صفحة الكاتب : محمد كاظم خضير

هل  الغوطة الشرقية على طريق مدينة حلب في تحريره من الإرهاب؟ هل تحرير الغوطة الشرقية يُسقط  كل التهديدات الغرب؟
محمد كاظم خضير

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

هكذا أراد أعداء سورية للغوطة الشرقية أن تكون رهينة بيد الإرهاب وخاصرة رخوة تبعث برسائل الموت والدمار لسكان دمشق الآمنين كلما أحرز جيش الوطن إنجازاً ميدانياً مهماً، وهذا أيضاً ما تعمل على تحقيقه الأدوات المأجورة في الغوطة الشرقية، إذ لم يكد يجف حبر الاتفاق على انضمامها إلى مناطق خفض التصعيد أواخر تموز من العام الفائت، حتى توالت خروقات العصابات الإرهابية لبنود الاتفاق رغم التزام الجيش العربي السوري التام بمضمونها.
وحين طفح الكيل من تمادي الإرهاب، اتخذت الدولة السورية قرار الحسم في الغوطة الشرقية لتوفير السلامة والأمان لثمانية ملايين مواطن يسكنون العاصمة، وهم يعانون، منذ دخول الإرهابيين للغوطة قبل خمس سنوات، من قذائف الإجرام التي أضحت عملاً يومياً يؤديه الإرهابيون ولا يُستثنى من أخطارها أحد.

بدأ الإعداد لتطهير الغوطة الشرقية من براثن التنظيمات الإرهابية المسلحة، وتجمعت الحشود والقوى القتالية من شتى المحافظات والمناطق، وأحاطت بمواقع المسلحين من كل جانب لتحقيق غاية الحسم والتطهير.
وقد بدأت المرحلة الأولى من العملية العسكرية الواسعة بالتمهيد الناري الكثيف والمؤثر في الفصائل الإرهابية وتحصيناتها، وعلا صراخ الإرهابيين وارتفع عويل داعميهم. وتنادى أعداء سورية مطالبين مجلس الأمن بعقد جلسة طارئة واستجاب المجلس على عجل، وعقد الجلسات المطولة.
لكن الغريب المستهجن أن الوطن السوري يتعرض للاعتداءات من قوى خارجية عدة، يتقدمها الكيان الصهيوني بدعمه اللوجستي والناري المباشر للتنظيمات الإرهابية، ولم تحرك هذه الاعتداءات في ضمير مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة وموفده الخاص لسورية، الحميَّة والغيرة لعقد اجتماع طارئ يبحث في العدوان الصهيوني على السيادة السورية، لأن من مسؤولية مجلس الأمن الحفاظ على السلم الدولي وحماية المدنيين وسيادة الدول على أرضها.
كما لم يلحظ مجلس الأمن العدوان التركي على الشمال السوري، وقصف السكان السوريين في مدينة عفرين وقراها بشتى صنوف الأسلحة وإيقاع الخسائر البشرية والمادية، هذا عدا عن تدمير البنى التحتية من طرقات ومشاف ومصادر مياه وكهرباء في العديد من القرى والبلدات والمدن الحدودية.
ويندرج في قائمة الاعتداءات على السيادة السورية أيضاً الاحتلال الأمريكي المباشر لأجزاء من الأرض، وإقامة القواعد العسكرية عليها في الشمال والشرق السوري، من دون موافقة السلطة الشرعية في سورية، وذلك في محاولة للسيطرة على المعابر الحدودية مع العراق لشرخ محور المقاومة عند بوابات العبور السورية – العراقية، وفصم الاتصال الجغرافي بين البلدين.
كما لم يُحرك المشاعر الإنسانية لمجلس الأمن ورئيسه الكويتي تَعرُّضُ ثمانية ملايين مواطن سوري يقيمون في دمشق لقذائف الإرهابيين ومفخخاتهم لسنوات عدة، بل اهتزت مشاعرهما الزائفة من قيام الجيش العربي السوري بقصف مواقع التنظيمات المصنفة دولياً بأنها تنظيمات إرهابية، تمهيداً لتحرير سكان القرى والبلدات الواقعة تحت سيطرة هذه التنظيمات الإرهابية من بطشها.
وفضلاً عن الدعم اللوجستي اللامحدود بهذه التنظيمات الإرهابية من أعداء سورية، تبنت كل من واشنطن ولندن وباريس ومعها الأمم المتحدة موقف الرفض القاطع لتحرير الغوطة الشرقية من الإرهابيين، فانطلقت من معايير منحازة، تقوم على الكيل بمكيالين، حين تباكت على ما زعمت بأنها أوضاع إنسانية سيئة يعيشها الأهالي في الغوطة الشرقية من جراء الأعمال القتالية التي يخوضها الجيش العربي السوري هناك، وتناست ما هو أكبر وهو أن ممارسات التنظيمات الإرهابية التي تتخذ المدنيين دروعاً بشرية هي السبب لهذه الأوضاع السيئة.
والجدير ذكره أن الفصائل المسلحة الموجودة في الغوطة والمصنفة عالمياً على أنها تنظيمات إرهابية أو تسير في فلك الإرهاب، يأتي على رأسها تنظيم «جبهة النصرة» المدعوم من العثمانية الجديدة في تركيا. و«جيش الإسلام» المدعوم سعودياً، و«فيلق الرحمن» المدعوم من إمارة قطر. وجميعهم يحملون فكراً دموياً واحداً أساسه الوهابية السعودية التكفيرية.
ولا يغيب عن الذهن أن نوبات من الهلع اعترت بعض العواصم العربية والغربية من قرار تحرير الغوطة الشرقية، ومسوغات هذا الهلع ناجمة في الدرجة الأولى عن انعكاسات ذلك القرار على الكيان الصهيوني. فتحرير الغوطة الشرقية من التنظيمات الإرهابية سيجعل من العدو الصهيوني أكثر الأطراف تضرراً. لأن حسم الجيش لأي من الجبهات المشتعلة على امتداد سورية، وعلى الأخص الغوطة الشرقية سيوفر للدولة السورية قوة فائضة تساعدها على الحسم السريع في أماكن أخرى، ولاسيما في ظل التوتر المتنامي بين الكيان الصهيوني ومحور المقاومة. وقد شكل إسقاط الطائرة الصهيونية في العاشر من شباط الماضي علامة دالة على تغيير قواعد الاشتباك في المستويين الاستراتيجي والتكتيكي.
والواضح الجلي من عويل أعداء سورية أن الخطوة الجادة للجيش العربي السوري، والتي ترمي لاقتلاع جذور الإرهاب من الغوطة الشرقية، وتخليص أهلها من وطأة العسف الذي يتعرضون له، تعني فيما تعنيه إجهاض «الخطة الخماسية» التي وضعتها الشهر الماضي الدول الثلاث دائمة العضوية في مجلس الأمن (أمريكا وبريطانيا وفرنسا) ومعها مملكة بني سعود ومملكة الأردن.
و«الخطة الخماسية» تنطلق بوضوح من خلق واقع ميداني على الأرض، وبشكل خاص في الغوطة الشرقية يتيح للتنظيمات الإرهابية الضغط على العاصمة دمشق من خلال قصف أحيائها العشوائي بالهاونات والصواريخ، ما يساعد الإرهابيين في المخططات المرسومة لهم من مشغليهم لإحداث تغييرات تخدم المصالح الصهيونية ودول الغرب الاستعماري.
إن دول هذا التكتل الخماسي التآمري تعي تماماً أن تحرير الغوطة من الإرهابيين، وإغلاق ملفها سياسياً وعسكرياً، سيجردهم من عامل الضغط على الدولة السورية، وسيسقط من يدهم ورقة يعدونها رابحة، ويحرمهم من إمكانية تنفيذ مخططهم الذي رُصدت لأجله الإمكانات، وبُنيت عليه الآمال.
وعن الإطار ذاته ذكرت صحيفة «إندبندنت» اللندنية تحذير مراسلها في سورية روبرت فيسك من أن تحضيرات الجيش العربي السوري لعملية عسكرية واسعة في غوطة دمشق الشرقية تحمل رسالة تهديد واضحة للمسلحين مفادها «أن الغوطة سيتم تحريرها لا محالة».
وأشار فيسك إلى أن قرار الحسم في غوطة دمشق الشرقية جاء لوقف الخسائر البشرية التي يوقعها المسلحون بسكان دمشق والتي بلغت منذ احتلالهم الغوطة الشرقية عام 2013 وحتى اليوم آلاف الشهداء والجرحى، كانوا جميعاً ضحايا السيارات المفخخة التي دخلت المدينة من خاصرتها الرخوة (الغوطة الشرقية)، أو بسبب قذائف وصواريخ الإرهابيين التي سقطت ولا تزال تسقط على أحياء العاصمة وسكانها المدنيين.
أما الحديث عن التسويات السلمية للأزمة في سورية، فلطالما أعلنت الدولة السورية وقوفها إلى جانب الجهود التي ترمي للتوصل إلى تسويات سياسية توقف نزيف الدم وهدر الطاقات بلا طائل. وكان هذا الموقف من الدولة السورية رغم الأوضاع الميدانية السيئة التي يعيشها الإرهابيون، وانحسار بقعة الأرض التي يسيطرون عليها في الغوطة الشرقية وغيرها من المناطق، لكن قوى الإرهاب شرق دمشق ممثلة بالفصائل الإرهابية الأساسية الثلاثة «النصرة وجيش الإسلام وفيلق الرحمن» لم تجنح للسلم حين رفضت الرحيل عن الغوطة سلماً، تلبية لطلب مشغليها وداعميها.
على كل حال، لقد أقامت الحكومة السورية مراكز إيواء آمنة تكفي لآلاف العائلات الراغبة في الخروج من الغوطة، وحددت ممراً آمناً عبر مخيم الوافدين لمن أراد الخروج، لكن التنظيمات
الإرهابية منعت المدنيين وأغلقت جميع الطرقات المؤدية إليه، كي يظل هؤلاء المدنيون دروعاً بشرية للإرهابيين.
أما الضامن الروسي لمسار «أستانا» و«اتفاقات خفض التصعيد» وحوار «سوتشي»، فقد بدا متفهماً للموقف العربي السوري في الغوطة الشرقية، وجاء هذا التفهم واضحاً على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حين أشار إلى الاتفاق الذي جرى في الأحياء الشرقية لمدينة حلب أواخر 2016 وتم بموجبه إخراج الإرهابيين منها، وقوله: «يمكن إعادة تطبيقه في الغوطة الشرقية»، وهذا يعني تفهماً دقيقاً من روسيا لطبيعة العملية العسكرية الواسعة لحسم الوضع الميداني في الغوطة مادامت الفصائل الإرهابية بقيت على موقفها الرافض للتسويات السلمية.
كما أشار «لافروف» للقرار2401 الذي اتخذ بالإجماع في مجلس الأمن فقال: (إن وقف إطلاق النار في سورية لا يشمل شركاء «جبهة النصرة» في الغوطة الشرقية وهم «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» و«أحرار الشام») ما يعني أن الإرهابيين في الغوطة لا يشملهم القرار الأممي المذكور، وأن الإرهابيين لن يحصلوا على مهلة لالتقاط أنفاسهم، وهم أهداف مشروعة في أي عملية عسكرية يخوضها الجيش العربي السوري في الغوطة الشرقية.
وأضاف لافروف: «إن واشنطن ستستمر في محاولة تشويه سمعة دمشق» عبر ترويج شائعات جديدة عن مزاعم «استخدام» أسلحة كيميائية، واصفاً التقارير عن استخدام غاز الكلور في الغوطة الشرقية بأنها استفزاز.
أخيراً، لاشك في أن العملية العسكرية للجيش العربي السوري التي تهدف أساساً لتحصين دمشق، وتوفير الأمان لأهلها، ستشكل منعطفاً جديداً لتفكيك المعادلات التي كرسها طوال الأعوام الماضية المال الخليجي، وفي الوقت نفسه ستؤدي لفرض معادلات جديدة تتسق مع الإنجازات الميدانية التي حققها الجيش العربي السوري في الشمال والجنوب والوسط، وانعكاسات تلك الإنجازات على الوضع الإقليمي والدولي.
إن قرار الحسم في الغوطة الشرقية قد اتخذ، ولا سبيل لإيقافه من دون تحرير كامل مناطق الغوطة من الإرهاب، تماماً كما جرى في مناطق غيرها وإن الحسم لمصلحة جيش الوطن في الغوطة الشرقية سيتحقق بكل تأكيد، وإن شرق دمشق لن يظل رهينة بيد التنظيمات المسلحة، وإن الغوطة الشرقية بالتحديد لن تبقى خاصرة رخوة يقصدها من أراد إنزال الضرر بدمشق وريفها، وإن ما كان في الماضي.. لا يمكن أن يستمر بعد اليوم.
دينهما الغرب انتقائياً من جهة، وما يسمى «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» و«أحرار الشام» و«فجر الأمة» وغيرها من مسميات العصابات التكفيرية الإرهابية في الغوطة الشرقية من جهة أخرى، وإن وجدت فروقٌ فيما بينها، فهي فروقٌ في الدرجة، لا النوع، وكلها فروعٌ من فروعٍ منبثقةٍ من صلب الفكر الوهابي المتزمت، تلتف على بعضها وتفترق، لتتنافس على قاعدة مرجعيته البترودولارية، ولتفرض تأويلاته السقيمة بقوة الإرهاب الوحشي في المناطق التي تتخذ من أهلها دروعاً بشرية، ولتمارس ألوان الإقصاء والتذابح التكفيري حتى فيما بينها، وكلها موضوعياً جزءٌ من العدوان الكوني على سورية بشراً وحجراً ودولةً وحضارة، وإن ذلك الوباء الاجتماعي-السياسي هو بالضبط ما يواجهه الجيش العربي السوري وحلفاؤه في الغوطة الشرقية وبعض سورية في هذه اللحظات.
لذا فإن التوازنات الدولية في مجلس الأمن التي جعلت من غير »النصرة« و«داعش» من الإرهابيين الدمويين والتكفيريين «معارضةً معتدلةً»، ليست أكثر من تعبيرٍ آخر عن النفاق الذي تمارسه الدول الغربية في تلفيق فروق بين الإرهابيين «تبرر» صلاتها معهم وتغطيتهم سياسياً، حتى وهي مستمرة في حماية فلول «داعش» شرق سورية، وبتغذية «النصرة» مالياً وإعلامياً عبر أكذوبة «الخوذ البيضاء» وفصيل ما يسمى «فجر الأمة» في الغوطة الشرقية (المحسوب على ما يسمى «الجيش الحر») وغيرها من القنوات.
الإيحاء دولياً بوجود مثل تلك «الفروق» المزعومة بين فصائل الإرهابيين التكفيريين لا يعدو كونه تعبيراً عن ميزان قوى عالمي مختل، ما برح يميل لمصلحة سورية وحلفائها، ولا سيما بعد اضطرار الدول الغربية للإقرار بوجود مشكلة إرهاب تكفيري في سورية لم يعد بالوسع إنكارها بعدما طالت شظاياها مدن الغرب وعواصمه... غير أن مثل تلك «الفروق» بين الإرهابيين لا تعبر عن الواقع بتاتاً، لأن كل الميليشيات الخارجة عن الدولة السورية إما إرهابية تكفيرية، أو مرتبطة بالنظامين الأمريكي والصهيوني، والأغلب هو الاثنان معاً، ما عدا في مناطق سيطرة ميليشيات كردية مرتبطة بالأمريكان (والمستعيضة عن الإرهاب التكفيري بشوفينية معادية للعروبة)، كما أن الصراعات المحمومة والتناحر المدمر بين تلك الفصائل لا يغيّران من حقيقة ذلك الواقع شيئاً.
مشكلة الخطاب «الإنسانوي» إذاً بصدد الغوطة الشرقية، وأي منطقة أخرى يسيطر عليها الإرهابيون التكفيريون، هي أنه خطاب يقلب الصورة رأساً على عقب، فالإرهابي الذي يقصف دمشق ويمنع أهل الغوطة الشرقية من الخروج عبر الممرات الآمنة يتم تصويره «ضحية»، والجندي العربي السوري الذي يقاتل الإرهاب يتم تصويره «معتدياً»، والشعب السوري الذي يقاسي الإرهاب التكفيري في دمشق وريفها (وبقية سورية) تتم «مصادرته» سياسياً كأنه «في حماية» الدول الغربية التي تدعم الإرهاب التكفيري، وذلك في مسعى لفرض «الانتداب» مجدداً على سورية في العقول والقلوب بالتوازي مع محاولة فرضه عبر مشاريع قرارات الدول الغربية والرجعية العربية في مجلس الأمن الدولي!  فالخطاب «الإنسانوي» إزاء الغوطة الشرقية وغيرها، بهذا المعنى، ليس خطاباً «إنسانياً» ولا محايداً على الإطلاق، بل خطابٌ مسيّسٌ ذو أجندة إمبريالية مبيتة، لأنه يسعى لتأسيس ما يسمى بـ«حق التدخل بذرائع إنسانية» من قبل الدول الغربية وأتباعها وأدواتها، ضمن برنامج لسحق الدول المركزية المستقلة وتفكيكها، أسوة بما جرى في يوغوسلافيا في التسعينيات وفي ليبيا عام 2011 وفي العراق وفي غيره.
مزاعم «استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية ضد شعبه»، التي تجري إعادة تدويرها وترويجها كلما حقق الجيش العربي السوري وحلفاؤه تقدماً ملموساً ضد العصابات التكفيرية المسلحة في الميدان، هي الثمرة النجمية لمثل ذلك الخطاب «الإنسانوي» المنافق، فهي تزيّن التدخل الغربي لدعم الإرهابيين ومساعي تمرير مشاريع انتهاك السيادة السورية، وتجمّله، وتجعله «مطلباً دولياً إنسانياً»، وقد أصبحت خلال حملة الغوطة الشرقية في الأيام الفائتة مدخلاً أمريكياً وفرنسياً وألمانياً لتوجيه تهديدات عسكرية لسورية، ولمشروع قرار بريطاني في جلسة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، عُقدت خصيصاً لحماية التنظيمات الإرهابية في الغوطة الشرقية، افتتحها زيد بن شاكر، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، بالحديث عن «جرائم حرب» دعا لـ«تحويلها إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي»!
لكن الذريعة «الإنسانية» في الغوطة ساقطة حكماً كقناعٍ مهترئ، أولاً لأن الدولة السورية تسهّل، ولا تعيق، وصول المساعدات الإنسانية إلى الغوطة الشرقية، مع تحفظها المشروع على عدم وقوعها بأيدي الجماعات التكفيرية الإرهابية التي تتاجر فيها وتحجبها عمن تشاء، وثانياً لأنها ذريعة لا تفسر لماذا سعى مئات آلاف المواطنين منذ بداية سيطرة العصابات المسلحة على الغوطة الشرقية لمغادرتها حتى فرض الإرهابيون حظراً على مغادرتها من قبل المدنيين ليجعلوهم دروعاً بشرية وثالثاً لأنها تتعامى عما يقوم به الإرهابيون التكفيريون ضد دمشق وأهالي الغوطة الشرقية نفسها، أو تحاول التقليل من شأنه بشدة.
وبالتلازم مع الحملة الإعلامية، والتهديدات المباشرة، أصيبت الدول الغربية والكيان الصهيوني بالذعر من تقدم الجيش العربي السوري في الغوطة الشرقية، فبدأت مناورات عسكرية أمريكية-إسرائيلية عنوانها المعلن مواجهة محور المقاومة، وطار نتنياهو إلى واشنطن لحض واشنطن على التدخل بصورة أوسع في سورية، إضافة لملفات أخرى، وراح الفرنسيون يتصلون بالروس والإيرانيين مناشدين، وطار وزير الخارجية الفرنسي إلى طهران حيث لا شك في أنه حاول طرح موضوع الغوطة الشرقية على هامش هدف محادثته المعلن حول برنامج الصواريخ البالستية الإيرانية، وطار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى القاهرة حيث لا شك في أنه حاول فتح موضوع الغوطة الشرقية، ولا سيما أن ضباطاً مصريين شاركوا في المفاوضات المتعلقة بالغوطة الشرقية الشهر الفائت.
أما من سعوا للعب الورقة «الإنسانية» في الغوطة الشرقية، ومن راحوا يهوّلون من التهديدات الغربية لسورية، فيبدو أنهم نسوا مع من يتعاملون، لأن من صمد في وجه عدوانٍ كوني ألقت فيه دولٌ غربيةٌ وإقليميةٌ كبرى بكل ثقلها، من واشنطن إلى لندن، ومن باريس إلى برلين، ومن تل أبيب إلى أنقرة، ومن الرياض إلى  الدوحة (بأموالها)، ومن جماعة «الإخوان المسلمين» الدولية إلى التيارات التكفيرية ما بين شرق الصين والشيشان، لا تفت في عضده التهديدات ولا العدوانات المتلاحقة من الجو أو من البر، وهو أكثر من قادر على ردها وتجاوزها، وقد جاء الرد واضحاً صافياً هادئاً واثقاً، على لسان السيد الرئيس بشار الأسد الذي قال أن حملة الغوطة الشرقية يجب أن تستمر، وبالانتصارات والاختراقات الواسعة التي حققها الجيش العربي السوري والقوات الحليفة والرديفة في أعماق مناطق سيطرة العصابات التكفيرية الإرهابية في الغوطة الشرقية التي راحت تتقطع الواحدة تلو الأخرى كخيوط العنكبوت، وهي مسيرة مظفرة تمثل تتمةً لما تحقق شرق حلب وفي تدمر ودير الزور وعموم سورية من قبل، مسيرة لن تتوقف حتى إجلاء آخر إرهابي من الغوطة الشرقية أو دخوله في مصالحة، وباختصار، لن تتوقف حتى يعود كل شبر من الأرض السورية إلى حضن الدولة صاحبة السيادة عليه، الدولة العربية السورية وجيشها وأسدها.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد كاظم خضير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/03/17



كتابة تعليق لموضوع : هل  الغوطة الشرقية على طريق مدينة حلب في تحريره من الإرهاب؟ هل تحرير الغوطة الشرقية يُسقط  كل التهديدات الغرب؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net