صفحة الكاتب : علي علي

من لايسوس الملك يخلعه
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   منذ أربعة آلاف عام ووادي الرافدين بساط أخضر، عطاء، مدرار، أطلق على أرضه أرض السواد لكثرة زرعها، وتنوع ماتطرحه من ثمار على مدار السنة من دونما انقطاع، وماذاك إلا لتعدد مصادر المياه بين أمطار وروافد وأهوار ومياه جوفية، فضلا عن دجلته وفراته، الممتدين برشاقة يغدقان الجبال والهضاب والصحارى والسهول بما جعل الله منه كل شيء حي، فيزدهر به الزرع ويرتوي الضرع.

   وبذا من المفترض ان يكون خليفة الله في هذه الرقعة من الأرض، مخصوصا بالعيش الرغيد ومتنعما بالحياة المترفة، فقد تهيأت له أسباب الرفاهية ودواعي الـ (نغنغة). ولكن واقع الحال يبعد كل البعد عن هذه الافتراضية، وسكان وادي الرافدين ينأون كل النأي عن الحد الأدنى من الهناء والدعة والطمأنينة، بل هم يعلّون كأس الفقر والفاقة والعوز علا، ويعبّون من قدح الضيم والظلم وشظف العيش عبّا، فيما ينهل سلاطينهم وحكامهم وأولو أمرهم من القدح المعلى، ويرفلون في النعيم والحرير والزبرجد والسندس، ويقضون أيامهم دون مشاكل ومصائب يغرق في لجها العراقيون.

  أسابيع معدودات تفصلنا عن شهر أيار من عامنا الجاري، والذي سيخوض فيه العراقيون عملية انتخاب وانتقاء واصطفاء، من المفترض ان تعطي أكلها وتسفر عن تغيير واقع بلاد الرافدين، الموشح بالسواد منذ أربعة عقود، وقطعا هذا لن يأتي تلقائيا او عفويا او كما نقول؛ (عثرة بدفرة)، بل سيتحتم على الناخب والفائز المشاركة في البناء لبنة لبنة.

  وقد يقول قائل: وماذا بعد الانتخابات؟! فالكرة ستكون في ساحة المرشح الفائز، وهو أمر معمول به في حالتي كون الفائز أهلا للمسؤولية الملقاة على عاتقه أو العكس، إذ يعتمد مقياس تقدم البلد بمفاصله على أداء الفائز دوره من خلال منصبه، وهذا ما اعتمد عليه الناخب في حدسه وتخمينه يوم توجه الى صندوق الاقتراع. أما لو خيب ذاك الفائز ظنون ناخبيه، وقلب لهم ظهر المجن، وتقنع بوجه (چينكو) فالحال حينها لن يكون بأفضل من سابقه، بل أسوأ بكثير. لكن هذه المرة هناك أمر مختلف، على الفائز وضع ألف حساب له، هو أن الناخب لُدِغ من جحر مرات ثلاث خلال السنوات الماضية، ومن غير المعقول أن يلدغ مرة رابعة. فقد بات المواطن يفقه كل صغيرة وكبيرة من ألاعيب رؤساء الكتل وأعضائها، كذلك لم تعد تنطلي عليه أحاجيج نائب برلماني -او حتى رئيسه- في حال زاغ عن الحق، او راغ في أداء مامنوط به من واجبات تجاه البلاد والعباد.

  إن الكرة الآن في ساحة الناخب، وبحلول شهر أيار، ستتحول الى ساحة المرشح الفائز بالانتخابات، إلا أن إساءة التصرف والخروج عن الإدارة السليمة، واجترار مفردات الفساد والتواطؤ والتحايل والتسويف وغيرها من تركات البرلمان في دوراته الثلاث السابقة، لايمكن أن تكرر رابعة، وتجد لها مكانا بين الفائزين الذين سيعتلون مناصبهم، إن كانوا صادقين فيما يطرحونه ويستعرضونه حاليا، من وعود وعهود وبرامج وخطط ومناهج.

وفي حال حدوث أمر كهذا، على المرشحين أن يتيقنوا أن المواطن سينتزع الكرة من ساحتهم، ويخلع عنهم مناصبهم بما جنت أنفسهم، ومحاسبتهم عاجلا وليس آجلا، وليردد بعدها السيئون والمسيؤون بيت ابن زريق البغدادي حين قال:

     أعطيتُ ملكا لم أحسن سياسته

                        وكذاك من لايسوس الملك يُخلعه

 

 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/03/13



كتابة تعليق لموضوع : من لايسوس الملك يخلعه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net