صفحة الكاتب : نزار حيدر

خمسةُ أَسبابٍ حالَت دُونَ بناءِ العراقِ الجَدِيد!
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   ١/ تقولُ الحكمة [أَن تولدَ فقيراً فذلك أَمرٌ لم تخترهُ، ولكن أَن تموتَ فقيراً فذلك أَمرٌ تختارهُ] فإذا كان قرار الولايات المتَّحدة وبريطانيا غزو العراق عام ٢٠٠٣ وإِسقاط النِّظام الشُّمولي الديكتاتوري لم يكُن للعراقيِّين فِيهِ دخَلٌ أَو حتَّى إِرادة! فان قرار ما بعدَ الغزو يمتلك ناصيتهُ العراقيُّون وكان بامكانهم أَن يفعلوا الشَّيء الكثير لكنَّهم فشلوا للأَسف، لعدَّة أَسباب سنأتي على ذكرِها.
   لقد تعرَّضت دُوَلٌ وشعوبٌ كثيرةٌ للغزو الأَجنبي ومنها العراق [١٩١٧-١٩٤٤] فكانت تنهض من تحتِ الرُّكام مثل اليابان وأَلمانيا وكوريا وغيرها، حتى العراقيِّين نهضُوا بعد الغزو البريطاني الأَوَّل لبلادهم ليؤسِّسوا دولة العراق الحديثة مع كلِّ التحدِّيات!.   
   ٢/ كان يجب أَن يسقط نظام الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين بعد أَن تحوَّل إِلى عبءٍ ثقيلٍ وخطيرٍ جدّاً على الشَّعب بالدَّرجة الاولى وعلى المُجتمع الدَّولي بالدَّرجة الثَّانية.
   واليوم فانَّ تقييم قرار الإِسقاط يختلف من جهةٍ لأُخرى، حسب المصالح والأَثر الذي تركهُ، ولكنَّهُ بالنِّسبة للعراقيِّين فلقد كان سقوط النِّظام بمثابة الحدث التَّاريخي الذي طالَ انتظارهُ!.
   ولقد حرص الغرب وواشنطن بالتَّحديد على أَن لا يأتي التَّغيير من خلال الشَّعب وإِنَّما من خلالهم هم ليسيطرُوا على مرحلة ما بعد التَّغيير كيفما يحلو لهم وبما تشتهيهِ أَنفسهم لتحقيق مصالحهم! ولذلك وقفَ الغرب ووقفت واشنطن ولندن الى جانب الطَّاغية ونظامهِ وأَجهزتهِ القمعيَّة عندما انتفضَ العراقيُّون وحرَّروا [١٤] محافظة من أَصل [١٨] من قبضتهِ الحديديَّة في آذار [شعبان] ١٩٩١.
   ٣/ أَمّا الأَسباب الخمسة التي حالت دُونَ بناء العراق الجديد بعد التَّغيير فهي كما يلي؛
   أ/ إِعتبار قرار إِسقاط النظام إِحتلالاً وقد شُرعن هذا الأَمر بقراراتٍ دوليَّةٍ عدَّة صدرت عن مجلس الأَمن الدَّولي.
   ب/ خشية النظام السِّياسي العربي [الاستبدادي الشُّمولي البوليسي] وتحديداً المُحيط الإِقليمي من أَيَّة إِمكانيَّة مُحتملة لإِقامة نظام ديمقراطي للأَغلبيَّة فِيهِ [الشِّيعة] دورٌ محوريٌّ ومفصليٌّ! ولذلك جيَّشوا كلَّ ما يملِكون وما لا يملِكون لتخريبِ العراق وتدمير العمليَّة السياسيَّة!.
   ج/ فشل البديل الذي كانَ ينتظر مِنْهُ العراقيُّون أَن يُنجز الشَّيء الصَّحيح بعد سقوط النِّظام الشُّمولي! ليعوِّضهُ عقود الحِرمان والقهر والظُّلم ويُنسيهِم الحُقبة المُظلمة! التي كان مُستعجلاً لطيِّ صفحتها! خاصَّةً وأَنَّ البديل هو حركة المُعارضة التي توقَّع العراقيُّون أَنَّها تعلَّمت من ظُلمِ النِّظام لها الشَّيء الكثير لتُغيِّر وتُبدِّل وتُصلح! إِذا بها [تطمس] في الفساد المالي والاداري وفِي الحزبيَّة الضيِّقة والطائفيَّة والعنصريَّة والتَّمييز والمُحاصصة وكلِّ علامات الظُّلم والاستكبار!.
   د/ عدم استيعاب [السُّنَّة] لسُنَنِ الله تعالى في عبادهِ ولنظريَّة الاستبدال والإهلاك والاستخلاف! ولذلك لم يهضُموا التَّغيير ولَم يستوعِبوا فكرة أَنَّهم خسِروا السُّلطة المُطلقة هذه المرَّة! فظلَّ أَنينهُم وحنينهُم إِلى الماضي يراودهُم في نومهِم ويقضتهِم! لدرجةٍ انَّهم توسَّلوا بالارهاب لإِعادة عقارب السَّاعة إِلى الوراء! فدمَّروا أَنفسهُم والبلاد!.
   هـ/ ولا ننسى هُنا المخلَّفات الخطيرة التي تركها نظام الطَّاغية الذَّليل والتي لازالت الكثير منها شاخصةً للعيان وللمُنصفين بشَكلٍ كبيرٍ، وذلك بسبب سياساتهِ الطائفيَّة والعنصريَّة وحروبهِ العبثيَّة  وجرائمهِ البشِعة التي ارتكبها ضدَّ العراقيِّين!.
   ٤/ لقد حمَّلت واشنطن [ابن سلمان] ما لا يُطيق عندما أَملت عَلَيْهِ خُططاً لتحجيم التحالف التَّاريخي بين [آل سعود] و [ابن عبد الوهاب] الذي تأسَّست عَلَيْهِ دولة [نظام القبيلة] ولذلك فهو الآن بين المِطرقة والسِّندان! بين مِطرقة واشنطن وسِندان المتشدِّدين! ومنّا لا شكَّ فيه فانَّهُ مُجبر على الرُّضوخ لأَلم المِطرقة لأَنَّها وليِّ نعمتهِ الوحيدة التي يمكنها أَن تحمي سلطتهُ من الزَّوال جرَّاء الأَزمات وصراع الأَجنحة والتيَّارات الداخليَّة!.
   ولهذا السَّبب فهو مستعدٌّ لأَن يبذِل ويبذِل ويبذِل من المال ما استطاع حتَّى يجفّ ضرع البقرة! من أَجل إِرضاء واشنطن لحمايةِ عرشهِ! وكلُّنا نعرف فليس من السُّهولة أَبداً أَن تسلِّمهُ واشنطن العرش بما حمَل من دونِ أَن يدفع الثَّمن المطلوب! في ظلِّ إِستراتيجيَّة الرَّئيس ترامب القائمة على قاعدة [إِدفع تُحمى]!.
   ٥/ انَّ سياسات واشنطن في سوريا ليست متناقضةً، فكلُّ الذي يحصل هو أَنَّها تضحِّي في كلِّ مرَّةٍ بطرفٍ ضعيفٍ لتحقيقِ مكاسب استراتيجيَّة على ومعَ روسيا الحديثة، القويَّة والحاضرة!.
   وما يجري في عفرين يدخل في هذا الإطار، فأَنقرة بالنِّسبة إِلى واشنطن وموسكو هي العروس التي يسعى الطَّرفَين لطلبِ يدها! فليس من المعقولِ أَن تتنازل عنها واشنطن بهذهِ السُّهولة إِلى موسكو لخاطرِ عيُون القوَّات الكردَّية التي ستكون في نهايةِ الأَمر الخاسر الأَكبر في كلِّ اللُّعبة! كما حصلَ قبلَ ذَلِكَ للكُردِ في العراقِ!.
   ١٩ آذار ٢٠١٨
                            لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/03/19



كتابة تعليق لموضوع : خمسةُ أَسبابٍ حالَت دُونَ بناءِ العراقِ الجَدِيد!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net