صفحة الكاتب : باقر جميل

قصة السيد السيستاني مع المتفوق دراسيا ..
باقر جميل

أتذكر في سنة 2011 عندما كنا في الدراسة الجامعية ذهبنا بوفد الى السيد السيستاني وتكلم معنا دقائق معدودة ، ذكر فيها سماحته بعض الوصايا التي يجب ان نراعيها في حياتنا  الدراسية ، ومن أهمها هي ما نصه : (إن هذا البلد (العراق) بلدكم ، ولابد ان تدرسوا لتبنوه انتم ، فإني قد سمعت أن في الناصرية هناك نفط ، وهذا النفط لابد ان يستخرج ، والذي يستخرجه لابد ان تكونوا انتم ) .
كلمته هذه لاتزال تصك مسامعي كلما أرى صورته او أقرأ كلامه .
وهو يشجع بكل ما عنده من جهد في سبيل رفع مستوى الشباب الدراسي ، الدراسة العراقية التي مرت في ثلاث عقود بنكبات وويلات كبيرة جدا ، فالأمم تهلك بالجهل ، ويسود حكام الجور مادام الجهل موجود على الأمة ، ولذلك ترى الحكام يكون الهدف الاول لهم هو تجهيل عامة الشعب وقمع مفكريه وعلمائه ، فهو الخطر  الأول  على حكمه .
 ولو تذكرنا قليلا ما فعله صدام في إهانة المدرس والمعلم والإستاذ  الجامعي  بطرق عجيبة وغريبة لينعكس بذلك على  نشاطه داخل المدرسة والجامعة  في تخريج جيل مفكر ومبتكر علميا وثقافيا ، فجعل الاستاذ يبحث عن لقمة عيشه من الطلاب ..!
 والطالب الذي له مكانة في الحزب المقبور ، تكون له سطوة لا مثيل لها  على الاستاذ ، فتزال كرامة الاستاذ حينها .
بعد ان خر جبروت صدام وإنحداره الى اسفل سافلين ، وفتحت اما  العراق وشبابه كل أنواع العلوم ، كنا نأمل من الحكومات المتعاقبة أن تنتبه للمناهج الدراسية التي في كتب المدارس ، وكذلك تنتبه الى قيمة الإستاذ وقيمة الطالب ومدى أهميته في مستقبل البلد .
وكما  العادة عندما  تجاهلت الحكومات هذا الجانب كان الصوت الحنون والدافئ من قبل الناصح الأمين للعراقيين  في تشجيع الطلاب للمضي قدما  بدراستهم ، وعدم تفويت الفرص لنيل شهادات عالية ليكونوا  أدوات البلد التي ينهض بهم ، فكان السيد السيستاني يدعوا مرارا الطلاب والاساتذة الى الالتفات لقيمة العلم والدراسة ، واليكم نص نصيحته للشباب  والتي شملت بهذه النقطة الأساتذة أيضا فيقول دام ظله :
(وليهتم طلاّب العلم الجامعي والأساتذة فيه بالإحاطة بما يتعلّق بمجال تخصّصهم مما انبثق في سائر المراكز العلمية وخاصّة علم الطب حتّى يكون علمهم ومعالجتهم لما يباشرونه في المستوى المعاصر في مجاله، بل عليهم أن يهتمّوا بتطوير العلوم من خلال المقالات العلمية النافعة والاكتشافات الرائدة، ولينافسوا المراكز العلمية الأخرى بالإمكانات المتاحة، وليأنفوا من أن يكونوا مجرّد تلامذة لغيرهم في تعلّمها ومستهلكين للآلات والأدوات التي يصنعونها، بل يساهموا مساهمة فعّالة في صناعة العلم وتوليده وانتاجه، كما كان آباؤهم روّاداً فيها وقادةً لها في أزمنة سابقة، وليست أمة أولى من أمة بذلك، وعليكم برعاية القابليّات المتميّزة بين الناشئين والشباب ممّن يمتاز بالنبوغ ويبدو عليه التفوّق والذكاء حتّى إذا كان من الطبقات الضعيفة وأعينوهم مثل إعانتكم لأبنائكم حتّى يبلغوا المبالغ العالية في العلم النافع، فيكتب لكم مثل نتاج عملهم وينتفع به مجتمعكم وخلفكم.)
والسيد السيستاني هنا  لا يركز على الاهتمام بالدراسة المعروفة في  الجامعة فقط ، انما الى تطوير المهارات والإطلاع والاحاطة بمجال الاختصاص فوق ما تعلمه خلال الدراسة ، ولا يحصر نفسه بالكتب  المقررة له فقط ، انما يوسع آفاقه العلمية من خلال المراكز العلمية الرصينة .
 
كما  تعلمون فإن المرجع الاعلى له فهم واسع لحالة الشعب  العراقي  بالتحديد ، وهو يعلم أن هذا التمكن من التوسع في الدراسة لا يمكن أن يتوفر عند أكثر  الناس فضلا عن أجمعهم ، ولذلك فقد ذكر في مكان آخر بأن الدراسة هي إحدى من محاولات الحصول على مهنة معينة تعين الشاب على التخلص من الفراغ ، فيقول ما  نصه :
(السعي في إتقان مهنة و كسب تخصّص، وإجهاد النفس فيه، والكدح لأجله، فإنّ فيه بركات كثيرة يشغل به قسماً من وقته، وينفق به على نفسه وعائلته، وينفع به مجتمعه، ويستعين به على فعل الخيرات، ويكتسب به التجارب التي تصقل عقله وتزيد خبرته، ويطيب به ماله) .
 وعجيب هذا الرجل فهو حكيم بكل حرف ينطق به ، فلم ترى في دعوته هذه أنها دينية خالصة ، مع أن الاسلام يحث  ويحب  الإنسان الكادح ، لكن كلام السيد هو للجميع ولكل عراقي ، سواء كان يهتم لتوجيهات الإسلام أم لا ، لان صقل التجارب وكسب  العيش هي منفعة للشخص  ذاته ، وتوفير فرص لغيره عند توسع عمله واحتياجه لعمال  اخرين ، وكذلك لتقوية الحالة الاقتصادية ، فالبلد كما تعرفون متعدد الطوائف والاديان ، فنراه لم يحصر كلامه من خلال أحاديث أهل  البيت فقط ، او من خلال أحاديث  النبي  الأكرم ، بل أنطلق من جانب اقتصادي يقر ويعترف به جميع الاديان والمذاهب ، بل حتى الذي لا يؤمن بكل ما ذكرنا .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


باقر جميل
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/04/06



كتابة تعليق لموضوع : قصة السيد السيستاني مع المتفوق دراسيا ..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net