صفحة الكاتب : زيد شحاثة

رحلتنا الطويلة بإتجاه الديمقراطية
زيد شحاثة

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يميل الإنسان بطبيعته, لأن يكون ممسكا بمقدرات حياته, ومتحكما بخياراته فيها.. مع وجود قلة إعتادت الإستسلام و العيش بتبعية للأخرين.

رغم كل الدراسات, التي قّدمت حول مفهوم الديمقراطية, لكنها في المجمل, تحاول توصيفه كطريقة للتعامل مع الشأن العام للمجتمع والأمة, وإدارة الحياة العامة, بكل تفاصيلها وما تشتمل عليه من حقوق وواجبات, بما  لا يتعدى الشأن الشخصي للفرد.

لا نبالغ إن قلنا, أن فرحتنا بزوال نظام البعث وصدام, كانت تعادل توقنا ولهفتنا للديمقراطية, بما رسمناه من أحلام وردية, حاولت الألة الإعلامية, وسوء تقدير من تولى زمام الأمور حينها مخادعتنا بها.. فتصورنا أننا سنعيش الحياة السياسية, بنموذجها الأوربي, كما نشاهده في الأخبار, وأن القضية مسالة أيام أو أشهر في الأكثر, وتبدأ الحياة السعيدة, وأن الأحلام ستتحقق تباعا.

كانت الصدمة الكبرى, أننا عشنا عكس ما كنا نحلم به, فمشاكل وتعقيدات وتفكك مجتمعي خطير, وبوادر لحرب أهلية وإرهاب بشع, وإبتزاز وفساد وفشل, وسوء إدارة وغياب للتخطيط.. كل هذا كان كافيا, لزرع خيبة أمل ويأس قاتلين, ولم تخلوا كل تلك المقدمات والنتائج, من يد خارجية متأمرة, وخيانة داخلية تابعة.

إرتبك المجتمع وتحير على نفسه ومعها.. فلا هو بات يثق بالديمقراطية كنظام, يمكنه تحقيق أماله, ولا وجد بديلا في مدى رؤيته أو فهمه, ولم تعد لديه ثقة بكثير من المتصدين للقيادة, فقد إختلط عليه الأمر لكثرة التسقيط الممنهج والممول بقوة.. ولا هو يمتلك خبرة وممارسة للعملية الديمقراطية.. فكيف يفكر أو يتصرف؟ فهل هذه هي الديمقراطية التي ضحى وصبر لأجلها!

من الواضح أن إختلاط الأمور والمفاهيم, زاد الأمور تعقيدا وتشاؤما, فظن المواطن أن الإنتخابات وتشكيل الحكومة, والتنافس والمماحكات السياسية, هي الديمقراطية.. وغاب عنه أنها وغيرها, هي ممارسات وأليات للديمقراطية فقط!

يّبرر كل هذا الخلط حداثة التجربة, والتجهيل المتعمد والتعتيم, الذي مارسه النظام البعثي, ومعظم من سبقته من الأنظمة الحاكمة على الشعب, فممارسة السياسة بل والحديث عنها حتى, كان رديفا للموت.. لكن هل من مبرر لبقائنا بهذا الحال الأن؟!

من يطلع على تاريخ معظم الأمم والدول المتقدمة, من حيث ممارستها للديمقراطية, يلاحظ أنها مرت بفترات مظلمة ومرتبكة, ومليئة بالمشاكل في طريقها للوصول للديمقراطية التي تعيشها كما نراها اليوم.. لكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال, أننا يجب أن نمر بنفس المراحل, فما الذي يمنعنا أن نستفيد من أخطاء الأخرين ونتجنبها؟ وكيف نتجنبها ونحن لا نعرفها؟ وكيف نعرفها, ونحن لا نعرف معنى العملية الديمقراطية والعمل السياسي؟!

الفهم الحقيقي لواقع ما نعيشه, يبين لنا بوضوح, أننا لا زالنا في أول طريقنا نحو الديمقراطية ولم نصلها بعد.. ونحن من يحدد إن كان هذا الطريق سيطول أم سيقصر.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زيد شحاثة
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/03/05



كتابة تعليق لموضوع : رحلتنا الطويلة بإتجاه الديمقراطية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net