صفحة الكاتب : عدوية الهلالي

دكاكين انتخابية
عدوية الهلالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مع كل دورة انتخابية ، تزدهر تجارة الدكاكين الانتخابية التي تقدم معروضاتها للزبائن من وعود مغلفة بالسيلوفان وبضائع مغرية لعراق جديد تتحقق فيه الأمنيات بلمسة سحرية ..وتستقطب هذه الدكاكين أياد عاملة تروج للمرشحين وماان تنتهي الحملات الانتخابية حتى تنفجر فقاعتها الضخمة وتتناثر هذه الأيدي دون ان تحصل على مقابل مادي أو تنفيذ للوعود الجميلة من فرص تعيين وسواها ..

الى جانب هذه الدكاكين التي تعلن عن بضاعتها بشكل صريح ، هناك دكاكين أخرى تتخذ من الثقافة بضاعة لها فتعلن عن كونها مؤسسات ثقافية وتحاول أن تستقطب بعض الشخصيات المعروفة في عالم الثقافة والاعلام وتلتقط صورا لتعلن عنها عبر صفحات التواصل الاجتماعي فيراها متابعو تلك الصفحات ويتصورون انهم امام مؤسسات ثقافية حقيقية بينما هي في حقيقتها تضم من لايفقه في الثقافة شيئا ولايعرف ماذا يعني الأعلام ، ومن يدخل في دهاليزها اكثر فأكثر قد يكتشف سوقا خفية للسمسرة في كل شيء بدءا بالذمم والضمائر وليس انتهاءا بالبشر ..

في بداية التسعينات وخلال فترة الحصار الاقتصادي ، شاهدت خلال أحد استقصاءاتي الصحفية عطارا عجوزا يلف التوابل باكياس ورقية كان يقتطعها من مجلات ثقافية متخصصة ورصينة ..ازعجني ذلك فسألته عن السبب وان بامكانه ان يستخدم اكياسا عادية عوضا عنها فاشتكى من الحصار وشحة الورق وكان البديل الايسر لديه هو شراء المجلات الثقافية المرتجعة للمكتبات باثمان زهيدة ليحولها الى أكياس ورقية تفوح بعطر قصائد وقصص شعرائنا وأدبائنا قبل ان تضم ( الهيل ) و( القرنفل ) في جوفها ، وعندما لاحظ انزعاجي قال :" عمي ماادري هاي الاوراق غالية عليكم"...نعم ..لم يكن يدري وهو صادق في ذلك ..لكن المصيبة الأعظم في من يدري ويدري انه يدري ويصر على استهجان الثقافة والفكر وكل شيء جميل وراقي في الحياة ليحوله الى بضاعة عند الطلب ، سواءا كان ذلك بهدف خدمة المرشحين للانتخابات أو لترويج بضاعة فاسدة للمسؤولين ..يمكن أيضا ان نشهد تكريما او اكثر لأصحاب تلك الدكاكين الثقافية في مهرجانات أعدت لهذا الغرض وغالبا مايجري تلميع واجهتها بأسماء براقة ومعروفة في الأوساط الادبية والاعلامية لكن من يتم تكريمه حقا هم مدعي الثقافة والمتمرغين في ترابها من اجل أهداف أبعد ...

في حربه ضد الفساد ، قال رئيس الوزراء العبادي ان الحرب ضد الفساد أصعب من الحرب ضد داعش ..فاذا كان رأس الحكومة يخشى مقارعة الفساد لصعوبة التعامل مع الفاسدين والمفسدين ، كيف سنحلم اذن بمقارعة فساد الفكر وتشويه الثقافة ونحن نعيش في سوق مفتوحة لبيع بضائع فاسدة في دكاكين معدة لهذا الغرض ..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عدوية الهلالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/03/29



كتابة تعليق لموضوع : دكاكين انتخابية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net