسدة والفاشلة، وعلى الشعب العراقي أن يتعاهدوا فيما بينهم على عدم إعادة أنتخاب هذه الأحزاب التي جربوها خلال ١٥ سنة وأثبتت فشلها وفسادها عدة دورات، ولو قسموا لنا بجميع الكتب السماوية على الأصلاح فأنهم سيعودون الى الفساد والنهب والكذب والخداع، كما قال القرآن الكريم: (وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُون)َ(28-الأنعام).
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . محمد الغريفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/04/25



كتابة تعليق لموضوع : المرجعية الدينية وشعار المجرب لا يجرب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net