صفحة الكاتب : صباح مهدي عمران

الحب المفرط
صباح مهدي عمران

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   لست الاول ولن اكون الأخير في مقالي هذا عمن يكتب عن غيرة المرأة فلا بأس من ورد طرفة وذكر ثمرتها. كان قد مر على الحرب ثلاثة عشرة يوما من العام 2003م الصباح أذاريا دافئ والهدؤ خانق يعم أرجاء الصحن الشريف إلا من زقزقة العصافير التي تتلاعب فيما بينها فوق قطع الكريستال لثريا الرواق الشريف للروضة العباسية المقدسة (سلام الله وصلواته علي سيدي ومولاي أبا الفضل العباس) وبينما تسرح الأفكار في مخيلتي رأيت رجل ستينيا مع شابا عشرينيا يسير بمحاذاته وامرأة في بداية خريف عمرها هيفاء ممشوقة القوام تسير خلفهما فلما وصلوا إلي أطلق الرجل السلام فرددت علية وناولني أمدستهم الثلاثة فوزعتها على ثلاث صناديق (خانات) في مستودع الأحذية (الكشوانية) ولم أعطهم رقما لأحذيتهم بعدما طالبني الأب بها فقلت له لا داعي للرقم فلا يوجد زائرين فالكشوانية خالية كما ترى دخلوا إلى الحرم وبعد خمسة دقائق خرجت المرأة التي معهم, وقالت لي أين زوجي هل خرج فقلت لها كلا هو بالحضرة لم يخرج وهذه حذائه واشرت بيدي إلى مكان أحذيتهم جميعا, أقطبت حاجبيها ونظرت إلي شزرا بعيناها الخضراوين اللتين أحتفضتا ببعض رونق الشباب وقالت انت تكذب أضحكتني تلك النظرة مع هذا الاتهام ببتسامة خفيفة وكأنها نظرة معلم إلى تلميذ مقصرا في أداء واجبه المدرسي فقلت لها مع هذه ألابتسامة وكيف يمشي هل يذهب حافيا وهذه حذائه أما ترينها, فاجأتني بجوابها قائلة كلا طبعا فأنت من دبر له حذاء غير هذه وسهل له الأمر ليذهب لزوجته الثانية وأنت تعرف بأمرهما مسبقا ضحكت مستغربا مرة أخرى في اقل من ثواني معدودة وتذكرت القول المشهور (شر البلية مايضحك) وقلت لها بصوت مرتفع قليلا ومن أين لي بأن أعطيه والمستودع فارغة إلا بضع من الأحذية ومن ثم كيف تسنى لي معرفته مسبقا وخصوصا بد لي من لهجتكم مع احترامي لكم ياخالة أنتم من مدينة أخرى وهل انت مقتنعة بما تتقولين أوَمعقول ماتنطقين حجية (يمعودة) ثم أنظري إلى ما نحن فيه من أجواء حرب لانعلم بما تصير إليه الأمور وانت تتكلمين بهكذا كلام, صمتت برهة وقالت اني معلمة وقد تعبت كثيرا وان زوجي هذا يملك محلا لبيع الأدوات الاحتياطية للسيارات وذكرت لي المدينة التي يقطنون فيها فهي تبعد 350 كيلو متر عن كربلاء , وكيف ساعدته كثيرا في بداية حياتهم الزوجية. ودخلت في شرح مطول عن أخلاصها لزوجها وخدمت ابنائها ولم تدخر جهدا إلا وبذلته في سبيل عائلتها وحتى كيف تساعد بنتها وابنها الوحيدين في كتابة محضراتهم الجامعية إلا إنهما لا يقفان في جانبها ضد والدهما وووو...... فلما انتهت من كلامها فسألتها عن فضول كيف وصلتم إلى كربلاء والقوات الأمريكية قد قطعت الجنوب عن الوسط وهاهي متواجدة في بحر النجف إذ لم أجد ما أقوله مجاوبا إياها عما تكلمت فيه, قالت لي سلكنا طرقا فرعية وشرعت تشرح لي كيف كان ذلك , ثم عرجت فجأة تتهمني مرة أخرى بمساعدة زوجها وعبثا حاولت الدفاع عن نفسي من هذه التهمة ومتعجبا من هكذا اتهام في هكذا أيام لكن لم يكن دفاعي يجد نفعا معها , وبينما تتجاذب معي الشكوى والاتهام خرج زوجها وابنها من الحضرة المطهرة فلما رأتهم قطعت كلامها وابتسمت فهي كانت مقتنعة تماما بأنه خارج الروضة المقدسة عند زوجته الثانية وأنا من ساعده في ذلك , وصل الزوج عندي فقلت له (يمعود حجي) تعالَ وخلصني من الحجية فهي تقول بأنني ساعدتك في الذهاب إلى زوجتك الثانية فبتسم متهكما وقال (يمعود هاي مخبله) فضحكت الزوجة بتأدب واحتشام بوضع أكمام عبائتها على مبسمها بتزان وخجلا منها سكت أنا ببتسام , من خلال كلامها رأيت فيها زوجة ودود ومسكينة غير حقود ومثقفة بانتظام وحدود إلا إنها غيور من شدة حبها لزوجها وهذه الغيرة هي من جعلتها في وساوس الشيطان والأوهام المختلقة. العبرة من القصة, الغيرة المفرطة على الزوج تذهب بالود وتشتت العائلة نعم الغيرة جميلة من الزوجة على زوجها لكن بحدود الوسطية فتذكري فالاسلام وسطي  فهنيئا لمن يفهم.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صباح مهدي عمران
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/03/22



كتابة تعليق لموضوع : الحب المفرط
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net