صفحة الكاتب : خالد محمد الجنابي

معركة الطف الخالدة ، معركة البطولة والتضحية والفداء
خالد محمد الجنابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في ظروف غير متكافئة بين جيش يزيد اللعين و اصحاب الإمام الحسين عليه السلام كان قرار أصحاب الحسين عليه السلام التصميم على الإستمرار وكان شعارهم  لو قتلنا ثم أحيينا ثم قتلنا يُفعل بنا هذا ألف مرة ما تركناك "علاوة على ذلك تخيير الإمام الحسين عليه السلام لهم " هذا الليل قد غشيكم فإتخذوه جملاً" ولكن القرار كان الإستمرار حتى الشهادة من هنا نفهم معنى الوسام الذي قلده لهم الإمام بقوله " أصحابي خير الأصحاب " إن الأزمة الكبيرة التي واجهها الإسلام في زمن الإمام الحسين عليه السلام هي أن المسلمين إرتضوا حاكماً ظالماً فيه كل صفات الإنحراف والتي تخالف صريح آيات الله وتعاليم الإسلام بوضوح وكان التغاضي عن هذا سيزيد بشكل كبير إنحراف الإسلام مما قد يؤدي إلى إندثاره فكانت كربلاء محطة فاصلة لتحديد الإتجاه وإرجاع البوصلة إلى مكانها الطبيعي ولو أن الثمار والنتائج ستكون بعيدة الأمد وهذا بالضبط ما نجحت فيه ثورة كربلاء عبر كشف وفضح الظلم وإعادة الوعي للأمة ومن هنا نفهم معنى مقولة أن ثورة كربلاء حفظت الإسلام فلقد أحيا الحسين  عليه السلام بشعاراته التي رفعها كطلب الإصلاح في أمة جده والعمل بالحق ورفض الباطل ، في ذكرى عاشوراء ، ذكرى إنتصار الدم على السيف ، وذكرى إستشهاد سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين – عليه السلام ، وذكرى معركة الطف الخالدة التي سطرت فيها أروع الملاحم والبطولات ، وأسمى وأنبل التضحيات من أجل الحفاظ على الإسلام ، وإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى ، فضلا عن محاربة ومقارعة ومقاومة الظلم والظالمين والفساد والمفسدين في الأرض ، وإصلاح أمة النبي محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – ومناهضة الخروج على مبادىء وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف ، من قبل القوى المهيمنة والمسيطرة على زمام الأمور ، والمتمثلة في شخص الفاسق يزيد - راكب الفجور وشارب الخمور- عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين - وشدد الله عليه النار والعذاب ، والذي وليّ على رقاب الناس والعباد - ظلما وعدوانا - ليصل حال هذه الأمة إلى أرذل وأحط مستوى في تاريخها ، ولقد إستمر لحقبة طويلة من الزمن ، حيث توارثت زمرة من الطواغيت ، أب عن جد على مدى هذا التاريخ مصير هذه الأمة ومارسوا ظلمهم وطغيانهم ، وأذاقوا الأمة شتى صنوف العذاب والتنكيل ، وأفسدوا في الأرض وعاثوا فيها الفساد ، دون حياء ولا خوف من الله العلي القدير ، قاصم الجبارين ، مهلك المفسدين والظالمين ، ومبيد الطغاة والمستكبرين ، ولقد أرتكبت أبشع أنواع الجرائم والممارسات اللا إنسانية في هذه الواقعة - واقعة كربلاء ـ بحق الحسين - عليه السلام ، وأهل بيته وأنصاره وأصحابه النبلاء - عليهم رضوان الله ، حيث حرموا ومنعوا من شرب الماء المباح وهم بالقرب من نهر الفرات ، وأبيدوا عن أخرهم ، وقتلوا ومثل بهم بأبشع صورة ، يندى لها جبين البشرية جمعاء ، فإرتكبوا أبشع الجرائم بحق أهل البيت – عليهم السلام وصحبهم الأخيار ، وإنتهكوا كافة الشرائع والأعراف وأباحوا المحرمات والمنكرات ، ومن ثم تم التنكيل والإذلال بالنساء الثكالى ، والأطفال اليتامى ، وترحيلهم من بلد إلى بلد ، تحت وطأة سياط الجلاد والجوع والعطش ، حتى وصلوا إلى دمشق ، عاصمة الطغيان الأموي حين ذاك ، وتعرضوا لأقسى أنواع الإذلال والمعاناة التي لا يمكن للإنسان العادي أن يتحملها حيث كانت - بطلة كربلاء ، السيدة الصابرة الشجاعة - زينب عليها السلام ، على رأس هذه القافلة تواسي الأرامل والثكالى ، وتسلي وتمسح دموع اليتامى وتخفف من معاناتهم وآلامهم ، وتراعيهم وتراقبهم لتقوم بدور المحامي والمدافع والمؤازر عنهم ، حيث لم يبق من الرجال من يقوم بهذا الدور ، إلاّ الإمام زين العابدين - علي بن الحسين - عليه السلام – إذ كان مريضا عليلا ، ورغم معاناته الكثيرة ، وما يعانيه من شدة المرض ، وقساوة السفر الطويل ، ومشقة الطريق عبر البراري والصحاري والوديان والجبال ، وإنه كان مكبلا بالقيود والأغلال ، والتي تركت آثارها على جسده الضامر ، إلاّ إنه تحمل وصبر وقام بدوره على أكمل وجه ، وكيف يمكن لأي شخص مهما كانت قوة جسده ومدى تحمله ، أن يصمد ويتحمل تلك المشقة الكبرى ، وهذه بالطبع حكمة إلهية ، من ضمن الحكم الإلهية الكثيرة ، التي أراد الله بها أن يكرم الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته ويكرم بها الإسلام والمسلمين ، وخاصة الملتزمين والسائرين على درب رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم - والأئمة الأطهار عليهم السلام ، ولتكون درسا ونبراسا وعظة ونهجا يحتدى به ، لمعتنقي الدين الإسلامي الحنيف ، حتى ظهور الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف ، أن السيدة زينب عليها السلام وأخيها الإمام علي بن الحسين – زين العابدين – عليه السلام ، وبقية العترة الطاهرة التي شهدت أحداث كربلاء ، ورغم الكبت والتعتيم وتكميم الأفواه وخداع أهل الشام وتضليلهم ، الذين أشاعوا بأن الحسين – عليه السلام وأهل بيته – هم من الخوارج وقد قام يزيد لعنه الله بمحاربتهم والإنتصار عليهم ، إلاّ إنهم إستطاعوا فضح كذب وزيف النظام الأموي ، وخروجه على الدين وإرتكابه أبشع الجرائم في تاريخ البشرية ، وقتله إبن بنت الرسول الأعظم – صلى الله عليه وآله وسلم ، والتنكيل بأهل بيته وأخذهم سبايا من كربلاء بعد مقتل الإمام الحسين – عليه السلام ـ وكوكبة من أنصاره المخلصين – ظلما وعدوانا - إلى الشام ، ومن ثم العودة بهم من الشام إلى مدينة جدهم ، وفي طريق عودتهم من الشام إلي مدينة جدهم - المدينة المنورة - ومرورهم بكربلاء ، لزيارة قبر الإمام الحسين - عليه السلام وقبور أصحابه النجباء ، في ذكرى مرور أربعين يوم على إستشهادهم والذين ضحوا بأرواحهم من أجل نصرة الدين الإسلامي وحمايته ، والذي أريد تقويض أركانه ، لولا وقوف الحسين عليه السلام وأصحابه الأخيار ، سدا منيعا للتصدي للفاسدين والمفسدين ، والمارقين والخارجين على تعاليم وقيم ومبادئ الدين الحنيف ، لقضي على هذا الدين ولم تقم له قائمة ، ولم تعلى له كلمة ، لقد تكبد هؤلاء الصامدين الصابرين ، المضحين بأرواحهم ومهجهم ، أقسى مايمكن أن يتحمله إنسان ، فكانوا مضربا للأمثال ونموذجا ومثالا رائعا للتضحية والفداء ، وبذلك سطروا بدمائهم ملحمة خالدة ، أعادت للإسلام قوته وهيبته ، فكانت كلمة الله هي العليا ، وردت كيد الذين ظلموا في نحورهم وبالتالي إنتصر الدم على السيف ، وسطروا بدمائهم الزكية أروع الملاحم والبطولات عبرالتاريخ ، ان معركة الطف الخالدة هي من تخطيط إلهي ، أراد الله - سبحانه وتعالى – بها أن تكون نبراسا إلهيا يقتدى به ، و لتكون لهم سلوة وتعزية في التخفيف عنهم والمواساة لهم ، و ليتذكروا ما كابده وما عاناه أهل البيت – عليهم السلام - أنفسهم ، ليستمدوا القوة والصبر والسلوان ، وليتحملوا مشقة العذاب والمحن والأهوال والتي لا تقاس ببعض مما قاساه أهل البيت والأئمة الأطهار – عليهم السلام ، وهذه حكم إلهيه ، قد تغيب عن عقل الإنسان أحيانا ، وقد يتذمر من الممارسات الغير إنسانية ، والمنافية لأبسط تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف ، الذي قد يتعرض لها في حياته من قبل الظلمة والطواغيت ، وعلينا أن نستقي العبر والدروس من كل ما لاقاه أهل البيت عليهم السلام جميعا من قتل ، سواءا بالسيف أو بالسم ، وما تحملوه من تغريب عن الأوطان ، والزج بهم في غياهب السجون المظلمة ، وغيرها من أصناف العذاب والتنكيل ، والممارسات القمعية والهمجية ، والتي يمارسها الطغاة والظلمة في كل زمان ومكان وعلى مدى الدهور حتى يرث الله سبحانه وتعالى الأرض ومن عليها .


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


خالد محمد الجنابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/12/02



كتابة تعليق لموضوع : معركة الطف الخالدة ، معركة البطولة والتضحية والفداء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net