صفحة الكاتب : محمد رضا عباس

التأثيرات الاقتصادية للقطاع الحكومي
محمد رضا عباس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تلعب السياسية المالية الحكومية دورا مهما في الحياة الاقتصادية. من خلال السياسة المالية تستطيع الحكومات من محاربة التراجع الاقتصادي وذلك من خلال زيادة المصاريف الحكومية ( بناء سدود مائية , بناء طريق عامه , بناء جسور و قناطر , تعينات جديدة ...) , و تخفيض الضرائب على الشركات والافراد. لان تخفيض الضرائب على الافراد والشركات يعني زيادة الثروات وبالتالي صرفها على السلع والخدمات التي يحتاجونها , وهكذا يزداد الطلب العام , ويزداد الطلب على الايدي العاملة , والخروج من الازمة الاقتصادية.

في زمن التضخم المالي , تقوم الحكومة بإجراءات معاكسة لإجراءاتها في زمن الركود . في زمن تصاعد أسعار السلع والخدمات , تقوم الدولة بزيادة الضرائب وتقليص مصاريفها وبذلك يقل الطلب العام على السلع والخدمات , استقرار الأسعار وربما انخفاضها , وبذلك يتم السيطرة على نسبة التضخم في البلاد.

شيء اخر و مهم تقوم به الدولة وهو دعم الاقتصاد الوطني من خلال شرائها المنتوج الوطني . الدولة هي الاغنى لان بيدها مفاتيح الخزانة المالية وهي الأكبر بين المشترين . المصاريف الحكومية في الولايات المتحدة الامريكية بلغت 36 %   من الإنتاج المحلي عام 2014 , فرنسا 56% , بلجيكا 53%, دنمارك 58%, مصر 32%, الجزائر 41%, روسيا 36%, إيطاليا 50%, و تركيا 35% .  في هذا المجال تنظر الدولة ان مصادر الأموال في خزائنها تكونت من الضرائب على الافراد والشركات , وعليه من العدل والانصاف ان تشارك الدولة مواطنيها بهذه الثروة من خلال شراء منتوجاتهم , و بذلك يستفاد المواطن (العمال) و الشركات الوطنية (المنتجين) من أموالهم. هذا الاجراء تقوم به اغلب الدول في العالم بما فيها الولايات المتحدة الامريكية . ففي هذا البلد , لا يستطع أي مكتب اتحادي بشراء أي منتوج اجنبي الا في حالة عدم انتاجه محليا . ولهذا تجد ان الطائرات المدنية والحربية العائدة الى الحكومة الفدرالية محلية الصنع , وكذلك السيارات والاثاث و والملابس التي يلبسها الجيش الاتحادي.

بكل الأسف , اغلب المصاريف الحكومية العراقية لا ينتفع بها المواطن او الشركات العراقية وانما الأجنبي لان ببساطة لا توجد صناعات عراقية تستطع الدولة شرائها . ان وجود صناعة عراقية متخصصة لحاجة الدولة او تحويل الدولة الى شراء المنتوج الوطني بدلا من الأجنبي سوف يقلص اعداد العاطلين عن العمل , انتشار الثقافة الصناعية , وحفظ العملات الأجنبية داخل البلد . هناك عدد كبير من الإنتاج الوطني يمكن ان ينتعش و يتوسع حتى بدون تصديره الى الأسواق العالمية لان حجم الطلب عليه من قبل الدولة كبير .  نحن لا نقول على الدولة ان تشتري طائراتها من السوق المحلية او سيارات نقل الركاب او مكائن البناء الضخمة او الأجهزة الطبية , لأنها ببساطة غير موجودة في العراق وان كلفة انتاجها محليا يفوق كلفة شراءها من الخارج. ولكن هناك مواد من الممكن انتاجها محليا و بمواد أولية عراقية و بأيدي عراقية . على سبيل المثال , هناك حوالي خمسة ملايين طالب ( من مرحلة الابتدائية الى السنة الأخيرة من الدراسة الجامعية ) , وان هذا العدد الكبير يحتاج الى خمسة ملايين رحلة (كرسي) , ولو افترضنا ان الاندثار السنوي لهذه الرحلات هو 100 الف رحلة , فأننا نتحدث عن الحاجة الى معمل نجارة يتكون  اكثر من 100 عامل . مثال اخر, في العراق يوجد مالا يقل عن نصف مليون من القوات الأمنية (شرطة وجيش) , كل فرد من هؤلاء الابطال يحتاج على الأقل الى بدلتين في العام الواحد وبذلك يكون العدد المطلوب من البدلات مليون قطعة . ومن اجل انتاج هذا العدد , فأننا نحتاج الى معامل خياطة مع عدد من الخياطين يزيد عن الف خياط. القوى الأمنية لديها مالا يقل عن 300 الف عربة ( بكل أنواعها) ولو فرضنا ان كل عربة تحتاج الى اربع إطارات  , فأننا نتحدث عن 1.2 مليون اطار  من جميع الأصناف . وهنا نتحدث عن الحاجة الى مصنع لصناعة إطارات السيارات مع عدد كبير من العمال.

كثيرة هي حاجات الدولة من السلع ويمكن صناعتها محليا وبذلك تحافظ على العملات الصعبة و تشجع المنتوج الوطني , مثل الورق , الأقلام , الحديد والصلب, اثاث لدوائر الدولة , الأسمدة , المبيدات , الآلات الزراعية الغير معقدة , ومئات أخرى من الصناعات . يضاف الى ذلك , من خلال المشاريع الحكومية الكبيرة تتقلص نسبة البطالة ويزداد الدخل وهذا ما تعمل به جميع دول العالم , خاصة في أيام الركود الاقتصادي , زيادة مصاريفها. لان بناء عدة جسور على سبيل المثال يزيد من انتاج الاسمنت , الحديد, الرمل والحصى, انتاج المكائن والآت البناء الضخمة , وبدورها يزيد الطلب على العمال ويزيد دخل المواطن والذي يؤهله على شراء ملابس الى اطفاله , ايجار او شراء دار لعائلته , شراء اثاث , أجهزة كهربائية , وحاجات أخرى .

النظام الرأسمالي يحرم تدخل الدولة في شؤون الاقتصاد , ولكن الحقيقة انه لا يمكن لاقتصاد ان يزدهر و ينتعش بدول الدولة , وهذه حقيقة تزعج الاقتصاديين الكلاسيكيين والذين مازالوا يصرون على ان الاقتصاد الوطني يعالج نفسه بنفسه.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد رضا عباس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/03/15



كتابة تعليق لموضوع : التأثيرات الاقتصادية للقطاع الحكومي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net