صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

حلقات الضغط على التحالف الوطني
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 قبل ايام سمعنا نداء الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز الى القادة السياسيين العراقيين للاجتماع في الرياض بعد عطلة العيد للبحث في تشكيل الحكومة العراقية وتحت مظلة الجامعة العربية حسب ماورد في النداء ، ونداء الملك عبد الله يأتي ضمن حلقات الضغط على التحالف الوطني ولمصلحة طيف سياسي معين ومعلوم للشعب العراقي ، والملفت للنظر في هذا النداء انه جاء هذه المرة علنيا ومن اعلى سلطة في المملكة ، ومدعوما ايضا وبشكل علني من دول المحور العربي والجامعة العربية ، والغريب في الامر ان نداء الملك عبد الله جاء في الوقت الذي وصلت فيه العملية السياسية في العراق الى مرحلة الحسم النهائي تقريبا ، بعد ان استمرت التجاذبات السياسية لاشهر عديدة ولم يحصل مثل هذا النداء من السعودية او غيرها من البلدان ، بل كانت تتم زيارات بعض السياسيين ممن يمتلكون مرجعية في دول المحور العربي للتشاور واحيانا استلام التعليمات والتوجيهات ، وعلى اثر صدور النداء السعودي الى القادة السياسيين العراقيين جاءت الموافقة السريعة جدا من القائمة العراقية وحثت القوائم الاخرى للموافقة على هذه المبادرة واعتبرتها فرصة يجب ان لا تضيع من ايدي العراقيين ، وكذلك جاءت موافقة المجلس الاعلى متطابقة مع موافقة العراقية املا في الحصول على دعم لمرشح المجلس السيد عادل عبد المهدي ،وفور صدور نداء الملك عبد الله ، بدأت فضائيات التشويش والتجييش الاعلامي دورها في التطبيل والتزمير والدس لغرض افشال وتعويق الجهود النهائية في تشكيل الحكومة بعد ان استقرت الآراء على ترشيح مام جلال لرئاسة الجمهورية والسيد نوري المالكي لرئاسة الوزراء وبقي منصب رئاسة البرلمان مطروحا امام القائمة العراقية او القوائم الاخرى من نفس المكون في حال استمرار رفض العراقية للمشاركة في الحكومة ،وهذه هي المعادلة السياسية الواقعية التي يريدها الشعب العراقي ، اما اعداء الشعب العراقي واعداء العملية السياسية الجديدة في العراق والذين يعرقلون تشكيل الحكومة الجديدة وبمختلف الحجج والادعاءات الواهية والمفضوحة امام الشعب والذين يرتبطون بدوائر المخابرات الاجنبية ودعاة العنف والتفريق الطائفي ، واصحاب الطموحات الشخصية اللامشروعة ، فقد صدموا وصعقوا عندما وجدوا انفسهم معزولين عن الجماهير بسبب مواقفهم الهزيلة والمعرقلة لتشكيل الحكومة ،وبعد ان شاهدوا تلاحم التحالف الوطني ونجاح مفاوضاته مع الكتل السياسية واصبحوا من تشكيل الحكومة على مسافة قصيرة جدا ، فقد جاء جوابهم في يوم الاحد بهجومهم على كنيسة سيدة النجاة ، وتفجيرات الثلاثاء في 2 تشرين الثاني وهم لا يحسنون ولا يجيدون غير هذا الاسلوب ، في محاولة منهم يائسة لاشعال نار الفتنة الطائفية والتي سعوا سعيهم في السابق لتأجيجها ،بعد ان قضي عليها من قبل حكومة الوحدة الوطنية بقيادة السيد المالكي ، هذا من جانب وهدفهم المهم الاخر الذين يسعون جاهدين لتحقيقه هو افشال الجهود الحثيثة من الكتل الوطنية لتشكيل الحكومة الجديدة بعد ان وصلت التوافقات الى نهايتها ، وازاء هذه المشاهد المتشابكة والسريعة اخذ الشعب يتسائل ما هو الهدف من هذا النداء السعودي المتأخر جدا ؟ولماذا اعقب هذا النداء هذه التفجيرات الدموية التي تريد اشعال الفتنة الطائفية مجددا ؟هل هو محض صدفة ام ان هناك امرا وراء الستار ؟ولماذا هذا الضغط لشق صف التحالف الوطني ؟ولماذا هذا الضغط المستميت على التحالف الوطني بعد ان نجح في مفاوضاته لتشكيل الحكومة مع القوائم الفائزة ؟ وهنا يتبادر سؤال اخرالى الذهن وهو هل التحرك السعودي العربي وفي هذا الوقت بالذات ، وبعد ان وصلت مفاوضات تشكيل الحكومة الى نهايتها تقريبا هو لمصلحة الشعب العراقي ام لمصلحة طرف معين في العملية السياسية ؟ وهل التحرك السعودي الذي جاء علنيا هذه المرة سيكون الحلقة الاخيرة من حلقات الضغط ، سيما وقد سبقه حلقات متسلسلة ومتدرجة في مستوى الضغط على التحالف الوطني ؟ ونحن كمواطنين لا نعتقد ان سلسلة حلقات الضغط ستتوقف طالما ان الغايات من وراء هذا الضغط لم تتحقق بعد ،اذ الغاية افشال العملية السياسية في العراق ، او على الاقل حرفها عن مسارها الصحيح ولمصلحة فئات مدعومة من الاقليم العربي ومنها بقايا فلول البعث المندثر ، بل نتوقع ان يستمر الضغط على الحركات الوطنية العراقية بغض النظر عن انتماءاتها الدينية او المذهبية او القومية حتى بعد تشكيل الحكومة العراقية الجديدة ، وبدوافع مختلفة منها الدوافع الطائفية المقيتة ومنها الخوف من التجربة الديمقراطية الحديثة في العراق ، سيما وان الامكانات المالية العالية متوفرة والدعم الاعلامي الكبير اضافة وهو الاهم وجود المتعاونين مع تيار التدخل الخارجي في الشؤون العراقية الداخلية من بعض السياسيين العراقيين ، والشعب يعرف جيدا ان حلقات الضغط الاقليمي بدأت منذ بدء العملية الانتخابية وبمختلف الصور ،وكلنا سمعنا ماذا جرى اثناء الانتحابات من التفاف على النتائج وبدعم وتأييد اقليمي واممي وضوء اخضر من قوى الاحتلال ، وكان ضحية هذه اللعبة قائمة دولة القانون ، وبعد ظهور النتائج وبرغم الظلم والحيف الذي لحق بالقائمة ، تم غض النظر عما جرى من اجل ان تسير العملية السياسية في مسارها الطبيعي ، ومن اجل ان لا تستغل من اطراف مناوئة للعملية السياسية ، وهنا بدأت مرحلة جديدة من مراحل الضغط وبصورة ملونة جميلة ، وبضجيج اعلامي كبير ، وبغطاء وطني هذه المرة ، فطرح شعار الطاولة المستديرة من بعض السياسيين الذين لم يحصلوا على نتائج جيدة في الانتخابات ، وهو شعار الهدف منه تجاوز النتائج الانتخابية وتجاوز القائمة الاكبر لغرض تأهيل قائمة او شخصية لا يسمح لها القانون والدستور بتولي رئاسة الحكومة ، لكن عن طريق استخدام شعار الطاولة المستديرة كجسر للعبور الى تحقيق طموحات شخصية غير دستورية او قانونية ، وجاء رفض الكتل الفائزة الكبيرة لان شعار الطاولة المستديرة يتقاطع مع الواقع ، ويتجاهل النتائج الانتخابية ، اما القائمة العراقية المطالبة بمنصب رئاسة الحكومة كونها الكتلة الاكبر في الانتخابات ،فقد وقفت في هذه المرحلة تترقب وتتصل بهذا الطرف او ذاك من التحالف الوطني بغية احداث خلخلة في نسيجه كي تؤول الامور في النهاية لصالحها ، ونستطيع ان نقول ان شعار الطاولة المستديرة في هذه المرحلة كان حلقة الضغط على قائمة دولة القانون بالذات ، بعد ان سبقتها حلقات ضغط اخرى اثناء العملية الانتخابية وبعدها الى حين مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات ، فتشكيل التحالف الوطني حول شعار الطاولة المستديرة الى حلقة ضغط على التحالف الوطني ، وفي هذه المرحلة كانت ورقة الضغط الاخرى هي استبدال المالكي كمرشح لدولة القانون واستمر الوضع على هذه الحال الى ان حسم التحالف امره وانتخب المالكي كمرشح للتحالف الوطني وبالاجماع عدا المجلس الاعلى والفضيلة ، ثم عودة الفضيلة الى صف التحالف الوطني واعلان تأييده لمرشح التحالف ، فعاد شعار الطاولة المستديرة الى الظهور مرة اخرى لكن هذه المرة الطاولة المستديرة للكتل الفائزه وقد تبنى هذا الطرح كل من المجلس الاعلى والقائمة العراقية بغية التشويش على ترشيح المالكي واحداث شرخ وتشتت في التحالف الوطني ، بحجة تأييد العراقية لمرشح المجلس الاعلى السيد عادل عبد المهدي ، اما المحيط العربي فقد وقف في هذه المرحلة مؤيدا لطروحات العراقية ، ومؤيدا لشعار الطاولة المستديرة ، وجاءت حلقة الضغط على التحالف عن طريق ممثل الامين العام للامم المتحدة ، فتحرك ميلكرت وسط حملة اعلامية للترويج لحملته ومبادرته الجديدة القديمة اذ حمل ميلكرت شعار الطاولة المستديرة ، ونسي الوسيط الدولي ان هذا الشعار ليس جديدا ، كما نسي ان الشعب العراقي لا ينظر اليه وسيطا محايدا اذ لم ينس موقفه اثناء العملية الانتخابيه ، فتحرك هذا الوسيط الفاقد لثقة الشعب العراقي بأتجاه النجف لزيارة المرجع الاعلى السيد السيستاني حفظه الله تعالى ذخرا للعراقيين ،لكن هذه اللعبة لم تكن خافية على الشعب العراقي الذي اصبح خبيرا في تشخيص اللعب السياسية، رغم التهويل الاعلامي الذي صاحب حركة ميلكرت ،ففشلت حلقة الضغط هذه مرة اخرى ، لكن هل يستسلم هذا المحور المعارض لارادة الشعب العراقي للامر الواقع ؟في قناعتنا انه لن يستسلم وسيبقى يدفع بحلقات الضغط من اجل تحقيق الاهداف المرسومة ، حتى جاءت حلقة الضغط الاخيرة وهي نداء الملك السعودي عبد الله وتحت غطاء الجامعة العربية ، لكن نحن ابناء الشعب العراقي ضحايا حلقات الضغط هذه نسأل هل ستكون حلقة الضغط السعودية هذه هي الحلقة الاخيرة ؟ حسب تقديري انها لن تكون الاخيرة ، فستطرح حلقات اخرى لاجل التأثير والتشويش على العملية السياسية السائرة الى الامام بقوة الله وقوة الشعب العراقي ، وللعلم فأن الشعب يعرف جيدا ان العملية السياسية الجديدة في العراق لن تروق لبعض دول الاقليم ، ولن تروق لبعض السياسيين العراقيين المتعاونين والمدعومين من هذه الدول، لذا نوجه دعوتنا لجميع مكونات الشعب العراقي ان يعوا ابعاد هذه اللعبة ، ودعوتنا الى السياسيين العراقيين الذين يهمهم مصلحة الشعب والوطن والذين يعون الاهداف من وراء حلقات الضغط هذه الى حسم امورهم بسرعة لاجل تشكيل حكومة دستورية قوية تلبي طموح الشعب العراقي ويشارك فيها جميع المكونات ، مع تجاوز الشخصيات السياسية المعرقلة لتشكيل الحكومة من أي مكون كانت ، واستبعاد الشخصيات السياسية التي تسعى الى تخريب العملية السياسية او حرفها عن مسارها القانوني والدستوري ، كذلك استبعاد الشخصيات التي تسعى وراء مكاسبها الشخصية بأي ثمن كان ، لئن الشعب قد سئم من هذه اللعب على حساب مصلحة الشعب ، وسئم من اللف والدوران من اجل دوافع طائفية او مكاسب شخصية ، ومزيدا من الصمود لافشال حلقات الضغط المتعاقبة التي تهدف الى اسقاط المشروع السياسي العراقي الجديد .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/11/05



كتابة تعليق لموضوع : حلقات الضغط على التحالف الوطني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net