صفحة الكاتب : عبدالاله الشبيبي

ضرتان لا يجتمعان...!
عبدالاله الشبيبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ان الحد الفاصل في نظر العقل القضايا البديهية الفطرية مثل: لابدّ لكل ممكن من علة، والنقيضان لا يجتمعان‏، والكل أكبر من الجزء، والعقل بمجرد أن يدرك معنى الممكن ومعنى العلة فإنه يحكم بضرورة العلة بالنسبة إلى الممكن، وبمجرد أن يتصور معنى النقيضين فإنه يحكم باستحالة اجتماعهما، وبمجرد أن يتصور معنى الكل والجزء فإنه يذعن بأن الكل أكبر من الجزء، مستمداً إذعانه من فطرته الطبيعية. المصدر: الانظار التفسيرية.
 النقيضان هما اللذان لا يجتمعان ولا يرتفعان في آن واحد بل يلزم من وجود أحدهما عدم الآخر مثل: العدم والوجود، الموت والحياة، الماء والنار، السلب والايجاب، السواد والبياض، حب الدنيا وحب الاخرة. المصدر: التعريفات بتصرف. 
 فالنقيضان من الكلام ما لا يصحّ أحدهما مع الآخر، فهما لا يجتمعان‏ ولا يرتفعان. ومنه انتقضت القرحة؛ فإنَّ القرحة قبل أن تنفجر لها ثقبٌ صغيرٌ تخرج منه مادّة صفراء، فيُقال لها: انتقضت بعدما كانت صلبةً مغلقةً. ويقال: انتقضت الدجاجة أي: صوّتت عند وضع البيض، ومن ذلك أن تنتقض في نفسها، كأن يحصل عندها رجفة مثلًا. وقوله: ﴿الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ﴾‏، أي: كسره حتّى صار له نقيض‏.
 أنَّ النقض في أصل اللغة من الإبرام، أي: أبرم وأنقض. قال سبحانه: ﴿كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً﴾. وكما أنَّ العرب في اللغة يتصوّرون أنَّ هناك قوّةً ناشئةً من البرم، فلنا أن نتصوّر ونعمّم هذا المعنى حصول القوّة إلى كلّ قوةٍ بشكلٍ عامٍّ، ومضادّ تلك القوّة عندما يحصل يكون نقضاً لها، فحصص القوّة تختلف، وبتبع ذلك تختلف وتتعدّد حصص النقض أيضاً. المصدر: منة المنان.
 وفي الواقع أنها مضادة، لأن الضدين هما الذاتان الوجوديتان اللتان لا تجتمعان. إذن فكل من الضدين أمر وجودي أو أمر موجود. فإذا لاحظنا العمد وأضداده وجدناها جميعاً أموراً وجودية. لا اقل من الناحية العرفية والعقلائية التي هي مدار الفقه غالباً. وان اتصفت بشيء من النقص وهو العدم في بعض جوانبها أو خصائصها.
 أما نقيض العمد فهو اللاعمد. أو عدم العمد. وذلك حينما يزول العمد الكامل بالمرة ويحصل العجز الكامل عن الفعل أو عن الترك. فان النقيضان هما الوجود والعدم. فإذا لم يكن للعمد وجود أصلا، كان عدمه فعلياً. وإذا حصل عدم العمد, زالت المسؤولية الأخلاقية والقانونية بالمرة. المصدر: ما وراء القفه.
 وأما النقيضان فلا يجتمعان ولا يرتفعان وشرطهما أن يكون أحدهما وجودياً والآخر عدمياً كالقيام وعدمه واجتماع النقيضين موجود في الذهن معناه أن إدراك الذهن النقيضين موجود في الخارج وليس معناه أن اجتماع النقيضين له ماهية أو صورة موجودة في الذهن فإن الممتنعات ليست لها ماهيات وحقائق موجودة في العقل فإن الوجود عين الماهية فما لا وجود له ماهية له. المصدر: كتاب الكليات.
 وأنّ من المعلوم أنّ الضدّين لا يجتمعان في الوجود بلا إشكال، وإذا لم يجتمع وجود أحد الضدّين مع وجود الضدّ الآخر، يجتمع لا محالة مع عدمه لأنّ النقيضان لا يرتفعان، وليس في البين قضيّة حتّى يتكلّم عن أنّ نقيضها سالبة محصّلة أو موجبة معدولة. المصدر: انوار الاصول.
 وعليه فان الفرق بنى الضد والنقيض: النقيضان ما كان التقابل بينهما تقابل النفي والاثبات أو العدم، والملكة، ولذا لا يمكن اجتماعهما في مادة، ولا ارتفاعهما كالحركة والسكون. وأما المتضادان: فيجوز ارتفاعهما ويمتنع اجتماعهما كالسواد والبياض. وأما المتخالفان فيجوز اجتماعهما وارتفاعهما جميعا السواد والقيام. فيصح هذا قائم أسود، وقائم ليس بأسود ليس بقائم، وليس بقائم ولا أسود. المصدر: الفروق اللغوية.
 ومن المصاديق على ذلك ان هناك قطبان لا يجتمعان أو قل ضرتان لا يجتمعان أو قل عدوان لا يلتئمان، نذكرها منها:
اولاً: الله والشيطان: فمن كان وليا لله كان عدوا للشيطان والعكس صحيح كما صرح بذلك القران.
ثانياً: الدنيا والاخرة: فمن جعل همه الرئيسي احدهما اعرض عن الاهتمام بالثانية بطبيعة الحال.
ثالثاً: الروح والنفس: فمن اراد تربية روحه او الملكات الصالحة فيه فعليه ان يكفكف من غلواء شهوات نفسه المارة بالسوء وان سار في طريق الشهوات حُرم الكمال وبمقدار ما ينزل من احدهما يصعد من الاخرى في كفة الميزان. المصدر: الفتاوى الواضحة تعليق السيد محمد الصدر، ص511.
رابعاً: الحق والباطل: يوم علم الحقّ أنه حقّ، وعرف الباطل أنه باطل، وعلم كل واحد من الخصمين أن له مناهج يعارضه الآخر فيها، وأن له غايات يقاتله الآخر من أجلها.
 بدأ الصراع بينهما منذ اليوم الأول من أيام التاريخ ولم يخمد، وتوقّدت الجمرة ثم لم تنطفئ، ولا يمكن ان ينتهي هذا الصراع، وأن تخمد هذه الجمرة مادام الحق يعلم أنه الحق، وما دام الباطل يعلم أنه الباطل، وما دام الخصمان يعلمان أنهما متعارضان في المناهج، ومتزاحمان في الغايات.
 يستحيل أن ينتهي هذا الصراع، وأن تخمد هذه الجمرة، إلاّ أن ينقلب الحق بالملاً، أو يعود الباطل حقّاً، او يحين الوقت الموهوم الذي يصطحب فيه الضدان، ويأتلّف فيه النقيضان.
ولنفرض أن احد الخصمين ربح المعركة يوماً ما، وفاز بالانتصار، فليس معنى الفوز أن الصراع قد انتهى، وأن الجمرة قد انطفأت.
 إن حرب الحق والباطل حرب مبدأ وفكرة، وحرب المبادئ لا تنتهي بنزع السلاح واندحار الخصوم. المصدر: من اشعة القران.
خامساً: الاصلاح والفساد: ان تنذر نفسك وروحك لذب عن الارض والعرض وتلتحف السواتر كما تدعي وتواجه المخاطر والصعاب وتجاهد في سبيل الله وتسعى نحو الجهاد الاكبر لتصلح نفسك وتنقذ بلادك من الخراب والارهاب. وان تدافع عن ثلة من الطبقة السياسية، وهي في نظر العلماء والجمهور فاسدة فاشلة، وانت في نظر هؤلاء محارب ومجاهد، فهذان لا يجتمعان عند المجاهد الثائر.
سادساً: هناك عاملان أساسيان للشقاء يذكرهما القرآن، هما الكفر والتكذيب بالآيات الإلهية، وهما النقيضان الواقعيان للإيمان والعمل الصالح. والاختلاف الأول الذي تذكره الآية بين أهل الجنة وأهل النار هو ذكره الغفران والعفو لأهل الجنة بينما لم يذكر ذلك لأصحاب النار. المصدر: تفسير الامثل.
 ويضيف صاحب الميزان: وقد رتب على الاعتقاد بالمعاد العمل الصالح وعدم الإشراك بعبادة الرب لأن الاعتقاد بالوحدانية مع الإشراك في العمل متناقضان لا يجتمعان فالإله تعالى لو كان واحداً فهو واحد في جميع صفاته ومنها المعبودية لا شريك له فيها.
سابعاً: الإيجاب والسلب لا يجتمعان معا ولا يرتفعان معا فما من قضية بديهية أو نظرية إلا وهي محتاجة في تمام تصديقها إلى هذه القضية البديهية الأولية، حتى إنا لو فرضنا من أنفسنا الشك فيها وجدنا الشك المفروض لا يجامع بطلان نفسه وهو مفروض، وإذا ثبتت هذه القضية على بداهتها ثبت جم غفير من التصديقات العلمية على حسب مساس الحاجة إلى إثباتها، وعليها معول الإنسان في أنظاره وأعماله. المصدر: تفسير الميزان.
ثامناً: الإيمان والكفر لا يجتمعان في مكان واحد، لأنّ عقد الزواج المقدّس لا يمكن أن يربط بين محورين وخطّين متضادّين خطّ الإيمان من جهة والكفر من جهة اُخرى، إذ لابدّ أن يكون عقد الزواج يشكّل نوعاً من الوحدة والتجانس والانسجام بين الزوجين، وهذا ما لا يمكن أن يتحقّق نتيجة الاختلاف والتضادّ التي سيكون عليها الزوجان في حالة كون أحدهما مؤمناً والآخر كافراً.
 اذ دلت الأدلة المتواترة أيضاً على رجحان الإعراض عن الدنيا وإسقاط أهميتها من نظر الاعتبار. وان الدنيا والآخرة ضرتان لا يجتمعان. ونحو ذلك من المداليل التي تجتمع على معنى بغض الدنيا وحب الآخرة، وفي الدعاء: اللهم اخرج حب الدنيا من قلبي.
 في مضمون ما ورد: إن الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد ولا إيمان لمن لا صبر له. كما لا حياة لجسد لا رأس له. وهذا واضح، فإن الصبر إذا زال تماماً، انقلب الموقف النفسي تماماً إلى الاعتراض على القدر الإلهي بالبلاء ونحوه، والدنيا هي دار البلاء، فإذا دخل الاعتراض في القلب خرج الإيمان، لأنهما لا يجتمعان‏ في قلب واحد. المصدر: فقه الاخلاق.
 حتى قيل: اشد انواع الصبر الاصطبار وهو السكون تحت موارد البلاء بالسر والقلب والصبر بالنفس لا غير "لا نسئلك رزقاً" اي لا نكلفك ان ترزق نفسك ولا هلك انما نسألك العبادة نحن نرزقك واياهم ففرغ بالك لأمر الآخرة فان من كان في عمل الله كان الله في عمله والعاقبة الحميدة وهى الجنة فان اطلاقها يختص بالثواب.
 فقد ورد: من أصبح واكبر همه الدنيا فليس له من الله شيء. هذا الكلام يعني قطع الصلة مع الله، يعني ان ولائين لا يجتمعان في قلب واحد، من كان ولاءه للدنيا، فليس له من الله شيء، كما يقول السيد محمد باقر الصدر، ليس له صلة مع الله سبحانه وتعالى لان ولائين لا يجتمعان في قلب واحد، حب الدنيا رأس كل خطيئة، لان حب الدنيا هو الذي يفرغ الصلاة من معناها ويفرغ الصيام من معناه ويفرغ كل عبادة من معناها، ماذا يبقى من معنى لهذه العبادات، اذا استولى حب الدنيا على قلب الانسان. أفقد كل شيء مغزاه الحقيقي ومحتواه النبيل الشريف حب الدنيا رأس كل خطيئة، وحب الله سبحانه وتعالى اساس كل كمال، حب الله هو الذي يعطي للإنسان الكمال، العزة، الشرف، الاستقامة، النظافة، القدرة على مغالبة الضعف في كل الحالات.
 فلا يجتمع حب اللّه وحب الدينا في قلب المؤمن، اما حب الله واما حب الدينا، فان الدينا والاخرة ضرتان لا تجتمعان، وقد قال تعالى: ﴿مَن كانَ يُرِيدُ الْحَيَوةَ الدُّنْيَا وَزِينَتهَا نُوَف إِلَيهِمْ أَعْمَلَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسونَ﴾. شرط الله تعالى بهذه الآية أن من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها وحسن بهجتها، ولا يريد الاخرة، فان الله تعالى يوفيه جزاء عمله فيها يعني في الدنيا، ولا يبخسه شيئا منه. وورد في هذا الخصوص مجموعة من الروايات عن اهل بيت العصمة، فعن رسول اللّه (ص): حب الدنيا وحب اللّه لا يجتمعان في قلب ابداً. وعن الامام علي (ع): كيف يدعي حب اللّه من سكن قلبه حب الدنيا؟. وعنه(ع): كما ان الشمس والليل لا يجتمعان, كذلك حب اللّه وحب الدنيا لا يجتمعان. وعن الامام الصادق(ع): واللّه, ما احب اللّه من احب الدنيا ووالى غيرنا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبدالاله الشبيبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/04/05



كتابة تعليق لموضوع : ضرتان لا يجتمعان...!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net