صفحة الكاتب : نزار حيدر

أََعمِدَةُ الدِّيمُقراطِيَّة فِي نَهجِ الإِمَامِ! [١]
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   قَبْلَ [١٤] قِرناً شرْعنَ الامامُ علي بن أَبي طالبٍ (ع) [يُصادفُ يوم السَّبت القادم ١٣ رجب الأَصبّ ذكرى ولادتهِ الميمُونة في جَوف الكَعبة] أَعمدة الديمقراطيَّة ومارسها في الحياة العامَّة بكلِّ تفاصيلِها، والتي أَخذت بمفاهيمِها الكثير من شعُوب العالَم لتبني ديمقراطيَّتها عِبر التَّاريخ، وخاصَّةً الحَديث، بشَكلٍ أَو بآخر.
   ولقد كانَ الجُهد الذي بذلهُ الإِمام (ع) لتحقيقِ ذَلِكَ يرقى إِلى مُستوى المُعجزة وذلك لثلاثةِ أَسبابٍ أَساسيَّةٍ؛
   الأَوَّل؛ هو أَنَّهُ كان يُؤَسِّس لهذهِ الأَعمدةِ في مُجتمعٍ بدويٍّ حديثُ عهدٍ بالإِسلام، إِنتشر فِيهِ الفسادُ المالي والإِداري بشَكلٍ واسعٍ جدّاً خاصَّةً في عهدِ الخليفةِ الثَّالث، عندما فسحَ المجال لعصابةٍ خاصَّةٍ تُسيطرُ على السُّلطة! فاستولت حتى على ختمِ الخليفةِ الخاصّ!.
   ولقد كانت العقليَّة البدويَّة وعقليَّة الصَّحراء والعشائريَّة وسُلطة الشَّيخ والتَّمييز العُنصري والسَّحق المُنظَّم لحقوقِ المرأَة في المجتمعِ باعتبارِها أَمَةٌ عِنْدَ الرَّجل أَو ما يُعرف بالمُصطلح الدِّيني بـ [العَورة] وسياسة الإِغارة على حقوق النَّاس كلُّها وغيرها ثقافات لازالت تُعشعِشُ في عقليَّة المُجتمع بشَكلٍ أَو بآخر وبنسبةٍ وأُخرى!.
   وَلَو دقَّقنا النَّظر في جذرِ الأَسباب التي فجَّرت الحروب الثَّلاثة بوجهِ الإِمام (ع) لوجدناها إِنقلاباً على الواقع الجديد الذي كانَ يسعى لتأسيسهِ (ع)؛
   *حرب الجمل ضدَّ مبدأ المُساواة.
   *حرب صفِّين للعودَةِ الى الحكمِ العشائري.
   *حرب النَّهروان ضدَّ مبدأ الأَغلبيَّة والوفاء بالعُهودِ. 
   وإِنَّ أَخطر ما واجههُ مشروع الإِمام بهذا الصَّدد هو [شرعنةُ الإِنحراف] من قِبل وُعَّاظ السَّلاطين والسُّلطة السياسيَّة الحاكِمة، فكانَ على الإِمام أَن يواجهَ ثلاث ثقافات؛
   ١/ هي ثقافة [عقليَّة] البَداوة المُجتمعيَّة التي تتعارض مع الدِّين بكلِّ التَّفاصيل، كما وردَ في القرآن الكريم {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.
   ٢/ هو [الاستبداد الدِّيني] الذي يُشرعن الانحراف بآيةٍ أَو رِوايةٍ، وأَئمَّتهُ عادةً هم وُعَّاظ السَّلاطين وفُقهاء البِلاط!.
   ٣/ هو [الاستبداد السِّياسي] الذي يُعِدُّ الأَنفاس ويُكمِّم الأَفواه ويقطع الأَلسنَ الطَّويلة!.
   الثَّاني؛ هو حجمِ المشاكل والتحدِّيات التي واجهتها سلطتهُ والتي عادةً ما يوظِّفها الحاكم للإِنقلابِ على وعودهِ والتزاماتهِ لتكريسِ السُّلطة المُطلقة وإِعلان الأَحكام العُرفيَّة وحالة الطَّوارئ بحجَّةِ حمايةِ الأَمن القَومي للبِلادِ أو ما أَشبه! أَمّا أَميرُ المُؤمنين (ع) فلم تُثنهِ كلِّ التَّحدِّيات والمشاكل التي وصفَ سِعةَ حجمِها وخطورتِها بقولهِ {لَوْ قَدِ اسْتَوَتْ قَدَمَايَ مِنْ هَذِهِ الْمَدَاحِضِ لَغَيَّرْتُ أَشْيَاءَ} لم تُثنهِ عن الإِصرار للتَّأسيس لأَعمدة النِّظام السِّياسي الدِّيمقراطي الجديد بكلِّ معنى الكلِمة! لأَنَّهُ كانُ مُصمِّمٌ على بناءِ دولةٍ جديدةٍ بمواصفاتٍ عصرِيَّةٍ.
   الثَّالث؛ أنَّهُ عليه السَّلام مارسَ كلَّ هَذِهِ الأَعمدة خلال فترةِ حُكمٍ قصيرةٍ جدّاً لم تكمل [٥] سنوات.
   لم يكتفِ (ع) بالخطابِ والتَّوجيهِ والكلامِ المعسولِ والشِّعارتِ الرَّنَّانةِ والطنَّانةِ وإِنَّما مارسها وكرَّسها كمشروعٍ حقيقيٍّ حيٍّ.
   إِنَّ أَسرع الدِّيمقراطيَّات في العالَم الْيَوْم إِستغرقت قرُوناً لتُمارسَ أَعمدتها ومقوِّماتها، ففي الولايات المُتَّحدة مثلاً فانَّ قانون الانتخابات أَجازَ للمُلوَّنين [السُّود] حقَّ الانتخاب [وليسَ التَّرشُّح] بعدَ أَكثر من قرنٍ ونصف من تأَسيس النِّظام الديمقراطي! أَمّا الإِمامُ أَمير المُؤمنين (ع) فقد مارسَ أُسس الديمقراطيَّة وأَعمدتَها لحظة إِجتماع الأُمَّة عَلَيْهِ لتختارهُ الحاكِم والخليفة! فرفضَ البَيعة الخاصَّة [بَيعةُ أَهل الحلِّ والعقدِ] داعياً إِلى البَيعةِ العامَّة! الحُرَّة والمُباشِرة!.
   إِنَّ التفافَ النَّاس حولهُ وبتلك الطَّريقة العجيبة قِياساً للخُلفاء الذين سبقوهُ! لو كانت قد حصلت لأَيِّ حاكمٍ آخر لأَعلن نَفْسَهُ فوراً الزَّعيم المُطلق مدى الحياة! والقائد الضَّرورة! ولكنَّهُ، ولكونهِ رجلُ دولةٍ، كان قرارهُ الثَّابت والرَّاسخ والواضح هوَ أَن يكرِّس أَعمدة النِّظام الديمقراطي والتي نرى بعضها في النُّظُم الدِّيمقراطيَّة المُعاصِرة!.  
   إِنَّ مرحلة التَّأسيس لظاهرةٍ إِجتماعيَّةٍ أَو منهجيَّةٍ سياسيَّةٍ ما هي أَهم كلِّ المراحل التي تمرُّ بها فيما بعدُ وعلى مرِّ التَّاريخ، خاصَّةً إِذا كانت الجُهود تسيرُ بعكسِ التيَّار الذي يسيرُ بهِ المُجتمع والسُّلطة السياسيَّة ومُخلَّفاتِها، ولذلكَ يَكُونُ الثَّمنُ باهِضاً والتَّضحيات عظيمة، كلَّفت الإِمام (ع) حياتهُ التي انتهت باستشهادهِ في محرابِ الصَّلاة في مسجدِ الكوفةِ المُعظَّم!.
   أَما هَذِهِ الأَعمدة التي أَسَّس لها وشرعنَها ومارسَها الإِمام (ع) فهيَ؛
   *يتبع...
   ٢٦ آذار ٢٠١٨
                            لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/03/27



كتابة تعليق لموضوع : أََعمِدَةُ الدِّيمُقراطِيَّة فِي نَهجِ الإِمَامِ! [١]
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net