صفحة الكاتب : راغب الركابي

كيف ننظر إلى المستقبل العربي ؟
راغب الركابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من الطبيعي أن لانكون متفائلين حول وعن المستقبل العربي ، طالما بقيت العقلية السياسية العربية في نظرتها إلى الحكم هي تلك النظرة التي سادت وتحكمت عبر عشرات السنيين الماضية فيه ، ولهذا ثمة ما يقلقنا في هذا الجانب إذ إن جميع الطامحين والعاملين في الحقل السياسي هدفهم هو الحصول على المغانم والكراسي فقط لا غير !! ، ولم أجد وأرى إن هناك ثمة شيء يفكرون به غير ذلك ، وأما مطالب الناس وإحتياجاتهم اليومية فهي عند النخب السياسية ترف وأحلام لهذا لم أجد من يفكر بها أو يعتني .
قد يُقال : إن ذلك ربما يكون من ثقل السنيين ، وربما يكون من طبيعة ونوع الثقافة التي أنغرست في نفوس وقلوب المشتغلين في السياسة وهمومها ، وربما يكون ذلك ناتج من النقص والعوز والحاجة أو تعبير عنهما ، وربما قيل ذلك مورثات جينية في البلاد العربية تنتقل من الأجيال جيل بعد جيل ، ربما يكون ذلك وربما يكون غيره .
المهم إن جل من يتدافعون على السلطة لا يهمهم من أمر الناس شيء غير مصالحهم هم وحواشيهم والناعقين بأسمهم ، لهذا ترآني قلق جداً على المستقبل العربي وعلى حياة الأجيال القادمة ، قلق وغير متفائل في جميع الأحيان ، لكني مؤمن بان التغيير والإصلاح في الجسد العربي حتمية ولازمة ، ولهذا فستلقي بثقلها على العاملين أو إنها ستدفع الناس ليطالبوا بالتغيير والإصلاح ، المستقبل الذي أتحدث عنه هو الذي يتحدث عنه الإنسان الليبرالي الديمقراطي وهو يدعوا ويحث على تنمية وتنشيط دور الممارسات الجماعية في صورة إنتخاب ماهو صالح في البرامج والخطط وليس ماهو غالب في الكثرة الطائفية والقومية ، لهذا يكون حساب الليبرالي للمستقبل خارج عن إطار الزمن المحسوب في الليالي و الأيام ، إن المستقبل عنده مرتبط بحركة الحاضر وما ينتجه هذا الحاضر وما يفكر فيه ومن أجله ، وكلما كان الحاضر متعدد الرؤى والإتجاهات وكلما أنفتح هذا الحاضر على الحياة ، وأنفتح على منابع القوة و القدرة في العالم كان ذلك ضمان له ليستشرف المستقبل ويعرف حدوده وقدرته و ملامحه وطبيعته .
في ظل هذا يمكننا القول : إن المستقبل العربي الذي تحكمت في حاضره قوى الظلام والرجعية والتخلف لن يكون مزدهراً او ان تكون الحياة ممكنة فيه ، و تعليلنا هذا مرتبط بطبيعة الفكر ومايؤدي إليه ، وهذا ليس تشاؤماً ولكنه بيان واقع حال أو تعبير عن لسان واقع حال ، إن المستقبل العربي الذي يتداخل فيه النفسي مع العقلي والذي تتداخل فيه الإرادة مع الرغبة ، في هذا التداخل تتبدى الصورة وترتسم ، لهذا يكون عندنا المستقبل العربي قاتماً ومغبراً لأنه تجسيد لما عليه الحاضر ، ولذلك لن يحقق لنا معنى الهوية ومعنى الإنتماء كذلك ولن يحقق لنا معنى الطموح للغد المنشود .
وهنا إنما ننظر في طبيعة المتحرك والفاعل وليس في ساحة المتصور والمفترض ، وهذا يعني إننا نقارب ونقيس ماهو ممكن بالفعل وليس ماهو ممكن بالقوة كما يقول أهل المنطق ، فالمستقبل ليس زمناً حسابياً وحسب بل هو فعل نفسي وإرادي هو فكر الحاضر في كيفيته وفي طريقته وفي الحكم عليه ، فمن هذا الحاضر ومن منتجاته وما آل إليه يمكن الحكم عليه وتشخيصه ، لهذا لسنا بحاجة لكي نقول عن المستقبل ماهو مفترض بل ماهو واجب في الواقع بحسب فعل الواقع الحاضر ، وهذا منا كلام عن الذاتي وعن الموضوعي وتلك هي نظرة في الواقع وليس في المتخيل والمتصور .
ومن هنا ولأن شعوبنا العربية تعيش القلق والمحن وتتحكم فيها إرادات الظلام لذلك فيمكن الحكم على المستقبل العربي ككونه متخلف ومتراجع وسيولد الأزمات ويصنع المشكلات بوجه الشعب ، وإن ما يقال عن احلام الناس في الحرية والعدالة قد لا تكون واقعية ، لأنني أرى إن الدكتاتورية تتلبس بلباس الدين هذه المره وهو أسوء لباس .
إن شعوبنا اليوم تعيش الطائفية سلوكاً وعملاً وممارسة ، وهي تقسم نفسها بنفسها والعنصرية والفئوية تضرب في أعماق النفوس ، والقوى السياسية والأحزاب المتخلفة تشجع على هذا التخلف وتزيد ، لأنها لا تجد بغير هذا السبيل حياتها ، والشعوب مغررة أو تعيش السياسة ردات فعل وعواطف وهذه معضلة أخرى تزيدنا تشاؤماً على هذا المستقبل المجهول ، ومن هنا أقول : هل ترون ما يحدث في مصر اليوم ؟ وهل ترون ما حدث في تونس قبل أيام ؟ وما يحدث في سوريا من تسارع خطير في الإنحدار بالحرب الأهلية ، والعراق الذي أراد له البعض لكي يتجزء ويتشطى تحت عناوين وأسماء ،
المستقبل العربي مظلم كما هو الواقع بل هو حالك الظلام
راغب الركابي

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


راغب الركابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/11/25



كتابة تعليق لموضوع : كيف ننظر إلى المستقبل العربي ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net